سودانايل:
2025-06-30@11:53:56 GMT

ثورة وعي؟ إلى رشا عوض

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

كتبت الأستاذة رشا عوض في موضوعها "الجذريون والحرب" هذه الجملة: "يجب أن لا نخدع أنفسنا من الآن فصاعداً بعبارات "ثورة وعي"، لأن الوعي الثوري متخلف كثيراً عن الفعل الثوري، للأسف "نصف ثورة تساوي ثورة مضادة كاملة"! وهذه الحرب ليست سوى الحلقة الأخيرة في مسلسل الثورة المضادة في حالة انتصار أي طرف من طرفيها".

وفي هذه الكتابة ردّ على هذه الجملة، وتحليل لقضايا أخرى تهم هذه الجملة ذاتها.
(1)
في ليلةٍ من ليالي يناير 2023م، أي قبل اندلاع الحرب بأشهرٍ قليلة، وأثناء المقاومة الباسلة للجان مقاومة السودان، في جميع ربوعه، ضدّ انقلاب أكتوبر التعيس، وتحديداً حول محيط منطقة شروني وحديقة القرشي، شارع كاتارينا؛ اقتحم "شباب" من حي الخرطوم 3، ومن ضمنهم أعضاء في لجنة مقاومة الحي، فعاليّة فنيّة نظّمتها مؤسسة "مساحة جالوص غاليري"، وكانوا مُسلَّحين بأسلحة بيضاء! "مما أدى لعمليات نهب وتخريب واسعة" حسب الخبر المنشور –وللمفارقة- في صحيفة التغيير الإلكترونية التي ترأسها الأستاذة رشا عوض(1). وقد قرأت البيان الرصين والقوي الذي أصدرته مجموعة غاليري جالوص (يجده القارئ في الهوامش أدناه)، ولكنني، كذلك، قرأت نصّ شكوى أهل الحي (الخرطوم 3) لقسم الشرطة، إذ ذكر النص -فيما ذكرَ من بديهيّات الفعاليّات الثقافيّة لافتتاح الغاليريهات- إنهم يقيومون احتفالات غير لائقة، وأن الحي تسكنه "أسر" بل قيل في البيان أن "لدينا أخوات"! لقد تمّ اعتقال عضو شهير جدّاً بلجان المقاومة الثوريّة حينها لقيادته الاعتداء! (هنا ديل لا فلول لا كيزان، ديل اسمهم أولاد الحِلَّة)، بل لقد توسَّط فنانٌ تشكيليٌّ معروف، يسكن ذات الحي، لإطلاق سراحه. أتذكّر أنني أرسلت بيان أهل الحيّ للدكتور حسن موسى، والذي كان متواجداً في ذات الحي حينها، وكذلك كنتُ أسكن. قال في ردّه: "يا زول ديل أخوان البنات". جملة معبّرة عن الوعي المتخلّف الذي تتحدّث عنه الأستاذة رشا عوض. قبلها، وفي يوليو من العام 2022م، صفع أحد أعضاء لجان مقاومة الديم فتاة -أثناء اعتصام مستشفى الجودة الشهير بالخرطوم- لأنها كانت تدخّن!
علينا أن لا نحمّل "شباب لجان المقاومة" فوق طاقتهم، بل أن نتوقّع منهم أن يتحوّلوا، فجأةً، لمناصرين للفن والمرأة وغيرها من الأفكار التقدّمية التي تحتاج جُهداً تثويريّاً فكريّاً تغاضت عنه جميع الأحزاب السياسيّة، وأكثرُ تلك الأحزاب تخييباً للأمل في نهايات حياته الهادفة للتغيير الفكري والاجتماعي، كان الحزب الشيوعي السوداني، ذا الباع الطويل في هذا الأمر.
في الناحية الأخرى من هذه الفئة المَفروزة من الشباب، شباب لجان المقاومة، كان هنالك شباب قوّات الشرطة والاحتياط المركزي وقوات الدعم السريع. كانوا يلتقون في ميدان المعركة –الشارع- في جهةٍ يقف المسلّحون، وفي الجهة الأخرى يقف السلميُّون، ثم، في نهاية اليوم، يودّعون بعضهم البعض على أمل اللقاء في الموكب المقبل.
ما الذي نستطيع أن نتعلَّمه من هذه الصراعات الضئيلة؟ سؤال وجيه: أن الشباب، مهما اعتقدّت أنك من السهل اقتيادهم إلى الحرب، أو الحب، أو المقاومة؛ فإنك لا تملك المفاتيح، ولن تستطيع إقناعهم بشيءٍ لا يقع على يدهم الواقعيّة، حيث تُقتل الأمهات، والأخوات، والأفكار كلها!.
لقد تغاضت الحركة السياسيّة عن منجزات الحركة الثقافية في السودان، بل إنهم دفنوها وسط صراعاتهم. إنهم ينسون –كما تنسى رشا عوض- الكم الهائل من التعليم والثقافة التي حدثت في السودان، ليس لأي شيءٍ سوى أنهم لم ينجزوا أي شيء. انتمت الكاتبة لـ"حزب الأمة" –شوف ليك اسم؟- ولم يفعل حزبها شيئاً سوى تغبيش الوعي، باستمرار.
حتى الحزب الشيوعي لم يستثمر في الوعي، بل كانت، أعلى درجات النضال بالنسبة إليه، هو "الرجالة"، لقد نسفوا كلّ مفكرٍ حيويٍّ داخل أروقتهم، بل رفدوهم، وحطّموهم اجتماعياً. جميع ضحايا الحزب الشيوعي السوداني كانوا أصدقاءً لي، وقد رأيتهم يناهرون، واحداً تلو الآخر، فقط لأن كائنات -كهنادي فضل- يتسلّقن قيادة الحزب، وينهارون لأجله، بل يقتلون أي مخالف. ما الذي حدث للحزب الشيوعي فعلاً؟ لا يدري أحد.
إنها "ثورة وعي" بمنطق واحد فقط: لقد طرحت الثورة أسئلة عظيمة لم تكن في بال السودانيين؛ التعدد والاختلاف، لم يكن السودان مُعرضاً لأسئلةٍ حقيقيّة تمسّ عصب الحياة مثل التعدد والاختلاف، إن لم تنجز الثورة من وعي غير طرح هذه الأسئلة، حتّى حرب أبنائها من جهة الدعم السريع، فهي ثورة ظافرة، وظافرة فقط لأجل الوعي.
تحياتي يا رشا.

mamoun.elfatib1982@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أمانة حائل تفعّل مبادرة “لو كنت مكاني” لتعزيز الوعي البيئي لدى الأطفال

فعّلت أمانة منطقة حائل مبادرة “لو كنت مكاني”، ضمن جهودها في تعزيز مستوى الوعي البيئي لدى الأطفال، وتنمية المسؤولية المجتمعية تجاه المرافق العامة، من خلال تجربة تفاعلية مبتكرة تستهدف الأطفال.
وتهدف المبادرة إلى غرس السلوكيات الإيجابية، والمحافظة على النظافة والمرافق العامة عبر محاكاة واقعية لأدوار العاملين في الميدان، من خلال إتاحة الفرصة للأطفال لتجربة مهام فرق النظافة والرقابة والحدائق، في جو ترفيهي وتثقيفي يعزز القيم البيئية والمواطنة الإيجابية.
وشهدت المبادرة تفاعلًا لافتًا من الأطفال وأسرهم، الذين شاركوا في الفعاليات المصاحبة التي شملت أنشطة توعوية ومسابقات بيئية، إضافة إلى توزيع الهدايا التذكارية، مما أسهم في تعزيز الرسائل التوعوية، وغرسها بشكل ميسر وسلس.

مقالات مشابهة

  • اجتماعات إقليمية وفعاليات محلية لتعزيز الوعي المجتمعي ومكافحة المخدرات
  • أمانة حائل تفعّل مبادرة "لو كنت مكاني" لتعزيز الوعي البيئي لدى الأطفال
  • مجدي الجلاد: أداء الحكومة بعد حادث المنوفية يعكس غياب الوعي السياسي
  • الوعي.. نورٌ لا يُمنح للجميع
  • أمانة حائل تفعّل مبادرة “لو كنت مكاني” لتعزيز الوعي البيئي لدى الأطفال
  • شرطة أبوظبي تعزز الوعي المروري والوقاية من المخدرات
  • حزب شعب مصر: 30 يونيو جاءت في توقيت حاسم والرئيس السيسي أثبت شجاعته ومسؤوليته الوطنية
  • حزب الوعي ببني سويف يشارك في اليوم العالمي للتبرع بالدم
  • الحرب على الوعي.. كيف تسعى منصات الإخوان لتزييف الحقائق؟
  • "شارك 2030" أول تطبيق تفاعلي لنشر الوعي التنموي