موسكو – واشنطن – تراجعت مؤشرات التقدم الواقعي على مسار الحل التفاوضي بين روسيا وأوكرانيا مع تبادل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة بين الطرفين، وظهور مؤشرات موازية على فتور موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الدفع بمسار الحل السياسي للحرب الروسية الأوكرانية، كما تشير إلى ذلك المواقف الرسمية الصادرة من واشنطن وموسكو.

وبعد فترة تفاؤل قصيرة عمت واشنطن عقب ما اعتبره الرئيس ترامب خطوة كبيرة بانعقاد قمة ألاسكا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وما أعقبها بأيام من قمة أميركية أوروبية حضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أكدت أمس الخميس كارولين ليفت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض "أن ترامب لم يُفاجأ بالهجمات الروسية على كييف".

تهديد مؤجل

في الوقت ذاته، قابل الكرملين مقترح نشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا برد فعل سريع وسلبي، جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف الذي صرح بأن "توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مدى ربع القرن الماضي كان "أحد الأسباب الجذرية" للحرب مع أوكرانيا.

أما فكرة عقد قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فلم تحظ بأي تفاؤل يذكر لدى المراقبين الروس، على الرغم من التفاؤل المبكر الذي أحاط بنتائج قمة ألاسكا.

الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين اعتبر أن نشر قوة عسكرية أوروبية على الأراضي الأوكرانية كضمان أمني أمر مرفوض من روسيا نظرا للموقف العدائي لهذه القوات تجاه روسيا.

وأضاف ليتوفكين -في حديث للجزيرة نت- أن أوروبا مهتمة بمواصلة العمليات العسكرية في أوكرانيا، وقد تنشر قواتها هناك في مسعى لإضعاف روسيا وعزلها إستراتيجيا ومواصلة ممارسة الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية عليها.

لكن الخبير العسكري لفت الانتباه إلى أن إرسال وحدات عسكرية وقوات حفظ سلام هو أمر مشروط، إذ يتطلب ذلك على الأقل تفويضا من الأمم المتحدة، في حين لم يكن ممثلو الأمم المتحدة حاضرين لا في ألاسكا ولا في واشنطن، حسب تعبيره.

إعلان

وبناء على ذلك، يرى ليتوفكين أن هذا المقترح يبدو في الوقت الحالي أشبه بخدعة، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أنه لا يمكن استبعاد هذا الخيار تماما على المدى المتوسط أو البعيد، لا سيما إذا انهارت آمال التسوية السياسية للنزاع الروسي الأوكراني بشكل نهائي.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (في الخلف) ونظيراه الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الجزيرة)دعم أوكراني

من جانبها، قالت ليفيت إن الرئيس ترامب "لم يكن سعيدا" بالهجمات الروسية على أوكرانيا بالصواريخ والطائرات المسيرة، ويخطط للحديث أكثر عن الموضوع في وقت لاحق.

وفي الوقت الذي يتطلع فيه ترامب لوقف القتال وتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، ذكرت افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال أن على إدارته العمل في هذا الاتجاه من خلال تقوية موقف كييف التفاوضي.

ويدور نقاش في واشنطن حول جدوى السماح لأوكرانيا باستخدام مزيد من الصواريخ الأميركية البعيدة المدى لضرب مزيد من الأهداف في عمق روسيا بهدف الضغط على الرئيس للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وأشار مايكل ماكفول، السفير الأميركي السابق لدى كييف، إلى أنه "بعد دعوة ترامب بوتين إلى ألاسكا لتأمين وقف إطلاق النار في أوكرانيا، رد بوتين على ترامب بتوسيع هجماته على المواطنين الأوكرانيين، وليس الحد منها، بما في ذلك الهجوم المروع الليلة قبل الماضية في كييف".

وطالب ماكفول -الذي يعد أحد أهم الأصوات المعارضة لنهج ترامب المتساهل مع روسيا- بضرورة التعجيل بإمداد أوكرانيا بكل أنواع المساعدات العسكرية والتسليحية والاستخباراتية المالية التي تحتاجها في معركتها ضد الاحتلال الروسي.

وترك غموض مقترح قوات حفظ السلام في أوكرانيا الكثير من المراقبين في حالة ارتباك مما قد توفره إدارة ترامب من دعم على الأرض لهذه القوات التي أكد أنها لن تشمل جنودا أميركيين.

وأكد السفير الأميركي، في دورية فورين أفيرز، أن الضغط على زيلينسكي للتخلي عن أراضي إقليم الدونباس ليس الحل، مشددا على ضرورة توضيح المكاسب التي سيحصل عليها الشعب الأوكراني مقابل ذلك.

وأشار ماكفول إلى أن لدى زيلينسكي وشعبه سببا وجيها لعدم الوثوق بالولايات المتحدة في الوقت الحالي، بالنظر إلى أن ترامب قطع بشكل دوري المساعدات العسكرية لأوكرانيا ولم ينفذ حتى الآن تهديداته بفرض عقوبات جديدة على روسيا.

وتابع "من هنا، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الالتزام بتقديم ضمانات أمنية حقيقية قبل أي تقدم على الحدود، إذ إن دفع أوكرانيا إلى التنازل عن أراضيها قبل التفاوض على هذه الضمانات مع بوتين قد يشجع على استئناف الحرب ويُستخدم لعرقلة المحادثات والحصول على مزيد من التنازلات".

قمة مشروطة

وفي وقت سبق أن أشار فيه ترامب إلى بدء التحضير لعقد قمة روسية أوكرانية قد يشارك فيها لاحقا، تراجعت مؤشرات انعقادها بعد مرور أسبوعين على قمة ألاسكا واجتماع البيت الأبيض.

وجاء الموقف الرسمي على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي صرح بأن بوتين مستعد للقاء زيلينسكي، لكنه شدد على ضرورة التحضير الدقيق أولا عبر قيام الخبراء والوزراء بدراسة جميع القضايا التي تتطلب نقاشا على أعلى مستوى، وإعداد توصيات محددة، مؤكدا أنه من دون هذا التحضير لن تُعقد القمة.

إعلان

من جهته، رأى محلل الشؤون الدولية ديمتري كيم أن انعقاد قمة بين بوتين وزيلينسكي يبدو غير مرجح، لأنها ستمنح الرئيس الأوكراني شرعية سياسية طالما اعتبرها الكرملين مفقودة.

رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض: بدء محادثات هاتفية بين #ترمب والرئيس الروسي #بوتين.. المزيد من التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة وجد وقفي#الأخبار pic.twitter.com/Xyay7BBrdR

— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 19, 2025

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن موسكو قد تواجه عقوبات جديدة وصارمة من الولايات المتحدة بسبب موقفها، لكنها تراهن في الوقت نفسه على تغير القيادة في كييف، للإيحاء بأن موقفها ينبع من الخلاف الشخصي مع زيلينسكي الذي تتهمه بإطالة أمد الصراع المسلح مع روسيا.

ويعزز كيم تحليله بالإشارة إلى تراجع شعبية الرئيس الأوكراني مؤخرا، على خلفية الحديث عن الاستعداد لعملية تعبئة جديدة تشمل الفئة العمرية بين 18 و22 عاما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات فی أوکرانیا فی الوقت إلى أن

إقرأ أيضاً:

ميركل تلوم بولندا ودول البلطيق على حرب بوتين في أوكرانيا

صرّحت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل في مقابلة مع الوسيلة الإلكترونية المجرية "بارتيزان" بأن العلاقات مع روسيا تأثرت، من بين أسباب أخرى، بسبب فشل اعتماد صيغة حوار جديدة في عام 2021. اعلان

كانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل في زيارة إلى المجر، وأدلت خلال مقابلة مع الوسيلة الإلكترونية بارتيزان بتصريحات ألقت فيها باللوم على بولندا ودول البلطيق في تفاقم الحرب الروسية على أوكرانيا.

وأوضحت ميركل أنها اقترحت في عام 2021 صيغة حوار جديدة كان من شأنها تعزيز الاستقرار في العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها أشارت إلى أن بولندا ودول البلطيق، إلى جانب دول أخرى، رفضت الاقتراح في ذلك الوقت.

المستشارة السابقة ميركل: "ثم بدأ عدوان بوتين"

أوضحت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل أن فشل صيغة الحوار الجديدة في عام 2021 كان نتيجة المخاوف من عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على اعتماد سياسة موحدة تجاه روسيا، مشيرة إلى أن ذلك أدى إلى فشل التقارب مع موسكو، مما يجعل دول أوروبا الشرقية مسؤولة جزئيًا عن اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.

كما علّقت ميركل على اتفاقية مينسك لعام 2015، واصفة إياها بأنها "بعيدة كل البعد عن الكمال" وأن الامتثال من الجانب الروسي لم يكن مضمونًا، لكنها لفتت إلى أن الاتفاقية هدّأت الوضع المتوتر لعدة سنوات ومنحت أوكرانيا وقتًا ثمينًا.

Related هل اقتربت نهاية الحرب الروسية الأوكرانية؟ اتصال مرتقب بين ترامب وبوتين يوم الثلاثاء رئيس وزراء بولندا: محادثات السلام بشأن الحرب الروسية الأوكرنية ممكنة هذا الشتاءمنطقة عازلة وتنازل عن الأراضي.. كيف يخطط ترامب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟

وأضافت أن أوكرانيا أصبحت دولة مختلفة الآن، قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل أفضل، وأنه بسبب فشل محاولة الحوار في 2021، كان من الممكن أن تتصاعد الأمور، مشيرة: "ثم غادرت منصبي، ثم بدأ عدوان بوتين".

تزايد الاغتراب بين روسيا والغرب

وأضافت ميركل أنه من المستحيل تحديد السبب الدقيق الذي أدى إلى اندلاع الحرب، مشيرة إلى أن جائحة كوفيد-19 زادت من صعوبة الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية. وعلى سبيل المثال، اضطر إلى إلغاء اجتماع مباشر بين بوتين وميركل بسبب الأزمة الصحية، ما ساهم في زيادة الفجوة والجفاء بين روسيا والغرب.

وقالت ميركل: "إذا لم نتمكن من الاجتماع ومناقشة الاختلافات وجهاً لوجه، فلن نتمكن من إيجاد حلول وسط جديدة"، مشيرة إلى أن مؤتمرات الفيديو لم تحقق النتائج نفسها.

وأضافت: "لقد تغير الزمن، وعلينا الآن أن نرى كيف يمكننا أن نجعل أنفسنا قادرين على تحقيق السلام من خلال العمل كرادع حقيقي ودعم أوكرانيا في الوقت نفسه".

كما التقت ميركل برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، من بين آخرين، في إطار جولتها التي تروّج خلالها لسيرتها الذاتية. وقد نُشرت المقابلة الكاملة التي استمرت نحو 50 دقيقة مع المستشارة الألمانية السابقة على موقع يوتيوب.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • بوتين يكشف المساحة التي يسيطر عليها الجيش الروسي في أوكرانيا
  • بوتين يكشف مساحة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا
  • مسيّرات تضرب العمق الروسي وبوتين يستخف ويباهي بمكاسبه في أوكرانيا
  • بوتين: أوكرانيا تحاول استهداف منشآت سلمية في روسيا
  • بوتين: محاولات ضرب البنية التحتية في روسيا لن تنقذ زيلينسكي
  • مساعد الرئيس الروسي: بوتين سيشارك في قمة روسيا - آسيا الوسطى في 9 أكتوبر الجاري
  • المبعوث الأمريكي السابق إلى أوكرانيا: بوتين خدع ترامب وأظهره ضعيفًا
  • ميركل تلوم بولندا ودول البلطيق على حرب بوتين في أوكرانيا
  • رئيسة الاتحاد الأوروبي تدعو إلى "الإنصات جيدا" لخطاب بوتين في منتدى فالداي
  • زيلينسكي يفجر مفاجأة: روسيا تقصفنا بأسلحة ذات مكونات غربية