لجريدة عمان:
2025-11-11@19:56:07 GMT

دفاعا عن التاريخ والمستقبل

تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT

دفاعا عن التاريخ والمستقبل

من الخطأ الكبير التعامل مع التاريخ بوصفه أرشيفا مغلقا نحاول استدعاءه في اللحظة التي نعتقد أنه يستطيع انتشالنا فيها من أزماتنا الآنية. التاريخ كائن مليء بالحياة والحيوية ويمتلك قدرة عجيبة على المواجهة، المواجهة مع الذات ومع الآخر؛ بما يملكه من معطيات أخلاقية ومعرفية تشكل هوية الإنسان وتمنحه حق الفهم والمعرفة.

وأي محاولة لتزوير التاريخ أو تضليل الناس بحقائقه لا يمكن أن تقرأ في سياق تصحيح السرد إنما في سياق كشف الضعف وانكشاف العقد الدفينة التي نحاول الهرب منها في اتجاهات لا تقودنا إلى الحل.

هذا لا يعني أن التاريخ غير قابل للمراجعة، بل العكس تماما.. أكثر ما يحتاج للمراجعة هو التاريخ، ولكن بأدوات المراجعة العلمية التي يعرفها أهل التاريخ والمشتغلون به، وليس بالادعاء دون دليل أو التزوير بقصد التجميل، فلا يمكن أن نصل إلى نتيجة نبيلة بمقدمات تفتقد إلى النبل نفسه، وتحترف قلب الحقائق ومحاولة إلباسها لبوسا يتناسب مع اللحظة أو مع الفكرة التي نريد بناءها.. فهيبة التاريخ لا تجعله لباسا بمقاس واحد يصلح أن يرتديه الجميع في اللحظة التي يقررونها.

والتعاطي مع التاريخ يحتاج إلى دقة وأدوات ومنطق؛ لأنه كائن شديد الحساسية رغم صلابته وقوته على الثبات، وهو كائن معقد؛ لأنه يتعامل مع الذين مضوا والذين يعيشون الآن والذين سيأتون لاحقا.. وأي كسر للعقد الرابط بين هذه المراحل الثلاث من شأنه أن يأخذ المتحدث إلى مسارات غير آمنة أبدا.

وأكبر الأزمات التي يعيشها العالم اليوم متعلقة بالتاريخ بطريقة أو بأخرى، فأكثر الحروب هي نتاج فهم خاطئ للتاريخ، أو محاولة لبناء سردية جديدة له، وأزمات الهُوية المنتشرة في العالم هي نتيجة مباشرة لجانب من جوانبه أو عقدة من عقده. يحدث كل هذا في ظل رغبة البعض في توظيف التاريخ بشكل انتقائي حتى لو لم تكن الحاجة ملحة لذلك، ومحاولة تحجيم الآخر حتى لو كان ممتلئا تاريخا وحاضرا. وبدل أن يكون الوعي التاريخي هنا أفقا لفهم الذات والآخر، يتحول إلى سلاح رمزي يُسحب عند الحاجة لتبرير اللحظة الحاضرة.

يحدث تزوير التاريخ، أحيانا، نتيجة خطأ في القراءة وهذا مفهوم جدا ووارد، ولكنه يحدث في الغالب الأعم نتيجة محاولة ممارسة سلطة أو وهم من أوهامها على الأقل. وعلينا أن نتعامل مع تلك المحاولة باعتبارها خطابا ليس بريئا وإنما محاولة جادة لممارسة سلطة على الماضي حينما تفشل سلطة الحاضر.. ومن يحاول إعادة بناء سردية الماضي فإنه يحاول، بطريقة أو بأخرى، إعادة هندسة الواقع. ومن يقبل سردية مزيفة عن الماضي فإن عليه أن يكون مستعدا لتبعات تلك السردية في الحاضر والمستقبل.

بهذا المعنى فإن الدفاع عن التاريخ لا يهدف إلى تثبيت رواية مغلقة، بل إلى حماية شروط النقاش الصادق حوله، والعبث بالتاريخ هو كشف مبكر عن الاستعداد للعبث بالمصير. ومن لا يدافع عن ذاكرته على نحو صارم ومسؤول، سيجد نفسه بعد حين يدافع عن حقه في الوجود نفسه.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

من حوش المدرسة إلى بوابة النادي.. تسلسل أحداث واقعة دهس الشيخ زايد

كشفت التحقيقات مع محمد، نجل المتهم الرئيسي في واقعة دهس أب وابنه وابن شقيقته داخل كمبوند شهير بمدينة الشيخ زايد، أن الواقعة تعود إلى مشاجرة طلابية بسيطة داخل مدرسة نيو فيجن بين شقيقيه الصغيرين وزميلهما حازم، أحد المجني عليهم.


وأوضح في أقواله أن الخلاف لم يتجاوز مشادة بين طلاب في المرحلة الإعدادية، إلا أن قريب المجني عليه تدخل ووجّه تهديدات لفظية لشقيقيه، ما أشعل التوتر بين الأسرتين.

من المدرسة إلى بوابة النادي

وأضاف المتهم في اعترافاته أنه تلقى اتصالًا من شقيقيه لإبلاغه بما حدث، فتوجّه إلى نادي بيفرلي هيلز مساء يوم الواقعة في محاولة لتهدئة الموقف، واجتمع بالمجني عليهما حازم وسعيد أمام بوابة النادي، محاولًا إنهاء الخلاف وتهدئة الأجواء.

وأشار إلى أن الحديث تطوّر سريعًا إلى مشادة كلامية بينه وبين سعيد، قبل أن تتحول إلى احتكاك جسدي بسيط انتهى بتدخّل والد حازم، ليفر هو من المكان دون أن يعلم بما جرى بعد مغادرته.

المتهم سلم نفسه بعد صدور أمر الضبط

وأكد نجل المتهم أنه علم لاحقًا بتورط والده في حادث الدهس، وأنه فور صدور قرار الضبط والإحضار بحقه، سلّم نفسه إلى قسم شرطة الشيخ زايد، موضحًا أنه لم يشارك في أي اعتداء، واقتصر دوره على محاولة احتواء الموقف قبل أن يتحوّل إلى مأساة.



مقالات مشابهة

  • نتيجة أولية.. الديمقراطي الكوردستاني يتخطى حاجز المليون صوت في الإقليم
  • قصة حُلم تركيا 2
  • واشنطن بوست: من سيخلف ترامب من الحزب الجمهوري؟
  • التاريخ يعيد نفسه| أزمة المنصة الشهيرة بين مرتضي منصور ونجم الأهلي
  • منتسبو قطاع السياحة وفرع هيئة المواصفات في إب يزورون روضة ومعرض صور الشهداء في الظهار
  • فعالية وافتتاح معرض صور الشهداء في الدريهمي
  • من حوش المدرسة إلى بوابة النادي.. تسلسل أحداث واقعة دهس الشيخ زايد
  • محافظ ريمة يزور معرض وروضة الشهداء في الجبين
  • “لم أتوقع هذه اللحظة أبدا!”.. رونالدو يعثر على “المرأة المجهولة” ويعد بفعل شيء خاص لها