ارفع رأسك.. أنت عُماني؟!
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
الأيام الوطنية في حياة الشعوب تبعث برسائل صادقة ومُعبرة عن الإنجازات الخالدة التي تحققت على أرض سلطنتنا الغالية؛ حيث إنها من المحطات المُهمة والمفصلية؛ إذ تجعلنا نقف بثقة وشموخ لكي ننظر إلى حاضرنا بنجاحاته الفريدة والمستقبل بإشراقاته الواعدة التي تعني لنا وللأجيال الصاعدة الكثير من الطموحات التي خطط لها بحكمة ومنهجية دقيقة لتضيء لنا الدروب وتفتح لنا الآفاق نحو دولة عظيمة تأسست على قيم ومبادئ الرشد في الحكم وتقاد من لدن قيادة حكيمة بكل المقاييس.
هذه الأيام تحمل مفاتيح النجاح مستلهمة من الإرث العُماني العريق الذي أسسه سلاطين عُمان الميامين عبر مسيرة وطنية حافلة بالانتصارات والمواقف المشرفة في الداخل والخارج. فالهم الأول لجلالة السلطان هيثم بن طارق يحفظه الله بالدرجة الأولى هو إسعاد المواطن العُماني وتحقيق الحياة الكريمة له من خلال تنفيذ الخطط الاستراتيجية التي تلامس قلوب وعقول المجتمع وتحقق له الرفاهية، وذلك في إطار الجهود الجبارة التي تنفذها الحكومة الرشيدة في بلدنا العزيز.
نسجل اليوم الذكرى رقم 281 من حكم الدولة البوسعيدية العريقة التي نجحت بقيادة الإمام المؤسس أحمد بن سعيد في توحيد التراب الوطني تحت رأيته؛ وكان من أهم إنجازاته طرد الوجود الأجنبي الذي كان جاثماً على صدور العُمانيين ووطنهم المقدس؛ إذ تم انتخابه عام 1744 بالإجماع من أهل الحل والعقد في عُمان في ذلك الوقت كإمام لخدمة عُمان وشعبها، ومن المواقف التاريخية التي لا تنسى لهذا الزعيم الخالد الذي كتب صفحات مضيئة ومشرقة من تاريخ الأمن القومي العربي، إرسال أبنه هلال على رأس أسطول من السفن لنجدة الأشقاء في العراق وفك الحصار عن مدينة البصرة، من الفرس المعتدين في القرن الثامن عشر الميلادي.
في غمرة احتفالاتنا باليوم الوطني تشرفت بأن أكون ضيفًا في البرنامج الجماهيري الشهير "هنا مسقط" الذي يبث عبر موجات إذاعة "مسقط إف إم" للحديث عن مقالي المنشور يوم الأحد من هذا الأسبوع في صحيفة الرؤية العُمانية بعنوان: "من الإمام أحمد بن سعيد إلى هيثم المجد: تاريخ مشرق وإنجازات خالدة"؛ فقد طرح الإعلامي المخضرم الأستاذ خالد الزدجالي وزميلته الإعلامية الواعدة أبرار الخروصية؛ سؤالًا في منتهى الأهمية ونحن على أثير موجات الإذاعة؛ مفاده "ما الذي يميز قادة وسلاطين الدولة البوسعيدية عن غيرهم؟"، فكانت الإجابة على هذا السؤال المحوري والهام، تتلخص في عدة نقاط مختصرة. أولاها؛ حكمة سلاطين عُمان وحبهم لوطنهم وإخلاصهم للتراب الوطني الذي لا يقدر بثمن، والأهم من ذلك المحافظة على استقلالية القرار الوطني عبر المراحل المختلة لتلك المسيرة المباركة، فلم تخضع عُمان للانتداب الأجنبي مثل مشيخات الخليج التي استقلت عن الانتداب البريطاني في النصف الثاني من القرن العشرين؛ فكتب التاريخ تسجل لكوكبة من سلاطين عُمان التميز عن غيرهم من حكام المنطقة.
ولعل السلطان سعيد بن سلطان الذي أسس إمبراطورية تمتد من إقليم بلوشستان شرقًا إلى زنجبار في وسط القارة السمراء، من أبرز النماذج للقيادة والشجاعة والتفاني في خدمة الوطن ويعود ذلك إلي أصالة الأسرة البوسعيدية واعتزازها بامتدادها التاريخي العربي وانتمائها الجغرافي لبلد عريق اسمه "عُمان". وكذلك قربها من المجتمع العُماني والرغبة الأكيدة لخدمة كل فرد من أبناء الغبيراء بدون تمييز. كما إن النهضة العُمانية التي كتب صفحاتها المشرقة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مخلدة في ذاكرة كل عُماني إلى يوم الدين، بينما يستلم بعد ذلك راية الوطن القائد الهمام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي نجح في قيادة سفينة الوطن ووصولها إلى بر الأمان محققًا لعُمان الأمن والاستقرار والإنجازات العملاقة في إطار النهضة المتجددة التي ابهرت القاصي والداني؛ لكونه تميز بمد الجسور مع مختلف قادة وشعوب العالم من سنغافورة شرقًا مرورًا بدول الإقليم وصولًا إلى قلب القارة الأوروبية.
وحضور الملفات الوطنية في كل زيارات هيثم المجد كان فتحًا غير مسبوق لهذا الوطن، خاصة في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية؛ وذلك بهدف جعل عُمان تحتل الصدارة بين الدول المتقدمة؛ حيث تضاعفت الاستثمارات المتبادلة بين عُمان والدول الشقيقة والصديقة وكذلك التبادل التجاري، والأهم من ذلك كله تبادل الخبرات مع دول كبرى ذات ثقل اقتصادي مثل روسيا وسنغافورة واسبانيا ثم تعمينها في بلدنا العزيز. كما إن الشعب العُماني الوفي المخلص لوطنه يشكل أساس النجاح، فبدون هذا الشعب المحب لعُمان ولقياداته المتعاقبة، لا يمكن أن يتحقق ذلك المجد التليد؛ كما قيل سابقًا (اليد الواحدة لا تصفق)، بالتعاون بين الحاكم والمحكومين تتحقق الإنجازات التي ترفع من شأن الأوطان.
وفي الختام.. علينا كعُمانيين أن نرفع الرأس ونشعر بالفخر، أين مكنا في هذا العالم المترامي الأطراف؛ فلا توجد أجندة سرية في السياسة العُمانية الخارجية منها والداخلية؛ فهي عبارة عن كتاب مفتوح للجميع، العدو قبل الصديق، وهذا عكس ما هو قائم في دهاليز عالم سياسة والقوة الغاشمة والاستحواذ على مقدرات الآخرين وحقوقهم، فعُمان تنطلق من مبادئ وقيم التَّسامح والسلام وحسن الجوار وإطفاء الحرائق ونبذ الحروب العبثية بين الدول.. ومن هنا عندما يحل العُماني في بلد من البلدان الكل يقف لتحيته والتحاور معه، وكأنه أتى من عالم آخر.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
افتتاح متحف الأطفال المتنقل في مدرسة دير أبي سعيد
صراحة نيوز- افتتحت مديرية التربية والتعليم في لواء الكورة معرض متحف الأطفال المتنقل في مدرسة دير أبي سعيد الثانوية الشاملة للبنات.
ويُقدّم المتحف أنشطته مجاناً للعائلات وطلبة المدارس، حيث تم تجهيز مسرح المدرسة بمحطات تعليمية متنوعة تشمل: محطة الطاقة من حولنا، المحطة الفنية، محطة البنك، ساحة المدينة، محطة جسم الإنسان، القبة الفلكية، بالإضافة إلى محطات أخرى.
وتتيح هذه المحطات للأطفال فرصة الاكتشاف والتعلّم التفاعلي من خلال المعروضات والأنشطة والعروض العلمية التي يقدمها فريق المتحف.