السيسى يتحدى نموذج بونجارتس ويقرر خفض خصوبة المصريين
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
إن عدد المواليد في مصر يجب ألا يتجاوز 400 ألف مولود سنويا لتعويض العجز الموجود في الموارد"، وأضاف عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة والتنمية؛ المنعقد في العاصمة الإدارية من 5 إلى 8 أيلول/ سبتمبر 2023: "أنا ضد الحرية المطلقة في الإنجاب لأن الحرية دي ممكن تمثل كارثة للبلد والمجتمع كله"، وأعلن عن منح صلاحيات أوسع للمجلس القومي للسكان.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن في تقريره الرسمي عن تراجع معدل المواليد في البلاد بنسبة 30 في المائة منذ عام 2015، ليصبح 21.2 لكل ألف نسمة سنة 2021، في حين أن تصريحات السيسي تعني أن معدل المواليد يجب أن يكون في حدود 4 أطفال فقط لكل ألف نسمة سنويا خلال السنوات العشرين القادمة.
معدل الخصوبة والذي شهد تراجعا ملحوظا في مصر في السنوات الماضية، وأهميته في متابعة الحالة الديموغرافية:
معدل الخصوبة هو نسبة عدد الأطفال المولودين خلال عام الى عدد النساء في سن الحمل والإنجاب (15 إلى 49 سنة) عند منتصف نفس العام، وهي هنا عملية حسابية حسب معادلات رياضية ديموغرافية معتمدة عالميا، وبالتالي فإن معدل الخصوبة يتأثر بعدد المواليد خلال السنة، أيضا بعدد السيدات القادرات على الإنجاب (وهو عدد التراكمي حصيلة سنوات سابقة). ويعتبر استخدام وسائل منع الحمل هو المساهم الرئيس في انخفاض الخصوبة.
ويوجد تراجع واضح لمعدل الخصوبة في مصر، من 6.8 طفل لكل سيدة عام 1960، ليصبح 3.4 طفل لكل سيدة عام 2015، ثم تراجع آخر ليصبح 2.8 طفل لكل سيدة عام 2021. وهذا التراجع الواضح في معدل الخصوبة يتناسب طرديا مع التراجع الواضح أيضا في معدل المواليد؛ والذي كان 35 في الألف عام 1985 عند بدء إنشاء المجلس القومي للسكان، وأصبح 21.2 في الألف فقط عام 2021.
مستهدفات المجلس القومي للسكان واستحالة التنفيذ بوحدات ومستشفيات وزارة الصحة:
في عام 1990؛ كان المجلس القومي للسكان تتم الاجتماعات فيه بحضور رئيس الجمهورية حسنى مبارك، وكان للمجلس مقرر نشيط جدا وينوب عن الرئيس غالبا، هو الدكتور ماهر مهران، أستاذ النساء والتوليد والخبير السكاني، ويتبعه في كل محافظة مكتب للسكان وتنظيم الأسرة ويتم عقد اجتماعات دورية برئاسة المحافظ تحت اسم "المجلس الإقليمي للسكان"، وبحضور جميع رؤساء المصالح الحكومية، لبحث الخطط ودراسة المشاكل والمعوقات وعرض الإنجازات.
وقد تم إنشاء المجلس القومي للسكان عام 1985 برئاسة رئيس الجمهورية، وبتمويل أساسي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو هيئة المعونة الأمريكية (USAID_EGYPT)؛ ويهدف إلى مواجهة المشكلة السكانية من خلال ثلاثة محاور: الأول هو المسح السكاني الصحي، والثاني يشمل تنمية مهارات القائمين على العمل السكاني، في حين يختص المحور الثالث بتمويل وإجراء البحوث في مجال السكان وتنظيم الأسرة. وتم تعديل التبعية عام 1996 ليصبح المجلس برئاسة رئيس الوزراء، ثم عدلت التبعية مرة أخرى عام 2002 ليصبح تابعا لوزارة الصحة والسكان، باعتباره إحدى قطاعات الوزارة وله مدير مختص.
وبصفتي كنت مديرا لإدارة السكان وتنظيم الأسرة بالصحة في محافظة دمياط بشمال الدلتا وقتها؛ فقد وصلتني الخطة السنوية من المجلس القومي للسكان في القاهرة، وفيها المستهدفات السكانية مثل عدد المستخدمات لوسائل منع الحمل، وأعداد ونوعيات الوسائل المستهدف توزيعها، إضافة إلى عدد من المؤشرات المستهدفة، مثل خفض معدل المواليد وزيادة عدد سنوات الحماية (وتعنى فترة فعالية كل وسيلة في منع الإنجاب)، إضافة إلى معدلات الخصوبة والزيادة السكانية.
وكانت آلية وضع الخطط وتحديد مستهدفات النشاط في مشروع السكان وتنظيم الأسرة في الصحة تتم تحت إشراف وتمويل هيئة المعونة الأمريكية، وكانت ترتكز على عدد الوسائل المقدمة فعليا للسيدات بالوحدات ولهن سجلات ومتابعات، ويتم فيها تحديد نوعية وسيلة منع الحمل كمّا وكيفا حسب الظروف المجتمعية في كل محافظة، مع تفاوت الظروف بين الريف والحضر وبصورة واقعية ميدانيا، لتحقيق المستهدف القومي لتنظيم الأسرة وهو خفض عدد المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا، وهي نسبة ممكنة التنفيذ واقعيا.
وذلك بخلاف آليات النشاط في المراكز والجمعيات الأهلية التابعة للمجلس القومي للسكان أو لوزارة الشئون الاجتماعية؛ والتي كانت تعتمد على التسويق أو التوزيع المجتمعي للوسائل وحملات طرق الأبواب، دون تسجيل حقيقي للسيدات المنتفعات مثلما يحدث بوحدات الصحة، لهذا فقد كان من المستحيل عمليا تحقيق المستهدفات الواردة إلينا والتي كانت تعني خفض المواليد بنسبة تصل إلى عشرة في الألف سنويا!!
واجتمعتُ فورا مع فريق العمل في مديرية الصحة، وتم إعداد دراسة ميدانية تشمل رفع الواقع وتحديد نقاط القوة والضعف، وعرض الفرص المتاحة والتهديدات المحيطة، مع المطالبة بتعديل الخطة المركزية بحيث تكون واضحة المعالم ومحدد الأهداف وقابلة للتنفيذ. وتم عرض دراسة المديرية خلال اجتماع المجلس الإقليمي للسكان برئاسة دكتور أحمد جويلي، محافظ دمياط والخبير في الاقتصاد الزراعي، وله علاقات علمية بالكثير من الهيئات والمنظمات العالمية، وكان شديد الاهتمام بالأرقام والإحصائيات والنسب والمعدلات، فتناول الأمر بمنتهى الجدية، وبعد مناقشات علمية وإحصائية؛ اقتنع د. جويلي بمحتوى الدراسة، وقرر الاتصال فورا بصديقه الدكتور ماهر مهران، مقرر المجلس القومي للسكان في القاهرة، والذي اهتم بدوره بتقرير مديرية الصحة في دمياط.
السيسى يكرر إشكاليه تطبيق نموذج بونجارتس العالمي عند وضع المستهدفات السكانية في مصر:
وقامت الدنيا ولم تقعد، وجاء الرد حاسما بأن الخطة وضعت حسب "نموذج بونجارتس" العالمي Bongaarts 1978))، ويشمل عددا من المحددات الديموغرافية لتحديد المستهدفات السكانية نتيجة بحوث ميدانية في عدد كبير من دول العالم في مختلف القارات، ثم حضر إلينا مدير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار على رأس وفد من القاهرة لدراسة واقع المحافظة، وبعد جهود استمرت لفترة طويلة، وشارك فيها خبراء من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تم تعديل المستهدفات لتناسب الواقع المصري بصورة عامة وبالتالي يمكن تنفيذها بدقة وفعالية لتحقيق المستهدف العام وقتها، وهو خفض معدل المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا. وهذا يؤكد على أهميتها الإحصائية في عملية الاستدلال الإحصائي في الحياة العملية في جميع مجالات العلوم المختلفة، ونظرا لهذا الدور تحظى دراسة النماذج الإحصائية بالاهتمام والتطوير المستمر كي تصبح أكثر مصداقية.
وتلك الواقعة توضح أهمية وضع مستهدفات واقعية وقابلة للتنفيذ وتخضع للحوكمة، لأنه عندما يتم خفض معدل المواليد فعليا من 35 في الألف عام 1985 ليصبح 21 في الألف عام 2021؛ فإن هذا التراجع يعتبر إنجازا حقيقيا ويتناسب إلى حد كبير مع المستهدف العام بخفض معدل المواليد بنسبة واحد في الألف سنويا خلال تلك الفترة الطويلة مع مراعاة التذبذب المتوقع في نسبة الإنجاز حسب المتغيرات السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي مرت بها مصر.
ولهذا السبب فإن من غير المنطقي أن يعلن السيسي عن توجيهاته بخفض عدد المواليد من 2.2 مليون مولود سنويا هذا العام ليصبح 400 ألف مولود فقط سنويا، بما يعنى خفض معدل المواليد من 21 في الألف حاليا ليصبح 4 في الألف فقط سنويا، بقرار سيادي وبجرة قلم، وذلك لأن التحول الديموغرافي في المؤشرات السكانية يخضع لعوامل مختلفة تماما عن عالم إنشاء الطرق والكباري، من أهمها ظاهرة الزخم السكاني (Population Momentum)، وتعني طبيعة التغير البطيء والتراكمي ومتعدد التداخلات في التطور السكاني.
واجب الدولة هو فهم قضية السكان والعمل الجاد في جميع المحاور بالتوازي وبنفس القدر من الاهتمام والجدية
إن اختزال المشكلة السكانية في مصر باعتبارها زيادة سكانية فقط يعد تهوينا للقضية، فقضية السكان يجب النظر لها بصورة أشمل تتضمن أبعادها الثلاثة، وهي تراجع خصائص السكان (والتي تشمل التعليم والصحة والمشاركة في قوة العمل ومتوسط دخل الفرد)، وسوء توزيع السكان وتركزهم في مساحة ضيقة لا تتجاوز 7 في المئة من إجمالي مساحة مصر، بالإضافة الى عدم التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي.
ومن ثم فإن الاستمرار في اعتبار القضية السكانية هي مسئولية وزارة الصحة والسكان أو المجلس القومي للسكان الذي يتبع الوزارة منفردين يصل بقضية السكان إلى طريق مسدود، وبالتالي فإنه من الضروري الاهتمام بجميع محاور المشكلة بالتوازي وبنفس القدر من الاهتمام، مع التركيز على مواجهة ثلاثية الفقر والجهل والمرض، وبناء مواطن سليم معافى عنده القدرة على دخول سوق العمل والإنتاج باعتباره ثروة بشرية قادرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي، ومن ثم نشر التنمية على جميع أرجاء ارض الوطن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر السيسي الإنجاب الصحة السكاني مصر السيسي الصحة السكان الإنجاب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات رياضة صحة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الصحة: مع سانوفي لدعم الولادات الطبيعية ضمن مبادرة الألف يوم الذهبية
كتب- أحمد جمعة:
شهد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة وشركة "سانوفي – مصر" للصناعات الدوائية، تحت عنوان "بداية آمنة"، بهدف تعزيز الولادات الطبيعية والحد من معدلات الولادة القيصرية غير المبررة.
يأتي توقيع البروتوكول ضمن المحور الثاني من المبادرة الرئاسية "الألف يوم الذهبية"، بهدف تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، لا سيما فيما يتعلق برعاية الأم والطفل في مختلف محافظات الجمهورية.
وقّعت البروتوكول كل من الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة لشؤون السكان وتنمية الأسرة، والدكتور شريف رشدي، رئيس القطاع الطبي بشركة سانوفي في مصر وإفريقيا.
وأشاد الوزير، خلال مراسم التوقيع، بنجاح المبادرة والتعاون المثمر مع الشركة، مؤكدًا استمرار دعم الوزارة للبرامج الصحية والتوعوية، بما يضمن وصول الخدمات إلى جميع أنحاء البلاد.
من جانبه، أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، أن البروتوكول يستهدف رفع الوعي بأهمية الولادة الطبيعية ومخاطر القيصرية غير الضرورية، لا سيما ما يتعلق بجلطات الأوردة الدموية (VTE) بعد الولادة.
كما يشمل البروتوكول تنفيذ حملات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتدريب نحو 1000 أخصائي رعاية صحية لضمان تقديم أفضل خدمات ممكنة للأمهات والأطفال، بالإضافة إلى تطوير أدوات تقييم المخاطر وتحديث بروتوكولات الرعاية الصحية.
في السياق ذاته، أكد أدريان ديلامار-ديبوتفيل، المدير العام لشركة سانوفي مصر، التزام الشركة بتعزيز الشراكة مع الوزارة في مجالات الرعاية الصحية والابتكار، ودعم التجارب الإكلينيكية وتطبيقات الصحة الرقمية.
كما قدم جان فرانسوا لوغور، الرئيس التنفيذي لتطبيق "إلفي"، عرضًا حول دور التطبيق في تحسين فرص الوصول إلى الرعاية الصحية.
شهد مراسم التوقيع عدد من القيادات والمسؤولين، من بينهم الدكتورة كوثر محمود، عضو مجلس الشيوخ ونقيب التمريض، واللواء د. عمرو عايد، مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات، والدكتور محمد مصطفى عبدالغفار، رئيس هيئة المستشفيات، إلى جانب ممثلين عن شركة سانوفي.
اقرأ أيضًا:
شديدة الحرارة وشبورة وفرص أمطار.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة
بيان عاجل من الكهرباء بشأن انقطاع التيار بالجيزة.. والوزارة: انتهاء التغذيات في هذا الموعد
تعرف على أكواد أعطال عدادات الكهرباء.. وطرق إصلاحها
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
دعم الولادات الطبيعية مبادرة الألف يوم الذهبية الدكتور خالد عبد الغفارتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
الصحة: مع "سانوفي" لدعم الولادات الطبيعية ضمن مبادرة "الألف يوم الذهبية"
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
41 27 الرطوبة: 15% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك