لجريدة عمان:
2025-11-20@19:24:49 GMT

الوطن في عيون أبنائه

تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT

علاقة الإنسان بالوطن، علاقة حب متأصلة منذ لحظة الوعي بأن الحياة لا تزهو إلا بوجود وطن نعيش فيه ونتنفس من هواءه العليل، هذه العلاقة الأزلية تزهو ثمارها بمرور مراحل العمر «قربا وبعدا «عن هذا الرائع الذي لا ينفصل عن مجالات تفكيرنا بأهميته في حياتنا.

في الغربة يصبح الوطن أكثر حضورا من أي وقت مضى، فالإنسان وإن تباعدت خطواته عن أرض وطنه يظل متعلقا بحبال الحب التي لا تنقطع أبدا مهما اشتدت عقد الغربة، أو احلك الظلام في ليالي الوجد سواء كان في لأرض أوالأهل، فكلما اشتاق الإنسان إلى وطنه، كلما أفاض على حبه نكهة ملحمية جميلة، فكم من عاشق إلى وطنه تغنى بحبه طويلا، وشكا من لوعة الفراق، فكما قال حافظ إبراهيم «الوطن تميته الدموع.

. وتحييه الدماء» وهي رمزية على أن الأوطان تظل واقفة على قدميها طالما أن أبناءها مستعدين للذود عنها بدمائهم وليس بدموعهم.

إن الأدب العربي والغربي يجتمعان معا في قالب «الملاحم الشعرية والمؤلفات الأدبية والروايات الطويلة» التي تؤكد على أن حب الوطن شيءٌ لا يمكن أن يوضع في خانة معين أو زاوية بعيدة عن الإحساس، بل أفق الوطن يظل مجالًا مفتوحًا يستطيع الإنسان مهما كانت مكانته في المجتمع أن يبوح بكل ما يحمله في جسده من مشاعر جياشة تقربه إلى النافذة التي رأى العالم من خلالها، أما عقله فيظل مشغولا بالوطن وبهمومه وأوجاعه.

منذ أن كنا صغارا، كان الشعر رفيقا لنا في أول بدايات المدرسة، من كلمات الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي عرفنا أن الوطن ليس في الأرض فقط ولكن في السماء أيضا، فهو القائل في قصيدته: «وطن النجوم أنا هنا»، من بين ما قاله هذا الرائع:

أَنا ذَلِكَ الوَلَدُ الَّذي

دُنياهُ كانَت هَهُنا

أَنا مِن مِياهِكَ قَطرَةٌ

فاضَت جَدولَ مِن سَنا

أَنا مِن تُرابِكَ ذَرَّةٌ

ماجَت مَواكِبَ مِن مُنى

أَنا مِن طُيورِكَ بُلبُلٌ

غَنّى بِمَجدِكَ فَاغتَنى

حَمَلَ الطَلاقَةَ وَالبَشاشَةَ

مِن رُبوعِكَ لِلدُنى

كَم عانَقَت روحي رُباكَ

وَصَفَّقَت في المُنحَنى

لِلآرزِ يَهزَءُ بِالرِياحِ

وَبِالدُهورِ وَبِالفَنا

قصيدة طويلة، فيها من المحسنات اللفظية والتشبيهات الرمزية ما يجعلك تستلذ بقراءتها عشرات المرات وربما تحفظها عن ظهر قلب، صدق المشاعر هي من تقربنا من الآخرين وهي من تخبرنا بأنهم رائعون ليس في القول فقط وإنما في المعنى والجوهر.

وهناك شيء آخر، حديث الأديب والصحفي غسان كنفاني نتوقف في إحدى رسائله حيث يقول: «سأظل أناضل لاسترجاع الوطن لأنه حقي وماضيّ ومستقبلي الوحيد.. لأن لي فيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر الخصب وجذور تستعصي على القلع».

وعلى امتداد التاريخ، ظل الوطن حاضرا في وجدان البشر، وزاهيا في عيون أبنائه فهو الشيء الذي يتعلق بجوانب الدين فمن الناس من يرى بأن «حب الوطن هو من الإيمان»، ربما لأهميته في حياة الإنسان، فالإنسان ينتمي إلى وطنه وهذا يدفعه إلى الفداء والتضحية والإخلاص والتفاني في الذود عن حياضه تماما كما قرأت ما قاله إسماعيل أكبري «وطن لا تحميه لا تستحق العيش فيه».

في المرحلة الابتدائية، كانت معلمة اللغة العربية تطلب منا كتابة موضوع تعبير عن حب الوطن، كنا نستخدم مفردات وجمل بسيطة، لكن كل كلمة عبارة عن «بحر من المشاعر الصادقة»، فالوطن لم يكن مجرد بيت أو أسرة أو علم يرفرف في أيدينا أيام المناسبات، بل كان هو الحياة بكل ما فيها من أدوات وملامح لا تنفض عن أرواحنا المغرمة بحبه، كبرنا وكبر هذا الحب لعمان الوطن والحياة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عمان.. وطن السلام عبر الزمان

حور بنت حمد الشريقية

في كل صباح أخبر قلبك بأنك في قمة السعادة والاطمئنان، وفي كل فسحة وقت، توقف لبرهة من الوقت، انظر حولك، تمعن فيما تم إنجازه خلال «مسيرة ظافرة» من العطاء والبناء، حدق بناظريك نحو الأفق، حتما سترى أبناء الوطن يعملون بجد واجتهاد من أجل «مستقبل زاهر» يفتح آفاقه أمام عيون العالم.

لقد حبى الله بلادنا الغالية طبيعة ساحرة، فعمان في كل أماكن العيش فيها لها مذاق خاص، فالطبيعة العمانية زاخرة بالكثير من المفردات التي تقرب الناس إليها، ففي كل عام تجتذب سلطنة عمان الآلاف من الزوار القادمين إليها من مختلف أقطار العالم.

لم يكن هذا التهافت مجرد صدفة ساقها القدر، ولكن هو يقين تام بأنها تستحق الزيارة، فالعيش فيها يجعل الإنسان يشعر بالمحبة والاطمئنان، فعمان عبر الزمان «رمز للأمن والسلام والاطمئنان»، ومن المهم أن نعلم بأن هذا الشعور ليس حاضرا في قلب كل من ولد على أرضها «عمانيًا أو مقيمًا»، وإنما أيضا لكل من عاش في الماضي أو يعيش الآن على ارضها ويلتحف بسمائه الزرقاء، هذا الوطن يجمع ما بين الأحبة، فهو حديقة غناء، ونبت صالح زرع في أرض عمان منذ القدم، فطرح الحب عناقيد غناء، وأشجار الوطن أينعت ثمارا طيبة في قلب كل من يحب عمان.

ها هي بلادنا الغالية تحتفل هذه الأيام «بيومها الوطني» الذي تشرفت فيه الأسرة البوسعيدية بخدمة عمان المجد والعزة، وعلى امتداد الزمن تبوأت بلادنا خارجيا مكانة مرموقة بين الدول، وعلى صعيدها الداخلي، أنجزت الكثير من المشاريع الوطنية العملاقة، فمجد الوطن يبنى بسواعد أبنائه الأوفياء.

ومنذ آلاف السنين عرفت عمان بأنها «رمز خالد لمعنى السلام العالمي والأمان الذي تنشده الدول»، فعلى أرض الوطن نشأت أجيال وتعاقبت عليها أجيال أخرى، وعلى أرضنا الغالية عرف العالم معنى السلام، فالأرض العمانية السمحة في عطاءاتها وخيراتها تتجنب دائما الصراعات والمشاحنات والتفرقة، فكانت أرض السلام والأمان للعالم أجمع.

فرحة اليوم الوطني تجدها في كل مكان «تتوزع ما بين شوارعنا، وفيافينا، وسهولنا، وجبالنا» الممتدة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، وفي كل شبر من هذا الوطن ستجد بأن ثمة ألفة وملحمة إنسانية تبهرك بمعانيها، ومهما انتقلت من مكان إلى آخر، فإنك لن تشعر بأن ثمة وجود للغربة أو بعد عن الأهل والأصحاب، بل على العكس تماما ستحس بأن الجميع هم جزء من عائلتك، وهذا ما يحسه الزائر الذي يرتبط بالمكان والناس، لذا كانت وما زالت عمان قريبة من قلوب كل من يعيش على أرضها ويتنفس من هوائها، فهي عشق يتجدد مع الزمن ولا يموت في قلوب الزوار، لذا يعودون إلى عمان مرات ومرات.

يظل الوطن شيئا «مقدسا» وذو خصوصية منتقاة، مسكنه الدائم «القلب والوجدان»، أما أرواحنا فتظل معلقة بكل شبر من أرضه الطيبة الغناء الوارفة بالعطاء والخضرة، فمن أعالي جبال ظفار نستنشق عبير رائحة اللبان، ومن حقول الورد في الجبل الأخضر نتلذذ بطعم الماء المستخرج منه، بلادنا عمان هي في عيوننا دائما «دانة ثمينة تتوسد ضفاف الخليج العربي».

مقالات مشابهة

  • عمان.. وطن السلام عبر الزمان
  • نهيان بن مبارك: رفاه الإنسان وصحته الأساس المتين لقوة الوطن
  • عُمان في عيون المصريين.. بين الحاضر والماضي
  • حاملو راية الوطن
  • سر عيون الحرباء العجيبة.. أعصاب ملفوفة تمنحها رؤية شبه كاملة
  • في عيد الوطن
  • بعد ظهور أبنائه في البرنامج.. سيد عبدالحفيظ يتواصل مع ورثة محمد صبري
  • بحضور رئيس جمهورية باشكورتستان.. وزير الأوقاف يشارك في مؤتمر أمة واحدة.. مصير مشترك
  • أمير القصيم يزور محافظة عيون الجواء ويطّلع على المشاريع التنموية