5 أسئلة لفهم تهديدات ترامب لنيجيريا
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
واشنطن – في وقت يبدو أنه استجابة لمناشدة مجموعة من القادة المسيحيين الإنجيليين الأميركيين، حذّر الرئيس دونالد ترامب حكومة نيجيريا من استمرار ما سمّاه "السماح بقتل المسيحيين في البلاد"، مؤكدا أن بلاده ستوقف فورا جميع المساعدات والأنشطة الإغاثية لأبوجا إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ورغم نفي الحكومة النيجيرية من جانبها مرارا وتكرارا هذه الاتهامات، قال ترامب في منشوره على منصة "تروث سوشيال" إن بلاده قد تتخذ إجراءات عسكرية ضد "الإرهابيين الإسلاميين" المسؤولين عن تلك الاعتداءات.
قبل شهرين، ناشدت مجموعة من الأساقفة الإنجيليين الرئيس ترامب بالعمل لوقف ما اعتبروه "اضطهادا فظيعا" للمسيحيين في نيجيريا، نتج عنه مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في الأشهر السبعة الأولى فقط من هذا العام، طبقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك بوست".
وتدّعي الجماعات الإنجيلية الأميركية، أنه ومنذ عام 2009، وقع 18 ألف هجوم على كنائس نيجيريا، وقُتل أكثر من 50 ألف مسيحي، ودفع ما يقرب من 5 ملايين للنزوح من أراضيهم.
وفي الوقت الذي تبنّى فيه ترامب مبدأ "عدم التدخل" في الشؤون الداخلية والعمل كشرطة دولية، يرى بعض أنصار الرئيس ترامب أنه يمكن له "على الأقل إدانة هذه الفظائع المستمرة".
ما الذي يغذّي تهديدات ترامب لنيجيريا؟
وفي حديث للجزيرة نت، استغرب ديفيد شين، السفير الأميركي السابق في إثيوبيا وبوركينا فاسو، ونائب رئيس البعثة السابقة في السفارة الأميركية بالسودان، والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، من تصريحات ترامب.
وقال شين "ليس لدي أي فكرة من أين يأتي ترامب بهذه الأفكار، ومَن يقترحها عليه. لا أستطيع أن أتخيل أن المسؤولين الجادين في واشنطن سيوافقون على مهاجمة نيجيريا على أساس الوضع القائم هناك على الأرض اليوم".
إعلانوعلى النقيض، يرى كاميرون هدسون، خبير الشؤون الأفريقية في "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية" (CSIS) والمسؤول السابق في إدارة الرئيس باراك أوباما، أن "تعليقات ترامب عن نيجيريا مدفوعة بقاعدة "ماغا" "MAGA اليمينية، وترتبط بتلبية مطالب دائرته الانتخابية المحلية أكثر من أيّ رغبة جديدة في مكافحة الإرهاب".
#عاجل | وزير الحرب الأمريكي:
– إما أن تحمي نيجيريا المسيحيين أو سنقضي على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون الفظائع
– يجب أن يتوقف قتل المسيحيين الأبرياء في نيجيريا وفي أي مكان فورا pic.twitter.com/2QCkp9DLZw
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 1, 2025
ما تأثير الإنجيليين الأميركيين على ترامب؟ وما صلتهم بالمسيحيين النيجيريين؟حصد ترامب في الدورات الانتخابية الثلاث، التي خاضها أغلبية كبيرة من أصوات الناخبين الإنجيليين الأميركيين الذين وجدوا في سياساته المتشددة تجاه الإجهاض والهويات الجنسية والهجرة ما ينسجم مع مواقفهم المحافظة.
وقد برّر العديد من قادة الإنجيليين دعمهم له بالإشارة إلى جذوره البروتستانتية، معتبرين أن انتماءه لهذا الإرث الديني يشكل عاملا إضافيا لتأييدهم.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن التيارات الإنجيلية المحافظة عزّزت نفوذها في البيت الأبيض خلال ولايته الأولى والثانية؛ حيث كان بعض ممثليها يعقدون جلسات دورية لأداء الصلاة المسيحية مع الرئيس داخل أروقة البيت الأبيض.
ومن التيارات الصاعدة وسط الكنائس الإنجيلية الأميركية تتمتع الكنائس النيجيرية بنفوذ كبير في الحركة الأنجليكانية الأميركية المحافظة، ومن أهمها الكنيسة الأنجليكانية في أميركا الشمالية (ACNA)، وبعثة كنيسة نيجيريا في أميركا الشمالية (CONNAM). وينبع هذا التأثير من حجمها الكبير عدديا، وقربها من كنائس الأميركيين الأفارقة السود.
ويبلغ عدد سكان نيجيريا نحو 237 مليون نسمة، مقسّمين تقريبا بين المسلمين والمسيحيين. وتُعد الجالية النيجيرية في الولايات المتحدة أكبر جالية أفريقية، وأغلبها مسيحيون، ويقدّر عددهم ما يقارب من نصف مليون شخص.
وتعد الكنيسة النيجيرية قائدة كنائس الجنوب العالمي عدديا، ويمنحها ذلك نفوذا كبيرا داخل الحركة الأنجليكانية العالمية. ولطالما كان الأساقفة النيجيريون من أشد المنتقدين للاتجاهات الليبرالية في الكنائس الأوروبية، وهو ما منحهم صوتا قويا يصدّق على موقف نظرائهم الأميركيين الإنجيليين.
كيف تعامل الرئيسان ترامب وبايدن مع "الانتهاكات في نيجيريا؟خلال فترة حكمه الأولى، واعتمادا على قانون الحريات الدينية الدولية، صنّف ترامب نيجيريا دولةً تشارك في "انتهاكات خطرة خاصة الحرية الدينية"، وهو ما أدرجها في قائمة الدول التي "تثير قلقا خاصا". وهذا هو التصنيف الذي تستخدمه وزارة الخارجية الأميركية وينص على فرض عقوبات على الدول "المتورطة في انتهاكات جسيمة للحرية الدينية".
لكن في عام 2021، عكست وزارة الخارجية في عهد الرئيس السابق جو بايدن هذا التصنيف، واعتبرت أن العنف لا يخص الاضطهاد الديني، ولكن بتأثير تغيّر المناخ.
ومع انتشار مزاعم وقوع مجازر ضد مسيحيي نيجيريا في الأسابيع والأشهر الأخيرة في بعض الأوساط اليمينية الأميركية، قالت جماعات تراقب العنف، إنه لا يوجد دليل يشير إلى أن المسيحيين يُقتَلون أكثر من المسلمين في نيجيريا التي تنقسم بالتساوي تقريبا بين أتباع الديانتين.
إعلانوكانت جماعة "بوكو حرام" قد اختطفت 276 تلميذة من بلدة تشيبوك بولاية بورنو شمالي نيجيريا في عام 2014، أغلبهن مسيحيات، واشترطت مقابل الإفراج عنهن، إطلاق سراح سجناء الجماعة المعتقلين.
وتهدف "بوكو حرام" أساسا إلى إنشاء دولة جديدة بنظام إسلامي، وتحاول الحركة تعزيز سيطرتها بالقوة في الشمال ذي الأغلبية المسلمة.
وقدّمت الولايات المتحدة تدريبات عسكرية، وباعت للحكومة النيجيرية أنظمة أسلحة متقدمة في السنوات الأخيرة لتحسين قدراتها في القتال ضد بوكو حرام. كما قدّمت نحو 550 مليون دولار مساعدات خارجية لنيجيريا، هذا العام، مقارنة بنحو 880 مليون دولار في العام السابق وفقا لبيانات الحكومة الأميركية.
وفي العام الماضي، انسحب نحو 1000 جندي أميركي من النيجر المجاورة، وأنهى ذلك شراكة استمرت قرابة عقد من الزمن كانت حجر الزاوية في عمليات "مكافحة الإرهاب" الأميركية في المنطقة.
تهديد #ترامب دولة #نيجيريا ???????? بالتدخل العسكري و توجيه إتهامات للسلطات هناك بأنها مشاركة في ما يصفه ب "مذبحة المسيحيين" لا يجب حصر أهدافها الخفية فقط على أن #أمريكا ???????? تطمع في نفط و غاز أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان ، بل كذلك بعوامل جيوستراتيجية و إعادة التموضع !! pic.twitter.com/1KdNKj3IO6
— قناة المعرفة — Military Dz (@MilitaryDz) November 2, 2025
هل ينصّب ترامب نفسه زعيما للمسيحية داخل أميركا وخارجها؟عقب اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك قبل أسابيع، كثّف الرئيس ترامب محاولاته ليتحول من كونه مجرد زعيم سياسي جمهوري شعبوي إلى كونه زعيم تيار مسيحي يميني عالمي يتخطى معها حدود الدولة الأميركية.
وفي أول خطاب له، في فترة حكمه الثانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، تبوّأ الرئيس ترامب، بصورة رمزية غير رسمية، زعامة اليمين المسيحي الغربي بخطاب ركّز فيه على ما اعتبره "مظالم" تتعرض لها المسيحية في العالم، ووبخ الأمم المتحدة "عن فشلها في لعب دور في حماية حرية العقيدة"، خاصة المسيحية في العالم.
ودعا ترامب قادة العالم للعمل على "حماية المسيحية"، وأضاف "دعونا نحمي الحرية الدينية، أكثر الأديان اضطهادا على هذا الكوكب اليوم.. إنها تسمى المسيحية".
كما قام ترامب بحملة انتخابية للرئاسة العام الماضي بناء على وعد بمكافحة ما وصفه بـ"التحيز ضد المسيحية"، وأنشأ هذا العام لجنة لهذا الغرض، وأصدر أوامر تنفيذية تهدف إلى حماية الحرية الدينية.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الخبير هادسون، إنه لا يستبعد أن يشن البيت الأبيض ضربات أميركية محدودة لإثبات وجهة نظره وجديته، أو لمغازلة الجمهور المحلي، "لكن لا يمكنني أن أرى إدارة ترامب تتبع إستراتيجية فعلية طويلة الأجل لإضعاف حركة بوكو حرام بأي طريقة ذات مغزى. كل ما يثار في هذا الشأن للاستعراض".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات الرئیس ترامب فی نیجیریا بوکو حرام أکثر من
إقرأ أيضاً:
تهديدات ترامب و«الصليبية الجديدة» في إفريقيا
واقع الحال الذي لم يكشف عنه ترامب أن تهديده لنيجيريا لا يستهدف في المقام الأول حماية المسيحيين في نيجيريا التي لا يفرق العنف المتوارث والمتصاعد فيها بين المسلم وبين المسيحي؛ وإنما يؤكد أنه يستخدم الدين كذريعة لإعادة الدّخول إلى إفريقيا، وأن الحرب الذي وجه بشنها، وإن كانت لا تشكل حتى الآن بداية حرب دينية بالمعنى التقليدي للحروب الدينية، فإنها تمثل دون شك خطوة نحو إعادة تشكيل النفوذ الدولي في القارة الأفريقية تحت شعار أخلاقي كاذب.
خطاب ترامب الأخير، الذي صاغه بلغة عاطفية تخاطب العالم المسيحي ومؤطر بمصطلحات تثير الفتن مثل «نصرة المسيحيين»، و«حماية الإيمان»، و«مواجهة الاضطهاد الإسلامي»، يحمل في طيّاته ولعًا أمريكيًا بالحروب، ويُذكِّر العالم بخطابات القرون الوسطى عندما كان ملوك أوروبا يعبؤون شعوبهم تحت راية الدين لخوض «الحروب الصليبية» في الشرق. تلك الحروب لم تكن دينية خالصة، بل كانت مزيجًا من الطموحات السياسية والاقتصادية والتوسّعية، وهو ما يجعل مقارنتها بما يعتزم ترامب القيام به في نيجيريا أمرًا مقلقًا ومهددًا للسلم العالمي.
فعندما يرفع زعيم غربي شعار الدفاع عن طائفة دينية بعينها في قارة بعيدة جدا عنه، فإن هذا يُعيد إلى الأذهان سردية “الإنقاذ المسيحي» التي طالما استخدمتها الإمبراطوريات الأوروبية لتبرير توسعها العسكري. وإذا كانت «الصليبية الجديدة»، إن جاز التعبير، لا ترفع السيوف والصلبان اليوم، فإنها قد تُدار عبر الطائرات المسيّرة والعقوبات الاقتصادية والهيمنة الرقمية. لذلك، فإن تصريحات ترامب، في جوهرها، ليست مجرد تهديد عابر، بل تذكير بأن توظيف الرموز الدينية في السياسة الدولية ما زال قادرًا على إشعال الفتن والحروب، وإحياء صراعات قديمة ظن البعض أنها طُويت إلى الأبد.
تهديد ترامب العلني والنادر من نوعه، يثير تساؤلات عديدة حول دلالات العودة إلى الحروب الدينية ومردوداتها الكارثية على العالم، ولعبة المصالح الكبرى والتنافس الدولي في القارة السمراء. في تقديري أن الإجابة عن هذه التساؤلات تتطلب تفكيك ثلاثة جوانب حتى يمكن الوصول إلى وصفة سياسية تمكن الدول الإفريقية ودول العالم النامي من الهروب من الفخ «الأمريكي» ومنع تحويل أراضيها إلى ساحة لتصفية حسابات القوى الكبرى والصراع الدائر بينها على النفوذ. هذه الجوانب الثلاثة يمكن وضعها في شكل أسئلة، هي: ما الذي قاله ترامب على وجه الدقة؟ وإلى أي مدى يمكن اعتباره مدافعاً صادقاً عن المسيحيين في العالم أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد «لعبة مصالح» ورسائل مبطنة وغير مباشرة للقوى العالمية الأخرى الطامعة في موارد إفريقيا؟ وماذا يجب أن يفعل العالم ونيجيريا والدول الإفريقية على وجه الخصوص لتفادي العطش الأمريكي للحروب والتدخل في شؤون الدول الأخرى؟
تحليل رسائل ترامب سواء في تصريحاته لوسائل الإعلام التي نشرتها وكالة أنباء «الاسوشيتدبرس» و«ايه بي سي نيوز»، أو تغريداته على منصته «تروث» بشأن نيجيريا، يكشف قناعاته غير المستندة إلى معلومات دقيقة عن «عمليات قتل واسعة النطاق للمسيحيين» و«انتهاكات لحرية الدين» في نيجيريا، وتأكيده أن «بلاده لن تقبل باستمرار هذا الوضع» وأنه «قد يرسل جنودًا أمريكيين أو يقوم بضربة جوية على أساس أن ما يحدث للمسيحيين يمثل تهديدًا كبيرًا» بالإضافة إلى التهديد «بوقف كل المساعدات الأمريكية لنيجيريا إذا لم يتغير الوضع». تجاهل ترامب عن عمد حقيقة أن العنف الذي تشهده نيجيريا لا يستثني أحدا، وأنه ليس موجها ضد المسيحيين فقط ويعاني منه المسلمون أيضا. وبالتالي ليس هناك، كما قالت الحكومة النيجيرية، «إبادة ممنهجة للمسيحيين فقط». هذا العنف، الذي يطول المسلمين أيضا، مرده الأساسي إلى ضعف إمكانات الأمن الداخلي من جانب بالإضافة إلى النزاعات العرقية وليست الدينية، والصراع على الموارد المحدودة، وكلها عوامل قد يزيد من وطأتها أي تدخل عسكري أمريكي. الغريب في الأمر أن ترامب لم يقدم أية بيانات أو إحصاءات تُثبت أن العنف في نيجيريا موجّه ضد المسيحيين فقط، أو أن الحكومة النيجيرية تدير حملة إبادة ممنهجة ضدهم، واستخدم عبارات مطاطة عن «قتل المسيحيين بأعداد كبيرة جداً»، وذا ما يؤكد أن التهديد «صدر لأغراض سياسية أو انتخابية أو دبلوماسية»، حسب ما قالت مجلة «تايم».
هل يعني ما سبق إمكانية عودة الحروب الدينية؟ واقع الحال أن استخدام ذريعة حماية طائفة دينية من قبل دولة كبرى يفتح الباب أمام دول أخرى لتكرار الأمر، وبالتالي تصدير العنف تحت شعارات زائفة مثل «التدخل الإنساني» أو «الحرب الأخلاقية».
والواقع أن كل المؤشرات في الحالة النيجيرية تؤكد أن الهدف الحقيقي للولايات المتحدة من التدخل العسكري ليس حماية المسيحيين؛ فالتعبيرات التي استخدمها ترامب «قتل المسيحيين»، و«سنذهب هناك بأسلحتنا» تنتمي للغة الحرب، خاصة وأن أفريقيا تُعدّ ساحة للتنافس المحموم بين القوى الكبرى، وتحديدا الولايات المتحدة، والصين، والقوى الأوروبية الاستعمارية التقليدية على النفوذ والموارد. ومن هنا يمكن القول إن تهديد ترامب يمكن أن يندرج ضمن استراتيجية أكبر لإعادة «الحروب الدينية»، واستخدام الدين كغطاء لتدخلات عسكرية أو سياسية في أماكن كثيرة من العالم.
إن السؤال الذي قد تكشف الإجابة عنه النوايا الحقيقية للولايات المتحدة هو: هل يدافع ترامب فعلاً عن المسيحيين، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خطوة متقدمة في لعبة المصالح؟ ويتفرع من هذا السؤال سؤالان على درجة كبيرة من الأهمية، هما: ما مصالح الولايات المتحدة في نيجيريا؟ وما مدى صدق نية ترامب في الدفاع عن المسيحيين؟ الواقع أن الولايات المتحدة تنظر إلى نيجيريا باعتبارها دولة محورية وذات ثقل كبير في القارة الإفريقية في ضوء عدد سكانها الضخم الذي يتجاوز 230 مليون نسمة، ومواردها الطبيعية الكبيرة من نفط وغاز ومعادن نادرة، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز الذي يجعل منها بوابة لغرب إفريقيا. ما يقلق ترامب والولايات المتحدة أن الصين عززت في السنوات الأخيرة حضورها في إفريقيا من خلال استثمارات ضخمة وبنى تحتية متقدمة، وهذا ما يدفع واشنطن إلى محاولة استعادة موقعها ونفوذها الاستراتيجي في القارة الواعدة في مواجهة النفوذ الصيني المتصاعد. وفي هذا الإطار، فإن التسلل إلى الداخل الإفريقي عبر استخدام قضية الاضطهاد الديني يُمكن أن يُسهّل نجاح هذه المحاولة.
إذا اعتبرنا أن التهديد الأمريكي لنيجيريا يمثل تحولا مهما في السياسة الدولية، يمنح الدول الكبرى حق استخدام الدين لتبرير التدخل العسكري في الدول النامية، فإن على هذه الدول، ومنها نيجيريا، أن تبادر إلى رفض هذه السياسات غير العادلة، وتأكيد سيادتها الوطنية، وتعزيز جهود التنمية للحد من الفقر والبطالة والصراعات العرقية التي تمثل الأسباب الحقيقية للعنف، وليس الدين. ويتطلب الأمر من الصحفيين والكُتاب مراقبة وتحليل الخطاب الإعلامي الغربي لفضح أساليب الدعاية التي تستخدم الدين كغطاء للسياسات الاستعمارية والهيمنة الغربية الجديدة.