تدشين الربط الكهربائي بالعراق.. صحيفة أردنية تستذكر عنوانا نشرته منذ 19 عامًا ولايزال جديدًا
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
بغداد اليوم-متابعة
استعرض تقرير اردني، مفارقة ربما تعطي تصورات عديدة، حيث استذكرت صحيفة الغد الاردنية، عنوانا أوردته قبل 19 عامًا مفاده "الأردن يبدأ مشروع تغذية العراق بالكهرباء خلال شهرين".
وقالت الصحيفة إن "هذا العنوان ورد حرفيا قبل 19 عاما في "الغد" وتحديدا في العدد الأول من إصدار الصحيفة في 1 آب (أغسطس) 2004".
وبينت ان "ذاك الخبر الذي مضى عليه عقدان جاء فيه أن مدير عام شركة الكهرباء الوطنية آن ذاك أحمد حياصات قال "العراق استكمل الإجراءات اللازمة لتوقيع اتفاقية تغذية الأجزاء الغربية منه بالكهرباء عن طريق الأردن".
وأورد الخبر حرفيا "الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق حالت دون إكمال مشروع التغذية بالكهرباء" وأن "العراق تعهد بتوفير الحماية الأمنية للمشروع والعاملين فيه".
وتستدرك الصحيفة أن "الغريب في الأمر أنه بعد 19 عاما، وتحديدا بالأمس، أفاد خبر نشرته "الغد" بما يلي "رجح مصدر عراقي مسؤول أن يبدأ الأردن بتزويد العراق بالكهرباء مطلع الشهر المقبل ضمن مشروع الربط الكهربائي".
وما يزيد الأمر غرابة، أن المصدر الذي زود "الغد" بالمعلومات ساق نفس السبب لتأخر تزويد العراق بالكهرباء إذ قال "الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق عراقية أخيرا أبطأت مشروع الربط الكهربائي مع الأردن نتيجة اعتدءات على الأبراج في بعض هذه المناطق".
وأكد قبل 19 عاما حين قال "الجهات المختصة في العراق بصدد اعداد خطة أمنية لحماية أبراج وخطوط مشروع الربط الكهربائي" لكن هذه المرة أشار إلى "تشغيل طيارات مسيرة لحماية هذا المشروع".
وعلى غرار هذه التصريحات، هنالك عشرات التصريحات وربما المئات التي أدلى بها مسؤولون أردنيون وعراقيون خلال السنوات الـ19 الماضية، وكل خبر منها كان وما يزال يوحي بأن مشروع الربط سينجز خلال شهرين وربما أسبوعين.
وبعد الإعلان الموعد الجديد المنتظر لتشغيل الربط الكهربائي مع العراق مطلع الشهر المقبل، تستذكر "الغد" ذاك التأكيد الرسمي الذي ورد قبل حوالي 20 عاما وكأنه بالأمس، لكن الكهرباء لم تصل من الأردن إلى داخل العراق بعد!
منذ ذلك الوقت تعددت الظروف التي حالت دون استكمال المشروع بدءا بالسياسية والأمنية وتغيير خريطة المنطقة غير الحدودية في الوقت الذي كان ينظر للمشروع كجزء من مشاريع الربط الكهربائي العربية التي تربط الأردن بدول الجوار وصولا إلى لبنان وسورية شمالا وفلسطين غربا ومصر من ناحية القارة الافريقية.
وبعد توقف الحديث عن المشروع لعدة سنوات، عادت المفاوضات على أرض الواقع في الفترة الأخيرة ومن بين ذلك نقاشات بين الوزيرين المعنيين في البلدين خلال العام 2020، إذ تم في ذلك الوقت تداول آلية تنفيذ مشروع الربط بين البلدين والمراحل التنفيذية لإنشاء الربط الكهربائي بين الأردن والعراق وتحديد المتطلبات والمواصفات والمحددات الفنية لمحطات التحويل وخطوط النقل وغيرها من المعدات اللازمة لإتمام عملية الربط من كلا الجانبين، وتم التوقيع على آلية تنفيذ مشروع الربط الكهربائي العراقي-الأردني.
تلت المفاوضات المتكررة منذ ذلك التاريخ خطوة وضع الأردن والعراق حجر الأساس للمشروع في تشرين الأول(أكتوبر) 2022، وهو يهدف في مرحلته الأولى إلى تزويد الجانب العراقي بقدرة كهربائية من الأردن تصل لـ150 ميغاواط، ورفعها إلى 500 ميغاواط في المرحلة الثانية، و900 ميغاواط خلال المرحلة الثالثة.
التنفيذ مر في عدة مراحل تخللها اطلاق عدة مواعيد مرجحة لتشغيل المشروع من قبل مسؤولين معنيين في البلد منها مطلع يوليو(تموز) المقبل، ثم آب (أغسطس).
أخيرا جاءت ترجيحات عراقية بأن يبدأ الأردن بتزويد العراق بالكهرباء مطلع الشهر المقبل ضمن مشروع الربط الكهربائي الذي وضع البلدان حجره الأساس قبل عام، إلا أن الحديث عاد عن "الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق عراقية أخيرا ودروها في إبطاء مشروع الربط الكهربائي مع الأردن نتيجة اعتداءات على الأبراج في بعض هذه المناطق".
وزارة الطاقة والثروة المعدنية قالت في تقريرها السنوي عن العام 2022 إن خطتها المستقبلية أن يتضمن تعزيز خط الربط ليصبح باستطاعة 1000 ميجاواط مما يتطلب تعزيز الشبكة الوطنية في شرق المملكة من خلال انشاء خطوط نقل بجهد 400 كيلو فولت وبطول 320 كم بين الريشة والأزرق وسيتم إجراء الدراسات التفصيلية للربط التزامني بعد الانتهاء من المرحلة الأولى.
ويزود الأردن حاليا مركز طريبيل الحدودي مع العراق بالطاقة الكهربائية، إذ بلغ حجم الصادرات للمركز في 7 أشهر 3.7 جيجا واط ساعة مقارنة مع 3.8 جيجا واط بانخفاض نسبته 2.6 %.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: مشروع الربط الکهربائی العراق بالکهرباء
إقرأ أيضاً:
الخشمان في قراءة سياسية عميقة: في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟
صراحة نيوز- في مشهد دولي متقلب يتسم بإعادة صياغة غير معلنة لموازين القوة، وانهيار تدريجي للنظام العالمي الذي حكم العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، أطلق النائب الكابتن زهير محمد الخشمان تحذيرًا وطنيًا من الطراز الرفيع، داعيًا إلى مراجعة داخلية شاملة لموقع الأردن في خريطة العالم الجديد، وتقديم مشروع دولة قادر على مراكمة القوة بدل استهلاكها.
في مقاله المعنون “في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟”، لا يكتفي الخشمان بتوصيف التحولات الجارية، بل يضع إصبعه على الجرح السياسي والاقتصادي الداخلي، محذرًا من أن من لا يسارع إلى التغيير بإرادته، سيُجبر على التأقلم مع قواعد لم يصنعها.
العالم يكتب تاريخه من جديد… بصمت
يرى الخشمان أن ما يجري لا يمكن اعتباره اضطرابًا سياسيًا مؤقتًا، بل هو “تفكيك للنظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وإعادة تركيب لنظام جديد يُفرض دون إعلان، ويتشكل خارج جدران الأمم المتحدة أو المؤسسات التقليدية”.
التحول، بحسب المقال، لا يأتي من جبهة واحدة، بل من كل الاتجاهات: من تراجع مركزية القرار في واشنطن، إلى تصاعد دور بكين، مرورًا بحروب بالوكالة وانكشاف هشاشة اقتصادات عظمى، وانتهاءً بتغير جوهري في أدوات النفوذ من الجيوش إلى البيانات، ومن الحدود إلى التشريعات العابرة لها.
الأردن… صوت متزن في زمن الصخب
وفي خضم هذا التغير، يبرز موقع الأردن كاستثناء في منطقة تعاني من التشظي، حيث يؤكد الخشمان أن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لم يكن في موقع الانفعال أو المسايرة، بل انتهج سياسة متزنة، “هادئة حينًا، حازمة حينًا، لكنها دائمًا واعية.”
وفي إشادة واضحة بدور الملك، يقول الخشمان: “جلالة الملك، في كل المحافل الدولية، لم يكن فقط من يتحدث باسم الأردن، بل من يمثّل ضمير الإقليم حين يغيب التوازن، وصوت الاعتدال حين ترتفع الضوضاء.”
التحولات الخارجية تتطلب إعادة ترتيب الداخل
لكن هذا الحضور الخارجي، كما يشير الخشمان، لا يمكن الحفاظ عليه دون قاعدة داخلية صلبة. فالمكانة السياسية لا تصمد دون دعم اقتصادي، والقرار المستقل لا يُحمى إلا ببنية وطنية متماسكة، والوزن الإقليمي لا يُحفظ دون جبهة داخلية موحدة.
ويقولها بوضوح: المطلوب اليوم ليس مشروع حكومة، بل مشروع دولة، تتحول فيه الحكومة إلى أداة تنفيذ حقيقية، ويكون فيه البرلمان شريكًا رقابيًا وتشريعيًا فعالًا، ويتحول فيه المواطن من متلقٍ سلبي إلى عنصر منتج وشريك في القرار.
نهاية مرحلة وبداية أخرى… هل نختار أن نكون؟
وفي لحظة تشبه ما قبل التقسيمات الكبرى في التاريخ، يحذر الخشمان من التباطؤ أو الرضى بإدارة الأزمة. ويتساءل: “هل سنبقى نستهلك طاقتنا في إدارة الملفات القديمة؟ أم سنفتح صفحة جديدة عنوانها: مشروع وطني اقتصادي سيادي عصري، يواكب العالم ويتقدم عليه لا يتخلف عنه؟”
إنها لحظة لا تحتمل المجاملة ولا التسويف. ومن لا يشارك في كتابة قواعد العالم الجديد – كما يشير الخشمان – “سيُكتب عليه أن يتعايش مع نتائجه، دون رأي، ولا مكان.”
رسالة سياسية مغلفة بلغة وطنية جامعة
ما بين سطور المقال، يظهر جليًا أن الخشمان لا يسعى انتقاد تقليدي، بل إلى بناء أرضية سياسية جديدة، عنوانها أن الأردن يستحق أكثر من إدارة الملفات… يستحق مشروعًا وطنيًا نابعًا من ذاته، يلتف حول قيادته، ويستثمر في قدراته، ويتجاوز انقساماته، ليكون في قلب الحدث العالمي، لا على هامشه.
وختمه القوي يضع خلاصة الموقف الوطني:
“وبقيادة جلالة الملك، ووعي الدولة، وتكامل حقيقي بين السلطات، وشعب يعرف قدر وطنه… بإمكاننا أن لا نكون ضحية العالم الجديد، بل أحد عناوينه.