غارديان: على خطى المجر.. هكذا سقط الإعلام الأميركي في أيدي حلفاء ترامب
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
حذرت صحيفة غارديان مما وصفته بـ"أورباننة الولايات المتحدة" في إشارة إلى انتقال نموذج فيكتور أوربان السلطوي في المجر إلى السياسة الأميركية، بالسيطرة على الإعلام وتقييد المعارضة، بما يهدد النظام الديمقراطي في غضون سنوات قليلة.
وبيّن الكتاب، في الصحيفة البريطانية أوين جونز، كيف يلعب رجال أعمال مقربون من الرئيس دونالد ترامب -أبرزهم لاري إليسون وابنه ديفيد- دورا محوريا في الاستحواذ على مؤسسات إعلامية كبرى مثل سي بي إس، مع الضغط تجاه صفقات استحواذ أخرى تشمل سي إن إن وتيك توك.
أنصار زعيم المعارضة المجرية بيتر ماجيار يتظاهرون في بودابست ضد حكومة رئيس الوزراء فيكتور أوربان متهمين إياها بالاستبداد والفساد pic.twitter.com/tRObSeaABF
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 24, 2025
على خطى المجر الاستبداديةوأشار جونز إلى أنه حذّر قبل عودة ترامب إلى الرئاسة من التحوّل إلى سيناريو الزعيم المجري الاستبدادي أوربان، حيث لم يقض على الديمقراطية بوساطة فرق الإعدام أو السجن الجماعي للمعارضين، بل عن طريق الاستنزاف البطيء، فشُوّه النظام الانتخابي واستُهدف المجتمع المدني، واستولى أقطاب الأعمال المؤيدون لأوربان على وسائل الإعلام بهدوء.
إليسون يسيطر على كبرى المؤسسات الإعلاميةوأوضح كيف يسعى الملياردير الأميركي لاري إليسون المؤسس المشارك لشركة أوراكل، وابنه المخرج السينمائي ديفيد، اللذان تباهى ترامب بصداقتهما وتأييدهما إلى السيطرة التدريجية على أهم المنابر الإعلامية، لافتا إلى أن رجل الأعمال الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد إيلون ماسك كأغنى رجل في العالم، ضخ عشرات الملايين في خزائن الحزب الجمهوري.
ففي أغسطس/آب الماضي، استحوذت شركة سكاي دانس ميديا التابعة لديفيد إليسون على باراماونت غلوبال بدعم مالي من والده، ليتمكن من السيطرة على سي بي إس نيوز، إحدى الشبكات الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة.
إعلانوخلال الانتخابات الأخيرة، طالب ترامب بسحب تراخيص سي بي إس بزعم أنها متحيزة، كما رفع دعوى قضائية على الشبكة بسبب مقابلة أجرتها مع منافسته كامالا هاريس، وادعى أنه قد حررها لتبدو أكثر إقناعا للجمهور، ورغم أن العديد من المراقبين اعتبروا الدعوى تافهة وقابلة للرفض، إلا أن باراماونت، الشركة الأم للشبكة، اختارت تسوية الدعوى مقابل دفع 16 مليون دولار.
ووظفت الشبكة مسؤولا سابقا في إدارة ترامب كـ"أمين مظالم Ombudsman" لمراقبة التحيز في تغطيتها، في حين عيّنت باري فايس، وهي ديمقراطية سابقة ومؤيدة قوية لإسرائيل في منصب رئيس التحرير.
ويعلن مسؤولو ترامب تأييدهم أيضا شراء باراماونت سكاي دانس لشركة وارنر بروس ديسكفري (WBD)، الشركة الأم لـ"إتش بي أو" وسي إن إن.
ويقود لاري إليسون مجموعة من المستثمرين للاستحواذ على تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، مع شركاء آخرين منهم قطب الإعلام روبرت مردوخ وشركة الاستثمار "إم جي إكس" المملوكة للحكومة في أبو ظبي.
ويشير جونز إلى أن شخصيات بارزة في حركة "ماغا" المناصرة لترامب، مثل جوش هاولي وماركو روبيو، كانوا قد دعوا إلى حظر التطبيق بزعم تحيزه ضد إسرائيل وتسببه في تحويل تعاطف الشباب الأميركي نحو الفلسطينيين.
وتطرق الكاتب إلى محطات من تاريخ إليسون المعروف بتأييده لإسرائيل، حيث تبرع في السابق بملايين الدولارات للجيش الإسرائيلي عبر منظمة "أصدقاء قوات الدفاع الإسرائيلية" غير الربحية، وقال إن الإسرائيليين سيكونون سعداء بوجوده في منصب المسؤول.
واستحضر موقف سافرا كاتز، الرئيسة التنفيذية الإسرائيلية الأميركية لشركة أوراكل، والرئيسة التنفيذية السابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، حين كتبت في رسالة بريد إلكتروني عام 2015: "نعتقد أن علينا أن نغرس الحب والاحترام لإسرائيل في الثقافة الأميركية"، منوها إلى أن أوراكل ستشرف على خوارزمية تيك توك.
ميتا وواشنطن بوست وغيرهماوهدّد ترامب مالك ميتا مارك زوكربيرغ بأنه "سيقضي بقية حياته في السجن" إذا تجاوزه، وتخلى قطب وسائل التواصل الاجتماعي زوكربيرغ عن التحقق من صحة المعلومات من أطراف ثالثة في الولايات المتحدة، وألغى القيود المفروضة على موضوعات مثل الهجرة والجنس، وعيّن أنصار ترامب في مجلس الإدارة.
وفي صحيفة واشنطن بوست المملوكة لجيف بيزوس، تقول الكاتبة كارين عطية إنها طُردت من عملها بسبب "تصريحاتها ضد العنف السياسي والمعايير المزدوجة العنصرية ولا مبالاة أميركا تجاه الأسلحة" بعد اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك.
وعُلق برنامج الإعلامي الساخر جيمي كيميل على قناة إيه بي سي بعد أن طالب رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية المؤيد لترامب باتخاذ إجراءات ضده، وأُغلقت هيئة البث العامة -التي طالما اعتبرها ترامب معادية- بعد أن أوقف الرئيس تمويلها.
وبيّن الكاتب كيف سيطرت إدارة ترامب على وسائل الإعلام التي يحق لها الوصول إلى البيت الأبيض، وطردت وكالة أسوشيتد برس العريقة، في حين أعلنت وزارة الحرب الأميركية عن "جيل جديد" من الصحفيين في البنتاغون يضم 60 صحفيا من وسائل إعلام يمينية متطرفة، وذلك بعد رفض معظم مراسلي المؤسسات الإعلامية التوقيع على لائحة قيود جديدة فرضتها الوزارة الشهر الماضي.
إعلانوتحظر اللائحة على الصحفيين نشر أي معلومات -حتى لو كانت غير سرية- ما لم يوافق البنتاغون على نشرها، وتُقيّد وصولهم إلى أماكن معينة داخل المجمع العسكري دون مرافقة مسؤول رسمي.
وأدت الدعاوى القضائية التي رفعها ترامب ضد مؤسسات إعلامية إلى إخضاعها بشكل أكبر، وكانت آخر تلك الدعاوى ضد صحيفة نيويورك تايمز بقيمة 15 مليار دولار، حيث اتهمها الرئيس بالتشهير به وتشويه سمعته.
ونبه جونز إلى أن الأمر يتجاوز بكثير السيطرة على وسائل الإعلام، لافتا إلى نشر ترامب الحرس الوطني في معاقل الديمقراطيين وسعيه إلى إحكام السيطرة على الانتخابات، حيث أطلق الجمهوريون هجمات جديدة لتزوير الدوائر الانتخابية، بينما طالبوا بسحب الجنسية وترحيل المرشح الاشتراكي لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني، إذ هدد ترامب بقطع التمويل عن المدينة إذا فاز.
ويزعم المستشار الإستراتيجي السابق لترامب ستيف بانون، أن ثمة خطة للتحايل على الدستور للسماح لرئيسه السابق بتولي ولاية ثالثة.
وخلص الكاتب إلى أنه وفي غضون تسعة أشهر فقط، انجرفت الولايات المتحدة نحو هاوية الاستبداد، محذرا: "لم يتبق لترامب سوى 39 شهرا في منصبه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة لاری إلیسون السیطرة على إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال قلق من فرض الولايات المتحدة لتواجد لتركي وقطري في غزة
لا تتوقف التحذيرات الاسرائيلية عن اختيار الولايات المتحدة لتركيا كي تكون عاملا محوريا في تطبيق وقف إطلاق النار في غزة، بزعم أنه تهديد استراتيجي لدولة الاحتلال يتجاوز حدود القطاع، ولأن هذه الخطوة تشرّع طموحات الهيمنة التركية في المنطقة، وتضع الاحتلال وشركاءه في المنطقة أمام تحدٍّ مباشر.
وذكر البروفيسور كوبي ميخائيل، الباحث في المركز الإسرائيلي للاستراتيجية الكبرى (ICGS)، وخبير دراسات الأمن والاستخبارات، أن "المرحلة الأولى من خطة الـ 21 نقطة التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممكنة بعد الاتفاقات التي تم التوصل إليها من خلال الوساطة التركية القطرية المصرية، ويبدو أنه في إطار الضغط الذي مارسه الوسطاء الثلاثة على حماس، لعبت تركيا الدور الأكثر تأثيرًا وأهمية".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "هذه الخطوة التي بادر بها ترامب، وقادها إلى التزام تركيا وقطر بتنفيذ الخطة، تستند الى إجبار حماس على الموافقة عليها، مع التركيز على المرحلة الأولى، وبذل الجهد اللازم، وتشمل إعادة الرهائن أحياءً، ونشر قوات الجيش على طول الخط الأصفر، مما يعني عمليًا نهاية الحرب التي ظهر ترامب مصممًا على إنهائها بعد أن استمرت عامين".
وأوضح أن "ترامب أكد على ضرورة إنهاء الحرب إما لأنه خلص إلى عدم جدوى استمرارها، حتى في مواجهة المصالح الإسرائيلية، أو بسبب الخوف، الذي تفاقم عقب الهجوم على العاصمة القطرية الدوحة، من تضرر المصالح الأمريكية المهمة في المنطقة جراء تدهور خطير، مما قد يُحبط في المقام الأول، خطته لتصميم هيكل إقليمي جديد قائم على توسيع اتفاقيات التطبيع".
وأشار ميخائيل إلى أن "ترامب فرض في الواقع مبادئ خطته على جميع الأطراف، تاركًا كيفية تنفيذها للمفاوضات لاحقًا، وقد أدرك أهمية تركيا وقطر لنفوذهما على حماس، ولذلك اختار وضعهما في المقدمة، وتكليفهما بمهمة إقناع قادتها، وبهذا الخيار، فتح الباب أمام مشاركتهما في تنفيذ الخطة، مما يعني وجودًا فاعلًا، وربما واسعًا، في قطاع غزة، ودورًا هامًا في عملية إعادة الإعمار، بما في ذلك ضمان حسن سير النظام القادم بقيادة توني بلير، والمشاركة في قوة الاستقرار الدولية".
وأكد أنه "في الوقت نفسه، هناك شكوك في أن ترامب قد انتبه للتداعيات الجسيمة لهذه الخطوة، فيما يتعلق بمصالح الوسيطين في المنطقة بشكل عام، والتحدي الذي تواجهه إسرائيل والدول البراغماتية، مع التركيز على مصر والسعودية، لأن تركيا وقطر تدعمان جماعة الإخوان المسلمين، بما فيها حماس، ومن المفترض أن تعملا على حماية مصالحها الحيوية".
وزعم أنه "يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الدوحة وأنقرة ستبذلان جهدًا للحفاظ على نفوذ ومكانة حماس كلاعب مؤثر وهام على الساحة الفلسطينية، وفي تهيئة الظروف لسيطرتها اللاحقة على المنطقة بأسرها، كبديل للسلطة الفلسطينية، وليس كشريك فيها".
وأضاف أنه "بالنسبة لتركيا، هذا حدثٌ أكثر أهمية، فالرئيس رجب طيب أردوغان لا يخفي طموحاتها للهيمنة، وترسيخ قبضة الأتراك على المنطقة، وزيادة نفوذهم فيها، تُشكّل تهديدًا حقيقيًا كالغيوم للاحتلال ومصر والسعودية والإمارات، وإن تدخله الذي سيتعمق في غزة، بما في ذلك وجوده الفعلي هناك، بجانب التدخل المتزايد في سوريا، والتقارب الوثيق مع ترامب، سيسمح له بالترويج لعدة خطوات إقليمية مهمة أخرى، من شأنها أن تغلق الطريق أمام إسرائيل وشركائها في المنطقة، وفي الوقت نفسه تُهدد المصالح الحيوية لقبرص واليونان".
وبين أنه "بجانب احتمالية التهديد الناشئ من تركيا، يُمكن للمرء أن يُلاحظ في العمليات الأخيرة المتعلقة بها فرصةً سانحةً أيضًا، فرغبتها في توسيع تدخلها في قطاع غزة تتطلب موافقة إسرائيل، وتعاونه، وإن العلاقة الخاصة والوثيقة بين تل أبيب وواشنطن، المبنية على الصلة الشخصية الوثيقة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس دونالد ترامب، تتيح تنسيقًا وثيقًا ومشاركةً أمريكيةً في تهدئة التوترات في العلاقات على محور تل أبيب أنقرة".
وختم بالقول إن "هذا القلق الإسرائيلي المتزايد من تعاظم النفوذ التركي والقطري في الملف الفلسطيني، لا يخفي حقيقة أن الإسرائيليين لديهم مصلحةٌ حيويةٌ في تحسين العلاقات مع الأتراك، ويمكن أن يُتيح قرار ترامب بإشراكهم في المشهد الفلسطيني فرصةً للتغيير".
يمكن الخروج باستنتاج من هذه المخاوف الاسرائيلية ومفاده إمكانية عثور إسرائيل على سبل للتعاون مع السعودية ومصر، لإنشاء محورٍ قادرٍ على كبح، أو تخفيف نفوذ تركيا وقطر في الساحة الفلسطينية، وإقناع الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض بإعطاء الأولوية للمصالح الإسرائيلية والإقليمية على مصالح تركيا وقطر، وهو أمر ليس مضموناً حدوثه مع ترامب، ذو العلاقة الوثيقة معهما.