قال ماجد منير رئيس تحرير الأهرام المسائى وبوابة الأهرام، إن قضية الخطاب الديني تمثل أهمية خاصة في عصرنا الحاضر، نتيجة لما ارتبط بدعوات تجديده من التباس وبما اكتنف بعضها من غموض، أخرجه أحيانا عن جادة الصواب، من قبل فريقين:
أحدهما: استغل قضية التجديد للعبث بأصول الإسلام فجعلوها مجالا لتجربة المناهج الفلسفية أو اللغوية الحديثة، زاعمين أنهم يقدمون تفسيرا عصريا، أو تأويلا حديثا، أو قراءة عصرية للدين الإسلامي، كي يلائم -من وجهة نظرهم- مستجدات الحياة.


الثاني: رأى أن أي محاولة لتجديد الخطاب الديني تعد نوعًا من المروق من الدين، يجب مقاومتها والتصدي لها، وذهبوا إلي أن الداعين إلي التجديد هم من المتساهلين في أصول هذا الدين.

وتابع من خلال كلمته بمؤتمر الأوقاف الدولي الـ 34 المنعقد الآن بأحد فنادق القاهرة، حول "الفضاء الإلكترونى والخطاب الدينى": قد عبر هذا الخلل عن نفسه بصور مختلفة وصلت إلى حد اختزال البعض للإسلام في كلمتين اثنين هما: "الإرهاب"، و"التخلف"، وتردد ذلك بعض الأدبيات المعاصرة، ونتيجة لثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات - والفضاء الالكتروني أحد نتائجها وثمارها- فقد ثبت ورسخ هذا المفهوم بقوة وفاعلية غير مسبوقة، حتى أوشك أن يستقر ذلك المفهوم السلبي، ومن هنا تصبح مهمتنا البحث عن آلية لتصحيح المسار، وتوضيح الحقائق، ودحض الشبهات، وكشف المغالطات المتعمدة عن ديننا الإسلامي الحنيف، لاسيما إذا أدركنا - من خلال الرصد والمتابعة في الماضي والحاضر- أن هذا التوصيف ليس وليد اللحظة الراهنة، لكنه نتيجة خيال خصب مشبع بكل صور الكراهية والصفات السلبية عن الإسلام.

ولفت إلى أنه من واقع البحث والمتابعة أستطيع أن أؤكد أن الأزمة التي تهددنا، ليست أزمة خطاب ديني فحسب، جنح بعض أفراده عن الهدى والصواب إلى العنف والتطرف ورفض الآخر، إنها أزمة أعمق وأشمل وأبعد من ذلك بكثير، إنها أزمة كينونة ووجود، والتجديد باعتباره استجابة لمجموعة من الإشكاليات التي يفرضها الواقع بمشكلاته الملحة، والوقت بقضاياه وتعقيداته المتشابكة، أمر لا محيص عنه.

وشدد أن التجديد مصطلح له أصوله الشرعية ومدلوله الواضح من خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها).

ولفت إلى أن تجديد الفكر يعنى العودة للأصول دون وسائط تعوق التفكير الصحيح، أو أوهام تحول دون الفهم السليم النابع من المصدر الرئيس: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومواجهة الخرافات التي ألصقت بالدين وشوهت نقاءه، وأن التجديد كما يراه كثير من المفكرين المعاصرين ليس انقطاعا عن تراث السابقين ولا قفزا عليه، ولكنه يكون باستقصاء هذا التراث بحثا ونقدا، لاستيعابه والافادة منه فى بناء أفق جديد يتناسب مع طبيعة العصر، ومشكلات الوقت الراهن، لمواجهة التحديات المفروضة على الأمة.

وقال رئيس تحرير الأهرام المسائى إن الخطاب الديني المعاصر يواجه مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء، وربما جاز لي أن أعرض مجموعة من الخطوات والتوجهات التي أراها ضرورية لاستثمار الفضاء الإلكتروني بكل أدواته وآلياته، مع كل الوسائل الأخرى، لمواجهة كل هذه التحديات وتصحيح مسار خطابنا الديني.
وشدد على أنه يمكن توظيف مجموعة من الآليات، لتحقيق حلول قصيرة ومتوسطة المدى تشمل التعليم والإعلام، والثقافة، والاقتصاد، والاجتماع، والسياسة، لصناعة عقول متفتحة غير منغلقة في ضوء المنابع الصافية: القرآن الكريم والسنة الصحيحة المتواترة.
كذلك الدعوة إلى أسلوب حياة وطريقة عمل، تعتمد على التعلم بدل التعليم، والبحث بدل النقل، والحوار بدل الاستماع، والقدرة على الاختلاف بدل التسليم المطلق بالأفكار السائدة، وتكوين مرجعيات حديثة تتفاعل مع التراث، قائمة على تعدد مصادر المعرفة وتنوعها.

إلى جانب الاهتمام بالخريطة الإعلامية ولغة الخطاب الإعلامى، من أجل البناء وتقديم التصورات العلمية البناءة، والتأكيد على أن الإسلام في أنقى صوره - القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة - يقدم نموذجا إنسانيا عالميا للدين الذي يلائم الطبيعة الإنسانية، ويعترف بالتنوع الكوني والإنساني، ويعتبر الاختلاف والتنوع سنة إلهية، ويحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ الأوطان ومصالح الناس.

وختامًا.. أؤكد أن الإسلام بنقائه وصفائه ومنابعه الصحيحة - القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة  - هو الملاذ الأمن لبناء مجتمع حضاري ينطلق من ماضٍ حضارته هى التي فتحت الآفاق للعالم إلى استشراف المستقبل بأساليب العصر وأدواته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن الکریم والسنة الخطاب الدینی مجموعة من

إقرأ أيضاً:

عاصمة الألبان تسقط” …والجيش يلوح براية الاستقلال!

تزامن سقوط الفرقة العسكرية 22 في بابنوسة مع طرح تغيير علم السودان إلى علم الاستقلال يفتح بابا للتساؤل حول دلالات التوقيت في لحظة ميدانية وسياسية شديدة الحساسية.

إبراهيم هباني

سقطت الفرقة 22 في بابنوسة بصمت ثقيل. وفي اللحظة ذاتها تقريبا، انشغل الخطاب السياسي براية جديدة قديمة هي علم الاستقلال. هذا التزامن بين الميدان والرمز لم يكن تفصيلا عابرا، بل لحظة مكتظة بالدلالات في سياق حرب مفتوحة وضغوط داخلية وخارجية متصاعدة.

بابنوسة ليست مجرد موقع عسكري، بل مدينة ذات وزن اقتصادي واجتماعي خاص في غرب السودان.

عندما تسقط “عاصمة الألبان” لا يسقط موقع عسكري فحسب، بل يسقط اقتصاد يومي وحياة كاملة.

ففي عام 1960 أنشئ مصنع ألبان بابنوسة كأحد أوائل مشاريع التصنيع الغذائي في الإقليم، مستندا إلى حزام رعوي واسع وإنتاج وفير للحليب. ومنها كانت الألبان تسير مع الفجر إلى مدن بعيدة، وعلى أطرافها عاشت آلاف الأسر مع القطيع والعمل اليومي البسيط.

بابنوسة التي أطعمت غيرها بالحليب، صارت اليوم تطعم نشرات الأخبار بالدم والخسارة.

سقوط الفرقة 22 يحمل أبعادا تتجاوز الخسارة التكتيكية، لما تمثله من ثقل عملياتي ولوجستي في غرب كردفان. وفي مثل هذه اللحظات تقرأ الخطابات السياسية بقدر ما تقرأ من زاوية توقيتها لا مضمونها فقط.

فطرح تغيير العلم في ذروة هذا التطور الميداني، أعاد طرح سؤال العلاقة بين الرمز والواقع، وبين إدارة اللحظة إعلاميا وإدارتها فعليا على الأرض.

اقتراح العودة إلى علم الاستقلال يحمل شحنة رمزية تستدعي لحظة تأسيسية سبقت عهود الاستقطاب والانقلابات. غير أن طرحه في قلب مرحلة الحرب يثير بطبيعته تساؤلات حول أولويات الخطاب في زمن تتقدم فيه الأسئلة الصلبة: الأمن، والمعيشة، ومستقبل الدولة.

خارجيا، يمكن قراءة الخطاب بوصفه محاولة لإعادة تقديم سلطة الأمر الواقع في صورة غير مؤدلجة. وداخليا، يخاطب وجدان مجتمع أثقلته الحرب. غير أن المواطن البسيط، الذي لا تعنيه كثيرا تفاصيل الألوان والخطوط، لا يزال يسأل السؤال الأكثر مباشرة:

هل يتوقف الرصاص إذا تغير العلم؟

الخلاصة:

التزامن بين سقوط بابنوسة وطرح علم الاستقلال ليس مجرد تقاطع زمني، بل لحظة مفتوحة على قراءات متعددة، تبقى مرهونة بما سيتبعها من خطوات عملية على الأرض.

فالرموز لا تصنع وحدها تحولا حقيقيا ما لم تواكبها سياسات واضحة توقف الحرب وتعيد ترتيب العلاقة بين الدولة والمجتمع.

الوسومإبراهيم هباني

مقالات مشابهة

  • مصادر إسرائيلية: اشتباك رفح يكشف التحديات الميدانية المعقدة التي يواجهها الجيش
  • لإتاحة خدمات التصديقات.. بروتوكول تعاون مشترك بين كفر الشيخ والخارجية
  • تعليمية الداخلية: الفوز بمسابقة القرآن الكريم تتويج للجهود والدعم المستمر
  • استكمال الفعاليات لمناقشة التحديات التي تواجه بيئة المتوسط
  • تجارة الصباح مع الله التي لا تبور .. أوصى بها النبي
  • «إرث الخوارج في الفكر الديني المعاصر».. كتاب جديد للدكتور مصطفى الأفقهصي
  • الداخلية تبدأ تطبيق «البرنامج الوطنيي».. ترحيل مجموعة مهاجرين من نيجيريا
  • عاصمة الألبان تسقط” …والجيش يلوح براية الاستقلال!
  • زيلينسكي: روسيا شنت حملات تضليل قبل المباحثات التي ستجريها مع وفد أمريكي
  • الأهلي يواجه صعوبات في التجديد مع عبد القادر وحسين الشحات