"دفقات طاقة" تطلقها الخلايا السرطانية قد تمهد لسياسات علاجية جديدة
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
توصل فريق من الباحثين في إسبانيا إلى اكتشاف علمي جديد قد يمهد الطريق أمام وضع استراتيجيات علاجية جديدة للقضاء على السرطان.
فقد وجد العلماء في مركز تنظيم الجينوم في مدينة برشلونة أن الخلايا السرطانية تطلق دفقات من الطاقة عند تعرضها لضغوط داخل الجسم، حيث تتحرك الميتوكوندريا، وهي وحدة إنتاج الطاقة في الخلايا الحية، نحو نواة الخلية السرطانية وتنبعث منها كمية إضافية من الطاقة تساعد في علاج التلف الذي حدث في الحمض النووي للخلية وإنقاذها من الضغوط الخارجية الزائدة.
وأكدت الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية "Nature Communication" المتخصصة في الأبحاث العلمية، أن الاختبارات المعملية على عينات من أورام تم استئصالها من مرضى أن الخلية السرطانية تضاعف إنتاجها من الطاقة في حالة تعرضها لضغوط، وهو ما يمكن أن يفسر الآليات التي تتبعها الخلايا الخبيثة للبقاء على قيد الحياة داخل الجسم، مثل الزحف داخل الورم أو التسلل عبر مسام الشرايين أو تحمل قوى الضغط داخل مجرى الدم.
وقد استخدم الباحثون الإسبان في إطار هذه الدراسة ميكروسكوباً متخصصاً يستطيع ضغط الخلية الحية بحيث لا يزيد عرضها عن 3 ميكرونات، وهو ما يعادل واحدا على 13 من قطر الشعرة البشرية، ولاحظوا أنه في غضون ثوانٍ من حدوث عملية الضغط، تتحرك الميتوكوندريا نحو سطح نواة الخلية وتقوم بإطلاق دفعات من جزيئات "أدينوسين ثلاثي الفوسفات" ATP التي تعرف باسم عملة الطاقة على مستوى الجزيئات داخل الخلية الحية.
وفي تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتيك ديلي" المتخصص في الأبحاث العلمية، تقول الباحثة سارة سديلشي من مركز تنظيم الجينوم وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، إن طريقة تحرك وحدات الميتوكوندريا نحو سطح النواة داخل الخلية السرطانية "المحاصرة" تجعلنا نعيد التفكير بشأن دور هذه الوحدات داخل الخلية البشرية الحية، فهي ليست مجرد بطاريات ثابتة لتغذية الخلية بالطاقة، بل إنها تتجاوب عندما يتم استدعاؤها لمواجهة المواقف الطارئة مثل عندما تتعرض الخلية لضغوط خارجية تفوق قدرتها على التحمل.
ووجد الباحثون أن وحدات الميتوكوندريا تتجمع على سطح نواة الخلية بشكل محكم لدرجة أن النواة تنضغط للداخل، ولاحظوا حدوث هذه الظاهرة في 84% من حالات تعرض الخلايا السرطانية للضغوط، مقارنة بحالات الخلايا السرطانية التي تتحرك بشكل طبيعي دون التعرض لضغوط. وأطلق الباحثون على هذه التركيبات اسم "الميتوكوندريا المرتبطة بالنواة الخلوية" "Nucleus Associated Mitochondria".
ومن أجل التيقن من صحة هذه الفرضية العلمية، استخدم الباحثون مستشعرات مضيئة من مادة الفلورسنت، بحيث تنبعث منها ومضات ضوئية عندما تلتحم جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات المشار إليها أعلاه بنواة الخلية، ورصدوا بالفعل زيادة في الومضات بنسبة 60% تقريبا خلال ثلاث ثواني فقط من بدء تعرض الخلية السرطانية للانضغاط.
ويقول الطبيب فابيو بيزانو المشارك في إعداد الدراسة إن هذه الومضات هي "مؤشر واضح على أن الخلايا تتأقلم مع الضغوط وتعيد صياغة عملية الأيض داخلها نتيجة لذلك". وقد أظهرت تجارب لاحقة أهمية دفقات الطاقة السريعة لبقاء واستمرارية الخلايا السرطانية، حيث إن الانضغاط الميكانيكي للخلية يؤدي إلى انكسار سلاسل الحمض النووي تحت الضغوط الخارجية وتشابك الجينوم داخل النواة.
وتعتمد الخلايا على "فرق إصلاح" داخل الخلية للوصول إلى الأجزاء التالفة في سلسلة الحمض النووي لعلاجها، ولكن هذه الفرق يكون لديها نهم للطاقة في صورة أدينوسين ثلاثي الفوسفات، وبالتالي إذا حصلت الخلايا السرطانية المنضغطة على دفقات الطاقة اللازمة، فإنها تقوم بإصلاح التلف الذي تعرضت له في غضون ساعات، وبدون تلك الدفقات، فإنها تتوقف عن الانقسام والنمو بشكل طبيعي.
واستطاع الباحثون أيضا تحديد آلية الهندسة الخلوية التي تسمح بالتحام الميتوكوندريا في نواة الخلية في حالة تعرضها للضغط، حيث لاحظوا أن شبكة من خيوط مادة الأكتين، وهي نفس نوعية الخيوط البروتينية التي تسمح بانقباض العضلات داخل الجسم، تتشكل حول النواة، وأن هذه الشبكة هي التي تقوم بتثبيت الميتوكوندريا في مكانها الصحيح حول النواة.
وعندما قام الباحثون بحقن تلك الخلايا بمادة "لاترونسولين" التي تقوم بإذابة الأكتين، انهارت تشكيلات الميتوكوندريا حول محيط النواة وانحسرت دفقات الطاقة التي تغذي الخلية السرطانية. وبناء على هذه التجربة، يرى الباحثون أنه إذا كانت الانبثاثات السرطانية تعتمد على دفقات الطاقة من تجمعات الميتوكوندريا حول النواة لغزو الجسم، فإن استخدام أدوية لإذابة شبكات الأكتين بدون تسميم الميتوكوندريا نفسها يمكن أن يمنع انتشار السرطان في الأنسجة السليمة للجسم.
وتقول الطبيبة فيرينا روبريشت، وهي أحد أعضاء فريق الدراسة، إن مبحث "الاستجابة الميكانيكية للضغوط داخل الخلايا السرطانية يعتبر أحد نقاط الضعف للسرطان التي لم يتطرق إليها العلم بشكل موسع، وقد تفتح الباب على مصراعيه أمام مسارات علاجية جديدة".
ويؤكد فريق الدراسة أنه بالرغم من أن هذا البحث يتركز على تأثير الانضغاط على الخلايا السرطانية، فإن استجابة الخلايا الحية بشكل عام تحت الضغط تعتبر بمثابة ظاهرة عامة في علم الأحياء، حيث استطاع العلم رصد انضغاط الخلايا المناعية داخل العقد الليمفاوية وانضغاط الخلايا الجنينية خلال عملية تكون الأجنة داخل الرحم.
وتقول الطبيبة سيدلشي: "كلما تتعرض خلية حية للانضغاط بسبب مؤثرات خارجية، تنبعث منها دفقات من الطاقة للحفاظ على سلامة الجينوم داخلها، وقد تسهم دراسة هذه الظاهرة في تغيير جذري لطريقة فهم كيفية بقاء الخلايا الحية عموما على قيد الحياة في حالة تعرضها للإجهاد الميكانيكي".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مدينة برشلونة الطاقة الخلايا الحية الفوسفات الخلایا السرطانیة الخلیة السرطانیة داخل الخلیة من الطاقة
إقرأ أيضاً:
بمشاركة 257 أسرة.. قوافل علاجية ومعرض للمشغولات اليدوية وندوات توعوية لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة
بمشاركة 257 أسرة لذوي الإعاقة بمحافظة المنوفية، انطلقت صباح اليوم، فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي"، ضمن المرحلة الثالثة منها، تحت رعاية المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ومحافظة المنوفية وبمشاركة ممثلي وزارات الصحة، التضامن الاجتماعي، التربية والتعليم، وزارة الصحة والسكان، خالقوى العاملة، الشباب والرياضة، المجلس القومي للطفولة والأمومة، المجلس القومي للمرأة، بجانب ممثلين عن الروتاري.
وقد بدأت الفعاليات بافتتاح القافلة العلاجية، التي تُشارك بها وزارة الصحة والسكان في فعاليات المبادرة، وتلى ذلك افتتاح معرض منتجات الأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يحتوي على عدد من المنتجات والمشغولات اليدوية للمشاركين من ذوي الإعاقة، كما تضمنت الفعاليات ندوات توعوية، والتي تأتي ضمن المبادرة.
كما شاركت داليا عاطف منسق عام المبادرة، بعرض تقديمي عن الخدمات التي تقدمها المحافظة للأشخاص ذوي الإعاقة وكذا دور المجلس القومي في حماية المرأة والطفل ذوي الإعاقة، بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المختلفة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة صحيًا، وتوفير الخدمات الصحية وأوجه الرعاية الطبية لهم ولأسرهم، وكذلك عرض الجهود في توفير برامج الكشف المبكر عن الإعاقات، وطرق وأوجه التدخل المبكر للحد من الإعاقة، كما ناقشت منسق المبادرة مفهوم التمكين الإقتصادي، ودوره في تحسين مستوى المعيشة.
وعقب العرض التقديمي تم تكريم الأبطال الباراليمبين من جامعة المنوفية وعدد من المدارس بالمحافظة.
على جانب آخر، ناقش الحاضرون والمشاركون التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، واستمع ممثلي الجهات المعنية بالمحافظة إلى آرائهم واستفساراتهم المتنوعة حول الخدمات المتوفرة في نظاق المحافظة، وإجراءات الحصول على هذه الخدمات.
وخلال الفعاليات تم افتتاح بازار ومعرض صور للمشاركين من ذوي الإعاقة، إلى جانب عدد من الأشطة الترفيهية والموسيقية، لأبطال ذوي الإعاقة السمعية.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، أن المجلس مستمر في تنفيذ فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي"، تحت رعاية السيدة انتصار السيسي حرم رئيس الجمهورية، لتحقيق أعلى معدلات للدمج المجتمعي لذوي الإعاقة وتمكينهم في قطاعات عدة, لافتة إلى أن المجلس انتهى حتى الآن من تنفيذ فعاليات المبادرة في 9 محافظات ضمن المرحلة الثالثة منها.
الجدير بالذكر أن هذه الفعالية يأتي بالتعاون مع روتارى مصر لجنة الصم و ضعاف السمع ومحافظة المنوفية، والمنطقة الإنرويلية.
#المجلس_القومي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة
#إرادة_لاتنكسر
#اختلافنا_يميزنا
#أسرتي_قوتي
#مجتمع_بلاحواجز