الجيش السوداني يرفض الهدنة ويتمسك بخيار الحرب
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
يواصل الجيش السوداني رفضه للمبادرات الدولية الهادفة إلى وقف الحرب، متمسكًا بما وصفه بـ"الخيار العسكري" كسبيل وحيد لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عام ونصف بينه وبين قوات الدعم السريع، في موقف يعكس انقسامًا داخليًا حادًا داخل المؤسسة العسكرية ورفضًا متزايدًا للضغوط الإقليمية والدولية.
وأكد مساعد قائد الجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، في تسجيل مصور بثّ مساء الجمعة، أن الجيش لن يقبل بأي تسوية سياسية قبل "هزيمة المتمردين"، على حد وصفه، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة "تتخذ قراراتها السيادية بنفسها" دون تدخل من أطراف خارجية.
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والمدنية السودانية، التي رأت فيها مؤشراً على "تصاعد الصراع داخل قيادة الجيش" بين جناحين: أحدهما يميل للحل العسكري، وآخر يدعم الانخراط في تسوية سياسية لوقف نزيف الدم وإنهاء الأزمة الإنسانية الخانقة.
في المقابل، كانت قوات الدعم السريع قد أعلنت، الأسبوع الماضي، موافقتها على مقترح الهدنة الإنسانية الذي طرحته دول الرباعية، مؤكدة في بيان رسمي أن قبولها يأتي "تلبية لتطلعات ومصالح الشعب السوداني"، ولضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لجميع المتضررين، وتعزيز حماية المدنيين في المناطق المنكوبة.
وقال البيان إن الهدنة المقترحة تهدف إلى معالجة الآثار الكارثية للحرب، وفتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والدواء للنازحين والمحتاجين، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع مستعدة للتعاون مع المنظمات الأممية والدولية لإنجاح الهدنة.
غير أن تمسك الجيش بالخيار العسكري، ورفضه لمقترحات الوساطة، يعقّد الجهود الدولية الرامية إلى إحياء مسار التفاوض بين الطرفين، خصوصاً بعد سقوط مدينة الفاشر – آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور – بيد قوات الدعم السريع، الأمر الذي غيّر موازين القوى على الأرض بشكل كبير.
وتزامن ذلك مع تصاعد حملات تعبئة واستنفار في مناطق سيطرة الجيش، قادتها شخصيات محسوبة على تيارات إسلامية وإخوانية ترفض فكرة الهدنة وتدعو إلى "مواصلة القتال حتى النصر"، في حين حذّر مراقبون من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب وتفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها ملايين السودانيين.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حرباً طاحنة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، أودت بحياة عشرات الآلاف وتسببت في نزوح أكثر من تسعة ملايين مدني داخل البلاد وخارجها، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وسط انهيار شبه تام للبنية التحتية والخدمات الأساسية في العديد من الولايات.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يتحرك عسكريًا لتغيير ميزان القوى في دارفور وكردفان
يحاول الجيش السوداني استعادة التوازن العسكري باقتناء أسلحة متطورة مع تراجع ميزان السيطرة الميدانية لصالح قوات الدعم السريع التي تواصل توسيع نطاق انتشارها في إقليم دارفور وصولًا إلى مناطق ذات أهمية استراتيجية في كردفان.
وأفاد موقع الدفاع العربي، أن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية تسعى إلى إعادة بناء القدرة الجوية بوصفها العامل الحاسم في أي محاولة لاستعادة المبادرة، الأمر الذي دفعها إلى التحرك نحو صفقات محتملة لاقتناء طائرات مقاتلة من طراز "سوخوي" من دول آسيا الوسطى، وتحديدًا كازاخستان وأوزبكستان.
وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استولت قوات الدعم السريع على الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع حاليا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، بينما يسيطر الجيش، على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.
وتبدو الخيارات الأكثر واقعية للسودان في المرحلة الحالية متركزة حول الحصول على مقاتلات جاهزة للاستخدام الفوري دون الحاجة لفترات تأهيل طويلة. وهذا يضع "سو-30 إس إم" الكازاخية في صدارة الأولويات، إلى جانب احتمال الاستفادة من هياكل "سو-27" أو "ميغ-29" التي يمكن إعادة تجهيزها بسرعة.
كما قد تشكل "سو-25" إضافة عملية في ميدان القتال الجاري، نظرًا لفعاليتها في دعم القوات البرية واستهداف تجمعات الخصم في عمق مناطق الانتشار.
وتدل هذه التحركات على أن القيادة السودانية باتت تدرك أن ميزان الصراع في المرحلة المقبلة سيحسمه التفوق الجوي لا التفوق العددي البري. فالسيطرة على السماء تعني القدرة على تعطيل مسارات قوات الدعم السريع، واستهداف خطوط الإمداد، وتقييد حركة القوة الهجومية التي تعتمد على الانتشار السريع والمناورة البرية.
وفي المقابل، فإن غياب عنصر القوة الجوية الفعالة يعني استمرار تقدم الخصم دون مقاومة مؤثرة.
وبهذه الخطوات، يسعى الجيش السوداني إلى إعادة تشكيل معادلة الصراع، على أمل أن تعيد المقاتلات الروسية المرتقبة شيئًا من التوازن الميداني، أو على الأقل تساعد في إبطاء الاندفاعة التي حققتها قوات الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة. لكن نجاح هذه الاستراتيجية سيظل مرتبطًا بمدى القدرة على التسليم السريع، وتأهيل الطيارين، وتأمين الصيانة والذخيرة والدعم الفني، وهي عناصر لا تقل أهمية عن الطائرات نفسها.