تزخرُ منطقة جازان بتراثٍ عميقٍ يجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الساحرة والإنسان المبدع، لتظلّ شاهدةً على روح الجبال وهوية جازان الأصيلة، المتوارثة جيلًا بعد جيل، وعلامةً بارزةً من علامات المنطقة الثقافية.
ومن بين ملامح هذا الإرث، تبرز الأواني الحجرية تحفًا صخريةً حيّة للذاكرة المحلية، وواحدةٍ من العادات المتجذرة على موائد الزمن والمطابخ الشعبية، إذ ما زالت تحتفظ بمكانتها في تقديم أشهى المأكولات التي تعبق برائحة الأجداد ونكهة الجبال.


وتُصنع هذه الأواني من الحجر الصابوني بعنايةٍ فائقة، وبمقاساتٍ مختلفةٍ تناسب الاستخدامات المتنوعة، مع زخارف دقيقة تعكس مهارة الصانع وذائقته الفنية, وتُعدّ من المهن الصعبة التي تتطلّب صبرًا وقوةً وإبداعًا إذ يجمع الحرفي بين الدقة والخبرة ليحوّل الحجر إلى قطعةٍ فنيةٍ هندسيةٍ تنبض بالجمال.


ويُستخرج الحجر الصخري باستخدام أدواتٍ تقليدية مثل الأزميل والقدّوم والفرس والمرزبة والسكاكين، لا سيّما من جبال قيس بمحافظة العارضة، المشهورة بأحجارها الصابونية، إذ يُنحت الحجر بدقةٍ ليخرج على شكل أوانٍ دائرية وبيضاوية تُعرف محليًا باسم “المغشّات”، وتُستخدم لطهي الوجبات الشعبية التي تشتهر بها منطقة جازان، محافظةً على حرارة الطعام لساعاتٍ طويلة.

اقرأ أيضاًUncategorizedنائب أمير حائل يدشّن منصة رقمية تتضمن عددًا من البرامج الإعلامية المتخصصة


والتقت وكالة الأنباء السعودية خلال جولتها بسوق الثلاثاء الأسبوعي بمحافظة صبيا بأحد بائعي الأواني الحجرية عبده مكي الذي أشار إلى أن هذه الصخور الحجرية تُصنع منها العديد من الأواني التي تتنوع بين “المغشّ” و”الحِسّية” و”القدور” و”الفناجيل”، ويكون للطعام نكهته الخاصة التي يفضلها الأهالي، وتجيد استخدامها الأمهات اللواتي أصبحن على معرفة وخبرة كافية بأنواعها المختلفة من خلال طهي وتقديم الطعام، لأنها تضيف نكهةً خاصةً على الأطعمة ومظهرًا جماليًا مناسبًا للسفرة الجيزانية.


وبيّن أن هذه الأواني تحظى برواج واسع من قبل أهالي وزوار المنطقة، وتتفاوت أسعارها بحسب حجمها وما تتميز به من جودةٍ عالية وجمالٍ فريد وقيمةٍ تراثية تحفظ نفحات الزمن وتخلّد حكاية الأجداد، وتظلّ الأواني الحجرية في جازان شاهدًا حيًا على انسجام الإنسان مع الطبيعة وبراعة الحرفيين، الذين حوّلوا الصخر إلى تحفةٍ تنبض بالأصالة، لتروي للأجيال قصة هويةٍ لا تذوب مع الزمن.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

"سوق حِرفة" في جازان.. وجهة العائلات والأطفال في عطلة نهاية الأسبوع

تحوّل "سوق حِرفة" بمدينة جيزان إلى وجهةٍ رئيسةٍ للعائلات والأطفال خلال عطلة نهاية الأسبوع، وشهد إقبالًا لافتًا من الزوّار الذين توافدوا للاستمتاع بالأجواء التراثية والأنشطة الترفيهية التي يحتضنها بيت الثقافة، ضمن فعاليات عام الحرف اليدوية 2025.

وامتلأت أركان السوق بالحركة والتفاعل، وجذبت ورش الحناء والرسم وصناعة الفخار والتصميم الحرفي الفتيات والنساء، فيما شكّلت الألعاب الشعبية القديمة مساحةً للفرح جمعت الأطفال في حلقاتٍ غنائيةٍ ولعبٍ جماعيٍّ، أعادت مشهد الماضي إلى الحاضر بروحٍ معاصرة.

وأوضح عددٌ من الزوّار أن السوق أصبح محطةً ترفيهيةً وثقافيةً للعائلات في عطلة نهاية الأسبوع، يجمع التسوق والتجربة، ويقدّم نموذجًا حديثًا لإحياء الموروث في بيئةٍ تفاعليةٍ تجمع الفن والترفيه والتعليم.

ويواصل السوق الذي تنظمه جمعية الرواد الشبابية بالشراكة مع بيت الثقافة بجازان وبدعمٍ من هيئة التراث، استقبالَ زوّاره يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ضمن مبادرةٍ تهدف إلى دعم الحرفيين المحليين وتوفير وجهةٍ سياحيةٍ تعزّز جودة الحياة، وتثري المشهد الثقافي والترفيهي في المنطقة.

جازانسوق حرفةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الكنز الخفي والثروة الأغلى التي لا تعوَّض
  • العين فلقت الحجر.. رحلة إسماعيل الليثي من العودة لزوجته للوفاة | صور
  • «هيئة التراث» تطلق المرحلة الأولى من مشروع مسح وتوثيق المنشآت الحجرية في حائل
  • أنغام الزمن الجميل تعود في حفل فرقة عبدالحليم نويرة بالأوبرا 27 نوفمبر
  • "سوق حِرفة" في جازان.. وجهة العائلات والأطفال في عطلة نهاية الأسبوع
  • ملتقى "الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية" يفتح أبوابه للشباب والفنانون.. ومشروع الوعي الأثري (قريبا)
  • رئيس المجلس العالمي للسفر : مصر تحقق طفرة وتوازن بين التطور والهوية
  • "فروسية الأحساء" تقيم حفل سباقها الثاني بـ7 أشواط مميزة
  • تقارير أمريكية: حزب الله يسابق الزمن لترميم قوته وشبكته المالية