بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. دعوات دولية لإعادة رأس نفرتيتي وحجر رشيد إلى موطنهما الأصلي
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
في مشهد يليق بعظمة التاريخ المصري، افتتحت مصر المتحف المصري الكبير، أضخم صرح أثري وثقافي في القرن الحادي والعشرين، ليصبح ليس مجرد متحف، بل رسالة حضارية إلى العالم تُجسد قدرة المصريين على صون ماضيهم وصناعة مستقبلهم.
ومع هذا الافتتاح التاريخي، عاد الجدل العالمي حول مصير القطع الأثرية المصرية المهربة، وعلى رأسها رأس نفرتيتي وحجر رشيد، اللذين يمثلان رمزين خالدين للحضارة المصرية القديمة وسفيرين مسلوبين للهوية الوطنية.
اكتُشف حجر رشيد عام 1799 على يد أحد ضباط الحملة الفرنسية أثناء أعمال تحصين قلعة «جوليان» بمدينة رشيد بالقرب من الإسكندرية. ومنذ تلك اللحظة، أصبح الحجر واحدًا من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن الثامن عشر، إذ مكّن العالم من فك رموز اللغة المصرية القديمة وفهم الحضارة الفرعونية من جديد.
يحمل الحجر نصوصًا مكتوبة بثلاث لغات: الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، وقد نجح عالم الآثار الفرنسي جان فرانسوا شامبليون في قراءتها عام 1822، مؤسسًا بذلك علم المصريات الحديث.
أما مضمون النقوش فهو مرسوم صدر عام 196 قبل الميلاد من كهنة منف لتكريم الملك بطلميوس الخامس على إنجازاته. ومنذ نقله إلى بريطانيا في بدايات القرن التاسع عشر، لا يزال الحجر يُعرض في المتحف البريطاني، رغم مطالبات مصر المتكررة باستعادته باعتباره جزءًا أصيلًا من تراثها الوطني.
رأس نفرتيتي.. أيقونة الجمال المسلوبةأما رأس نفرتيتي، فهو تمثال نصف مدهون من الحجر الجيري، نُحت بيد الفنان المصري تحتمس عام 1345 قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 3300 عام. التمثال يجسد ملكة مصر الجميلة وزوجة الفرعون إخناتون، وقد تحول إلى رمز عالمي للجمال الأنثوي والحضارة المصرية في أوج مجدها.
اكتشف التمثال فريق تنقيب ألماني بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة عام 1912، ومنذ ذلك الحين ظل معروضًا في متاحف ألمانيا، رغم مطالب مصر المستمرة بإعادته. ويؤكد خبراء الآثار أن التمثال خرج بطرق غير قانونية، في ظل ضعف القوانين الدولية آنذاك التي سمحت باستغلال الحفريات الأثرية ونقل كنوز الحضارات إلى الخارج.
المتاحف العالمية تشعر بالذنب
قال الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، إن المتاحف العالمية بدأت تدرك الآن أنها ارتكبت "جرائم ثقافية" في حق نفسها وحق الدول صاحبة الحضارات، بعدما شاهدت روعة المتحف المصري الكبير. وأضاف أن هذه المتاحف حين رأت صرحًا بهذه العظمة والدقة والاحترافية، بدأت تشعر بالخطأ الذي ارتكبته في الماضي بنقل القطع الأثرية من أوطانها الأصلية.
وأشار حواس إلى أن ما قامت به هولندا مؤخرًا من مبادرات لإعادة بعض القطع الأثرية المسروقة هو مثال يُضرب له "تعظيم سلام"، معتبرًا أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل نقطة انطلاق حقيقية لبدء مرحلة جديدة من استعادة الآثار المصرية المنهوبة.
نفرتيتي وحجر رشيد في طريق العودة؟
وعن إمكانية استعادة رأس نفرتيتي وحجر رشيد، أوضح حواس أن هناك حاليًا وثيقتين منشورتين عبر الإنترنت، الأولى تطالب بإعادة رأس نفرتيتي من ألمانيا، والثانية لاستعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني، وأن العمل جارٍ لجمع مليون توقيع على كل وثيقة تمهيدًا للتحرك الرسمي نحو استردادهما.
دعوة لتعديل القوانين الدولية
وأكد الدكتور حواس أن منظمة اليونسكو أقرت قانونًا يمنع استرداد أي قطعة أثرية خرجت من بلدها قبل عام 1970، معتبرًا أن هذا القانون "مجحف" بحق الدول المتضررة، وعلى رأسها مصر. ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة النظر في هذه القوانين، وإقرار تشريعات جديدة تضمن عودة الحقوق التاريخية إلى أصحابها الشرعيين.
مصر تستعيد صوتها الحضاري
افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد حدث ثقافي، بل لحظة استيقاظ للضمير الإنساني، وجرس إنذار يدعو العالم إلى إعادة النظر في مفهوم العدالة التاريخية. فاليوم، مصر لا تطالب فقط بآثارها، بل تطالب بحقها في رواية تاريخها من جديد، على أرضها، وبأيدي أبنائها، وبحضورٍ يليق بحضارةٍ علمت العالم معنى الخلود.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتحف المصري نفرتيتي حجر رشيد ألمانيا الآثار المتحف المصری الکبیر نفرتیتی وحجر رشید رأس نفرتیتی حجر رشید
إقرأ أيضاً:
غريب: افتتاح المتحف المصري الكبير أثبت رقي مصر في الحفاظ على التراث
أكد الدكتور خالد غريب، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أن افتتاح المتحف المصري الكبير، عمل على خلق أصداء رهيبة أثبتت للعالم أن مصر دولة راقية في الحفاظ على التراث، وأن تراث مصر هو تراث للعالم.
وقال خالد غريب، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “اليوم”، عبر فضائية “دي أم سي”، أن قرار هولندا بإعادة تمثال أثري عمره 3500 عام إلى مصر، يعكس قوة الدبلوماسية المصرية المتجددة أكثر من كونه مجرد بادرة من الجانب الهولندي. مؤكدا أن نجاح الدبلوماسية المصرية أصبح نموذجاً يحتذى به.
وتابع أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أن هذا الحضور القوي لمصر هو ما يدفع العالم لاتخاذ مثل هذه القرارات، مؤكدا أن لعالم حين يدرك قوة مصر بهذا الشكل، عليه أن يعيد لمصر حقها المسلوب، خاصة إذا كان قد خرج بدون وجه حق.
وأشار إلى أن القطع الأثرية المصرية بالخارج، هي جزء من الأمن القومي المصري.