"الخلايا الزومبي".. عالم جينوم مصري يتوصل لدرسة تقضي على الشيخوخة
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
كشف الدكتور هيثم شعبان، عالم الجينوم المصري، وأستاذ الفيزياء الحيوية، عن تفاصيل دراسته الأخيرة حول كيفية استعادة الخلايا الشائخة لشبابها، وذلك من خلال إعادة تنظيم الجينوم التي ابتكرها العالم المصري الشاب.
تقنيات حديثة لإعادة تنظيم الجينوموقال الدكتور هيثم شعبان، خلال حواره عبر تطبيق "زووم"، ببرنامج "من مصر"، المذاع عبر فضائية "سي بي سي"، مساء اليوم الأحد، إنه يرأس مشروع بحثي بكليه الطب جامعه جينيف، ومعهد أجورا لأبحاث السرطان في لوزان بسويسرا، موضحًا أن دراسته الخاصة بإعادة تنظيم الجينوم تعتمد على استخدام تقنيات حديثة ابتكرها بنفسه، وقد نٌشرت الدراسة في المجلة الإنجليزية "Cell Death and Differentiation"، إحدى مجلات مجموعة "Nature" العالمية.
وأوضح العالم المصري الشاب، أنه مع تقدم العمر تتراكم الخلايا الشائخة في أجسامنا، وتعتبر هذه الخلايا فريدة من نوعها، حيث أنها تتوقف في النهاية عن التكاثر، لكنها لا تموت، وتصبح خلايا "شائخة"، لذلك يطلق عليها "الخلايا الزومبي".
مواد كيميائية تسبب الأمراضوأضاف أنه بدلًا من موتها، فإنها تبقى وتستمر في إطلاق المواد الكيميائية التي تؤدي إلى الالتهاب، وبدورها تساهم في تطور أمراض مثل الشيخوخة، وغيرها من الأمراض المرتبطة بالعمر، ومنها السرطان، وأمراض أخرى.
تجارب الفئرانكما أشار إلى أن التجاعيد الذي تحدث في الجلد تكون بسبب هذه الخلايا الشائخة، فهي الخلايا المعروفة بـ "الخلايا الزومبي"، لافتًا إلى أنه تم إجراء تجارب على الفئران، وأمكن فيها معالجة الخلايا الشائخة، وأثبتت فاعليتها، حيث تجدد عمل البنكرياس وأعاد الضخ بشكل حيوي تمامًا.
استشاري طب نفسي: تنشيط العقل يقي من الإصابة بـ خرف الشيخوخة (فيديو) في مواجهة الشيخوخة.. كيف يقوى الشعور بالجوع من شبابك مسببات الشيخوخةوذكر أن هناك مسببين للشيخوخة، أبرزها هو العمر، والتكاثر المتتالي للخلايا خلال العمر، ما يؤدي إلى تغيير داخل جسم الإنسان، بجانب المؤثرات الخارجية مثل نشاط الجينيات المسببه للأورام، وأسباب كثيرة أخرى لا علاقة لها بالعمر، وبينها نشاط الخلايا المسببه للأورام، وتلف الماده الوراثيه (DNA)، والتوتر، والضغوط والتدخين، حيث تؤدي لتلف الخلايات ودخولها لمرحلة الشيخوخه.
إعادة الخلايا الشائحة لشبابهاكما أشار الدكتور هيثم شعبان، إلى أن هناك دراسة تضمنت مزج 4 بروتينات نووية "مركبات كيميائية"، تتفاعل مع المادة الوراثية للخلايا الشائخة، والتي عمل على إعادتها إلى حالتها الطبيعية، والخروج من الشيخوخة من خلال بحثه.
انضم لقناتنا الرسمية على تيليجرام لمتابعة أهم الأخبار لحظة بلحظةآليات الخروج من الشيخوخةوأوضح أنه عمل على تطوير تقنيات لتصوير كامل الجينوم لدراسه التغيرات الجينيه في الخلايا البشرية الحية، وأن هذه التقنيات ستجيب على أسئلة كثيرة متعلقة بإعادة تنظيم الجينوم للخروج من الشيخوخه، حيث تضمنت الدراسة الحديثه على خريطة لكيفية الكشف آليات الخروج من الشيخوخة بالاستفاده من هذه التقنيات.
أقراص تجدد الخلايا الشائخةوتوقع العالم المصري الشاب، أنه سيتم التوصل إلى أقراص قادرة على تجديد الخلايا الشائخة خلال 10 سنوات القادمة، حيث سيتم إعادة هذه الخلايات لعملها بكفاءة أفضل، مضيفًا أنه بذلك ستتلاشي مسببات الموت المرضية، وشدد في الوقت ذاته على أن الله سبحانه وتعالي سخر العلم، وهناك فارق بين الهرم والشيخوخة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدكتور هيثم شعبان عالم الجينوم المصري استعادة الخلايا الشائخة تجارب الفئران الخلایا الشائخة
إقرأ أيضاً:
ترميم الحقيقة في زمن «ما بعد الحقيقة»
قد يظن البعض أن عالم السوشيال ميديا وتكنولوجيا الجوالات المحمولة يشير إلى تقدم حقيقي، وقد يكون هذا صحيحاً جزئياً، لكنه لا ينطبق على جميع المجتمعات. في السياق العربي، قد تكون التكنولوجيا أحد العوامل المعرقلة، إذ تفتقر المجتمعات العربية إلى التقدم التراكمي المبني على أُسس متكاملة. ففي عالمنا العربي، حيث لم تمر التكنولوجيا بمراحل نضج كافية، نعيش في حالة من القفزات السريعة التي تفتقر إلى التأصيل، مما يؤدي إلى «تحديث التخلف».
لنوضح هذه الفكرة، يجب أن نتأمل مسار الثقافة والإعلام في العالم العربي. على الرغم من التحولات الإعلامية والثقافية التي شهدها العالم العربي، فإن معظم المجتمعات العربية لم تشهد نضجاً حقيقياً في أي مرحلة من مراحل التطور، بل مرّت بتغيرات سريعة، حيث تظهر تكنولوجيا جديدة قبل أن نستوعب السابقة. وهذا يخلق نوعاً من «القفزات» التي لا تبني أساساً معرفياً قوياً، بل يسهم ذلك في انهيار البنية المعرفية.
في الماضي، كانت المعرفة في المجتمعات العربية تُنقل عبر وسائل شفاهية، مثل الحكايات الشعبية، والشعر، والمواعظ الدينية. كانت الكلمة المنطوقة هي وسيلة الوعي الأساسية، والحامل للقيم الثقافية والدينية. في هذا السياق، كان هناك نظام صارم للتحقق من الأخبار، مثل الحديث الشريف الذي يعتمد على التواتر، وهو مشابه لأسلوب الصحافة الحديثة التي تتطلب تعدد المصادر لنشر الخبر. هذه الطرق كانت جزءاً من بناء عالم الحقيقة.
مع دخول المطبعة في بداية القرن التاسع عشر، تراجعت الوسائل الشفهية، وحلّت الكتابة المطبوعة بوصفها وسيلة رئيسة لنقل المعرفة. ورغم أن المطبعة قد هيأت المجال لنقل المعرفة، فإنها كانت محصورة في النخب السياسية والثقافية. ثم جاء اختراع المذياع في منتصف القرن العشرين، الذي أعادنا إلى مرحلة الشفاهة ولكن بشكل جماعي، حيث دخل الصوت كل بيت، لكنه لم يخلق ثقافة نقدية لاستقبال المعلومات، بل كان أكثر وسيلة للترفيه والدعاية السياسية.
في السبعينات والثمانينات، جاء التلفزيون، الذي أضاف الصورة إلى الصوت، لكنه بقي أداة دعاية سياسية أكثر من كونه وسيلة تعليمية. ومع دخول الكمبيوتر في التسعينات، تم دمج النص بالصورة، لكنه اصطدم بمستوى تعليمي وثقافي غير مهيأ، فظل أداة فردية محدودة. وفي منتصف عام العقد الأول من الألفية ظهرت السوشيال ميديا، التي جلبت ثورة كبيرة في سرعة وتنوع المعلومات، لكن ذلك كان من دون حراس بوابات التحرير، ومن دون تدقيق للمعلومات، فتراجعت الحقائق أمام الآراء والصور والعالم الحسي والمشاعر.
ومن هنا أخذ مصطلح «ما بعد الحقيقة» رواجاً، رغم أن المفهوم في صورته الأكاديمية كان أقدم من ذلك بكثير، لكنه أصبح أكثر شيوعاً بعد 2016 في سياقات مختلفة، مثل استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، ومجيء دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، حيث شنّ حملة شعواء على الميديا التقليدية التي تلتزم المعايير التحريرية والتدقيق المعلوماتي. في عالم «ما بعد الحقيقة» أصبح الرأي العام رهن التحيزات الشخصية والمشاعر، وابتعدنا كثيراً عن عالم الحقائق الموضوعية.
في العالم العربي، دخلنا عملياً في «زمن ما بعد الحقيقة» قبل 2016؛ لأن بنية الحقيقة نفسها لم تكن قد ترسّخت لدينا. لم تنشأ مؤسسات تحقيق قوية، ولا ثقافة إعلامية ناقدة، وضعفت مهارات التمييز بين الرأي والخبر، والمعلومة والشائعة وضرب الودع على الشاشات.
في هذا السياق تصدق منجّمة مرة في لقاء تلفزيوني فيصدقها العالم، ويخطئ عالم مرة فتضيع سمعة إنجازاته العلمية. منجّم يصيب مرّة واحدة في المائة فتنسحب المصداقية على كل أكاذيبه، ويخطئ عالم مرة واحدة في المائة فتسحب الثقة من 99 في المائة من علمه الذي هو صادق بالفعل، ويُرمى بالكذب.
تحديث التخلف عندنا كان ضحية تلك القوى المعطلة. مفهوم «القوى المعطلة» (disruptive forces) ظهر في التسعينات من القرن الماضي، وفحواه هو أن ابتكارات، مثل الإنترنت والجوالات الذكية، تهدم النظم القديمة، وتستبدلها بواسطة أخرى أكثر رشاقة وتأثيراً. مع مرور الوقت، أصبح هذا المفهوم يشمل مجالات أخرى، مثل الاقتصاد والسياسة والإعلام. في الإعلام، ومن هنا كانت السوشيال ميديا القوة المعطلة الأكبر، حيث أخرجت صناعة الإعلام من يد المؤسسات التقليدية ذات المعايير الصارمة إلى مؤسسات ما بعد الحقيقة، وصفحات «اليوتيوب»، و«فيسبوك»، و«إكس» التي يسيطر عليها أفراد لا يتمتعون لا بالمهنية، ولا بصرامة المعايير.
في حالة العالم العربي لم تسهم القفزات التكنولوجية في بناء بنية معرفية قوية، أو ثقافة التحقق من المعلومة. ومع دخول السوشيال دخلنا عالم النميمة، حيث تكون الشائعات أسرع انتشاراً من الحقائق.
لعب كل من الخوارزميات والكمبيوتر الكموني دوراً كبيراً في هذا التحول، إذ يُروج للمحتوى الذي يثير الانفعال والمشاعر بدلاً من المحتوى الأكثر دقة أو فائدة معرفية. وبذلك تسارعنا من بيئة معرفية هشة إلى بيئة أكثر هشاشة، وصولاً إلى عالم تختلط فيه الحقيقة بالرأي، والمعلومة بالدعاية، والخبر بالشائعة.
أصبح العالم العربي اليوم ضحية قوتين كبيرتين: عالم ما بعد الحقيقة، وعالم القوى التكنولوجية المعطلة التي ظاهرها التقدم وباطنها تخلف براق. ما زالت مقولة عالم الإعلام الكندي ماكلوهان قائمة: «الوسيلة هي الرسالة». ليس مهماً أن تكون لديك تكنولوجيا حديثة، ولكن الأهم ماذا تقول فيها أو تكتب أو تنشر. نحن لدينا أدوات حقيقية ومحتوى ما أحوجه إلى معايير صارمة تأخذنا بعيداً عن عالم ما بعد الحقائق إلى عالم الحقائق، وقد يكون الأمر أفضل لو مكثنا قليلاً في هذا العالم حتى ننضح.
(الشرق الأوسط اللندنية)