ياسين سعيد نعمان يهاجم الأنظمة السابقة ويحذر من استقطابات كارثية ويدعو شخصية محنكة لإنقاذ اليمن
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
هاجم السفير اليمني لدى المملكة المتحدة ياسين سعيد نعمان، الأنظمة السابقة التي وصفها بالسلطات القديمة، متهما إياها بإدارة البلاد بالأزمات وبالتناقضات والخلافات التي تنشأ بين فرقاء السلطة ومن مواقعهم المختلفة.
وقال نعمان في منشور على صفحته الرسمية بالـ"فيسبوك" اطلع عليه "المشهد اليمني" : "كنا نخاف من الدولة ثم أصبحنا نخاف عليها.
الخيار الوحيد لاستقرار اليمن
وأضاف: "كل ما يمكن قوله اليوم هو أنه لا بد أن تسفر هذه الكارثة عن تعظيم قيمة الدولة بمؤسساتها وقوانينها ومدنيتها في حياة اليمن واليمنيين، وأن على أولئك الذين ظلوا يضعون أنفسهم فوق الدولة، أو تفصيلها على مقاساتهم، أن يقفوا في طابور بناء الدولة بنظامها المؤسسي والمدني والتي يصبح الشعب فيها هو مصدر السلطة ومالكها، فذلك هو الخيار الوحيد لاستقرار اليمن وبنائه وتحويله إلى وطن".
وأشار نعمان، وهو أيضا رئيس وزراء ووزير يمني سابق، يشغل منصب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني حالياً، إلى أن "السلطة في اليمن ظلت، في معظم الأحيان، تدار بالأزمات، وأحياناً بالتناقضات والخلافات التي تنشأ بين فرقاء السلطة ومن مواقعهم المختلفة".
وأضاف: "في ما مضى كان لهذا الوضع أسبابه المختلفة، والتي يأتي في مقدمتها عدم ثقة الرجل الأول في إخلاص القيادات التي تعاونه وخوفاً من أن تتحالف ضده. انعكس كل ذلك على إدارة الدولة بصورة سلبية، تمثلت في تضخيم الأجهزة الأمنية وتحويل السلطة إلى سلطة بوليسية، وشاعت المكايدات والمؤامرات بين أجهزة السلطة.. وبات الحاكم، الذي كان يعتقد أن تدوير الأزمات والخلافات من حواليه تؤمن بقاءه في الحكم، في وضع المواجهة مع تدهور أوضاع الدولة والبلاد، وهو ما شهدناه في تجارب وحالات كثيرة" .
ورأى نعمان أن الأمور اليوم "لا بد أن تتغير، لأن جانباً أساسياً من وظيفة السلطة ومؤسساتها وأجهزتها هو الدفاع عن دولة منهوبة، يتوقف مستقبل البلاد على استعادتها وتسليمها للشعب، وهي مهمة تاريخية لا يمكن أن يقوم بها إلا مبادرون تاريخيون قادرون على تجاوز تجارب السلطات القديمة".
استقطابات كارثية ورجل المرحلة
وبعد أن أشار إلى أن "الخلاف حول مسائل تتعلق بإدارة الدولة هو شيء طبيعي"، قال: "ما هو غير طبيعي يتمثل في تحويل أسباب هذه الخلافات إلى صخب إعلامي يتجاوز أسباب الخلاف إلى ما هو أبعد من ذلك، ولا ينتج عنه سوى المزيد من تيئيس الناس وإرباكهم فوق ما هم فيه من وضع كارثي" .
وأضاف: "أعتقد أن الأخ رئيس مجلس القيادة لديه من الخبرة الطويلة ما يجعله مدركاً لهذه الحقيقة التي يتعين عليه أن يستخدمها في هذه اللحظة التي أخذت فيها مساحات التباعد بين مؤسسات السلطة تتسع وتتزايد، ومنها وإليها تتسلل تعقيدات واستقطابات ستنعكس بشكل أكثر سوءاً على البلاد".
وأكد ياسين سعيد نعمان أنه "بات من المهم أن يدعو الرئيس إلى إجتماع موسع لقيادة السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس القيادة والحكومة وقيادات السلطة التشريعية، مجلسي النواب والشورى، والسلطة القضائية، للوقوف أمام تداعيات هذا الوضع، ومن خلاله يستطيع أن يقيم أهلية هذه المنظومة في التصدي للمهام الموكلة إليها".
وأضاف أن "مثل هذا الاجتماع لا بد أن يضع حداً لهذا الموروث السلبي لإدارة السلطة والدولة، ولا بد من الاعتراف بأن الخلل بنيوي، وأنه لا داعي للتغطية على حقيقة يصعب مواجهتها دون الرد على السؤال عن ما إذا كان المتصدرون للمشهد مبادرين تاريخيين أم امتداداً لتجارب الماضي".
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد االعليمي، عقد نهاية مايو الماضي، اجتماعًا مشتركًا للسلطة التشريعة برئاسة رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، ورئيس مجلس الشورى الدكتور احمد بن دغر؛ ورؤساء الكتل البرلمانية، وأكد خلال ذلك، تمسك المجلس بالقضية المركزية للشعب اليمني.
وشدد العليمي على الدور الوطني الرائد للمؤسسة التشريعية بغرفتيها النواب والشورى في تعزيز وحدة الصف حول هدف استعادة مؤسسات الدولة وانهاء انقلاب المليشيا الحوثية المدعومة من النظام الايراني.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: رئیس مجلس
إقرأ أيضاً:
النعمان في توثيق شامل للحظات صالح الأخيرة.. رسائل الوداع ومعنى الانتفاضة
في الذكرى الثامنة لانتفاضة ديسمبر التي انتهت بمقتل الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح على يد ميليشيا الحوثي، يصدر الكاتب والسياسي لطفي فؤاد نعمان أول كتاب توثيقي شامل يتناول الساعات الحاسمة التي سبقت رحيل صالح، تحت عنوان "علي عبدالله صالح.. الانتفاضة: الوداع 2–4 ديسمبر 2017م".
ويمثّل هذا العمل محاولة جادة لفتح ما ظل منسحبًا على الغموض لسنوات، وتقديم قراءة موسّعة لما حملته كلمتا صالح الأخيرتان من دلالات سياسية وشخصية وتاريخية، عبر نصوص موثقة وتحليل يعيد رسم المشهد اليمني في لحظات الانهيار الأكبر للتحالف بين المؤتمر الشعبي العام وميليشيا الحوثيين.
بدأ نعمان كتابه مقدمة تحليلية طويلة توضّح كيف تحولت تلك الأيام القليلة من ديسمبر إلى نقطة انعطاف غير مسبوقة في مسار الحرب اليمنية. فالكلمتان اللتان ألقاهما صالح، واحدة في الثاني من ديسمبر مع اندلاع المواجهات في صنعاء، والأخرى فجر الرابع من الشهر ذاته قبل ساعات قليلة من مقتله، لم تكونا مجرد خطابات عابرة، بل حملتا – كما يصف المؤلف – ما يشبه الوصية السياسية والصرخة الأخيرة لشخص ظل حاضرًا في المشهد اليمني لأكثر من ثلاثة عقود.
ويرى نعمان أن هاتين الكلمتين شكّلتا محاولة من صالح لقراءة الواقع السياسي وتحديد المسؤوليات أمام التاريخ، ولإيضاح الظروف التي قادت إلى لحظة الصدام الحاسمة مع الحوثيين.
ويقدّم الكتاب سردًا تفصيليًا لتحولات صنعاء قبل انفجار الصراع، بدءًا من اقتحام الحوثيين لمجلس صالح ومنازل قيادات المؤتمر، مرورًا بالاشتباكات المتصاعدة التي اجتاحت أحياء العاصمة، ووصولًا إلى دعوة صالح أنصاره للخروج دفاعًا عن الجمهورية وانقاذ الوطن من قبضة الجماعة.
ويعرض المؤلف النص الكامل لكلمة الانتفاضة التي اعتبرها "بيانًا أوليًا" موجّهًا لليمنيين جميعًا وليس لأنصار المؤتمر فقط، حيث تحدّث فيها صالح عن "الممارسات العدوانية" للحوثيين، وانتقد تماديهم في انتهاك الدولة والمؤسسات وفرض القوة المسلحة على الحياة العامة، قبل أن يعلن بشكل واضح أن "الصفحة يجب أن تُطوى، وأن على الجميع فتح صفحة جديدة مع التحالف العربي وضد المشروع الحوثي".
أما كلمة الوداع، التي سجّلها صالح قبل مقتله بساعات قليلة، فيقدّمها نعمان بوصفها اللحظة التي بلغ فيها الصراع أقصى درجاته. ففي هذا الخطاب يتحدث صالح بصوت ثابت رغم الخطر الداهم، ويؤكد أنه "لم يخن اليمن يومًا"، وأنه ظل "عميلًا لهذا الوطن، ولنسائه ورجاله وأطفاله"، في إشارة أراد بها – بحسب قراءة المؤلف – تحرير نفسه من أي اتهامات سياسية، وتأكيد أن موقفه الأخير لم يكن سوى استجابة "لفريضة وطنية" فرضتها الأحداث على الجميع.
ويشير الكتاب إلى أن هذه الكلمة جاءت محمّلة برسائل ضمنية تعكس إدراك صالح لخطورة الموقف، ووعيه بأن اللحظة قد تكون الأخيرة، وأن ما سيحدث بعدها سيتحول إلى فصل جديد في تاريخ اليمن.
ويغوص نعمان في تحليل اللحظات التي أدت إلى انهيار التحالف بين الحوثيين وصالح، موضحًا أن الخلاف لم يكن وليد ساعات ديسمبر الأخيرة، بل نتيجة تراكمات طويلة من عدم الثقة وحيّز القوة ورفض الجماعة لأي شراكة حقيقية في الحكم. ويشير الكاتب في تحليله إلى أن صالح، حتى اللحظة الأخيرة، كان يحاول أن يجد مخرجًا سياسيًا يعيد ترتيب المشهد ويحافظ على قدر من التوازن في صنعاء، إلا أن إصرار الحوثيين على الحسم العسكري أنهى كل الخيارات المتاحة ودفع الأمور إلى نقطة اللاعودة.
ويعرض الكتاب أيضًا جانبًا من الأجواء الإنسانية والنفسية السائدة في تلك اللحظة، موضحًا أن المقر الذي كان يتحصن فيه صالح شهد حركة مكثفة من الرسائل والمناشدات الاتصالية، بعضها كانت لإيقاف القتال، وأخرى كانت لتجنيب المدنيين ويلات المواجهات.
ويرى نعمان أن هذه التفاصيل تؤكد أن صالح لم يكن يستعد لمعركة انتحارية، بل كان يحاول – كما يقول المؤلف – إعادة ترتيب قواعد اللعبة السياسية، لكنّ الديناميكيات العسكرية كانت أسرع من أي تسويات ممكنة.
ويمثل هذا الإصدار أول كتاب يجمع النصوص الأصلية لكلمتي صالح الأخيرتين، ويضعهما في سياق سياسي وعسكري واسع، ليكون مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ اليمن الحديث. كما يسهم الكتاب في فتح باب النقاش حول أثر تلك اللحظات على مسار الحرب اليمنية، وكيف أعادت تشكيل التحالفات السياسية والعسكرية في السنوات اللاحقة.
وبصدور هذا العمل، تكتمل حلقة كانت ناقصة في سردية ديسمبر 2017، إذ يوفر نعمان من خلاله مادة توثيقية وتحليلية تتيح للقارئ فهم ما جرى في تلك الأيام القاتمة، وكيف تحولت كلمات صالح الأخيرة إلى صفحة أخيرة في مسيرة سياسية امتدت لعقود، وإلى نقطة فارقة أعادت رسم خريطة الحرب والمشهد اليمني برمته.