بوابة الوفد:
2025-10-21@18:58:30 GMT

إيران بين المهادنة والتصعيد

تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT

تخلّف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان معتذراً عن عدم حضور قمة شرم الشيخ للسلام بين حماس وإسرائيل، وكذلك فعل وزير خارجيته عباس عراقجي، وقد كثرت التحليلات والتباينات ما بين اعتبار الغياب عن القمة فرصة لم يحسن النظام الإيراني استغلالها، وبين كونه غياباً استراتيجياً حسبته إيران جيداً.
الحقيقة أن قرار غياب إيران عن القمة جاء بعد دراسة للموقف، رأى النظام من خلالها أن حضور القمة لن يمحنه أي مكسبٍ، فالقمة من الجانب الأمريكي في الأساس محاولة لإنقاذ نتنياهو بعد أن فشل في تحقيق أهداف الحرب الأربعة: تحرير الرهائن، القضاء على حماس، نزع سلاح المقاومة، تهجير الفلسطينيين رغم عامين من الحرب كلفت الكيان الإسرائيلي حوالي 63 مليار دولار حسب تقرير بي بي سي، ولذلك فالنظام الإيراني لم يثق في مصداقية الرئيس الأمريكي في ضمان تحقيق مراحل الاتفاق وبنوده بما يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني.


أما على صعيد الصالح الإيراني، فإن عدم حضور القمة لا يعني التخلي عن المسار التفاوضي، بل إنه ربما كان لصالح التفاوض نفسه في مراحل لاحقة؛ وهو ما تبدى على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، حيث صرح بأن "العمل الدبلوماسي لا ينحصر في الحضور الشخصي في الاجتماعات، فأحيانا، قد يؤدي الحضور غير المحسوب إلى الإضرار بمصالح البلاد، فقبل أشهر قليلة فقط، في يونيو الماضي، تعرضنا لهجوم غير قانوني وإجرامي من قبل الولايات المتحدة، وكان للكيان الصهيوني دورٌ مباشر فيه بدعم وموافقة أمريكية. ومن الطبيعي أننا لا نشارك في اجتماع يترأسه طرف يتباهى بمثل هذا العمل الإجرامي".
الحقيقة أن إيران تسعى سعياً حثيثاً إلى الوصول إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول برنامجيها النووي والصاروخي، وصولاً إلى رفع العقوبات الاقتصادية، الذي سيمنح قبلة الحياة إلى النظام الإيراني، وينقذه من الأزمات الداخلية التي يعاني منها جراء التضخم وانخفاض سعر الصرف وتدني مستوى المعيشة، وغيرها من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي زادت من الحراك الشعبي والاجتماعي ضد النظام الإيراني، خاصة مع تردى الأوضاع الاقتصادية طوال سنوات من الحصار وتراجع معدلات التنمية.. 
فرضت تجارب إيران في المفاوضات السابقة عليها تغيير استراتيجيتها في التفاوض مع أمريكا؛ فقد فرضت الجولات الخمس من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية غير المباشرة مناخاً من عدم الثقة، نتيجة لمهاجمة إيران من قبل إسرائيل في وسط عملية المفاوضات وقبل يومٍ واحد من عقد الجولة السادسة من المفاوضات، عزّزه الهجوم العسكري الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية في أصفهان وفوردو ونطنز مناخ عدم الثقة، ناهيك عن أن الاتفاق بين إيران ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية- جروسي- برعاية مصرية، لم يمنع دول الترويكا من تفعيل آلية الزناد "سناب باك" وإعادة العقوبات على إيران، كل هذا فرض مناخاً شديداً من عدم الثقة في أمريكا والنظام الغربي، وأوجب عليها تغيير استراتيجيتها في التفاوض.
اتبعت إيران سياسة تجمع ما بين المهادنة والتصعيد في ملف المفاوضات، حيث تواتر الحديث عنه على لسان العديد من السياسيين الإيرانيين، بدءً من الرئيس بزشكيان وخارجيته، مروراً بأعضاء البرلمان الإيراني، وحملت تصريحاتهم رسالتين واضحتين الأولى هي عدم الرضوخ للاستكبار والهيمنة الغربية والرغبة في التصعيد إلى حافة الهاوية، فأعربت التصريحات في جزءٍ منها عن استعداد إيران للمواجهة العسكرية ورد الصاع صاعين، وتواترت تصريحات القادة العسكريين عن احتمال توجيه ضربة لإيران، وقدرتهم على التصدي لها، وعزّز من تلك السياسة التصعيدية تشغيل أجهزة التتبع في ناقلات النفط الإيرانية بعد سبع سنوات من التوقف، وهو ما يعني تحدي النظام الغربي، وهذا هو الموقف المعلن والمدعوم من المرشد الأعلى علي خامنئي.
بالتوازي مع ذلك التصعيد، حملت التصريحات في جزءٍ آخر منها رغبة إيران في التفاوض، ولكن مع التأكيد على ثوابتها الرئيسية الطاقة النووية السلمية والبرنامج الصاروخي، وعدم التخلّي عنهما، ولم تتوقف الخارجية الإيرانية عن التحرك بشأن التفاوض، ولكن بشكل غير مباشر عن طريق الوسطاء مثل مصر وروسيا، اللذين ينخرطان في الملف بشكلٍ مباشر ويتبادلان الرسائل ما بين أطراف الصراع، إلى جانب ذلك تتحرك إيران على الصعيد الدبلوماسي في المحافل الدولية لاستغلال جرائم النظام الإسرائيلي، لتتخذ منه مدخلاً لكسب التعاطف ودعم موقفها أمام الغطرسة الأمريكية، كما اتضح في قمة عدم الانحياز أكتوبر 2025م، حيث أصدرت القمة بيان بدعم موقف إيران في مقابل أمريكا وحلفائها، كما أعلنت إيران بالتنسيق مع روسيا عن نيتها مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة بانقضاء العقوبات عليها مع انتهاء مدة سريان قرار مجلس الأمن 2231، وهو ما يعني عدم جواز تمديد العقوبات عليها. 
وهكذا يتضح أن استراتيجية إيران في التعامل مع أمريكا، هي إما حافة الهاوية أو الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد ضمان موافقة أمريكا على حقها في الطاقة السلمية وإمكانات الردع الصاروخي.

 

أستاذ الدراسات الإيرانية- كلية الآداب- جامعة عين شمس

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرئيس الإيراني مس قمة شرم الشيخ للسلام بين التحليلات م من خلالها أن النظام الإیرانی إیران فی

إقرأ أيضاً:

خامنئي: ترامب واهم باعتقاده أنه دمر المنشآت النووية الإيرانية

قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واهم في اعتقاده أنه دمر المنشآت النووية الإيرانية بضربات أمريكية في يونيو.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); });

وقال خامنئي خلال لقائه رياضيين إيرانيين: "يتفاخر الرئيس الأمريكي: لقد قصفنا الصناعة النووية الإيرانية ودمرناها. حسنا، عش هذا الوهم"، بحسب ما نقل عنه موقعه الالكتروني.

أخبار متعلقة بعد سرقة اللوفر.. إيطاليا تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية متاحفها42 يومًا لانتهاء التفشي.. تعافي آخر إصابة بإيبولا في الكونغو

وقصفت الولايات المتحدة في 22 يونيو موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في جنوب طهران، إضافة إلى منشآت نووية في أصفهان ونطنز بوسط البلاد، في خضم حرب استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل.

ولم تُعرف بعد حصيلة الأضرار بدقة، غير أن الرئيس الأمريكي يكرر منذ أشهر أن هذه المواقع "دُمرت بالكامل".

14 قنبلة على المنشآت النووية

وقال دونالد ترامب في خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي الأسبوع الماضي "أسقطنا 14 قنبلة على المنشآت النووية الرئيسية، وكما قلت منذ البداية، لقد دُمرت بالكامل، وقد تأكد ذلك".

وأضاف في مقابلة بثتها محطة "فوكس نيوز" يوم الأحد: "حين دمرنا قدراتهم النووية، توفقوا عن التصرف برعونة في الشرق الأوسط".

وتساءل المرشد الإيراني "ما شأن أمريكا إن كانت إيران تمتلك صناعة نووية؟". وأضاف متوجهًا لترامب: "من أنت لتقول إن دولة ما يجب أو لا يجب أن تمتلك الطاقة النووية؟".

العداوة بين البلدين

وكانت إيران والولايات المتحدة قد قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية بعد الثورة الإسلامية عام 1979 واحتجاز موظفين أمريكيين رهائن في السفارة الأمريكية بطهران، ومنذ ذلك الحين، تسود العداوة بين البلدين.

وفي أبريل، بدأت طهران وواشنطن مفاوضات غير مباشرة بوساطة سلطنة عمان بشأن البرنامج النووي الإيراني، لكنها توقفت بعدما شنت إسرائيل في 13 يونيو هجومًا مباغتًا ضد إيران، ما أشعل حربًا استمرت 12 يومًا، شاركت فيها الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.

وخلال الحرب، نفذت إسرائيل مئات الضربات ضد مواقع نووية وعسكرية في إيران، واغتالت عددًا من العلماء المرتبطين ببرنامجها النووي، فيما ردت طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات على مناطق إسرائيلية عدة.

مقالات مشابهة

  • إيران: مستعدون للتفاوض على أساس الاحترام المتبادل
  • الخارجية الإيرانية: إيران تدعم جهود الأمم المتحدة لإرساء الاستقرار في اليمن
  • العراق يجدد التأكيد بالدفاع عن النظام الإيراني أمام “الاستكبار العالمي”
  • خامنئي: ترامب واهم باعتقاده أنه دمر المنشآت النووية الإيرانية
  • الأعرجي وعراقجي يبحثان الملفات العراقية الإيرانية المشتركة وتهديدات الشرق الأوسط
  • ردًا على تدمير أمريكا لـ"النووي الإيراني".. خامنئي: استمروا في أحلامكم
  • إيران: صواريخنا تحت الأرض لم تتضرر بمقدار «جناح بعوضة».. غروسي يدعو لاستئناف الحوار
  • الخارجية الإيرانية: نزع سلاح المقاومة قرار الفصائل وحدها
  • سرٌ يُكشف.. لماذا رفض حزب الله بدائل البيجر الإيرانية؟