جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-19@17:34:47 GMT

في عيد الوطن

تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT

في عيد الوطن

 

 

هند الحمدانية

في يوم الوطن.. لا نسأل الأرض عمَّا مضى، نسألها عمَّا تبقى من الحلم في عيون الأجيال، نُمسك بكفِّ التاريخ كما يُمسك الابن يد أبيه، نقول للعشرين من نوفمبر: ها نحن هنا... نُواصل بداية وُلدت مع الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، ولا تزال الجبال تناديها من مسندم حتى ظفار، وتبث البحار صداها من مصيرة إلى صحار، كأنَّ الوطن نشيد نردده دائمًا، ولا نصل إلى آخر بيت فيه.

تتفتح ذاكرة الشعوب في الأعياد الوطنية؛ فهي تحتفل لتؤكد أن حاضرها ابن ماضيها، وأنها رغم تغير الأزمنة، لا تزال تحمل جذورها فوق أكتافها كما يحمل الفلاح جدوله الأول إلى آخر أرض في الأفق، الأعياد الوطنية مرافئ للهوية، تستعيد فيها الأمم ثباتها، وتعيد ترتيب مشاعرها، وتصالح شعوبها مع إرادة أجدادها العظماء.

جاء العشرون من نوفمبر ليكون علامة مضيئة في تاريخ عُمان، فهو اليوم الذي بدأت فيه مرحلة جديدة من الحكم مع تأسيس الدولة البوسعيدية، يوم تحول فيه قدر البلاد إلى قدر العز والثبات، وتجلت الرسالة منذ اللحظة الأولى: أنَّ الوطن يستطيع أن يولد من جديد حين تمسك به يد قوية وعقل حكيم، وأن البناء لا يحتاج إلى وقت طويل بقدر ما يحتاج إلى رؤية بعيدة، ومنذ ذلك اليوم كان التاريخ يميل ناحية عُمان، كأنما وجد فيها ما يخلد به نفسه.

انتقلت عُمان إلى عهد جديد حين اختار السلطان قابوس -طيب الله ثراه- حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- ليحمل الأمانة ويُواصل المسير، لقد جاء العهد الجديد بنهضة متجددة أعادت صياغة طريقة التفكير ومنهج الإدارة وهندسة المستقبل.

انطلق مسار مختلف في إعادة تشكيل مؤسسات الدولة، وابتكرت أبواب واسعة نحو اللامركزية وتمكين المحافظات، لتنبض التنمية في كل زاوية من أرض الوطن، ولتتحول الإدارة من تسلسل تقليدي إلى منظومة ديناميكية، تنجز وتبتكر وتعيد تعريف كفاءة العمل العام، وتجلت الرؤية بوضوح: أن الدولة الحديثة لا تقاد بالنوايا الطيبة وحدها، وإنما بفكر مستنير يحول الطموح إلى نتائج يلمسها الناس في حياتهم اليومية.

اليوم.. تتقدم سلطنة عُمان بخطى ثابتة نحو الاقتصاد المتنوع، وتعيد توزيع ثرواتها الفكرية والطبيعية، وتمنح المساحة لكل قطاع كي ينمو ويتنفس ويسهم في صناعة المستقبل، فالسياحة تحولت إلى دعامة اقتصادية، والاستثمار اتخذ طريقاً أكثر انفتاحًا مدعومًا بتشريعات حديثة وأنظمة رقمية وتسهيلات تُعيد الثقة إلى رأس المال، وتضع السلطنة في مسار جديد من المنافسة الذكية والأفق الاقتصادي المستند إلى رؤية "عُمان 2040"، رؤية تجعل من التعليم والتنمية البشرية والاقتصاد والتكنولوجيا ركائز أساسية لبناء الدولة العصرية.

وضعت عُمان الإنسان في قلب فلسفة التنمية، فلَمْ تُعامل الحكومة المواطن على أنه مُتلقٍ للخدمات؛ بل شريك في البناء وركن أصيل في صناعة التحول، وبذلك نشأت علاقة ناضجة بين الدولة والمجتمع، قائمة على المسؤولية المشتركة والوعي، والولاء الذي يتحول إلى عطاء وتعاون وروح وطنية تمد جسور الأمل بين الأجيال.

أما سياسيًا.. فقد حافظت سلطنة عُمان على توازن عجيب بين العطاء الداخلي والتقدم الخارجي؛ فلم تسمح للرياح أن تغير بوصلتها، ولم تنس يومًا أنَّ القوة الحقيقية تكمن في الثبات، ولهذا عرفت عُمان بأنَّها الدولة التي إن حضرت نشرت السلام، وإن غابت تركت خلفها أثرا طيبًا في القلوب.

صاغت عُمان علاقاتها الخارجية بوعي عميق، فلم ترفع صوتها كثيرًا، لكن العالم تعلم أن يصغي إلى حضورها الهادئ، لأنها تتقن لغة السلام، وتفهم تعقيدات المنطقة والعالم بحكمة نادرة، حيث استطاعت أن تجعل اسمها مرادفا للسياسة المتزنة، فكان موقفها تجاه القضية الفلسطينية ثابتا وواضحا، قائماً على التزام إنساني عميق لا يتلون بتغير الظروف ولا ينحني أمام ضغط أو مساومة.

ويبقى الشعب جوهر الحكاية وسر النهضة، فالأوطان تنهض بإيمان الناس بها، وإحساسهم أنهم ينتمون إليها كما ينتمي الجذر إلى التربة، فالمواطن العُماني يرى الوطن قدرًا وامتدادًا لعائلته وأجداده، ومشروعًا ينتظره أبناؤه في المستقبل، وحين يحب المرء وطنه يرفع الراية، ويرفع مستوى العمل والمسؤولية والتعليم والإنتاج.

في هذا العيد، تسترجع عُمان تاريخها التليد، وتدعو أبناءها إلى استكمال المسير واستئناف البناء، وتعزيز الوحدة التي جعلت من هذا الوطن قلبًا واحدًا لا يتشظّى، ومن عهد إلى عهد تتشكل عُمان بروحها الأصيلة: حكمة واستقرار وثقة بأن المستقبل يصنع بإرادة الشعوب ويبنى بالصبر ويحمى بعقولٍ تعرف أن الثبات على المبادئ أعظم قوة في زمنٍ تزدحم فيه المتغيرات.

ويبقى القول.. إنَّنا تحت القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان المُفدّى- حفظه الله ورعاه- نمُد يدنا إلى المستقبل بثقة، وُنحافظ على أركان الدولة الحديثة الراسخة، ويظل الوطن هو الفكرة التي نتنفسها، والنبض الذي يحمل أسماءنا نحو الغد، وإنْ كان لكل شعب عيد، فإنَّ لعُمان عيدًا يعُم القلب كله، ويعلن أن الهوية مسؤولية تُحمَل، وأمانة تَنتظر من يحافظ عليها جيلًا بعد جيل.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أُقيمت له مراسم استقبال رسمية.. رئيس الدولة يستقبل الرئيس الكوري في قصر الوطن

استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اليوم، فخامة لي جيه ميونغ، رئيس جمهورية كوريا، الذي يقوم «بزيارة دولة» إلى دولة الإمارات.

وجرت لفخامة الرئيس لي جيه ميونغ، مراسم استقبال رسميّة لدى وصول موكبه قصر الوطن في العاصمة أبوظبي.

واصطحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الضيف، إلى منصَّة الشرف، حيث عُزِف السلام الوطني لكل من دولة الإمارات وجمهورية كوريا، فيما أطلقت المدفعيّة 21 طلقة واصطفت ثُلَّة من حرس الشرف تحيّةً لفخامته.

أخبار ذات صلة فريق الإغاثة الإماراتي يختتم مهامه الإنسانية في أفغانستان "كالدس" تدشن طائرة "بدر-250" الهجومية الخفيفة المُصنعة بالكامل في الإمارات

ولدى وصول موكب الرئيس الكوري إلى ساحة قصر الوطن، حلَّق فريق «فرسان الإمارات» الوطني للاستعراضات الجوية في سماء القصر، مُشكِّلاً لوحة بعلم كوريا.

كما قدّمت فرق الفنون الشعبية الإماراتية أهازيجها وعروضها التراثية المتنوعة، بجانب عروض الخيول والهجن، ترحيباً بالرئيس الكوري، واصطفت مجموعات من الأطفال يحملون أعلام البلدين ويردّدون عبارات الترحيب بالضيف.

وكان في استقبال فخامته سمو الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين الذين رحّبوا بزيارته إلى الدولة، وقد كان في الاستقبال سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، وسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان.. احتفال الدولة والإنسان
  • حزب المصريين: رسائل الرئيس لطلاب أكاديمية الشرطة خارطة طريق لهم لرسم المستقبل
  • اليوم الوطني .. التحول التاريخي للدولة البوسعيدية
  • اليوم الوطني.. فرحة تشحذ الهمم
  • أُقيمت له مراسم استقبال رسمية.. رئيس الدولة يستقبل الرئيس الكوري في قصر الوطن
  • «منتدى دبي للمستقبل 2025» ينطلق اليوم
  • اليوم الوطني.. نموذج لتجديد العهد مع المستقبل
  • حماة الوطن: الدولة ترسخ النزاهة وتحمي إرادة المصريين
  • عُمان.. إرث خالد ورؤية متجددة