كاتب وأسير محرر يكشف تفاقم حالات التعذيب في سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
أكد الكاتب الفلسطيني والأسير المحرر حديثا ناصر أبو سرور، أن استخدام التعذيب من قبل الاحتلال الإسرائيلي زاد بشكل كبير خلال العامين الأخيرين من أسره، حيث بدأت "إسرائيل" تتعامل مع سجونها كجبهة أخرى لحرب الإبادة في قطاع غزة.
وجاء في تقرير صحيفة "الغارديان" تقريرا إن الكاتب أبو سرور أُفرج عنه الشهر الماضي بعد أكثر من 32 عاما في السجون الإسرائيلية، قال إن استخدام التعذيب زاد بشكل كبير خلال العامين الأخيرين من أسره.
وذكر التقرير أن ناصر أبو سرور، الذي تُرجمت مذكراته من السجن إلى سبع لغات ويُتوقع أن يفوز بجائزة أدبية دولية كبرى هذا الشهر، كان من بين أكثر من 150 فلسطينيا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد أُفرج عنهم كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بوساطة أمريكية، ثم نُفوا على الفور إلى مصر، حيث لا يزال معظمهم في وضع غير مستقر.
وأضاف أن أبو سرور، البالغ من العمر 56 عاما، تحدث عن زيادة حادة في استخدام الضرب والحرمان من الطعام والدفء بعد اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ونقل عنه قوله: "تغير زي حراس السجن، حيث وُضعت شارة على الصدر مكتوب عليها كلمة 'مقاتلون' أو 'محاربون'، وبدأوا يتصرفون وكأنهم في حرب وهذه جبهة أخرى، وبدأوا بالضرب والتعذيب والقتل مثل المحاربين".
ولفت التقرير إلى أن لجنة تابعة للأمم المتحدة أدرجت 75 حالة وفاة لفلسطينيين في الحجز الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و31 آب/ أغسطس 2025. بينما نفت مصلحة السجون الإسرائيلية مرارا وتكرارا استخدام التعذيب في سجونها.
وأوضح التقرير إن أبو سرور تحدث عبر الهاتف من مصر، ووصف أيضا "الصدمة المذهلة" التي شعر بها عندما نُقل مباشرة من الظروف القاسية للاعتقال الإسرائيلي إلى فندق خمس نجوم في القاهرة كضيف على السلطات المصرية.
وأشار إلى أن أبو سرور شارك في شبابه في الانتفاضة الأولى، الانتفاضة الفلسطينية بين عامي 1987 و1993، حيث اتُهم بالتواطؤ في مقتل ضابط أمن إسرائيلي من جهاز الشاباك كان يحاول الضغط على ابن عم أبو سرور ليصبح متعاونا.
وأضاف أنه بناء على اعتراف أدلى به تحت التعذيب، حُكم على أبو سرور عام 1993 بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط. خلال عقود اتسمت بفترات طويلة من الحبس الانفرادي، حصل على شهادة البكالوريوس ثم الماجستير في العلوم السياسية، وبدأ بنشر الشعر وكتابات أخرى تم تهريبها من السجن.
وقد أملى أبو سرور مذكراته في السجن، "حكاية جدار: تأملات في معنى الأمل والحرية"، في معظمها خلال محادثات هاتفية مع أحد أقاربه على مدى أكثر من عامين. وقد تُرجم الكتاب من العربية ليُنشر بسبع لغات، وهو مرشح نهائي لجائزة الأدب العربي التي يمنحها معهد العالم العربي في باريس سنويا.
وأشار التقرير إلى أن مناشدات إطلاق سراحه ظلت دون جدوى على مدى عقود، لذلك عندما جاء المسؤولون إلى السجن بعد وقف إطلاق النار في 10 تشرين الأول/ أكتوبر حاملين قائمة بأسماء السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم، حاول أبو سرور تجاهلهم.
قال أبو سرور: "كانوا ينادون أرقام الزنازين، وكنت جالسا على سريري في الغرفة رقم 6 أشعر أنني لست جزءا من الأمر. لقد كان هناك العديد من المرات التي كان ينبغي أن أكون فيها جزءا من ذلك طوال تلك السنوات. لكن الأمر برمته ضخم ومؤلم للغاية، ولم أكن أرغب في التفاعل. كانت آلية دفاعية. كنت أقول إن الأمر لا علاقة له بي.".
وأضاف: "لكنهم بعد ذلك جاءوا إلى زنزانتي وقالوا: 'ناصر، استعد'. لقد وصلتني رحمة الله أخيرا. كان أصدقائي يعانقونني ويقبلونني، وكنت في حالة من عدم التصديق".
وأخبر أبو سرور الصحيفة أنه بعد اندلاع حرب غزة، التي أشعلها هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تدهورت معاملة السجناء الفلسطينيين القدامى في السجون الإسرائيلية بشكل كبير.
وأضاف: "أي مكان لا توجد فيه كاميرات كان مكانا للوحشية. كانوا يربطون أيدينا خلف رؤوسنا ويرموننا على الأرض، ثم يبدأون بالدوس علينا بأقدامهم".
وأكدت الصحيفة أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، تفاخر بأن السجون الإسرائيلية لم تعد "معسكرات استجمام" تحت إدارته. وقال أبو سرور إنه تم سحب جميع مواد القراءة والكتابة في ظل هذا النظام.
كما أخبر أبو سرور الصحيفة بأن "جميع مظاهر الحياة الثقافية في السجن توقفت خلال العامين الماضيين، لذلك لم يبقَ سوى الحياة البيولوجية. حاول الجميع النجاة بطريقتهم الخاصة. وكنا دائما جائعين". فقد تم الحفاظ على الحصص الغذائية اليومية عند مستوى الكفاف، وقال إنه فقد 12 كيلوغراما من وزنه.
ولم يُسمح للسجناء إلا بمجموعة واحدة من الملابس الخفيفة، لذلك كانوا يشعرون بالبرد دائما في ليالي الشتاء. قال: "كانت أجسادنا ضعيفة. لم نكن نستطيع تحمل حتى درجة حرارة معتدلة. كلما كان أحدهم يغادر السجن، كان الجميع يحاولون مصادقته ليحصلوا على قميصه أو ملابسه الداخلية، أو أي شيء آخر".
وقال أبو سرور إنه في الساعات الأربع والعشرين التي سبقت إعلان أسماء السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم بموجب وقف إطلاق النار وصعودهم إلى الحافلات للمغادرة، تعرضوا لجولة أخيرة مكثفة بشكل خاص من الضرب المبرح.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الرحلة التي استغرقت 48 ساعة، لم يُسمح لهم بفتح ستائر الحافلات التي عبرت "إسرائيل" ثم سارت على طول الحافة الجنوبية لقطاع غزة وصولا إلى معبر رفح مع مصر. لم يرَ السماء إلا بعد دخوله مصر لأول مرة خارج أسوار السجن.
أنزلت الحافلات الأسرى الـ 154 المفرج عنهم في فندق فاخر في القاهرة، الأمر الذي صدمهم أيضا. قال أبو سرور: "لم أذهب إلى فندق من قبل. فعلت كل شيء لأول مرة كطفل، من الدخول والخروج من المصعد، والتعرف على خدمة الغرف، وكيفية استخدام الدش".
كان جزء من الصدمة هو لقاء أربع من شقيقاته وشقيقه لأول مرة منذ عقود. قال: "كان هذا سببا آخر للتوتر بالنسبة لي.. لقد افترقنا لمدة 33 عاما تقريبا. شعرتُ بالأمر قاسيا لأنه حُرمتُ من اللقاء لفترة طويلة". يتذكر أنه كان يفكر: "هل من المقبول أن أعانقهم؟".
وكان مسؤولو الأمن المصريون يراقبون الأسرى المحررين وهم يختلطون بالسياح، ويستلهمون منهم كيفية التصرف.
قال أبو سرور: "في الصباح رأينا بوفيه الطعام ورأينا كل ذلك الطعام. فوضع الجميع كيلوغرامين من الطعام في أطباقهم. كان مشهدا سرياليا. شعرنا بالحرج. لم نكن نعرف ماذا نفعل بالسكين والشوكة". وأضاف: "كانت مشاعري مختلطة ومتوترة. شعرت بالحرج. أعجز عن التعبير، ولا أستطيع وصف الأشياء من حولي".
والسبت، بعد أن نشرت صحيفة ديلي ميل خبرا كشفت فيه عن وجود أسرى فلسطينيين محررين بين السياح الغربيين فيما أسمته "فندق حماس"، مُنحت المجموعة ساعتين لحزم أمتعتهم قبل نقلهم بالحافلات إلى فندق آخر في الصحراء، على بُعد ساعة بالسيارة من العاصمة.
وقالت الصحيفة إن تلك الخطوة المفاجئة، المتمثلة في إجبارهم على ركوب الحافلات لنقلهم إلى مكان مجهول اختاره آخرون، كانت تذكيرا لأبو سرور بأنهم لم ينالوا حريتهم الكاملة بعد.
عُرضت عليه عدة خيارات لدول ثالثة مستعدة لاستقباله على المدى الطويل، وهو يحاول تحديد وجهته بناء على سهولة وصول عائلته إليه، وما إذا كان سيتمكن من مواصلة الكتابة، وقال: "لا أريد دولة مريحة. لا أريد دولة بلا أسئلة أو دولة بلا قضية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية التعذيب الاحتلال الأسرى الأسرى سجون الاحتلال الاحتلال التعذيب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السجون الإسرائیلیة تشرین الأول إلى أن
إقرأ أيضاً:
استشهاد أسير من جنين في سجون الاحتلال
رام الله - صفا
أبلغت الهيئة العامة للشؤون المدنية، مساء اليوم الأحد، نادي الأسير الفلسطيني، باستشهاد الأسير محمد حسين محمد غوادرة (63 عاماً) من جنين.
وأكد نادي الأسير، أن استشهاد الأسير محمد غوادرة يأتي في ظل استمرار التحريض الممنهج الذي تقوده سلطات الاحتلال، ممثلةً بالوزير الفاشي "إيتمار بن غفير"، الذي يسعى لإقرار قانون لإعدام الأسرى، ويتباهى بجرائمه ضدهم، في الوقت الذي يتعرض فيه الأسرى الفلسطينيون لأحد أشد أوجه حرب الإبادة الشاملة والمستمرة داخل السجون الإسرائيلية.
وشدد النادي على أن جريمة قتل الشهيد غوادرة تُضاف إلى سلسلة الجرائم المركّبة التي تنفذها منظومة الاحتلال بحق الأسرى، بهدف قتلهم ببطء وتدميرهم نفسيًا وجسديًا.
وكان الاحتلال اعتقل الشهيد في تاريخ 6/8/2024، وظلّ موقوفًا منذ ذلك الحين في سجن "جانوت" (نفحة وريمون سابقًا).
ويُذكر أن الشهيد محمد غوادرة هو والد المعتقل الإداري سامي غوادرة، ووالد الأسير المُحرر المُبعد إلى مصر شادي غوادرة الذي تحرر ضمن صفقة التبادل التي تمت مطلع العام الجاري.
وأشار النادي إلى أنه وبعد اتفاق وقف إطلاق النار، صعّدت إدارة سجون الاحتلال من جرائمها وانتهاكاتها، حيث شكّلت شهادات وإفادات الأسرى المحررين أدلة دامغة على جرائم التعذيب المركّبة وعمليات الإعدام الميداني داخل السجون، وهو ما انعكس جليًا في جثامين الشهداء الذين تم تسليمهم في إطار الاتفاق.
ومع استشهاد المعتقل محمد غوادرة، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بدء حرب الإبادة إلى (81) شهيدًا ممن تم التعرف على هوياتهم، في ظل استمرار جريمة الإخفاء القسري التي تطال عشرات المعتقلين.
وتشهد هذه المرحلة من تاريخ الحركة الأسيرة المرحلة الأكثر دموية منذ عام 1967، إذ بلغ عدد الشهداء الذين عُرفت هوياتهم منذ عام 1967 حتى اليوم (318) شهيدًا، وفقًا للبيانات الموثقة لدى مؤسسات الأسرى. كما ارتفع عدد الأسرى الذين يحتجز الاحتلال جثامينهم قبل الحرب وبعدها إلى (89) جثمانًا، منهم (78) بعد الحرب.
وشدّد نادي الأسير، على أن تسارع وتيرة استشهاد الأسرى والمعتقلين بهذه الصورة غير المسبوقة يؤكد أن منظومة السجون الإسرائيلية ماضية في تنفيذ سياسة القتل البطيء، إذ لا يكاد يمرّ شهر دون ارتقاء شهيد جديد من صفوف الأسرى.
ومع استمرار الجرائم اليومية داخل السجون، فإن أعداد الشهداء مرشحة للارتفاع، في ظل احتجاز آلاف الأسرى في ظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، وتعرّضهم لانتهاكات ممنهجة تشمل: التعذيب، التجويع، الاعتداءات الجسدية والجنسية، الجرائم الطبية، ونشر الأمراض المعدية وعلى رأسها مرض الجرب (السكابيوس) الذي عاد ليتفشى بين صفوفهم، فضلًا عن سياسات الحرمان والسلب غير المسبوقة في شدتها ومستواها.
وأضاف نادي الأسير أن الإعدامات الميدانية التي طالت العشرات من المعتقلين، تؤكد الطابع الإجرامي لمنظومة الاحتلال، إذ شكّلت صور جثامين الأسرى الذين سُلّمت جثامينهم بعد وقف إطلاق النار دليلًا قاطعًا على حجم الجرائم التي ارتكبت بحقهم ميدانيًا.
وحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد المعتقل محمد غوادرة، وجدّدتا دعوتهما إلى المنظومة الحقوقية الدولية لاتخاذ إجراءات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب المرتكبة بحق الأسرى والشعب الفلسطيني.
كما طالب بفرض عقوبات دولية واضحة تعزل الاحتلال، وتعيد للمنظومة الحقوقية الدولية دورها الأساسي الذي أنشئت من أجله، وتُنهي حالة العجز المروّعة التي أصابتها خلال حرب الإبادة، فضلًا عن إنهاء حالة الحصانة التي ما زالت تتمتع بها "إسرائيل" بفعل دعم قوى دولية تتعامل معها ككيان فوق القانون والمساءلة.