عربي21 توثّق تعرض الأسرى المحررين لمعاناة مرعبة داخل السجون (شاهد)
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
في ظهيرة مشمسة شرق مدينة غزة، وقف محمود فايز أبو الكاس في حيّ الشجاعية، يُحاول أن يستوعب مشهدا انتظره أكثر من عقدين؛ حيث بدا كمن خرج من زمن آخر، يحمل على كتفيه عمرا من الألم، وحكايات لا تروى بسهولة.
أبو الكاس واحد من عشرات الأسرى الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم ضمن صفقة التبادل الأخيرة التي أبرمتها المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع الإعلان عن وقف إطلاق النار.
كذلك، وصل عدد من الأسرى الفلسطينيين المحرّرين من سجن "عوفر" الإسرائيلي إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، في وقتٍ بدأت فيه حافلات تقلّ دفعات من الأسرى بالتوافد تدريجيًا إلى مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وسط أجواء احتفالية واستقبال شعبي حافل.
عناقٌ أول... بعد سنوات من البرد
في قلب الشجاعية، وعلى ركام بيت قُصف في العدوان الأهوج الذي شنّ من جيش الاحتلال الإسرائيلي على كامل القطاع المحاصر، طوال العامين، جلس أبو الكاس يراقب المارة الذين يهنئونه بالسلامة. رفع رأسه، وقال بصوتٍ أقرب إلى القسم: "لن أرتاح إلا لما أشوف الكل طالع... ما بنساهم، زي ما ما نسوني".
وفي خان يونس جنوب القطاع، كان منيف عبد الحميد سلامة، الذي قضى 18 شهرا في سجون الاحتلال، يحاول أن يتحدث للصحفيين بينما تتعلق بأطرافه أيدي الأطفال والجيران. لكن ما قاله لم يكن احتفاليا بالكامل.
"هُدِّدنا بالقتل في حال تم الاحتفال بتحررنا؛ قالوا لنا بالحرف: أيّ مظاهر فرح، يعني استهداف"، كشف سلامة لـ"عربي21"، وأضاف: "لكن رغم التهديد، خرجنا مرفوعي الرأس... المقاومة رفعت رؤوسنا".
تهديدات الاحتلال الإسرائيلي لم تمنع الناس في غزة من الاحتفال بطريقتهم، إذ غصّت الشوارع بالأعلام والدموع، وتحوّلت البيوت إلى محطات استقبال، تشهد عناقًا لم يحدث منذ سنوات، بين آباء وأمهات فقدوا أبناءهم خلف القضبان، وبين أطفال كبروا دون أن يعرفوا ملمس يد أبيهم.
ورصد مراسل "عربي21" حشودًا كبيرة من أهالي الأسرى والمواطنين وهم يتجمعون داخل مجمع ناصر الطبي في خان يونس، استعدادًا لاستقبال الأسرى المحررين، وسط تحضيرات طبية مكثفة لإجراء الفحوصات اللازمة والاطمئنان على حالتهم الصحية فور وصولهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأسرى الفلسطينيون المحررون قد وصلوا إلى مجمع ناصر الطبي وهم يعانون من أوضاع صحية متدهورة، بعد أشهر وسنوات قضوها في سجون الاحتلال، تعرضوا خلالها لشتى صنوف التعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية.
وظهرت آثار التعذيب بوضوح على أيدي وأرجل عدد من الأسرى، فيما بدا النحول الشديد على أجساد كثيرين منهم، في مشهد يعكس قسوة سياسة الإهمال الطبي والتجويع الممنهجة التي مارستها سلطات الاحتلال بحقهم.
الحرية على حدود الوطن
لكن الحرية لم تكن كاملة للجميع. أربعة من الأسرى المحررين، هم: سمير أبو نعمة، محمود عيسى، باهر بدر، ومحمد أبو طبيخ، وجدوا أنفسهم على متن حافلة نحو القاهرة، لا إلى منازلهم. فقد قرّرت سلطات الاحتلال إبعادهم خارج غزة كشرط للإفراج عنهم.
وصل الأربعة إلى العاصمة المصرية، حيث استقبلهم قادة الفصائل الفلسطينية. وجوههم حملت ملامح أناس أكل الزمن من أعمارهم، وبدا الحزن ساكنا في أعينهم، وكأنهم خرجوا من سجنٍ صغير إلى سجنٍ أوسع، حيث لا عائلة ولا تراب ولا بيت.
غزة احتفلت، نعم، لكن خلف كل زغرودة، هناك قصة وجع، وخلف كل دمعة فرح، هناك ذكرى شهيد، أو رفيق ما زال في الأسر. الأسرى المحررون عادوا، لكنهم عادوا إلى واقع محاصر، ووطن يتألم، وحكاية ما زالت تُكتب، سطرا بعد سطر، خلف القضبان... وأمامها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات غزة الأسرى الأسرى الفلسطينيين القاهرة غزة الأسرى القاهرة الأسرى الفلسطينيين المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الأسرى
إقرأ أيضاً:
عربي21 ترصد الاستعدادات لاستقبال الأسرى الفلسطينيين في خانيونس
تجمعت حشود غفيرة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، الاثنين، لاستقبال مئات الأسرى المفرج عنهم من قوات الاحتلال، في إطار صفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة وقوات الاحتلال ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
ورصد مراسل "عربي21" تجمع حشود غفيرة من أهالي الأسرى والمواطنين داخل مجمع ناصر الطبي في خانيونس لاستقبال الأسرى، وسط استعدادت طبية حثيثة لإجراء فحوصات طبية والاطمئنان على صحتهم فور وصولهم المستشفى.
وبدأت عملية الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي،الإثنين، ضمن عملية تبادل الأسرى مع "إسرائيل".
وقال مكتب إعلام الأسرى أن جميع الأسرى الفلسطينيين المقرر إطلاق سراحهم اليوم صعدوا على متن حافلات داخل سجون إسرائيلية.
وأضاف المكتب في تصريح صحفي الإثنين، "الآن تحرك الحافلات التي تنقل الأسرى المحررين من سجون الاحتلال".
وتابع أن الحافلات تحركت من سجن عوفر باتجاه بيتونيا برام الله، ومن سجن النقب باتجاه قطاع غزة.
ومن المتوقع اليوم إطلاق سراح 1716 فلسطينيا غزيا عند مجمع ناصر الطبي بالقطاع، و250 فلسطينيا كانوا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد في سجون إسرائيلية إلى الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وإلى الخارج.