استشهد وزير الصحَّة المصري بتجربتَيْ إيران وتركيا في مواجهة الزيادة السكَّانيَّة، وكيف نجح البَلدانِ الإسلاميَّان في السيطرة على زيادة الإنجاب، حيث كان عدد السكَّان متقاربًا في الدوَل الثلاث: مصر وإيران وتركيا حتَّى العام 1980م في حدود أربعين مليون نسمة. واليوم بعد مرور (43) عامًا وصل عددُ المصريِّين (107) ملايين، بَيْنَما لَمْ يتجاوز عدد السكَّان في إيران وتركيا (83 ـ 86) مليونًا.

واعترف وزير الصحَّة المصري بتواضع نتائج برنامج مكافحة الزيادة السكَّانيَّة، الذي بدأ في مصر منذ (60) عامًا، حيث لَمْ يستطع خفض معدَّلات الإنجاب أكثر من (2.9)، أي 3 مواليد لكُلِّ امرأة في سنِّ الإنجاب، بَيْنَما وصل في إيران إلى (1.8) وفي تركيا (1.2) طفل لكُلِّ امرأة، بعد أن كان معدَّل الإنجاب في البَلديْنِ (6.1) طفل لكُلِّ امرأة في الستينيَّات والسبعينيَّات.
تُلقي الحكومة المصريَّة باللائمة على الزيادة السكَّانيَّة غير المنضبطة؛ باعتبارها السَّبب الرئيس في زيادة معدَّلات الفقر، ونقص الخدمات الصحيَّة والتعليميَّة، وترى أنَّها تُحقِّق معدَّلات نُموٍّ معقولة، ولكن الزيادة السكَّانيَّة المتفاقمة تلتهمها، بَيْنَما نجد العكس في إيران وتركيا، فالمرشد الأعلى للثورة الإسلاميَّة يدعو الإيرانيِّين للإنجاب ويحذِّر من شيخوخة الدَّولة الإيرانيَّة، حيث الفئة العمريَّة فوق ستِّين سنةً يزداد عددُها، بَيْنَما يقلُّ عددُ المواليد. ولا يفوت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مناسبةً إلَّا ويدعو الأتراك إلى الإنجاب، ويحذِّرهم من مصير دوَل أوروبا الغربيَّة التي لا تجد أيادي عاملة تدير حركة الإنتاج، وتلجأ للتجنيس أو المهاجرين لتعويض الخلل الديمو جرافي.
في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خرجت أصوات تعارض وجهة النظر الحكوميَّة بتحميل الزيادة السكَّانيَّة، السَّبب فيما تُعانيه مصر من أزمات، وأكَّدوا أنَّ الأرقام الحكوميَّة تؤكِّد انخفاض معدَّلات الإنجاب السنويَّة خلال الـ(10) سنوات الماضية من (2.47%) عام 2014 إلى (1.38%) في 2021م، والتي ترجعها الحكومة لزيادة الوفيات في عامَيْ كورونا، كما أظهرت المؤشِّرات الحكوميَّة ارتفاع سنِّ الزواج، وأنَّ الزيادة السكَّانيَّة محصورة في (4) من المحافظات الأكثر فقرًا في صعيد مصر، وأنَّ القضاء على الفقر والأُمِّيَّة وتحسين الخدمات الصحيَّة والتوعية الإنجابيَّة في هذه المحافظات كفيل بالقضاء على معدَّلات الإنجاب العالية.
كما يستشهد المعارضون باليابان التي لا تملك ثروات طبيعيَّة، ولدَيْها (125) مليون ياباني يُمثِّلون ثروتها الحقيقيَّة، وكيف أنَّ الصين تراجعت عن سياسة الطفل الواحد بعد عقدٍ من تطبيقها؛ لمعاناتها من عجز في الأيدي العاملة ولجوئها إلى الفلبين وفيتنام لجلْبِ العمَّال.
بل استشهدوا بتجارب إفريقيَّة، مثل إثيوبيا (118) مليون نسمة، التي استطاعت تحقيق معدَّلات نُموٍّ اقتصادي يقارب (10%) لمدَّة عشر سنوات متوالية، ورغم الحروب والنزاعات العرقية، نجحت في تخفيض معدَّلات الفقر. وكذلك رواندا وبورندي، اللتان يصل معدَّل الزيادة السكَّانيَّة فيهما (4%) سنويًّا، ونجحا في تحقيق معدَّلات نُموٍّ مرتفعة في آخر عشر سنوات، بعد سنوات من الحروب الأهليَّة والمجازر الجماعيَّة والمجاعات.
لا شكَّ أنَّ التوازن مطلوب لتحقيق الاستقرار السكَّاني، ولا بُدَّ أن يتحلَّى المواطن بالوعي اللازم لاتِّخاذ القرار المناسب، الذي يصبُّ في صالح أُسْرته، في ظلِّ الموارد المتاحة، ومحدوديَّة الدَّعم الحكومي، والتضخُّم المتلاحق في أسعار السِّلع والخدمات. لَمْ يَعُد الوضع مِثل زمان، عِنْدما كان هناك تعليم حكومي لائق، ورعاية صحيَّة مجانيَّة، وكساء شَعبي، حتَّى الترفيه.. أتذكَّر أنَّنا أثناء الدراسة الثانويَّة والجامعيَّة، كنَّا نقضي شهرًا في معسكرات صيفيَّة بالإسكندريَّة وبلطيم شاملة الإقامة والمأكل وزيًّا رياضيًّا بالمجَّان.

محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: إیران وترکیا ب ی ن ما

إقرأ أيضاً:

مركز الاتصال الحكومي يوضح بشأن قرار مجلس الوزراء حول الدفع الإلكتروني

أوضح مركز الاتصال الحكومي في رام الله ، اليوم السبت 21 يونيو 2025 ، أن قرار مجلس الوزراء الصادر عن جلسته بتاريخ 27/5/2025 حول استخدام وسائل الدفع الإلكتروني هو بتكليف الدوائر الحكومية بالانتهاء من عملية ربط الخدمات الحكومية على منظومة (E-sadad) خلال مدة أقصاها 2025/08/31، والتزام الدوائر الحكومية باستكمال أتمتة خدماتها وربطها على منظومة الخدمات الحكومية الإلكترونية (حكومتي)، ليتم تقديمها للجمهور الكترونيا قبل نهاية العام الحالي 2025.

كما أوضح مركز الاتصال الحكومي، أن هذا القرار لم يلزم المواطنين فيما يتعلق باستخدام قنوات الدفع الالكتروني، حيث وجه مجلس الوزراء القطاع الخاص نحو تشجيع المواطنين على الاعتماد على قنوات الدفع الإلكتروني التي توفرها سلطة النقد والجهاز المصرفي في تنفيذ معاملاتهما المالية، وذلك لتسهيل إنجاز المعاملات بشكل أسرع وأكثر أمنا، وخفض الحاجة للتنقل وحمل النقد، والحصول على خصومات أو حوافز على بعض الخدمات، وإمكانية الوصول للخدمات الحكومية والمالية في أي وقت ومن أي مكان، مع الإشارة إلى أن قرار مجلس الوزراء لم يضع تاريخا محددا حول إلزامية هذه القنوات.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الأونروا : محنة لاجئ فلسطين أطول أزمة لجواء في العالم أردوغان: ظروف فلسطينيي غزة أسوأ من معسكرات النازية الهلال الأحمر يعزز الاستجابة الصحية بمستشفى ميداني متكامل غرب خان يونس الأكثر قراءة محدث: 79 شهيدا في قطاع غزة منذ الفجر إثر تواصل الغارات الإسرائيلية إيران تتوعّد إسرائيل بهجمات عنيفة ومدمرة خلال ساعات بعد انقطاع 5 أيام.. عودة خدمات الاتصالات الثابتة والإنترنت في قطاع غزة قطر تجدد إدانة هجوم إسرائيل على إيران: نبذل جهودًا للعودة إلى الحوار عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مركز الاتصال الحكومي يوضح بشأن قرار مجلس الوزراء حول الدفع الإلكتروني
  • “الإعلامي الحكومي” في غزة: 450 شهيدا جراء مصائد الموت الإسرائيلية – الأمريكية
  • طروحات ورؤى لإعادة إعمار سوريا في مؤتمر الشباب الأول بدير الزور 
  • «إيران تمهل» عملاء إسرائيل حتى الأحد المقبل لتسليم أنفسهم والاستفادة من العفو
  • وزير الزراعة الصربي يزور بعض التجارب والمشروعات الزراعية المتميزة
  • تنوع التجارب الترفيهية كمصدر غني للمحتوى
  • رابط الفيديو بالملاحظات) الناجحة الوحيدة بمدرسة الرسوب الجماعي بإعدادية بني سويف: "المدرسين مش ملتزمين والمدير بيغطي عليهم" (فيديو)
  • هل تحديد جنس المولود حرام أم حلال؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل
  • هل زواج ذوي الهمم باطل؟.. الإفتاء تجيب
  • مزارع يروي تجربته الناجحة في زراعة شجرة الفستق باستخدام تقنية التطعيم ..فيديو