جريدة الوطن:
2025-06-25@11:46:00 GMT

لم تحرموا ما أحل الله لكم«2»

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

توقفناـ أحبتنا الكرام ـ عند معجزة الله تعالى في خلقه التي جعلها ظاهرة لكل حي على وجه هذه البسيطة ألا وهي تنوع الأفكار والصنائع وسبل العيش،فسبحان الذي خلق البشر مختلفين لتعمر الأرض وتزدهر، بل وأمر الله تعالى عبادة بالعمل كل في مجاله وحسب قدراته وعطاءه وصنعته، (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة ـ 105)،يقول الشوكاني (فتح القدير 2/ 455):(قوله:”وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” فيه تخويف وتهديد أي: إن عملكم لا يخفى على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين، فسارعوا إلى أعمال الخير، وأخلصوا أعمالكم لله عز وجل، وفيه أيضًا ترغيب وتنشيط، فإن من علم أن عمله لا يخفى سواء كان خيرًا أو شرا رغب إلى أعمال الخير، وتجنب أعمال الشر، وما أحسن قول زهير:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وفي (صحيح البخاري 6/ 171):(عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: “كَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ، فَقَالَ: “مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَالَ: “اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ”، ثُمَّ قَرَأَ:(فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَ) (الليل 5 ـ 6)، ومن هنا وجب على كل صاحب صنعة أن يتقي الله في صنعته، وكل عامل يتقي الله في عمله، وكل موظف يتقي الله وظيفته، وكل بناء يتقي الله في بناء، وهكذا في كل شيء، وهنا سؤال يصر أن يطرح نفسه على آذاننا، ألا وهو: إذا أتقن كل ذي عمل وصنعة عمله وصنعته، فهل يكون رزقه وما كل اكتسبه حلال أم حرام؟ والإجابة تتسارع إلى أبواب الكلام تريد أن تخرج قبل أن ينطق بها اللسان قائلة: إن رزقه وما اكتسبه حلال حلالحلال، وهنا يستشعر القلب أحزانا تجرحه وتدميه ومشاعر تكسره وتثنيه، تلكم المشاعر التي يعاني منها معظمنا، ألا وهي: الغش وعدم الإتقان الانسلاخ من الحلال واستحباب الكسب الحرام من حضور ذلكم الوجه القبيح وهو الغش، وغياب ـ عن قصد ـ للإتقان، وعلى سبيل المثالالبناء الذي يبني البيت تجد أن أجرته من عرق جبينه وهي عين الحلال، ثم يحرمها على ويجعلها ليس بالحلال النقي لأنه يغش في بناء ولا يتقنه،ولا يقوم به حق القيام، على الرغم من أنه أخذ حقه المتفق عليه كاملا غير منقوص، وقس على ذلك ـ أخي الكريم ـ ما نراه كل يوم من الغش وعدم الإتقان والمخادعة والكذب والنفاق ومخالفة المواعيد والتدليس والمداهنة والإقناع بالكلام الباطل لمن لا يعلم واستغلال الصادقين من الناس لخيانتهم وقس على ذلك الكثير والكثير من ألوان الغش والكذب والتدليس على الناس، والأعجب من ذلك أنه يجعل ضحيته تتركه وهي سعيدة بهجة، وبعد قليل من الوقت تظهر له تلك المعاملة الكاذبة المغطاة بالصدق، يظهر له العيب بل قد تكون أحيانا عيوبا كثيرة، ولكنه يدرك ذلك بعد فوات الأوان، ونسأل هذا البناء الذي لم يتق الله في بناءه، وخادع الناس أقول له أبشر، أولًا: غضب الله تعالى ورسوله،وثانيًا: رزقك حرام اكتسبته بغير حق، وثالثًا: فساد في عملك وأهلك وعبادتك.


وأختم حديثي بإيداع هذا الحديث في قلوب هؤلاء،(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ:”يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”(المؤمنون ـ 51)، وَقَالَ: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ” (البقرة ـ 172)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟)(صحيح مسلم 2/ 703).

محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الله فی ى الله

إقرأ أيضاً:

«المركز الوطني للامتحانات» يتخذ قراراً صارماً بشأن الغش الإلكتروني

أصدر مدير عام المركز الوطني للامتحانات، أحمد مسعود، القرار رقم (42) لسنة 2025، بشأن إلغاء امتحان مادة اللغة الإنجليزية لعدد سبعة طلاب من طلاب شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي بقسميها العلمي والأدبي، في الدور الأول للعام الدراسي 2024–2025، وذلك بعد ثبوت تورطهم في الغش الإلكتروني عبر تداول ورقة الامتحان على منصات التواصل الاجتماعي أثناء زمن الامتحان.

وجاء القرار استناداً إلى تقرير لجنة الغش الإلكتروني رقم 10 لسنة 2025، المؤرخ في 22 يونيو 2025، وتطبيقاً للمادة (116) من لائحة تنظيم شؤون التربية والتعليم رقم (1013) لسنة 2022، التي تنص على إلغاء الامتحان في حال ثبوت المشاركة في أعمال الغش.

وشمل القرار الطلبة الواردة أسماؤهم في قوائم اللجان الامتحانية بعدد من المناطق التعليمية، من بينها سوق الجمعة، بنغازي، اجدابيا، ومصراتة، موزعين على مدارس “عمر بن العاص”، “عبد الرحمن بن عوف”، “الهداية”، “المجد”، و”الأمير”.

وأكد المركز في نص القرار أن الإجراءات المتخذة تأتي في إطار حماية نزاهة الامتحانات الوطنية وضمان مبدأ تكافؤ الفرص، مشددًا على أن الغش الإلكتروني يعد انتهاكاً صارخاً لضوابط العملية الامتحانية.

وأشار القرار إلى أنه يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من تاريخ صدوره في 23 يونيو 2025، وعلى الجهات المعنية اتخاذ ما يلزم لتنفيذه.

آخر تحديث: 23 يونيو 2025 - 17:52

مقالات مشابهة

  • النيابة تطالب بسرعة التحريات فى اتهام طالب ثانوية بالغش بسماعة
  • لأول مرة منذ بدء الامتحانات.. جروبات الغش تفشل في تداول أسئلة الثانوية العامة
  • هشام عبد العزيز: الإسلام رسالة أخلاق وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
  • وزارة التربية: إجراءات مشددة ضد الغش وانتحال الشخصيات في الامتحانات
  • الإمام الأطروش.. الداعية الإسلامي الحصيف والمَثَلُ الأعلى للمُبَلِّغيْن والقادة في عصرنا الراهن
  • «المركز الوطني للامتحانات» يتخذ قراراً صارماً بشأن الغش الإلكتروني
  • محمد بن راشد: رحم الله محمد عبيد الله.. أحد رجال الإمارات المخلصين
  • «افتح ودنك».. حقيقة الاستعانة بأطباء لكشف «سماعات الغش» بلجان الثانوية | خاص
  • التحقيق مع طالب ثانوي بتهمة الغش خلال الامتحان في الجيزة
  • كيف تحصن نفسك من الحسد والسحر؟.. الأزهر للفتوى يكشف 4 طرق مجربة