من أستراليا إلى الدانمارك.. لماذا تحظر دول منصات التواصل عن المراهقين؟
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
وتناولت حلقة "المرصد" بتاريخ (2025/12/8) تلك الموجة وبداية الأمر من المدارس والبيوت التي باتت تشكو الإدمان الرقمي، إذ تحذر تقارير تربوية من فقدان المراهقين تركيزهم الدراسي وانسحابهم من الحياة الاجتماعية، مما دفع حكومات إلى إعادة النظر في علاقة الأجيال الصاعدة بشركات التكنولوجيا العملاقة.
وفي أستراليا، تحولت المخاوف التربوية إلى تشريع مباشر، حيث أعلنت الحكومة عن حملة توعية كبرى تسبق تطبيق قانون جديد يحظر على من هم دون 16 عاما فتح حسابات على المنصات، مؤكدة أن الهدف هو حماية النشء لا معاقبتهم.
ويرى المسؤولون هناك أن الرسالة موجّهة بالأساس إلى الشركات الرقمية التي وصفوها بالعجلات التي تسحق أعمار الشباب، مطالبين المنصات بتحمّل مسؤولية التحقق من أعمار المستخدمين واستخدام تقنيات تضمن عدم التحايل على القانون.
أما الدانمارك فقد اختارت توجها أكثر حزما، إذ كشفت وزيرة الشؤون الرقمية عن مشروع قانون يرفع الحد الأدنى لاستخدام المنصات إلى 15 عاما، داعية الأسر إلى عدم السماح للأطفال الصغار بفتح حسابات مهما كانت الدوافع.
ويستند هذا التوجّه إلى دراسات تظهر أن المقارنة المستمرة التي تفرضها الصور والفلاتر على المراهقين ترفع معدلات القلق والاكتئاب، وتخلق سباقا وهميا نحو المثالية الرقمية يصعب على الأطفال تحمّل تبعاته النفسية.
التحقق الإلكترونيوفي ماليزيا، ارتفع سن الاستخدام القانوني إلى 16 عاما أيضا، وسط تحذيرات من انتشار محتوى غير ملائم وارتفاع حالات الاستغلال الرقمي، إذ تدفع السلطات نحو شراكات تقنية تتيح التحقق الإلكتروني من أعمار المستخدمين قبل التسجيل.
وتشير تجارب سابقة إلى أن منصات التواصل -رغم تحديدها سنا أدنى للاستخدام يبلغ 13 عاما- لا تمتلك آليات فعالة للتحقق من العمر، مما يجعل ملايين الأطفال مستخدمين فعليين دون أي رقابة أو ضمانات سلامة رقمية.
ويعبر مختصون عن خشيتهم من أن الإدمان الرقمي يبدل بنية العلاقات داخل الأسرة، إذ يقضي المراهقون ساعات طويلة في غرفهم، وينكمش التواصل الحقيقي لحساب تفاعلات افتراضية تفتقر إلى المعنى والعمق.
وفي الجانب الآخر، يخشى صناع المحتوى الشباب من أن تؤدي هذه القيود إلى تقليص فرصهم، فالمراهقة الأسترالية ديمي -التي ظهرت في الحلقة- تعتمد على منصات مثل "تيك توك" لتسويق تصاميمها، وترى في الانفتاح الرقمي مساحة لبناء مستقبل مهني مبكر.
قصص نجاح محدودةلكن الخبراء يشيرون إلى أن قصص النجاح تلك تظل محدودة مقارنة بالأثر الواسع لظاهرة الاستخدام المفرط، مؤكدين أن الأولوية يجب أن تبقى لسلامة الأطفال وحمايتهم من بيئة رقمية باتت معقدة وصعبة السيطرة.
وتفتح هذه الإجراءات نقاشا عالميا حول دور الحكومات في رسم حدود التفاعل الرقمي. فبين من يرى أن القيود تحمي الأجيال المقبلة، ومن يعتبرها تقييدا لحرية التعبير، تظل القضية مرشحة لمزيد من الجدل مع اتساع نفوذ شركات التكنولوجيا.
ويرى مراقبون أن التحولات التشريعية الحالية قد تمثل بداية إعادة صياغة العلاقة بين العالم الرقمي والمجتمع، خصوصا مع توسع الحديث عن تطوير أدوات تحقق بيومتري تضمن حماية المستخدمين صغار السن دون المساس بخصوصيتهم.
كما تطرح هذه النقاشات سؤالا أعمق عن طبيعة الطفولة في العصر الحديث: هل يمكن حماية الأطفال من المخاطر الرقمية من دون حرمانهم من فرص الإبداع والتعلم التي يوفرها الفضاء الإلكتروني؟
نذر مواجهة بين روسيا وأوروباكما تناولت الحلقة في جزئها الأول تصاعد التوتر بين روسيا وأوروبا، إذ حذّر قادة عسكريون أوروبيون من أن القارة مقبلة على مرحلة حساسة تستدعي استعدادا مبكرا، في ظل حديث عن احتمالات مواجهة عسكرية قد تتشكل ملامحها خلال الأعوام المقبلة.
وفي باريس أطلق جنرال فرنسي تصريحات صادمة تحدث فيها عن ضرورة استعداد أوروبا لمواجهة قادمة، في حين رأى وزير الدفاع البلجيكي أن موسكو قادرة على اختبار إرادة الاتحاد الأوروبي في أي لحظة خلال الأعوام المقبلة.
لكن روسيا وصفت تلك التحذيرات بالهستيريا الغربية، مؤكدة على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أنها لا ترغب في الحرب لكنها "جاهزة لها" إن فُرضت عليها، مما زاد من حدة التوتر بين الجانبين.
وتشير التغطيات الأوروبية إلى أن هذه التصريحات تثير قلق الرأي العام، خصوصا مع عودة لغة "التعبئة" و"التضحيات" إلى الخطاب الرسمي، في مشهد يعيد للأذهان ملامح الحرب الباردة وإن بوجه أكثر حداثة وتعقيدا.
Published On 9/12/20259/12/2025|آخر تحديث: 12:39 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:39 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أستراليا تُشعل ثورة رقمية: حظر شامل على دخول القُصَّر إلى مواقع التواصل
صراحة نيوز -أضحى من غير المسموح رسمياً، اعتباراً من الأربعاء، للقُصَّر دون سن 16 عاماً في أستراليا دخول منصّات التواصل الاجتماعي، في خطوة تُعدّ سابقة عالمية وتهدف إلى حماية الأطفال من الإدمان على تطبيقات مثل “إنستغرام” و”تيك توك” و”سنابتشات”.
ويشمل القرار مئات آلاف المراهقين الذين اعتادوا قضاء ساعات طويلة يومياً على تلك المنصّات، ما جعل أستراليا واحدة من أوائل الدول التي تفرض أكثر القيود صرامة على شركات التكنولوجيا العملاقة، كـ”ميتا” و”غوغل”.
ويحظر الإجراء على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتيك توك وسنابتشات وريديت وإكس فتح حسابات لمن هم دون 16 عاماً، كما يُلزمها بإغلاق الحسابات الموجودة مسبقاً، ويطال أيضاً منصّتي البث “كيك” و”تويتش”.
وتواجه الشبكات الاجتماعية غرامات تصل إلى 28 مليون يورو إذا لم تتخذ تدابير “معقولة” لضمان تنفيذ الحظر كما ينبغي.
ودخل القرار حيّز التنفيذ عند منتصف الليل بتوقيت سيدني وكانبيرا، ما يعادل 13:00 بتوقيت غرينتش الثلاثاء.
ومن المنتظر أن يستقطب تطبيق هذا الإجراء اهتمام السلطات في دول أخرى تُراقب التجربة الأسترالية عن كثب.
وعشية سريان الحظر، أوضح رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي أنّ شبكات التواصل تُستخدم كسلاح من قِبل المتحرشين والمرتكبين للعنف والمحتالين، محذّراً من أخطارها على القاصرين.
وأعرب عدد كبير من الأهالي عن ارتياحهم للخطوة، آملين أن تساعد في الحد من الإدمان على الشاشات والوقاية من التحرش والعنف عبر الإنترنت.
ومن بين المؤيدين للإجراء ميا بنيستر، التي حمّلت منصّات التواصل مسؤولية انتحار ابنها أولي (16 عاماً) بعد تعرّضه لمضايقات ومحتوى مؤذٍ.
وقالت الأم الثكلى إنها سئمت من تهرّب شركات التكنولوجيا من مسؤولياتها، معتبرة أن إعطاء الهواتف للأطفال يشبه “تسليمهم أخطر سلاح”.
أما المراهقون فقد بدوا غير مقتنعين، إذ رأى لايتون لويس (15 عاماً) أنّ الحكومة “لا تدرك ما تفعل”، وأن القرار “لن يكون له أثر حقيقي”.
ويستثني الحظر حالياً تطبيقات مثل واتساب وبنترست ولعبة روبلوكس، إلا أن الحكومة لا تستبعد توسيع اللائحة مستقبلاً.
ويمكن الوصول إلى بعض المنصات مثل يوتيوب دون إنشاء حساب، ما يجعل الرقابة أكثر تعقيداً.
واعترفت الحكومة بأن الحظر لن يكون مثالياً في بداياته، متوقعةً أن يلجأ بعض المراهقين إلى طرق للالتفاف على القرار.
ويُلزِم القانون الشركات بالتحقق من أنّ مستخدميها يبلغون 16 عاماً على الأقل، عبر تقنيات تعتمد غالباً على الذكاء الاصطناعي أو التحقق بالهوية.
وتشير الدراسات إلى أن الاستخدام المطوّل للإنترنت يضر بصحة المراهقين النفسية والجسدية، وهو ما يؤكده الأب داني إلاشي الذي يرعى خمسة أبناء.
وفي المقابل انتقدت شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل ميتا ويوتيوب، القرار الذي سيحرمها ملايين المستخدمين الصغار.
ولكنّ معظم الشركات أعلنت التزامها، إذ قالت ميتا إنها ستبدأ بإغلاق حسابات من هم دون 16 عاماً ابتداءً من الخميس.
وأفادت مجموعة مدافعة عن حرية الإنترنت أنها تقدّمت بطعن أمام المحكمة العليا ضد القرار.
وتعتزم دول مثل نيوزيلندا وماليزيا السير على خطى أستراليا بفرض قيود مشابهة على استخدام المراهقين للمنصّات الرقمية.