عربي21:
2025-11-20@23:15:27 GMT

عربي21 تكشف الوجه الخفي للمستشفيات الخاصة في المغرب

تاريخ النشر: 21st, November 2025 GMT

عربي21 تكشف الوجه الخفي للمستشفيات الخاصة في المغرب

للوهلة الأولى، يبدو المشهد مميّزا: بوابة زجاجية واسعة، استقبال أنيق، طاقم بلباس أبيض نظيف، وروائح معقّمة توحي بأن كل شيء يتمّ وفقا لأعلى معايير الطب الحديث. لكن، ما إن يدخل المريض للمصحة وهو يعتقد أنه اختار الأفضل، أو الأقل سوءا، في ظل وضع المستشفيات العمومية التي تعاني من اكتظاظ ونقص في التجهيزات. يجد نفسه داخل منظومة تتحكّم في أدق تفاصيل علاجه، من ثمن الضمّادة إلى الدواء.



في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المغربية إلى تعميم التأمين الإجباري وتحسين الولوج إلى العلاج، لا يزال الباب مُواربا لعلاقة بعض المصحّات الخاصة بالمرضى، بشكل يثير جدلا لا ينتهي. ومع كل تصريح رسمي يؤكد أنّ "شيك الضمان غير قانوني"، ومع كل إعلان عن تشديد الرقابة أو إطلاق إصلاح جديد، يتّضح أن واقع الممارسة شيء آخر تماما. 

يمكن تسمية الأمر بـ"اقتصاد ظل مواز" أو "اقتصاد النّوار" كما يصطلح عليه المغاربة؛ فيما يتغدّى هذا الفعل "غير قانوني" على الثّغرات القانونية، وارتفاع الطلب، ناهيك عن ضعف المراقبة، وتداخل المصالح. والأخطر، أنّ هذا الاقتصاد غير المعلن يهدّد بشكل مباشر وغير مباشر ورش الحماية الاجتماعية بأكمله، ويحوّل التغطية الصحية من منظومة إنصاف إلى "صندوق تمويل" تتغذى منه بعض المصحات.

في هذا التحقيق الاستقصائي تغوص "عربي21" في قلب مناطق محرّمة قلّما جرى كشفها: صرف الأدوية داخل بعض المصحات خلافا للقانون، فوترة مشبوهة، وسطاء لجلب المرضى، شيكات غير قانونية، خدمات تُقدَّم خارج الفواتير، وأرباح خيالية توازي قطاعات البنوك والسيارات.



هنا تبدأ قصة الابتزاز الهادئ، غير المعلن، الابتزاز الذي لا يترك أثرا قانونيا، لأنه ببساطة يتوارى خلف جملة واحدة: "هذا مجرد إجراء إداري، سيدي.. لا تقلق".

هكذا تبدأ اللعبة

"أول شيء طلبوه مني قبل أن يروا حالة ابني هو الشيك"، تقول سعاد، وهي موظفة من مدينة فاس، وهي تسترجع ليلة وصفتها بـ"الصّعبة" في إحدى المصحات الخاصة حين كان طفلها ذو 10 سنوات، يعاني من أزمة ربو حادة.

وأضافت سعاد، في حديثها لـ"عربي21": "قلت لهم إنّني أتوفر على تأمين "كنوبس" (خاص بالموظفين في القطاع العام)، وأنني سأؤدي كل شيء حسب القانون، غير أنّهم رفضوا إدخاله إلى غرفة الأوكسجين قبل أن أقدم شيكا أو أترك عربونا (مبلغ من المال) غير مفوتر".

رغم أنّ شيك الضمان هو: "غير قانوني" داخل المصحّات الخاصة في المغرب، إلا أنّه على غرار سعاد، شهادات كثيرة استقصتها "عربي21" تبرز أنّ عددا من المصحّات باتت وكأنّها تجعل منه "أداة ابتزاز" تحت مبرّر "تفادي هروب المرضى دون أداء مستحقاتهم".

وكان وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، قد أكّد أمام البرلمان، أنّ: "المصحات الخاصة ما تزال تنتهك القانون وتطلب شيكات الضمان، ونحن نقوم بعمليات تفتيش، لكن الظاهرة مستمرة"؛ غير أنّ: "ما لا يقال علنا أن بعض المصحات تحتفظ بالشيكات حتى بعد أداء المبلغ كاملا، فيما تُجبر بعض الأسر على توقيع التزام عُرفي بدفع مبالغ إضافية إذا ما تغيّرت تعريفة العلاج". 

وتُظهر الحسابات الوطنية لوزارة الصحة أنّ: "الأدوية تستحوذ على 44.1 في المئة من الإنفاق المباشر للأسر على الصحة، تليها العلاجات بنسبة 22.3 في المئة، ثم الخدمات الاستشفائية 15.3 في المئة، فالتحاليل المخبرية والأشعة 11.7 في المئة"؛ ما يجعل الكثير من المرضى داخل منعطف مادي لا ينتهي.

وكشفت "عربي21" بالملموس، ما يُمكن نعته بـ: "ممر سري يجرّ المرضى إلى "اقتصاد النوار" داخل المصحات الخاصة، عبر: مبالغ لا تدخل ضمن الفاتورة، وخدمات مدفوعة لا أثر ملموس لها، وفواتير تُنفخ بطرق يصعب تتبعها".


تجارة الدواء.. من داخل المصحة

صرف الأدوية داخل المصحات الخاصة في المغرب، بات من أكثر الملفّات جدلا خلال عام 2025، رغم أنّه قانونيا، يمنع تماما على المصحات بيع الأدوية للمرضى. حيث أنّ القانون "17.04" بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، نصّ صراحة في المادة 55 أنّ: "أماكن مزاولة مهنة الصيدلة هي الصيدليات ومخزونات الأدوية بالمصحات والمؤسسات الصيدلية"، ما يعني أن المريض عليه اقتناء الدواء حصرا من صيدلية مرخصة فقط، وليس من داخل المصحّة.

وكانت كونفدرالية صيادلة المغرب، قد بيّنت عبر بلاغ لها، أنّ: "مصحات تملأ الخانات المخصّصة للصيدلي في أوراق العلاج. وتستعمل ختمها الخاص في المكان المخصص للصيدلية. كما أنّها تبيع الدواء مباشرة للمرضى دون المرور بأي جهة قانونية. وتقوم بـ فوترة هذه الأدوية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما لو أنها صيدليات"، وهو ما يتمّ علنا بشكل غير قانوني.

وتوصّلت "عربي21" إلى أنّ هذا الفعل بات ينتج عنه: "تداخل مالي بين المصحة والهياكل التي تعوّض التأمين، وتؤدّي إلى تضخيم مبالغ فيه لفواتير الأدوية. مع غياب ضمانات الجودة والتخزين"، والأخطر من ذلك هو: تهديد حياة المرضى خلال استعمال أدوية خارج شروط السلسلة الباردة أو الاستيراد القانوني. وفقا لتصريحات صاحب صيدلية بمدينة الرباط، رفض الكشف عن هويّته.

"هذه الممارسات تخلق منافسة شرسة غير شريفة، كما أنّها تضرب صحة المريض، وتستنزف صناديق التأمين الاجتماعي، التي تجد نفسها تدفع مبالغ ضخمة لا تعكس أبدا المسار القانوني للدواء" وفقا للصّيدلي نفسه؛ ورغم خطورة الوضع، إلاّ أن المتابعات القضائية نادرة جدا، أبرزها حكما ابتدائيا، أيّدته محكمة الاستئناف الإدارية بأكادير، يقضي بإلزام "مصحّة الجنوب لأمراض القلب والشرايين" بمدينة أكادير بأداء مبلغ 2.352.150 درهما لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

الحكم الذي يحمل رقم 1581، واطّلعت "عربي21" على نسخة منه، أتى على خلفية نزاع يتعلق باختلالات في فوترة خدمات التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات المرتبطة به. عقب طعن تقدّمت به المصحة الخاصة ضد الحكم الابتدائي الصادر في أبريل 2024، والذي سبق أن حمّل المؤسسة الصحية مسؤولية أداء المبلغ المذكور للصندوق، بناء على تقرير خبير قضائي أثبت وجود تفاوتات غير مبررة في الفواتير المحالة على نظام التأمين الإجباري.
وتعود وقائع القضية إلى عملية تفتيش تقني ومالي قام بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على المصحة، ما بين عام 2015 و2017. فتم التوصّل إلى: "تضخيم في مبالغ بعض التحاليل والفحوصات الطبية، إلى جانب استعمال غير مبرر لمواد وأدوية بتكاليف تفوق المعدل المعتمد..". ليُطالب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي باسترجاع المبالغ التي اعتبرها "غير مستحقة وغير مطابقة للمعايير"، ليصدر حكم ابتدائي لصالحه.



فوترة منفوخة.. من يدفع الثمن؟ 

الملف لا يقف عند حدود بيع الدواء بطريقة غير قانونية، بل إنّه حسب جُملة شهادات وصلت لـ"عربي21" يصل إلى: "الفوترة المضخمة" وذلك عن طريق: "تغيير نوع الدواء في الفاتورة بما يوافق تسعيرة أعلى".

كذلك، يتمّ: "إضافة كميات غير مستعملة في الوثائق التي تُرسل للضمان الاجتماعي؛ مع استعمال أسعار مرجعية منتهية الصلاحية لصالح المصحة".




وبحسب تصريحات عدد من النواب البرلمانيين فإنّ: "بعض المصحات الخاصة قد حقّقت أرباحا وصلت إلى 200 مليون درهم خلال ستة أشهر فقط، ما يعني أنها تتجاوز 400 مليون درهم مع نهاية 2025".

هذا الرقم، بحسب ما توصّلت إليه "عربي21" يسلّط الضوء على أنّ ما يجري لا يتعلّق بـ"انحرافات فردية"، بل نظام اقتصادي متكامل. وبحسب مصادر من داخل صندوق الضمان الاجتماعي، فإن المصحات الخاصة تستحوذ على النسبة الأكبر من التعويضات مقارنة بالمستشفيات العمومية.



كيف تتحوّل عمليات "مجانية" إلى فواتير ضخمة؟

خلال جلسة عامة في البرلمان، كشف رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، أنّ: "بعض المصحات تلجأ إلى: سماسرة متخصّصين في جلب المرضى، وذلك عبر حملات طبية "مجانية"، ثم تُفوتر العمليات الجراحية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتمنح السماسرة نصيبهم المالي من هذه التعويضات".

إلى ذلك، يتحول المريض، عبر هذه الممارسات غير قانونية إلى "سلعة"، كما أنّ الوصول إلى الخدمات الصحية بات الطريق الأيسر للسماسرة من أجل الولوج إلى سوق العمولات. ويتعلّق الأمر أساسا بالمرضى المنحدرين من المناطق النّائية.

فاس.. حيث تتوسّع المصحات والخروقات

خلال السنوات القليلة الأخيرة، عاشت مدينة فاس على إيقاع انفجار استثماري في بناء المصحات الخاصة. خاصة ما بعد فترة "كورونا"، حيث تقول البيانات الرسمية إنّ: "الاستثمار في القطاع الصحّي قد تضاعف، حيث تمّ فتح عشرات المصحات الجديدة، بعضها ينتمي إلى مجموعات كبيرة مدرجة في البورصة".

وبحسب عدد من التصريحات التي توصلّت إليها "عربي21"، من ساكنة المدينة أنفسهم، فإنّ: "هذا التوسع ساهم في تخفيف الضغط عن المستشفيات العمومية، لكن أيضا أدّى إلى ارتفاع غير مسبوق في الشكايات المرتبطة أساسا بـ: شيكات ضمان، وفوترة غير مفهومة، وخدمات غير مؤدى عنها، بالإضافة إلى بيع دواء داخل المصحة، وفواتير مُبالغ فيها لمرضى التأمين".




إذا ما عدنا إلى القانون المغربي، فإنّه وفقا لرأي مجلس المنافسة (مؤسسة مغربية تهم دراسة أداء الأسواق ومحاربة الممارسات الغير الأخلاقية والمنافية للمنافسة) عدد ر/4/22 فإنّه: "لا توجد نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة بالمصحات الخاصة والمؤسسات المماثلة لها. بيد أنّه ثمّة عدة نصوص تتضمّن مقتضيات ذات الصلة بهذه المصحات والمؤسسات وكيفية تأطيرها".

إلى ذلك، تنص المادة 6 من القانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات: "تقع على الدولة مسؤولية توفير الدم والمواد الدموية ذات العمر القصير كما تضمن سلامتها وجودتها. تضمن الدولة توافر الأدوية والمنتجات الصيدلية الأساسية وجودتها في مجموع التراب الوطني وتعمل على تيسير الولوج إلى الدواء".

وتضيف المادة ذاتها: "تحدّد قواعد السلامة والجودة في مجال صنع الأدوية واستيرادها وتصديرها وتوزيعها وصرفها وتسهر على احترامها، كما تشجع على تنمية الأدوية الجنيسة (نسخة طبق الأصل للدواء الأصلي، منخفضة التكاليف) ووصفها. كما تحدد شروط سلامة المنتجات الصيدلية غير الدوائية والمستلزمات الطبية وجودتها وتسهر على احترامها". وهو ما يشير إلى الانتهاك القانوني الذي تصرّ عليه عدد من المصحات الخاصة.

كذلك، بحسب المادة الأولى من قرار وزير الصحة المتعلّق بتحديد المعايير التقنية الواجب توفّرها في المصحات، فإنّه: "يجب أن تقام المصحة قدر الإمكان، في موقع مستقل يسهل الولوج إليه والخروج منه. كما يجب أن تكون في منأى عن أي مصدر للتلوث والضوضاء وجميع أشكال الأضرار. وإذا تعذّر ذلك، وجب اتخاذ جميع الاحتياطات قصد تفادي الأضرار المذكورة". 

وفي المادة الثانية، من القرار نفسه، فإنّه: "يجب أن تقام المصحة بمعزل عن أي مبنى يتضمن محال مخصصة للسكن أو للمكاتب". وهو ما أوضح عدد من المتحدّثين لـ"عربي21" عدم  تطابقه مع الواقع المعاش لهذه المصحّات.

القطاع الخاص.. إلى أين؟

النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، شدّدت على المفارقة القائمة بين إعلان وزارة الصحة عدم توفر العقارات من أجل إنجاز مشاريع صحّية عمومية، بينما تتوسّع بعض المصحات الخاصة بقوة في مدن عدة.

وأكدت التامني، أنّ: "القطاع الخاص في المجال الصحي يحظى بأكبر قدر من التحفيزات التي تقدمها الدولة للمستثمرين، على حساب المستشفيات الحكومية التي تعاني من نقص التجهيزات والأطر الطبية والتمريضية"، مشيرة إلى: حالات مرضى يجدون صعوبة في تلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، لغياب الأدوية أو الخدمات الأساسية، فيُوجَّهون إلى الصيدليات الخاصة التي تُثقل أسعارها كاهل الأسر محدودة الدخل.




من جهته، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، مصطفى الإبراهيمي، أبرز أنّ المستشفيات الخاصة تستفيد بشكل واسع من مخصّصات التغطية الصحية التي توفرها الدولة للمواطنين، بحكم أنّ الكثير من الحالات التي تعجز المستشفيات العمومية عن التكفل بها تتحول إليها. موردا معطيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التي تفيد بأنّ نحو 8.5 ملايين مغربي لا يزالون خارج نظام التغطية الصحية الإجبارية. 

وكان المجلس قد بيّن، عبر تقرير له اطّلعت عليه "عربي21" أنّ: "هذا الرقم يرجع إلى عدم تسجيل خمسة ملايين شخص في منظومة التأمين الإجباري، فيما لا يستفيد 3.3 ملايين شخص رغم تسجيلهم في النظام. وأن نسبة التغطية لا تشمل سوى 40 في المئة من المهنيين الأحرار والمستقلين، بينما تسجل الزراعة أضعف نسب الانخراط". كما تشير المعطيات إلى أن كلفة العلاج في المستشفيات الخاصة تفوق بنحو خمسة أضعاف مثيلتها في المستشفيات العمومية.

وفي السياق نفسه، كان رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، قد كشف عن اختلالات تتعلّق بصفقات أبرمتها وزارة الصحة خلال مناقشة مشروع قانون مالية 2026، مبرزا أنّ: "وزير الصحة أمين التهراوي مرّر صفقة لوزير في الحكومة (سعد برادة، وزير التربية الوطنية) يملك شركة أدوية من أجل استيراد دواء من الصين، كما مرّر صفقة أخرى لمصحة خاصة تبيع دواء للسرطان بـ 4000 درهم (نحو 400 دولار)، علما أن سعره الحقيقي لا يتجاوز 600 (نحو 60 دولار) درهم".

وخلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، الأربعاء، ردّ وزير الصحة والحماية الاجتماعية، على ما أثير من قبل النائب البرلماني، عبد الله بوانو، بالقول إنّ: "عمليات اقتناء الأدوية تتم حصرا في إطار القانون، وتخضع لمنظومة الصفقات العمومية وتنفّذ وفق المرسوم المحدد لقواعد المنافسة وشروط المشاركة ومساطر الترشّح ومبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص".

ونفى التهراوي، ما أشار إليه بوانو، بخصوص صفقات توفير دواء "كلوريد البوتاسيوم" على مستوى السوق الوطنية، مردفا: "الصفقات العمومية لا تُبرَم مع أشخاص ذاتيين، وإنما مع شركات خاضعة للقانون التجاري".

وتابع: "هذه الصفقات تخضع لرقابة صارمة من المصالح المختصة لوزارة المالية، ويتم الإعلان عنها عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية، ما يضمن المساواة في الولوج والمنافسة السليمة".

أرباح في البورصة تفوق قطاعات السيارات والبنوك

في الوقت الذي تعيش فيه المستشفيات العمومية أزمة خانقة، انطلاقا من نقص في الأطر، واكتظاظ، مع غياب التجهيزات الصحّية الأساسية، يشهد القطاع الصحي الخاص في البورصة المغربية نموا متسارعا بلغ 67 في المئة خلال سنة واحدة.

وسجّلت عدد من الشركات المُدرجة ببورصة الدار البيضاء، في القطاع الصحي، نموا وصف بكونه "تاريخيا" في مداخيلها، إذ ناهز 70 في المئة، متفوقا بذلك على قطاعات البناء والسيارات والبنوك التي اعتادت ريادة البورصة. وذلك في وقت كان يشهد فيه القطاع الصحّي في المغرب أزمة، إثر ما عاش على إيقاعه مستشفى الحسن الثاني بأكادير، من وفاة ثمانية نساء.

بالإضافة إلى ذلك، مرضى كشفوا في حديثهم لـ"عربي21" أنّ: "توجّههم نحو المصحات الخاصة جعلهم يدفعون مبالغ ضخمة مقدّما، قبل أن ينتظروا لأشهر من أجل استرجاع جزء صغير فقط"؛ بينهم نجاة، وهي ربة بيت من مكناس، التي قالت: "أرسلت ملف التأمين منذ سبعة أشهر ولم أسترجع شيئا لحدود اللحظة. المصحة طلبت مني 7000 درهم فوق الفاتورة. قالوا إنها مصاريف إضافية لا تدخل في التأمين".

وأكّد المتحدّثين لـ"عربي21" أنّ: "المطلوب بسيط، من حق من يعمل في القطاع الخاص أن يربح أكيد، لكن من واجب القطاع العام أيضا أن يؤدي دوره كاملا، بحيث يكون خيارنا الأول حين المرض هو المستشفى العمومي".

تغذية مباشرة لاقتصاد الظل (النّوار)

"هناك قائمة أسعار داخلية غير مكتوبة. سعر رسمي للفواتير. بعض الممرضين يحصلون على نسبة، وبعض الإداريين كذلك. كل شيء يتحرك مثل نظام مواز داخل المصّحة الخاصة" هذا ما كشف عنه موظف داخل مصحّة تتواجد في مدينة مكناس، رفض الكشف عن هويّته.

وتابع في حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أحيانا نُدخل دواء بثمن 400 درهم، لكن يُفوتر في نهاية المطاف بــ1600 درهم"، مستفسرا في الوقت نفسه: "من سيعرف؟ المريض لا يعرف سعر الدواء، وصندوق الضمان الاجتماعي يعتمد على الوثائق التي نقدمها له".
لفهم حجم المشكلة، عملت "عربي21" على توضيح خريطة تدفّق الأموال داخل القطاع الصحي المغربي:

أولا: الأسر المغربية تتحمل العبء الأكبر، حيث تتوجّه نسبة مهمة من دخلها نحو العلاج والدواء؛ فيما تضطرّ بعض الأسر إلى بيع أثاثها أو مدّخراتها من أجل العلاج.

ثانيا: التغطية الصحية، التي يفترض أن تخفف العبء، أصبحت تتحوّل بدورها إلى مصدر تمويل ضخم للمصحات، نتيجة الأسعار المرتفعة والفواتير التي لا تعكس التكلفة الحقيقية.

ثالثا: القطاع العام، الذي يموّل أساسا من ميزانية الدولة، يتراجع جرّاء ضعف الاستثمار، ما يزيد اعتماد المواطنين على الخاص، ويضخّ المزيد من الأموال في جيوب المصحات.
بهذا الشكل، يصبح القطاع الصحّي دائرة مغلقة:

العمومي ينهار ⬅ المواطن يهرب للخاص ⬅ الخاص يرفع الأسعار ⬅ التأمين الصحي يدفع ⬅ الدولة تخسر ⬅ ثم يعود العمومي ليضعف أكثر.

ووسط كل هذا، تصرّ عدد من المصحّات الخاصة على الاستمرار في تجميع الأموال، فيما تتجاوز مهمتها الأصلية كمؤسسات علاجية، لتتحول إلى ما يوصف بـ"شركات تجارية كبرى"، همّها الأساسي هو كسب المزيد من الأرباح، مستفيدة في الوقت ذاته من ضعف الرقابة ومن فوضى الأسعار.

من يدفع الثمن؟

تحويل الصحّة إلى قطاع ربحي، في غياب رقابة حقيقية قد جعل المصحات الخاصة في المغرب تتحول إلى: "قوة مالية"، غير أنّ السؤال يظل على حاله: "هل يمكن لورش الحماية الاجتماعية أن ينجح إذا كان نصف ميزانيته يذهب إلى اقتصاد مواز داخل المصحات؟".

ويمكن تلخيص ما وصلت إليه "عربي21" بأنّ: "الواقع يُظهر بالملموس أنّ: المواطن المريض يدفع، والصندوق الوطني يدفع، والدولة تدفع؛ ووحدها المصحّات الخاصة من تستفيد من نظام غير متوازن يفتقد إلى الكثير من الرقابة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المغربية الصحة وزارة الصحة التأمين الصحي صحة المغرب طب فساد وزارة الصحة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصندوق الوطنی للضمان الاجتماعی المستشفیات العمومیة التأمین الإجباری المصحات الخاصة التغطیة الصحیة القطاع الصح غیر قانونی وزیر الصحة فی القطاع فی المئة فی الوقت عدد من الصح ی من أجل التی ت

إقرأ أيضاً:

رضوى زناتي.. البلوجر التي تكشف كيف تقود التكنولوجيا مستقبل صناعة التجميل

توضح البلوجر رضوى زناتي، المتخصصة في محتوى الجمال والعناية بالبشرة، أن صناعة التجميل تعيش اليوم تحولًا كبيرًا تقوده التكنولوجيا الحديثة وتغيرات سلوك المستهلكين، لتصبح واحدة من أكثر القطاعات نموًا في المنطقة. وتشير زناتي إلى أن التطور السريع في الأجهزة الطبية والعلاجات غير الجراحية لم يعد مجرد اتجاه تجميلي، بل عامل اقتصادي مؤثر يرفع جودة الخدمات ويزيد الطلب على الحلول الطبيعية والآمنة.

أضافت أن "المرأة اليوم تبحث عن حلول تعزز جمالها الطبيعي دون مبالغة، وتراعي وقتها ومسؤولياتها اليومية"، مشيرة إلى أن العناية بالبشرة أصبحت استثمارًا حقيقيًا، ليس فقط في المظهر، بل في الصحة العامة والثقة بالنفس.

وتقول: "الجمال يبدأ من صحة البشرة، وكل خطوة في العناية يجب أن تكون مدروسة وملائمة لنوع البشرة، بعيدًا عن الإفراط أو اتباع اتجاهات لا تناسب الجميع".

وتلفت إلى أن التكنولوجيا لعبت دورًا مهمًا في رفع وعي النساء، فالتشخيص الدقيق، وتحليل احتياجات البشرة، ومتابعة النتائج أصبح جزءًا أساسيًا من رحلة العناية الحديثة. وهذا ما جعل المستهلك أكثر إدراكًا لقيمة الخدمات الاحترافية، وأكثر ميلًا لاختيار حلول تعتمد على العلم والنتائج الواقعية.

وتشير زناتي إلى أن الجانب النفسي بات جزءًا لا يمكن إغفاله في قطاع التجميل، فالإجراءات المدروسة تعزز ثقة المرأة بنفسها وتنعكس على إنتاجيتها وراحتها النفسية. لذلك تؤكد أهمية الاستشارة السليمة قبل أي إجراء، لضمان توافق النتيجة مع شخصية المرأة وطبيعة بشرتها.

وتوضح أن مستقبل قطاع التجميل سيعتمد على ثلاثة محاور رئيسية:

- التكنولوجيا الدقيقة التي تقدم حلولًا آمنة وسريعة.

- الفهم العلمي للبشرة وتخصيص العلاجات.

- الاهتمام بالصحة النفسية ودمجها ضمن عملية العناية والجمال.

وترى زناتي أن هذا التطور لا يغير فقط شكل الخدمات، بل يفتح آفاقًا اقتصادية واسعة للقطاع، ويعزز التنافسية بين المراكز والعلامات التي تعتمد على الابتكار والنتائج الطبيعية.

وتستمر البلوجر رضوى زناتي في تقديم رؤية متوازنة تجمع بين التكنولوجيا والجمال والصحة، مقدمة محتوى يساعد المرأة على فهم اتجاهات التجميل الحديثة واختيار ما يناسبها بثقة ووعي.

مقالات مشابهة

  • نادية الجندي تكشف كواليس دخولها المصحات بسبب فيلم «الضائعة»
  • كيف يقهر أهالي غزة ظلام الليل الطويل؟.. عربي21 ترصد المعاناة
  • هذه قائمة الأدوية التي يستفيد منها المعوزون غير المؤمن لهم إجتماعيا
  • ناجى الشهابى: قرار تكساس صفعة دولية تكشف الوجه الإرهابي لتنظيم الإخوان
  • منظمة رايتس رادار تكشف الوجه القمعي للحوثيين في ذمار: أطفال ومسنون خلف القضبان
  • محافظة الوجه تكشف عن ملامح حسنها لاستقبال زوار الخريف
  • رضوى زناتي.. البلوجر التي تكشف كيف تقود التكنولوجيا مستقبل صناعة التجميل
  • حسام هيبة: نستهدف رفع مساهمة الاستثمارات الخاصة في القطاع الصناعي
  • تم إبلاغه بان أمه قد توفيت.. ابنة الفنان سيد زيان تكشف عن أصعب المشاهد التي قدمها