كريمة أبو العينين تكتب: كيس أمير
تاريخ النشر: 1st, September 2025 GMT
من المؤكد أن الساحة الفنية الحالية تعكس المرحلة التي نعيشها والتي أظهرت تغييرات وسلبيات ما بعد ما عرف باسم الربيع العربي.
ففي زمن السوشيال ميديا والحرية غير المسؤولة أصبح الواقع المصرى يشهد فترة ربما أكون من أخطر الفترات التى تهدد الاستقرار المجتمعي والسلام الاجتماعي . الواضح ان من يشكلون قيم هذه المرحلة هم من يعتلون منصات التواصل الاجتماعي والميديا الخاصة أو بمعنى أصح الفضائيات الحديثة والقنوات الممولة والمدفوع لها من دول وجهات متعددة .
نظرة واحدة على ما تفرزه هذه الساحات تجعلك على يقين بضرورة ان تمسك بيدك وبكل قوة على ما تبقى من قيم واخلاقيات مصرية ، فما تراه وتسمعه يمثل انذار لكل مصري بأن يأخذ باله من عياله أو بالبلدي كده مترمش عينك بعيد عن أسرتك لأن المخطط أخطر وأسوأ مما تظن. لم تعد الحرب كما كنا نعرفها جيوش تلتقى فى معركة أو معارك ومن يكتب له الفوز يسطر أناشيد وعبارات النصر ، الحرب الان صارت تدار بالوكالة وبأساليب متفرقة أهمها السوشيال ميديا ، ذلك المعول الذى زرعه الغرب فى منطقة الشرق الأوسط ليصبح سوسا ينخر فى قيمنا وموروثاتنا واخلاقنا . الحرب الحديثة لا تستهدف مواجهة جيوش ولكنها تعمل بقوة على القضاء على شعوب وتدمير قيمها والأصول التي تربت عليها ، الحرب الحديثة لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها ومن بين وسائلها القوية استخدام الرموز والقوى المؤثرة امتدادا لاختيار ما يعرف بالنخبة .
الحرب الحديثة سعت وستسعى الى جعل الجيل الحالي والاجيال القادمة بلا قدوة هادفة وستجعل توافه البشر هم من يقومون بدور القدوة والنبراس لهذه الأجيال المأسوف عليها والمحزون على مستقبلها . الحرب الحديثة خلقت قامات من ورق وقش وجعلتهم هم من يمثلون مرجعيات واخلاقيات الجيل الحالى الذى يلهث لمتابعة هذه الفئة ويقوم بتقليدها فى كل شيء ملبس، ونيو اوك، وسلوكيات . الحرب الحديثة تجرف المنطقة من كل ما هو أصيل وتدمر ما تبقى منه وتستقطب اجيالا لا تجد ما تتمسك به وما يجعلها تعيد النظر فى اختياراتها وانتماءاتها . الحرب الحديثة حربا ضروسا لجأ اليها الغرب طمعا فى ثروات الشرق وتجريد عقول أبنائه حتى يصبحوا تابعا بلا هوية ولا أساس وبالتالي يسهل تشويه أفكاره ومعتقداته بل وانتماءاته وولاءاته ووجهته كلها .
الحرب الحديثة اتضحت فى جملة قالها فنان يشهد الكل له بالتميز والذكاء والتفرد فى اختيار كلماته وطريقته فى الغناء والتواجد على الساحة ، قال الفنان "أنا مش كيس شيبسي" وبهذه الجملة صدر الى الشاشة التفكير الغربى فى منطقتنا بأنهم يرونها سلعة قابلة للعرض والطلب والبيع والشراء . ليست جملة عادية ولكنها منظور غربي حديث للشرق الأوسط بعد تداعيات حرب غزة ومتطور اسرائيل الجديد وسعيهم لفرض واقع إسرائيل الكبرى علي الأرض.
بين كلمة الفنان والسياسة الحديثة الغربية رابط يشبه ما يسمى بالإنجليزية "اللينك" فهو ما يجعلك تفتح هذا الرابط وتطلع على ما بداخله وعليك ان تنتظر المزيد من الروابط التي يبثها الغرب بطريقة " السم فى العسل" .
كيس الفنان والفن والمنظور الغربي لمنطقتنا يمثل ناقوس خطر بلاغ الى الكل بأن ندرك ما يخططه لنا الغرب من مكائد وخطط لجرنا الى حرب من نوع آخر تجعل منهم هم الفائزين فيها إذا لم ندرك كيفية مواجهة مخططاتهم والتصدي لمكائدهم وحيلهم الخبيثة .
لا تأكلوا من الكيس ولا تفتحوه؛ لأن بداخله سم قاتل وثعابين فتاكة وخيوط عناكب طويلة التراكيب والتعقيد وكلهم هدفهم واحد المواطن المصري لأنهم يعلمون أن مصر رمانة الميزان وشعبها هم حائط الصد لأية مكائد وخطط استعمارية جديدة ولذا فهم يشحذون جهودهم لمليء أكياس كثيرة بكل ما فيه تدمير وفناء المنطقة الشرق أوسطية ونهب خيراتها وتركيع ناسها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الساحة الفنية السوشيال ميديا الاستقرار المجتمعي الحرب الحدیثة
إقرأ أيضاً:
حملة شيطنة الإسلام
حملة #شيطنة_الإسلام: حين يصبح #المسلم #ضحية في وطنه وفي منفى الغرب
بقلم: أ. د. محمد تركي بني سلامة
لم يعد الهجوم على الإسلام والمسلمين في الخطاب الغربي مجرد انحياز أعمى أو سوء فهم ثقافي؛ ما نشهده اليوم منظومة متكاملة من الشيطنة المنظمة، تُعبِّئ الرأي العام وتُشرعن السياسات وتُبرِّر الدم المسفوك. يكفي أن نتأمل موجة المقالات والتقارير التي تربط الإسلام حصراً بالتطرف، وتقدّم المسلمين كتهديد أمني دائم، كي ندرك أننا أمام سردية جديدة–قديمة تريد أن تجعل من الإسلام «مشكلة العالم»، ومن المسلم «المتهم الأبدي» أينما وُجد.
في الولايات المتحدة، يُسوَّق خطاب “التدقيق المشدّد” في الهجرة على أنه ضرورة لحماية الأمن القومي، بينما يتم التركيز على المهاجر المسلم تحديداً بوصفه الخطر الكامن. خلف هذا الخطاب تكمن فكرة أخطر: أن الانتماء إلى الإسلام قرينة اشتباه، وأن المسلم ينبغي أن يثبت براءته قبل أن يُعامَل كمواطن محتمل. وهكذا يتحوّل ملف الهجرة إلى أداة فرز أيديولوجي وثقافي، لا إجراءً إدارياً عادلاً، ويُعاد إنتاج صورة المسلم الغازي المتربص بالحضارة الغربية.
في كندا، تُصوَّر البلاد على أنها «مغناطيس لحماس»، وفي أوروبا تُربَط الجاليات المسلمة بعصابات الاستغلال الجنسي أو غسل الأموال أو الاحتيال على نظم الرعاية الاجتماعية. لا أحد ينكر وجود مجرمين في أي مجتمع، لكن الانتقائية الإعلامية والسياسية في التركيز على حالات بعينها، وتضخيمها لتصبح “دليلاً” على خلل ديني وثقافي شامل، تكشف عن نية مبيّتة لصناعة فزاعة اسمها «الإسلام السياسي» أو «التطرف الإسلامي» تُستخدم لإخافة الجمهور وتبرير التضييق على ملايين الأبرياء.
مقالات ذات صلةوالأخطر أن هذه الشيطنة لا تقتصر على المسلمين في الغرب، بل تمتد لتطال المسلمين في ديارهم. فحين تُصوَّر حركات المقاومة حصراً بوصفها «إرهاباً إسلامياً»، وحين تُختَزل قضايا التحرر الوطني في معادلات أمنية تُدار من عواصم غربية، يصبح دم المسلم في بلاده مباحاً تحت لافتة «مكافحة الإرهاب». يكفي أن ننظر إلى فلسطين اليوم لندرك مدى هذا الانحياز الفج: احتلال استيطاني يمارس القتل والتهجير والحصار منذ عقود، ومع ذلك يُقدَّم للعالم باعتباره ضحية، بينما يُجرَّم الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أبسط حقوقه في الحرية والكرامة.
هذه الصورة المقلوبة ليست خطأ عارضاً، بل تعبير عن الوجه الحقيقي للمنظومة الغربية المعاصرة؛ المنظومة التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية حين تخدم مصالحها، وتصمت أو تبرر حين تكون الضحية عربياً أو مسلماً. فالذي يطالب بتجريم منظماتٍ إسلامية داخل الولايات المتحدة أو أوروبا، بحجة صلات مزعومة هنا أو تقارير أمنية هناك، هو ذاته الذي يغضّ الطرف عن جرائم موثقة تُرتكب في غزة والضفة الغربية، ويمنح إسرائيل الغطاء السياسي والعسكري والمالي كي تواصل حربها المفتوحة على الشعب الفلسطيني.
هذه الازدواجية القيمية ليست مجرد انحياز سياسي، بل هي جزء من بناء «عدوّ حضاري» جديد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. لقد تمّ تنميط الإسلام في الوعي الغربي بوصفه نقيضاً للحداثة والعقلانية والحرية، ومن ثم جرى تصوير كل ما يصدر عن العالم الإسلامي من مطالب بالعدالة أو الاستقلال أو حفظ الهوية، على أنه تهديد وجودي يجب احتواؤه أو سحقه. وهنا يتقاطع الخطاب الإعلامي مع مراكز الأبحاث والقرار السياسي في إنتاج حزمة واحدة: المسلم إرهابي محتمل، والإسلام عقيدة عنف، والعالم العربي بيئة تفرّخ التطرف.
لكن الحقيقة التي تجاهلها هذا الخطاب أن المسلم اليوم ضحية في كلتا الجبهتين: في بلاده التي تعاني من الاحتلال أو الاستبداد أو الفوضى، وفي بلاد الغرب التي يُعامل فيها كغريب دائم، مهما اندمج أو أبدع أو ساهم في بناء اقتصادها ومجتمعها. المسلم الذي يُقتل في غزة أو السودان أو أفغانستان هو الوجه الآخر للمسلم الذي يُلاحَق في المطارات، أو يُستهدَف بخطاب الكراهية في الشوارع والمدارس ووسائل الإعلام. إنهما ضحية واحدة لمنظومة واحدة، وإن اختلفت الساحات وتعددت الشعارات.
إن مواجهة هذه الحملة لا تكون بالبكاء على الأطلال ولا بردود الفعل الانفعالية، بل ببناء خطاب عربي–إسلامي جديد، واثق من نفسه، يستند إلى قوة الحجة ووضوح القيم، ويُعيد تقديم الإسلام للعالم بوصفه منظومة حضارية إنسانية لا مشروع عنف وتدمير. كما تتطلب هذه المواجهة وحدة في الصف العربي والإسلامي، وإعادة تعريف العلاقة مع الغرب على أساس الندية والاحترام المتبادل، لا على أساس التبعية الفكرية والسياسية.
لقد آن الأوان أن نكشف هذا الوجه الحقيقي الذي يحاول الغرب إخفاءه خلف شعارات براقة. فاحترام الإنسان لا يتجزأ، والعدالة لا تُطبَّق بانتقائية، وحق الشعوب في الحرية والكرامة لا يمكن أن يكون امتيازاً لأمة دون أخرى. ما لم يُدرك الغرب هذه الحقيقة، وما لم يراجع انحيازه الأعمى لإسرائيل على حساب الفلسطينيين والعرب والمسلمين، سيظل يتحدث عن السلام والديمقراطية فيما يزرع بذور الكراهية والصراع. أما نحن، فمسؤوليتنا أن نرفض هذه الشيطنة، وأن نتمسّك بحقنا في السردية والكرامة، وأن نُسمع العالم صوت الضحية لا صوت الجلاد.