يعد ترشيد الاستهلاك المفرط وخفض النفقات وزيادة الإنتاج من أولويات الحكومات لكي تتدارك الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية وتنعم باستقرار الأوضاع الاقتصادية إضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، والحفاظ على موارد الدولة.

كما يمكن للحكومات اتخاذ مجموعة متنوعة من الإجراءات، مثل وضع سياسات تحفيزية للاستهلاك المستدام، وتقديم حوافز مالية أو ضريبية لتعزيز الاستهلاك المستدام، مثل شراء المنتجات الصديقة للبيئة أو استخدام وسائل النقل العام، ويمكن للحكومات أيضا تنظيم الأسواق لمنع الاستهلاك المفرط، مثل فرض ضوابط على الإنتاج والاستهلاك، ومن الضروري أيضا تثقيف الجمهور حول مخاطر الاستهلاك المفرط وفوائد الاستهلاك المستدام.

قال الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة الدراسات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة وخبير الشئون الآسيوية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الحكومات لابد أن تكون قدوة في توفير النفقات وترشيد الاستهلاك واستبدال الإنفاق المرتفع بإنفاق أكثر ترشيدا.

وأضاف الدكتور أحمد قنديل في تصريحات إلى "صدى البلد" أن بعض الدول تحدد سقفا لإنفاق حكومتها سواء المكافآت أو المرتبات أو الحفلات أو السفر وغيره من أوجه الإنفاق.

ترشيد الاستهلاك

وبالنسبة لمصر، أشار الدكتور أحمد قنديل إلى أن الدولة خطت خطوات كبيرة في إطار ترشيد الاستهلاك، كما يعتبر من المهم النظر إلى تجارب الدول الأخرى، في الصين على سبيل المثال حين تمنح الهدايا للمسئولين أثناء توليهم المسؤولية، لا تأتي لهم بصورة شخصية، لكن بالصفة الرسمية؛ لذلك يجب أن توضع الهدايا الثمينة جدا في متحف، وأن يكون هناك رسوم للمواطنين لمشاهدتها وألا يحصلوا عليها لأنفسهم إلا في حدود بسيطة.

وفي هذا الإطار أيضا، كان هناك قرار لرئيس مجلس الوزراء بشأن ترشيد الإنفاق بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية، للعام المالي 2022/2023، وتضمن القرار عددا من الضوابط العامة وقواعد ترشيد الإنفاق، تحقيقاً للمستهدفات، وتعاملا مع ما نتج من تداعيات للأزمات العالمية الحالية، على ألا تؤثر تلك القواعد، المنصوص عليها في القرار، على أداء الجهات المخاطبة بأحكامه للخدمات التي تؤديها وللدور المنوط بها.

وحدد القرار قواعد وضوابط ترشيد الإنفاق بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية وتضمنت تأجيل تنفيذ البدء فى أي مشروعات جديدة لها مكون دولاري واضح، وتأجيل الصرف علي أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوي وترشيد أعمال السفر خارج البلاد إلا للضرورة القصوي وبعد موافق مجلس الوزراء أو تحمل الجهة الداعية تكاليف السفر، وتضمن القرار إنه لا يسري هذا القرار على وزارة الصحة والجهات التابعة لها ووزارتي الدفاع والداخلية والجهات التابعة لها وديوان عام وزارة الخارجية والجهات القائمة على تدبير المواد البترولية ومشتقاتها والسلع التموينية وكافة المخصصات المالية المدرجة لدعم السلع والمقابل النقدي للعاملين بالمناطق النائية.

ويعتبر قرار الحكومة بضبط وترشيد النفقات خطوة هامة تساهم فى تخفيض عجز الموازنة ورفع فرص توجيه موارد الدولة إلى الأنشطة الأولى بالرعاية خاصة التعليم والصحة وتحسين معدلات تخصيص الموارد في الاتجاهات التي تُناسب الوضع الحالي وتُحقق العائد المطلوب دون أي أعباء إضافية لا تتحملها الموازنة العامة للدولة.

كما يعد إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تضمن زيادة مشاركة القطاع الخاص مع الدولة في تنفيذ المشروعات كان قراراً صائباً للتخفيف عن كاهل الدولة وخلق البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات.

وأكمل الدكتور أحمد قنديل أنه لابد من الدراسة الجيدة للمشروعات قبل البدء في تنفيذها والرقابة على الإنفاق لترشيد النفقات، ولفت إلى أن زيادة الطلب على المنتجات بصوة أكبر من حجم الموارد يتبعها زيادة الأسعار، ومع ضعف الرقابة يمكن لبعض التجار الجشعين أن يقوموا برفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه وهو ما يؤثر على مستوى معيشة المواطنين بالسلب.

دراسة السوق

وأوضح رئيس وحدة الدراسات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة وخبير الشئون الآسيوية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه يجب أن يتم دراسة السوق من حيث العرض والطلب حتى لا تحدث مفاجآت بارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات دون معرفة هل الزيادة حقيقية أم تعود لجشع التجار.

ونوه الدكتور أحمد قنديل إلى أنه قد تحدث أزمة في تسعير منتج أو خدمة ما وأحيانا لا نعرف مصدر السعر، فكل البلدان المتطورة لديها أسس للتسعير ولابد من وضع سعر للمنتج إضافة للمكسب المقبول.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاستهلاك النفقات المنتجات الحكومة الموارد ترشید الاستهلاک

إقرأ أيضاً:

الدكتور أحمد الغريب في حوار لـ "الفجر": الطبيب لم يعد معالجًا فقط بل قائد رأي

في ظل تصاعد الوعي المجتمعي بأهمية التغذية العلاجية كعنصر محوري في الوقاية والعلاج من أمراض العصر، تشهد الساحة الطبية في مصر حراكًا علميًا متجددًا تقوده الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة (EATN)، والتي باتت خلال السنوات الأخيرة منبرًا يجمع المتخصصين في مجالات الطب والتغذية والعلاج الوظيفي تحت مظلة واحدة، بهدف توحيد المفاهيم ومواجهة التحديات المهنية والعلمية المتزايدة.

وفي هذا السياق، تستعد الجمعية لعقد مؤتمرها السنوي الثالث – والسادس ضمن سلسلة مؤتمراتها العامة،تحت شعار جريء وغير تقليدي: "مين الناس بتروح له أكتر: الدكتور الأشهر ولا الأشطر؟".

 في إشارة إلى المفارقة بين الكفاءة العلمية ومدى التأثير الجماهيري في عصر تغلب عليه الصورة على المضمون، والسوشيال ميديا على المحتوى الطبي الموثق.

المؤتمر، كما يصفه القائمون عليه، ليس مجرد ملتقى علمي لتبادل أوراق بحثية ومحاضرات تقليدية، بل هو دعوة مفتوحة لإعادة تعريف الطبيب كفاعل مجتمعي وريادي، قادر على صناعة التأثير وتفنيد المعلومات المغلوطة التي أصبحت تهدد وعي المريض، وتسيء للمهنة.

"الفجر" التقت الدكتور أحمد الغريب، رئيس الجمعية ورئيس المؤتمر، في حوار شامل كشف خلاله عن كواليس التحضير للمؤتمر، ورسائله الأساسية، وطبيعة التحديات التي تواجه الممارسين في مجال التغذية العلاجية، فضلًا عن رؤيته لمستقبل التخصص في ظل صعود الذكاء الاصطناعي، وتداعيات الخلط بين التخصصات الطبية في غياب الإطار التشريعي المنظم.

في البداية، نود أن نُعرف القارئ بحضرتك.

أنا الدكتور أحمد الغريب، طبيب بشري، وأشغل حاليًا منصب رئيس الجمعية المصرية للتغذية العلاجية والأمراض المرتبطة بالسمنة – EATN. نعمل منذ سنوات على دعم المتخصصين في هذا المجال، والارتقاء بممارسات التغذية العلاجية وفقًا لأحدث المعايير العلمية.

 ما الهدف الرئيسي من انعقاد المؤتمر هذا العام؟

الهدف الأساسي يتمثل في توحيد الصفوف بين مختلف المتخصصين في مجال التغذية العلاجية داخل مصر، حيث أصبحت التخصصات المتداخلة في هذا المجال كثيرة، ما تسبب في تباين واسع في الرؤى والممارسات. لدينا أطباء بشريون، وأخصائيو علاج طبيعي، وصيادلة، بالإضافة إلى خريجي كليات أخرى، وكلٌ يدّعي الأحقية في ممارسة التغذية العلاجية.

نحن نحاول من خلال المؤتمر الوصول إلى أرضية مشتركة، والخروج بتوصيات موحدة تُسهم في ضبط المهنة. حتى لو اختلفنا في 10 نقاط، فإن اتفاقنا على 5 سيُعد تقدمًا كبيرًا.

ما الذي يميز مؤتمر هذا العام عن المؤتمرات السابقة؟

هذا العام أضفنا بُعدًا جديدًا؛ إذ لا نكتفي بمناقشة التشخيص والعلاج، بل نتناول أيضًا كيفية تمكين الأطباء على مستوى ريادة الأعمال والتأثير المجتمعي. دائمًا ما نتساءل: مين بيبيع أكتر، الأشهر ولا الأشطر؟ وغالبًا ما تكون الشهرة هي العنصر الحاسم.

من هنا، نحاول تعليم الأطباء كيفية بناء العلامة الشخصية (personal branding) الخاصة بهم، وكيفية إدارة عياداتهم، والتغلب على تحديات السوق. نريد أن يتحول الطبيب إلى رائد أعمال قادر على التأثير في المجتمع، ومواجهة كم هائل من المعلومات المغلوطة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تصدر عن غير المتخصصين.

هل ترى أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل ممارسة الطب خلال الفترة المقبلة؟

بالتأكيد. الذكاء الاصطناعي لن يلغي الوظائف، لكنه سيُحدث فرقًا واضحًا في كفاءة الأداء. سيصبح لدينا نموذجين: طبيب يعمل بمفرده، وآخر يعمل مدعومًا بالذكاء الاصطناعي. الأخير ستكون إنتاجيته أعلى 10 أو 20 مرة، وبالتالي سيتم الاستغناء عن العديد ممن لم يواكبوا التطور.

لذا أنصح جميع الزملاء بتعلم أدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في تخصصاتهم، مهما كانت. من يريد مضاعفة إنتاجيته، عليه أن يتقن هذه الأدوات الآن.

ما الرسالة التي توجهها للأطباء والممارسين في مجال التغذية العلاجية؟

رسالتي لهم أن يتوقفوا عن علاج الأعراض فقط، ويبدأوا بتشخيص الأسباب الحقيقية. أوصيهم بدراسة الطب الوظيفي (Functional Medicine)، فهو المستقبل الحقيقي لهذا التخصص.

كذلك، أنصحهم بتبني منهجية "الخمسة لماذا" (Five Whys)، أي طرح سؤال "لماذا؟" خمس مرات متتالية عند التعامل مع أي مشكلة صحية، حتى يصلوا إلى الجذر الحقيقي للمشكلة، وليس فقط ظواهرها.

وما النصيحة التي توجهها للمرضى، وخاصة مرضى السمنة؟

مرض العصر الآن هو "مقاومة الإنسولين"، ويُعد أحد أبرز أسباب السمنة والسكري من النوع الثاني. علاجه بسيط إذا اتفق الأطباء على نهج موحد. أما تكرار نغمة "امنع، امنع، امنع"، فلن تؤدي إلى نتائج. التوصيات العلمية تتجدد سنويًا، ورغم ذلك تستمر أعداد المرضى في التزايد.

الحل يكمن في أن نجلس سويًا كمتخصصين، ونتفق على توصيات واقعية، تراعي سلوك المريض ونمط حياته.

هل هناك توصيات واضحة خرجتم بها من المؤتمر حتى الآن؟

المؤتمر ثري جدًا، وكل محاضرة تقريبًا تنتهي بتوصيات متخصصة. لكن التوصية الأهم من وجهة نظري هي ضرورة توحيد الصف بين مختلف التخصصات، والعمل على تطوير مهارات الأطباء ليصبحوا قادة في مجتمعاتهم، وقادرين على التصدي للشائعات والمعلومات الخاطئة المنتشرة على الإنترنت.

كلمة أخيرة توّد توجيهها؟

أكرر دعوتي للأطباء: لا تكتفِ بأن تكون شاطرًا في تخصصك فقط، بل تعلّم كيف تصبح مؤثرًا. طور مهاراتك، تعلم أدوات العصر، وكن جزءًا من منظومة طبية قوية ومؤثرة ومبنية على العلم والتأثير المجتمعي الحقيقي.

شكرًا جزيلًا لك دكتور أحمد الغريب، ونتمنى لمؤتمركم النجاح وتحقيق الأهداف المنشودة.
شكرًا لحضراتكم، وسعيد بهذا اللقاء مع "الفجر".

مقالات مشابهة

  • فيبي فوزي: الحكومة نجحت في اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية
  • الدكتور محمد احمد سالم يعلق على فرض رسوم من قبل النيابة العامة
  • طارق قنديل : صوت النادى فوق جميع أبناء الأهلي
  • الدكتور أحمد العجلوني يولم بمناسبة زفاف نجله في المدينة الرياضية .. صور
  • خبير اقتصادي:العراق يعاني من انكماش اقتصادي
  • "معًا بالوعي نحميها" فى ندوة بمركز ديروط بأسيوط
  • فوز الدكتور الحسن قطب بكلية التجارة بجامعة أسيوط بجائزة الشارقة في المالية العامة
  • في اليوم الأول من الامتحانات.. خبير تربوي يقدم مجموعة من النصائح للأسرة لدعم الطالب نفسيًا
  • الدكتور أحمد رجب: جامعة القاهرة حافظت على رسالتها العلمية والوطنية عبر قرن كامل
  • الدكتور أحمد الغريب في حوار لـ "الفجر": الطبيب لم يعد معالجًا فقط بل قائد رأي