سودانايل:
2025-05-11@19:46:33 GMT

ثورة وعي؟ إلى رشا عوض

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

كتبت الأستاذة رشا عوض في موضوعها "الجذريون والحرب" هذه الجملة: "يجب أن لا نخدع أنفسنا من الآن فصاعداً بعبارات "ثورة وعي"، لأن الوعي الثوري متخلف كثيراً عن الفعل الثوري، للأسف "نصف ثورة تساوي ثورة مضادة كاملة"! وهذه الحرب ليست سوى الحلقة الأخيرة في مسلسل الثورة المضادة في حالة انتصار أي طرف من طرفيها".

وفي هذه الكتابة ردّ على هذه الجملة، وتحليل لقضايا أخرى تهم هذه الجملة ذاتها.
(1)
في ليلةٍ من ليالي يناير 2023م، أي قبل اندلاع الحرب بأشهرٍ قليلة، وأثناء المقاومة الباسلة للجان مقاومة السودان، في جميع ربوعه، ضدّ انقلاب أكتوبر التعيس، وتحديداً حول محيط منطقة شروني وحديقة القرشي، شارع كاتارينا؛ اقتحم "شباب" من حي الخرطوم 3، ومن ضمنهم أعضاء في لجنة مقاومة الحي، فعاليّة فنيّة نظّمتها مؤسسة "مساحة جالوص غاليري"، وكانوا مُسلَّحين بأسلحة بيضاء! "مما أدى لعمليات نهب وتخريب واسعة" حسب الخبر المنشور –وللمفارقة- في صحيفة التغيير الإلكترونية التي ترأسها الأستاذة رشا عوض(1). وقد قرأت البيان الرصين والقوي الذي أصدرته مجموعة غاليري جالوص (يجده القارئ في الهوامش أدناه)، ولكنني، كذلك، قرأت نصّ شكوى أهل الحي (الخرطوم 3) لقسم الشرطة، إذ ذكر النص -فيما ذكرَ من بديهيّات الفعاليّات الثقافيّة لافتتاح الغاليريهات- إنهم يقيومون احتفالات غير لائقة، وأن الحي تسكنه "أسر" بل قيل في البيان أن "لدينا أخوات"! لقد تمّ اعتقال عضو شهير جدّاً بلجان المقاومة الثوريّة حينها لقيادته الاعتداء! (هنا ديل لا فلول لا كيزان، ديل اسمهم أولاد الحِلَّة)، بل لقد توسَّط فنانٌ تشكيليٌّ معروف، يسكن ذات الحي، لإطلاق سراحه. أتذكّر أنني أرسلت بيان أهل الحيّ للدكتور حسن موسى، والذي كان متواجداً في ذات الحي حينها، وكذلك كنتُ أسكن. قال في ردّه: "يا زول ديل أخوان البنات". جملة معبّرة عن الوعي المتخلّف الذي تتحدّث عنه الأستاذة رشا عوض. قبلها، وفي يوليو من العام 2022م، صفع أحد أعضاء لجان مقاومة الديم فتاة -أثناء اعتصام مستشفى الجودة الشهير بالخرطوم- لأنها كانت تدخّن!
علينا أن لا نحمّل "شباب لجان المقاومة" فوق طاقتهم، بل أن نتوقّع منهم أن يتحوّلوا، فجأةً، لمناصرين للفن والمرأة وغيرها من الأفكار التقدّمية التي تحتاج جُهداً تثويريّاً فكريّاً تغاضت عنه جميع الأحزاب السياسيّة، وأكثرُ تلك الأحزاب تخييباً للأمل في نهايات حياته الهادفة للتغيير الفكري والاجتماعي، كان الحزب الشيوعي السوداني، ذا الباع الطويل في هذا الأمر.
في الناحية الأخرى من هذه الفئة المَفروزة من الشباب، شباب لجان المقاومة، كان هنالك شباب قوّات الشرطة والاحتياط المركزي وقوات الدعم السريع. كانوا يلتقون في ميدان المعركة –الشارع- في جهةٍ يقف المسلّحون، وفي الجهة الأخرى يقف السلميُّون، ثم، في نهاية اليوم، يودّعون بعضهم البعض على أمل اللقاء في الموكب المقبل.
ما الذي نستطيع أن نتعلَّمه من هذه الصراعات الضئيلة؟ سؤال وجيه: أن الشباب، مهما اعتقدّت أنك من السهل اقتيادهم إلى الحرب، أو الحب، أو المقاومة؛ فإنك لا تملك المفاتيح، ولن تستطيع إقناعهم بشيءٍ لا يقع على يدهم الواقعيّة، حيث تُقتل الأمهات، والأخوات، والأفكار كلها!.
لقد تغاضت الحركة السياسيّة عن منجزات الحركة الثقافية في السودان، بل إنهم دفنوها وسط صراعاتهم. إنهم ينسون –كما تنسى رشا عوض- الكم الهائل من التعليم والثقافة التي حدثت في السودان، ليس لأي شيءٍ سوى أنهم لم ينجزوا أي شيء. انتمت الكاتبة لـ"حزب الأمة" –شوف ليك اسم؟- ولم يفعل حزبها شيئاً سوى تغبيش الوعي، باستمرار.
حتى الحزب الشيوعي لم يستثمر في الوعي، بل كانت، أعلى درجات النضال بالنسبة إليه، هو "الرجالة"، لقد نسفوا كلّ مفكرٍ حيويٍّ داخل أروقتهم، بل رفدوهم، وحطّموهم اجتماعياً. جميع ضحايا الحزب الشيوعي السوداني كانوا أصدقاءً لي، وقد رأيتهم يناهرون، واحداً تلو الآخر، فقط لأن كائنات -كهنادي فضل- يتسلّقن قيادة الحزب، وينهارون لأجله، بل يقتلون أي مخالف. ما الذي حدث للحزب الشيوعي فعلاً؟ لا يدري أحد.
إنها "ثورة وعي" بمنطق واحد فقط: لقد طرحت الثورة أسئلة عظيمة لم تكن في بال السودانيين؛ التعدد والاختلاف، لم يكن السودان مُعرضاً لأسئلةٍ حقيقيّة تمسّ عصب الحياة مثل التعدد والاختلاف، إن لم تنجز الثورة من وعي غير طرح هذه الأسئلة، حتّى حرب أبنائها من جهة الدعم السريع، فهي ثورة ظافرة، وظافرة فقط لأجل الوعي.
تحياتي يا رشا.

mamoun.elfatib1982@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مطالبات بمقاضاة أنصار الإنتقالي بسبب اساءتهم لنساء وحرائر عدن.. بن بريك يعلق على ''ثورة النساء''

رفض أبناء عدن، اساءات بعض أنصار الإنتقالي الجنوبي، التي طالت نساء وحرائر مدينة عدن، اللواتي خرجن يوم امس السبت، في ثورة نسوية غاضبة تطالب بتوفير الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء، والرواتب.

وطالبت أصوات من عدن بمقاضاة هؤلاء ورفع قضايا قذف وسب وتشهير بحقهم، وملاحقتهم قانونيًا.

ويوم أمس امتلأت ساحة العروض وسط العاصمة المؤقتة عندن بمئات النسوة، طالبن بحقهن وحق الشعب بالعيش الكريم.

وخرجت بعض النساء يرفعن الفوانيس في اشارة الى انقطاع الكهرباء، ولافتات وشعارات، بتوفير الرواتب وباقي الخدمات كونها حقوق شرعية وليست مطالب.

وتخضع عدن لسيطرة الإنتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، فيما لا تقوم الحكومة اليمنية بالدور المناط بها، ويقيم اغلب وزرائها في العاصمة السعودية الرياض.

وتفاعلا مع ثورة نساء عدن خرج رئيس الحكومة اليمنية بمنشور على فيسبوك، رصده محرر مارب برس، قال فيه: ''ندرك حجم معاناة أهلنا في ‌ #عدن ⁩ والمحافظات المحررة جراء انقطاعات الكهرباء وتراجع الخدمات،خاصة مع اشتداد حرارة الصيف. ونستمع بجدية وتفهم لصوت ‌#نساء_عدن ⁩في مظاهرتهن اليوم، وهو صوت كل بيت في المدينة، واؤكد أننا نبذل قصارى جهدنا وبالتنسيق مع اشقائنا في التحالف بقيادة ‌ السعودية ⁩ و ‌ الإمارات ⁩ لإيجاد حلول عاجلة، ولن ندخر جهداً في تخفيف معاناة مواطنينا''.

مقالات مشابهة

  • التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد
  • مطالبات بمقاضاة أنصار الإنتقالي بسبب اساءتهم لنساء وحرائر عدن.. بن بريك يعلق على ''ثورة النساء''
  • تفاعل واسع مع “ثورة النسوان” في عدن
  • كيف تنجح ثورة تونس الجديدة؟
  • نساء عدن تعلو أصواتهن لرفض الظلم والاضطهاد في الحرمان من الخدمات الأساسية تحت شعار ثورة النسوان
  • ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال
  • ثورة من الشرق.. نموذج "بيكسا" يقدّم بديلاً للهيمنة الغربية في الذكاء الاصطناعي
  • تعبنا.. شعار ثورة نسوية في عدن للمطالبة بتوفير الكهرباء
  • لا تمتحنوا صبرهن …ثورة النساء قادمة
  • ثورة الهواتف المتوسطة.. هل تموت فئة الهواتف الرائدة؟