هشام عبد العزيز يوضح تفاصيل العلاقة بالجار وحدودها
تاريخ النشر: 21st, November 2025 GMT
كشف الدكتور هشام عبد العزيز، من علماء وزارة الأوقاف، أن الشرع الحنيف شدد على حق الجار وأهمية المحافظة على علاقات طيبة معه، مشيراً إلى أن العلاقة بالجار جزء أساسي من بناء مجتمع متماسك وجميل.
وأضاف خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "عندما نظم الله حياة الإنسان، أول ما اهتم به هو ضبط علاقته بالآخرين، والجيران لهم أهمية خاصة، ولذلك يقول المثل الشائع: 'الجار قبل الدار'، وهذا المثل مستند له أصل في الشرع الحنيف".
وأوضح الدكتور هشام أن الجار له حقوق متفاوتة بحسب العلاقة، فمنه من له ثلاثة حقوق وهي حق الجوار وحق الرحم وحق الإسلام، ومنه من له حقان، ومنه من له حق واحد فقط، وهو حق الجوار، مثل الإنسان غير المسلم.
وتابع: "حتى لو كان الجار لا يلتزم بهذه الوصية الشرعية، يبقى على المسلم الالتزام بها، بالسلام والسؤال والإحسان، لأن ذلك من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم".
وأشار إلى أن بعض الناس يختار العزلة وعدم التعرف على الجيران في أماكن جديدة، مؤكداً أن الشرع يوصي بخلق علاقات طيبة مع الجميع، حتى في حال اختلاف العقيدة، قائلاً: "الجمال في الدين يصل إلى حد التعامل الحسن مع من يختلف معي في العقيدة".
وأكد أن الحد الأدنى للعلاقة مع الجار يشمل السؤال والتحية، وعدم التدخل في شؤونه الخاصة، موضحاً أن الهدف هو ممارسة الوصية النبوية مع مراعاة الخصوصية.
وقال: "الجار العظيم يستحق منا الاحترام والتواصل، والتعامل معه بالحسنى جزء من الدين وأصل من أصوله".
وأكد على أن الإحسان للجار ليس خياراً بل واجب شرعي، ويدخل في إطار بناء مجتمع متماسك يسوده السلام والتعاون، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الخلفية الاجتماعية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزارة الأوقاف التواصل الدكتور هشام عبد العزيز هشام عبد العزيز علماء وزارة الأوقاف
إقرأ أيضاً:
الوطن والمواطن.. علاقة وجود ومسؤولية (2-2)
خالد بن سالم الغساني
كنتُ قد تناولتُ في الجزء الأول من هذا المقال، موضوع المواطن ودوره في بناء الوطن، وفي هذا الجزء الثاني أسلّط الضوء بشيء من التفصيل على حدود العلاقة بين الطرفين ومفهوم المواطنة الحقّة.
يعيش وطننا اليوم أبهى أيامه، وهو يحتفي بيومه الوطني، يومٌ تتجدد فيه مشاعر الفخر والولاء والانتماء، وتتعانق فيه الذاكرة بالتاريخ، ويستحضر فيه المواطن ما بذله الآباء والأجداد من تضحيات لبناء هذا الكيان العظيم. في مثل هذه المناسبات تتعالى الأصوات بالفرح وتغمر النفوس مشاعر الاعتزاز بالانتماء إلى وطن احتضن أبناءه، وصان كرامتهم، وفتح لهم أبواب العزة والسمو. إلا أن هذا الفرح لا يمنعنا من الوقوف وقفة تأمل أمام معاني الوطن والمواطنة، تلك العلاقة العميقة التي تتجاوز الشعارات إلى جوهر الانتماء الحقيقي.
لقد ألحّ عليّ النقاش الدائر حول هذا الموضوع، وفي إطار الحديث عن بعض القرارات التي تصدر عن بعض الجهات الرسمية، والتي تتخذ انطلاقًا من الحرص على تنظيم بعض أمور الشأن العام، والنظرة إلى مدى صوابية تلك القرارات من عدمها، من قبل البعض؛ لأن أقول رأيًا أشعر أنه من الضروري الإفادة به، طالما أن الأمر يخص الوطن والمواطن، ونحن نعيش جميعًا في ظل مسؤولية مشتركة، باعتبارنا مواطنين يجمعنا تراب واحد وغاية واحدة. الوطن ليس حدوداً جغرافية مجردة، إنه الحاضنة الكبرى التي تحتوي أبناءها جميعًا، والمواطن هو من يمنحه الحياة والمعنى، ويحمي كيانه بروحه وفعله. والحديث عن الوطن لا يكون حديثًا دون ارتباط؛ لأنه حديث عن الوجود ذاته، عن الجذر الذي منه نبتنا، وإليه نعود.
وفي النقاش الدائر، كثيرًا ما اختلط على البعض مفهوم الوطن بمفهوم المواطن، حتى يصبح أحدهما مرادفًا للآخر، بينما في رأيي وأظنها الحقيقة أن لكلٍّ منهما مكانته ووظائفه، وعلى الآخر أن يعيها جيدًا ويعمل على عدم الإخلال بأي منها أو يخالجه سوء الفهم حيالها. فالوطن هو ذلك التراب الذي ننتمي إليه ونحيا فوقه، والمواطن هو ذلك الإنسان الذي يعيش على هذا التراب ويعمّره ويحميه. العلاقة بينهما علاقة أزلية لا تنفصم، فالمواطنة مرتبطة بالوطن ارتباط الروح بالجسد، وكلما قوي هذا الارتباط ازدادت الأوطان أمنًا وثباتًا وازدهارًا.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول المشاعر أو المعتقدات إلى حقائق مطلقة تخلط بين المفاهيم. فحين تسوء العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، لا يجوز أن يتحول الوطن إلى مجرد تراب بلا قيمة، أو أن يصبح الإنسان هو الوطن وحده. فلكل منهما حق وواجب، والعلاقة بين أي سلطة ومواطن يجب أن تقوم على توازن الحقوق والواجبات. وإذا حدث خلل أو تقصير من أي طرف، فلا يصح أن تكون النتيجة هي التضحية بالوطن؛ لأن الوطن هو البوتقة التي تتسع للجميع، والملاذ الذي لا غنى عنه مهما اختلفت وجهات النظر أو اشتدت الأزمات.
الوطن، في عمق جوهره هو الأمان والهوية والانتماء، ولا قيمة لإنسان دون وطن يحميه ويمنحه اسمه ومكانه في هذا العالم؛ فالتخلي عن الأوطان بحجة المطالبة بالحقوق أو الاعتراض على السياسات هو خلل قاتل، لأنه يهدم الأساس الذي تقوم عليه كل الحقوق. الوطن هو الذي يمنحنا القدرة على المطالبة، وهو الذي يحتضن حوارنا واختلافنا وتطلعاتنا. فإذا انهار الوطن، لم يبقَ مجال لأي حق، لأن الحقوق لا تُمارس في الفراغ، بل داخل كيان وطني متماسك.
لهذا، يجب أن ندرك أن الدفاع عن الوطن لا يتناقض مع المطالبة بالحقوق؛ بل هو الإطار الذي يجعلها ممكنة ومشروعة. فالحفاظ على الوطن هو مسؤولية جماعية، تبدأ من إيمان المواطن بأنه شريك في البناء، لا متلقٍّ للقرارات. والولاء الحقيقي لا يعني الصمت عن الأخطاء، بل يعني الإصلاح من الداخل، بالكلمة والموقف والعمل، دون أن نسمح لأي خلاف أن يهز ثقة الإنسان في وطنه أو يضعف انتماءه له.
نحن اليوم، ونحن نحتفل بيوم الوطن، بحاجة إلى أن نعيد ترسيخ هذه المفاهيم في وعينا الجمعي. الوطن ليس شعارًا نردده في المناسبات ونمجده في الخطب والمقالات؛ بل هو فعل يومي نحياه في سلوكنا، في إخلاصنا لأعمالنا، في محافظتنا على مكتسباتنا، وفي شعورنا الصادق بأن أي ضرر يلحق بالوطن هو ضرر بنا جميعًا. إنه بيتنا الكبير، ومن يعبث بجدرانه يضر نفسه أولًا، ومن الواجب ان لا يُسمح له بالاستمرار في ذلك العبث.
إنّ الأوطان تبقى ما بقي فيها من يؤمن بها، ويدافع عنها، ويعمل لأجلها بإخلاص. وعلينا أن نتذكر دائمًا أن الوطن لا يطلب منا المستحيل، بل يطلب فقط أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نحافظ على وحدته ومكانته، وأن نطالب بحقوقنا فيه بعزة وكرامة، لا خارجه ولا على حسابه. فالوطن هو الحقيقة الثابتة التي لا ينبغي أن تهتزّ أمام أي خلاف، وهو الحاضنة التي تتسع للجميع مهما اختلفت آراؤهم.
وهكذا، تبقى الأوطان دائمًا هي من تستحق أن ندافع عنها، وأن نطالب داخلها بحقوقنا، وأن نحيا فيها مرفوعي الرأس، لأننا بدونها لا شيء، وبها نكون كل شيء.
أطيب التهاني وأصدقها للوطن وقائد الوطن وأبناء الوطن بمناسبة أعياد الوطن وأفراحه..
رابط مختصر