بعد انخفاض قواتها بالمنطقة.. هل فقدت فرنسا نفوذها في أفريقيا؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
نشرت مجلة ''لكسبرس'' الفرنسية، تقريرا، تحدثت فيه عن تراجع النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية، حيث تواجه فرنسا صعوبات في ضمان حماية مصالحها وتحقيق أهدافها في أفريقيا.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "إيمانويل ماكرون أكد في خطابه الذي ألقاه في 27 شباط/ فبراير الماضي، حول المحاور الرئيسية لسياسته الخارجية تجاه القارة، أن أفريقيا أصبحت أرضًا للمنافسة من الناحية العسكرية".
وذكرت المجلة أنه في أعقاب الانسحاب القسري من مالي، في آب/ أغسطس 2022، ومن بوركينا فاسو، تحت ضغط المجلس العسكري، كان "الجيش الفرنسي يعتزم استعادة السيطرة على أجندته، لكنه لم يملك الوقت الكافي؛ ومنذ 26 تموز/ يوليو، قام الانقلاب العسكري في النيجر بتعديل أوراق الموظفين حيث يطالب الانقلابيون برحيل 1500 من الجنود الفرنسيين، الذين يتمركزون في مطار نيامي".
وتابعت: "بينما ترفض باريس، ترك الرئيس محمد بازوم، الذي يتم احتجازه حاليا، ولا تعتزم الاستجابة للتهديد، على الرغم من بدء المحادثات هذا الأسبوع. وفي الغابون، حيث تم الإطاحة بالرئيس علي بونغو في 30 آب/ أغسطس، تظهر الحكومة أكثر تسامحًا، حيث إن هناك شكوك حول نزاهة الانتخابات في هذا البلد".
من جانبه، تساءل الوزير السابق ومؤلف تقرير سنة 2019 عن إحياء الوجود الاقتصادي الفرنسي في إفريقيا، جاك شيراك، عن حاجة فرنسا للاحتفاظ بهذه القواعد بالقول: "إنها موجودة لأن الأفارقة أرادوها. وإذا كانوا لا يريدون ذلك، فلنحيط علما به. لا تمتلك إنجلترا ولا ألمانيا مثل هذه المرافق وتعيشها بشكل جيد للغاية. وفيما يتعلق بهذه القضايا، يجب أن نكون عمليين. فليس من المؤكد أن فرنسا ستفقد سيطرتها وقوتها إذا تم تقويض تلك القواعد''.
وبحسب معلومات كشفت عنها المؤسسة الفرنسية للتأمين على التجارة الخارجية ''كوفاس''، فإنه من الناحية التجارية، فإن "التراجع الذي تشهده فرنسا واضح"، حيث أم "حصة السوق الفرنسية في القارة الأفريقية تقلصت بأكثر من النصف خلال عشرين سنة، حيث تراجعت من 10.6 بالمئة في سنة 2002 إلى 4.4 بالمئة في سنة 2021".
وأضاف المصدر نفسه، بأنه "بينما استمرت حصص الصين بـ18.8 بالمئة، والهند بـ5.6 بالمئة، وتركيا بـ3.2 بالمئة، في الارتفاع باستمرار. على سبيل المثال، انسحبت البنوك الفرنسية، مثل بنك " بي بي سي إي"، في سنة 2018 من الكاميرون ومدغشقر والكونغو. وفي السنة التالية، انسحب بنك "بي إن بي باريبا" من الغابون وبوركينا فاسو وغينيا. وأخيرا، في حزيران/ يونيو الماضي، أعلنت الشركة العامة مغادرتها تشاد والكونغو وموريتانيا".
إلى ذلك، ذكرت مجلة ''لكسبرس'' الفرنسية أن هذه العمليات التي تُعرف بـ"إعادة التركيز، تبرر دائمًا بوجهة نظر استراتيجية أو مالية بارزة"، ممّا جعل الخبير الاقتصادي ورئيس معهد شوازيل ومؤلف كتاب "صدمة السيادات"، باسكال لورو، يقول: "إن السبب الرئيسي لهذه الانسحابات غالبًا ما يكون قانونيًا حيث إن 'فرنسا أنشأت تشريعا صارما للغاية لمكافحة الفساد يؤثر على المنافسة والقدرة على الاستجابة للمناقصات. ولدى الشركات الفرنسية الكبرى، وخاصة تلك المدرجة، مخاوف كبيرة من المخاطر وباتت اليوم تفضل التخلي عن هذه الأسواق".
"تعديلاً ضريبيًا بدون مشاكل"
في مقر الشركة الفرنسية الرائدة في مجال الأعمال العامة، وصف مدير معتاد على هذه القضايا الطرق المختلفة للحصول على عقد. وجميعها تتعارض مع قانون سابان 2، الذي تم التصويت عليه عام 2016؛ فيما يتعلق بالخيار الأول، تفرض عليك الدولة التعاقد من خلال مستشار يوقع نيابة عنك ويطلب منك الرشوة. أما الخيار الثاني، فإنك تتلقى تعديلاً ضريبيًا هائلاً يقلل من هامشك بالكامل في نهاية المشروع، وبدون أي مشاكل حتى الآن''.
يشار إلى أن "الحل الوحيد هو الاستعانة بوسيط يتفاوض نيابة عنك مع الإدارة المحلية مقابل مبلغ ضخم من النقود. والخيار الثالث هو "تكاليف التسهيل"، هي مغلفات متنوعة يتعين عليك دفعها لتسريع إجراءات الجمارك للمعدات المحجوزة في الموانئ. بدون أجهزتك، لا يمكنك البدء، وتسمح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لشركاتها بدفع هذه التكاليف".
وفي السياق نفسه، يقترح مفوض الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، والخبير الاقتصادي، التوغولي كاكو نوبوكبو، أن "الشركات الفرنسية تكتسح المجال حيث يمكنها بكل تأكيد أن تتنافس مع شركات الدول الناشئة، أو من أي مكان آخر. شريطة أن تحدد مزاياها النسبية الخاصة، وأن تنهي عصر الاقتصاد الإمبراطوري".
وأضاف الخبير الاقتصادي أنه "منذ وصول جورجيا ميلوني إلى السلطة، تسعى إيطاليا لتصبح الشريك المفضل لأوروبا في القارة. وفي الخامس والسادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ستُعقد قمة إيطاليا-أفريقيا في روما لتحقيق هذا الطموح".
كما أوضحت مجلة ''لكسبرس'' الفرنسية أنه "من الصعب تقليص وجود فرنسا في مستعمراتها السابقة بسبب ظهور روسيا وميليشياتها العسكرية، والصين وعمالها المستعبدين اقتصاديًا.
ويقول رجل أعمال فرنسي، وهو صاحب مشروع في النيجر: "لم نعد نعرف كيف ندافع عن مصالحنا، نحن نرفع الرموز، مثل هذا القانون لاسترداد الأعمال الفنية إلى أفريقيا. الناس في الشوارع لا يهتمون، لا يذهبون إلى المتحف''.
وذكرت المجلة نقلا عن أستاذ في مدرسة الاقتصاد في باريس، دينيس كوجنو، أن "فرنسا تحتفظ بميزة رئيسية في هذه المنافسة، حيث تظهر جميع النماذج أن التبادل التجاري متطور بين الدول التي تتحدث نفس اللغة" موضحا أنه ''لدينا تاريخ، ومؤسسات مشتركة؛ وسيبقى هناك بالتأكيد رابط يجمعنا؛ ويعتبر تضاءل هذا الرابط مع مرور الوقت أمرا طبيعيا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة فرنسا أفريقيا ماكرون مالي الجيش الفرنسي فرنسا أفريقيا مالي الجيش الفرنسي ماكرون صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
عامل إغاثة إيطالي: فقدت الثقة في الإنسانية بسبب أوضاع غزة
رسم عامل إغاثة إيطالي –في حوار له مع موقع "إنسايد أوفر"- لوحة قاسية عن الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدا أنه رأى هناك المعنى المؤلم لهول كارثة إنسانية لم تتكشف كل فصولها بعد.
وقال الموقع الإيطالي إن ماتيا بيدولي -الشهير على منصات التواصل بلقب "فليب" لاستخدامه ألعاب الخفة وسيلة لإدخال القليل من الفرحة لقلوب من خسروا كل شيء- نذر أكثر من عقد من حياته للعمل في أخطر بؤر النزاع عبر العالم، وإنه أكد فقد ثقته في الإنسانية بسبب صمت العالم عما يعانيه سكان غزة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نشطاء بأميركا يبدؤون إضرابا عن الطعام 40 يوما لأجل غزةlist 2 of 2واشنطن بوست: خطة المساعدات الإسرائيلية لغزة خطيرة وغير قابلة للتنفيذend of listوشدد بيدولي على أن "الإنسانية لم تعد هي التي تحكمنا، بل تحكمنا مصالح أخرى، ونرى ذلك جليا في جميع أنحاء العالم، إن ما يحدث هنا يُنقل على الهواء مباشرة 24 ساعة في اليوم، كل يوم، والأمور معروفة ومرئية، لكننا لا نأبه بما يحدث".
الوضع كارثيوعند سؤاله عن الفروقات الجوهرية التي لمسها بين غزة وغيرها من ساحات النزاع التي عمل بها، بما في ذلك أوكرانيا، أكد بيدولي أن غزة مكان مختلف تماما عن أي مكان آخر، وأنها أصعب منطقة ذهب إليها.
وأول الأسباب -من وجهة نظره- صعوبة دخول عمال الإغاثة إلى القطاع المحاصر، وإن نجحتَ في الدخول تبدأ الصعوبة الأكبر، إذ لا توجد منطقة آمنة في غزة، عكس أوكرانيا.
إعلانأيضا في غزة -يتابع بيدولي- الوضع مغاير تماما لأي مكان آخر، فالمواجهة ليست بين جيشين، فلا توجد دبابة فلسطينية، ولا يوجد جيش فلسطيني.
وقال إن أكثر ما فاجأه هو قدرة الغزيين الهائلة على الصمود، وأضاف أن من ضمن فريق عمله توجد طبيبة نزحت داخل قطاع غزة 8 مرات.
وتابع أن نقص الغذاء والأدوية يزيد الأوضاع سوءا، ففي غزة يموت الكثيرون بسبب الالتهابات لعدم توفر المضادات الحيوية، ويخضع الأطفال لعمليات جراحية دون تخدير، وهناك مستشفيات ومراكز تابعة لمنظمات دولية تجد نفسها مضطرة للاختيار بين المرضى نظرا لعدم كفاية الموارد الطبية.
لا نداءوبحسب الموقع الإيطالي، عندما سُئل بيدولي عن النداء الذي يريد توجيهه للعالم بشأن غزة، قال بمرارة ويأس "في العادة، كنت سأجيب، لكن ما حدث هنا أفقدني الأمل تماما في الإنسانية".
يُذكر أن وزارة الصحة في غزة أفادت اليوم السبت أن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى 54 ألفا و381 شهيدا، و124 ألفا و54 مصابا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما قالت حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط إن أطفال غزة يموتون جراء الجوع والمجاعة اللذين وصلا إلى مستويات مرتفعة للغاية، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق، حيث تحدث وفيات بين الكبار والصغار بسبب نقص الغذاء والدواء.
وأضافت أن المجاعة في غزة بلغت مستويات مرتفعة للغاية، والناس في أمسّ الحاجة إلى الغذاء والتغذية الأساسية.
وبحسب المسؤولين في غزة، تواصل إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بالقطاع المحاصر، عبر إغلاق المعابر لمدة 90 يوما في وجه المساعدات المتكدسة على الحدود، مما أدخل القطاع المدمر مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.