التساؤل يختار عناوينه..
ا.د #حسين_محادين*
(1)
#القلم.. هو الأصدق والأبلغ منا جميعا..فهو المُعترف الوحيد من بيننا، بأنه يقول ما لا يعلم ، ويكتب مالا يعرف..ومع هذا لم يغير ادواره عبر اجيال..ومع هذا لن نستطيع الاستغناء عن الامساك به..
(2)
التمثيل مداد اعمارنا المستمر كبشر؛ فهو الوحيد الذي يقول ما لا يكتب ؛ ويعترف أن ما يعرضه امامنا عكس حقيقته كشخص مُمثل.
(3)
المُخلص للأبد..حيلة تعبيرية نركبها انتظارا لوصول مرحلة تالية.
(4)
صديقي ليس أنا…عندما نصطدم معا بثائية انا أم هو.
(5)
هو #الليل.. نعم..لكنه ايضا هو الذي اقصى الضوء والنهار معاً في يومياتنا التكرار منذ الازل.
(6)
هو اللحم المُقدد على موائد طعامنا نعم ..لكنه المعنى القاتل لكائن كان حياً يُبهج مراعي اعمارنا الغموض.
(7)
أذكر أنّا التقينا نعم…ولكن عندما لامس حُبنا شِغاف اللحظة ..فرّ عمريّنا حجر ضوء.
(8)
تبهرنا الالوان الانيقة ظاهريا في اضاميم الورد… ونغفل غالبا عن التميز قبلت بين ما هو طبيعي ويُنثر العطر من على شجرة حواسنا وبين ما هو بلاستيكي اصم يبعث بأبصارنا على مدارج الزيف الكثيرة في يومياتنا الملل.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حسين محادين القلم مسرح الحياة الليل
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. “طه حسين” الكفيف الذي أضاء الظلام بفكرِه
من قرية صغيرة في مركز مغاغة، شمال محافظة المنيا، وفي يوم جمعة من نوفمبر 1889، وُلد طه حسين، أحد أعظم المفكرين والأدباء في تاريخ مصر والعالم العربي. وهو الذي أصبح يُلقب بـ "عميد الأدب العربي" بفضل مسيرته الحافلة بالعلم والفكر والإبداع، والتي لم تكن مجرد مسيرة شخصية، بل كانت أيضًا رحلة فكرية ملهمة حولت التحديات إلى قوة دافعة نحو الإبداع ، ليضيىء الظلام بشمعة كفيف.
الطفولة والمحنة
لطالما كانت حياة طه حسين شاهدة على التحديات التي يمكن أن يصنع منها الإنسان مجدًا لا ينقضي. وُلد في أسرة فقيرة، وكان البصر قد أخذ منه وهو في الرابعة من عمره بسبب مرض الرمد الذي كان يسري في جسده دون أن يتلقى العلاج المناسب. ومع ذلك، لم يكن فقدان البصر هو المأساة الوحيدة التي واجهها؛ فقد كان طه حسين في تلك الفترة يعيش في مجتمع يرزح تحت نير الجهل والفقر، حيث كان الصراع مع الحياة لا ينتهي. إلا أن هذا التحدي لم يثنِ عزيمته؛ بل كان بداية لمغامرة فكرية عظيمة.
دخل طه حسين الكتاب في قريته، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، ليبهر معلميه بقدراته الاستثنائية. وتعلم في بيئة علمية ضئيلة الإمكانيات، لكنها غنية بالإرادة والطموح. في تلك الأيام، كان الشيخ محمد جاد الرب، معلم طه حسين الأول، هو من أسس بداياته الفكرية، ليكون سببًا في انطلاقه نحو آفاق أوسع.
من الأزهر إلى الجامعة
لم تكن مسيرته التعليمية أقل تحديًا فقد دخل الأزهر الشريف عام 1902، حيث استمر في تلقي العلوم العربية والدينية على يد كبار العلماء. ورغم جمود المناهج ورجعية الأساليب التدريسية، لم يرض طه حسين بتلك القيود؛ إذ سعى دائمًا نحو الأفضل، وطموحاته كانت تتجاوز ما توفره له المدارس التقليدية.
وفي عام 1908، حينما فتحت الجامعة المصرية أبوابها، كان طه حسين في مقدمة من انضموا إليها، ليبدأ مرحلة جديدة من تحصيله العلمي. وكانت هذه الفترة هي الفاصلة بين الموروث والتحديث، بين القديم والجديد. درس طه حسين في الجامعة المصرية العديد من العلوم الحديثة، من التاريخ والجغرافيا إلى اللغات الشرقية، وفي ذات الوقت ظل متمسكًا بعلاقاته الثقافية والدينية مع الأزهر. وفي عام 1914، نال شهادة الدكتوراه في أطروحته الشهيرة "ذكرى أبي العلاء"، التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الدينية والثقافية، حيث اتهمه البعض بالمروق، إلا أن طه حسين بقي صامدًا أمام تلك الانتقادات.
الفكر والنقد
إذا كان طه حسين قد استفاد من العلوم الغربية في رحلته إلى فرنسا، فقد عاد ليعرض أفكاره في سياقها العربي، ليؤكد من خلال أطروحاته وتوجهاته الفكرية ضرورة تحديث الفكر العربي، وفي مقدمة ذلك التعليم. لخص طه حسين رؤيته في مقولته الشهيرة: "التعليم كالماء والهواء". كان يؤمن أن التعليم هو السبيل الوحيد للنهوض بالأمة، وأنه حقٌ لكل فرد، لا سيما في ظل مجتمع كانت فيه الثقافة والمعرفة محصورة في يد قلة قليلة.
كان طه حسين صاحب عقل ثائر، لا يخشى المواجهة الفكرية أو المساس بالتقاليد البالية. من أبرز أعماله الأدبية "الأيام"، التي تعد من أرقى سير الذاتية التي أُنتجت في الأدب العربي الحديث، فقد كتب فيها عن حياته وعن آلامه وآماله، ليكشف عن الطريق الذي سلكه في معركة مستمرة مع الظلام. فالحياة عند طه حسين لم تكن مجرد وجود بيولوجي، بل كانت رحلة للوصول إلى النور.
مناضل في محراب العلم
لم تكن مكانة طه حسين الأكاديمية مجرد منصب فخري أو صعود إلى الهرم، بل كانت شهادة على جهاده المستمر في سبيل تعليم الشعب العربي. بدأ حياته الجامعية أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني، قبل أن يتولى عمادة كلية الآداب في الجامعة المصرية. كان أستاذًا محبًا للعلم، يرفض الجمود والتقليدية، ويشجع طلابه على التفكير النقدي وإعادة النظر في الموروثات الفكرية.
رغم ما عاناه من صراعات سياسية وفكرية، لم يتراجع طه حسين عن قناعاته. ففي عام 1932، اضطر إلى الاستقالة من عمادة كلية الآداب تحت الضغط، ليواصل مسيرته الفكرية من خلال الكتابة الصحفية والأدبية، متابعًا نشر أفكاره في مختلف المجالات. ورغم أن حياته كانت مليئة بالمعارك الفكرية والسياسية، إلا أن طه حسين ظل متفردًا برؤيته وعمله المستمر.
طه حسين والسياسة الثقافية
وعلى مستوى السياسة الثقافية، لم يكن طه حسين بعيدًا عن الأحداث السياسية التي شهدتها مصر في القرن العشرين. فقد شغل منصب وزير المعارف في عهد حكومة الوفد عام 1950، ليُعنى بتحسين النظام التعليمي في مصر، ويعمل على تعزيز الهوية الثقافية الوطنية في ظل حركة التحرر الوطني. كما أسهم في تطوير جامعة الإسكندرية وأصبح رئيسًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، مما عزز مكانته كرمز ثقافي لا غنى عنه.
رؤيته للعلم والمجتمع
ظل طه حسين طوال حياته مؤمنًا بقوة العلم كأداة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي. وكان يرى أن المجتمعات لا يمكن أن تنهض إلا إذا سمحت لكل فرد فيها بممارسة حقه في التعلم، كما كان يرى أن الغنى ليس مقصورًا على المال، بل هو يتجسد في الفكر والعلم. وفي هذا الإطار، يمكن اعتبار طه حسين أحد أول الداعين إلى إصلاحات جذرية في التعليم والتفكير العربي.
يظل طه حسين نموذجًا فريدًا في تاريخ الفكر العربي؛ لم يكن عميد الأدب العربي مجرد أديب أو مفكر، بل كان رمزًا للثورة الفكرية والنقدية. لقد علمنا طه حسين أن المعركة الحقيقية في الحياة ليست مع القوى الخارجية، بل مع الجهل والتخلف. وقد أثبت لنا أن النور لا يأتي من الخارج، بل ينبع من داخل الإنسان ذاته، ليظل نوره مشعًا إلى الأبد؛ رحم الله طه حسين، الذي علمنا أن الإرادة تصنع المستحيل، وأن العقول الحرة هي السبيل الحقيقي لنهضة الأوطان.