طليقي سيتزوج بقريبتي ليشوه سمعتي
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
أيعقل أن يفعل بنا من منحناهم الحب والحنان ما لا يفعله العدو بعدوه؟ أيعقل أن تجد المرأة العاقلة نفسها تدفع ثمن غطرسة إنسان نكل بها بعد أن بذلت في سبيله كل شيء؟
هذا فحوى قصتي سيدتي، أضعها بين يديك وكلي أمل أن أجد لديك ما يبدد القلق الذي يعتري فؤادي.
تزوجت بعد قصة حب أسالت لعاب الكثير من معارفي، فالجميع لم يكن يرى من أنني سأكون من نصيب ذاك الرجل الشهم ذي المبادئ، ذاك الشاب الذي لم يكن يرى أحدا غيري.
تزوجت وما إن أوصدت أبواب عش الزوجية علينما حتى سقطت الأقنعة حيث أنني وجدت نفسي وجها لوجه أمام رجل خانع لأمهخ وأهله. زوج لا يهمه سوى انو يكون في مستوى أحلام أمه التي بدت وكأنها هي من إقترنت بي وليس نجلها. صدقيني سيدتي، فقد مارست عليّ حماتي أنواعا من التدخلات هي وبناتها في خصوصوياتي ما لم أطقه ولم أتقبله، لدرجة أنني أخبرت أهلي بالأمر فلم أجد نفسي سوى أعود إليهم بعد أول زيارة لي وأنا في بداياتا زواجي. ومكثت لديهم بهدف تأديب وترويض زوج لم ينتظر الكثير ليرمي لي بورقة الطلاق.
اي نعم سيدتي، لقد طلقني ولم تشفع لديه المحبة والعنفوان الذي كان بيننا. لا يمكن أن أصف لك شعور الذل والمهانة التي أحس بهم إلى غاية كتابة هذه الأسطر.ولعل ما هيج مقلي وقلبي الذي بات بالهموم مثقل أنني سمعت من أهلي أن طليقي تقدم لطلب يد إحدى قريباتي التي أنقطع بيننا حبل الوصال لبعض الاسباب. وما زاد الطين بلة أن طليقي ومن كنت بالأمس أحمل إسمه بات ينشر حولي بعض الأكاذيب والترهات التي تمس كياني، محملا إياي مسؤولية الطلاق مشيرا أنني من أحمل عيوب الدنيا وليس هو.
أمر مثل هذا اثار حفيظة أهلي، وبث الشجن في قلبي.
سيدتي أنا بأمسّ الحاجة إلى ما يزرع السكينة في قلبي فهلا أنرت العتمة التي بداخلي؟
المنكسرة ب.ليان من الشرق الجزائري.
الرد:
أختاه، من الصعب استيصاغ طعم الخيانة على يد من يوما أملنا في الحياة. ومن المؤسف أن يكون العذاب تبعة قرار لم نكن يوما نخطط له. أحس بما تكابدينه من ألام وحسرة، وأعي أن ما تحسين به لا يوصف ولا يقدر خاصة وأن الاثر سيبقى لا محالة فأسرتك سيكون لها بالغ التأثير عليك في هذا المصاب.
أختاه، لست أول ولا أخر أنثى منيت بالطلاق بعد عشرة أكانت طويلة أو قصيرة الأمر وعليك أن تلبسي ثوب الرضا حيال هذا الأمر وتتقبلينه، كيف لا وطليقك بمعية أهله لم يبحثوا في سبل الصلح أو عودة المياه بينكما إلى مجاريها قط. مارسي الحداد المشروط والمفروض على اي أنثى منكسرة بشرط أن لا يطول هذا الحداد. ولتكبحي جماح دموعك حتى تعيدي بناء حياتك من جهة أخرى، فأنت وردة يافعة جميلة وستلتقين حتما بمن سيقدرك ويحتويك وينسيك ألمك وماضيك.
من جهة أهلك سواء والديك أو أهل الفتاة التي تقدم إليهم طليقك خاطبا فمن غير المقبول أن يتحاملوا عليك ويوجهوا أصابع الإتهام إليك لأنك لم تكون في المستوى المطلوب لأهل طليقك الذين أرى فيهم عيبا كبيرا أن يلجأوا لأحدى قريباتك طالبين قربها لا لشيء سوى ليشوهوا سمعتك ويجعلونك في الدرك الأسفل من الحيرة والغبن. ومن هذا المنبر أحب أن أنوه لك أنه عليك العودة لحياتك الطبيعية من عمل أو دراسة، وبأن تواجهي مصيرك بكل فخر، فيكفيك أنك لست مذنبة في شيء مما حصل لك، وقناعتك أكبر بكثير من أن يضحدها أي شخص كان.
من يعرفك حق المعرفة ومن يقدرك من المؤكد أنه لن ينساق وراء هذه الأساليب الحقيرة التي لن تسيء سوى لصاحبها
عديد الأشخاص من لا نتأكد من معادنهم إلا بعد أن نعاشرهم، ومن المؤسف أن أحلامك في زوج جسور ذي شخصية تهاوت بمجرد أن بتّ تحملين إسمه، فلتطوي صفحة الماضي ولتحلقي إلى غد مشرق واعد.
ردت ب.س.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
ترجمة: أحمد شافعي -
شاهدت على شاشة هاتفي في الشهور الماضية من الصور ما سيظل مستوليا عليّ لما بقي من حياتي. رأيت موتى وجرحى وجياعا من الأطفال والرضَّع، وأطفالا يبكون أمهاتهم في ألم وفي خوف، وآباءهم وأخواتهم وإخوانهم. صبيا صغيرا يرتعش هولا من صدمة غارة جوية. مشاهد عصية على الوصف للرعب والعنف أصابتني بالغثيان. ففي بعض الأحيان أعبر هذه الصور والفيديوهات، خوفا مما قد أراه بعدها. ولكنني في غالب الأحيان، أشعر أني مكرهة على أن أكون من الشاهدين.
وأعرف أنني لست وحدي في ذلك. كثيرون للغاية منا، نحن المنعَّمين بما لدينا من امتيازات وأمان، شاهدوا معاناة أطفال غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في صور تمتزج امتزاجا صادما بإعلانات ونكات وصور لأطفال آخرين يبتسمون آمنين. وما يجعل الرعب أشد وقعا هو أن هؤلاء الأطفال كان يمكن أن يكونوا أبناءك أنت، أو أبنائي أنا، أو أبناء شخص نعرفه، لولا صدفة الميلاد.
جهر آلاف البشر بمناصرة أولئك الأطفال وأسرهم، سواء بالكتابة للسياسيين، أو بالتبرع للجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة، أو بالتظاهر في الشوارع. وبرغم ذلك تستمر هذه الحرب على الأطفال، وثمة إحساس طاغ بالعجز عن مساعدتهم. ولا يكاد عقل يتصور ما يمكن أن يسوء إليه الحال، لكن الحال يسوء مع أخبار ترددت هذا الأسبوع بأن أربعة عشر ألف رضيع يعانون من سوء تغذية حاد بحسب تقارير للأمم المتحدة. والسبب في ذلك هو التجويع العمدي، أي استعمال المجاعة سلاحا حربيا و«أداة إبادة» بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش.
ينجم عن هذا العجز الطاغي أمام رعب يتجاوز الخيال إحساسٌ جماعيٌّ بالأذى المعنوي، وهو شكل من أشكال الضيق النفسي العميق الذي قد يستشعره الناس حينما يكونون مرغمين على التصرف ـ أو عدم التصرف بالأحرى ـ بما يتعارض تعارضا مباشرا مع قيمهم أو منظوماتهم الأخلاقية. وقد صادفت هذا المصطلح للمرة الأولى عند الحديث مع عاملين في المجال الطبي أصيبوا باضطراب ما بعد الصدمة خلال الجائحة. إذ كان أطباء وممرضون وعمال رعاية صحية يعانون ألما مبرحا لعدم قدرتهم دائما على توفير العلاج للمرضى الذين كانوا في أمسّ الاحتياج إليه، وذلك بسبب نقص المعدات والموارد والقيادة وبسبب عدد المرضى الهائل من المصابين بأمراض خطيرة.
لا مكان على وجه الأرض يبلغ فيه هذا الشعور من القوة مبلغه في غزة نفسها. فبالنسبة للعاملين في المجالين الطبي والإغاثي هناك، قد يكون الحزن والإحساس بالذنب والخيانة وعدم القدرة على مساعدة الجميع واقعا يوميا. وحينما تكون وظيفتك هي أن توفر المساعدة أو التغذية أو العلاج، فقد يتسبب العجز عن القيام بذلك في صدمة عميقة.
ولا بد أن الآباء في غزة يعيشون عذابا عظيم الوطأة إذ يرون أبناءهم يبكون جوعا وهم عاجزون عن إطعامهم. وكثيرا ما أفكر في الرضع الذين كانوا في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة التي تعرضت للقصف، أعني تلك الصورة لحديثي الولادة في مستشفى الشفا وقد وضع السبعة منهم في سرير واحد للحفاظ على حرارتهم وحياتهم. أفكر في أمهاتهم، وكثير منهن اضطررن إلى الولادة دونما مسكنات الألم والمعدات الطبية الملائمة.
أين هم الآن؟ كم من منهم نجا؟ وما أثر ذلك على المسعفين الذين بذلوا الجهد المضني لإنقاذهم؟
لكنني بدأت أيضا أفكر في أثر الأذى المعنوي بالوكالة وعلى نطاق واسع. ولست في معرض مساواته بما يمر به الناس الموجودون على الأرض. لكن ذلك الإحساس بالعجز وما يترتب عليه من إحساس بالتواطؤ: ترى ماذا يفعل هذا الإحساس في الناس من شتى أرجاء العالم ممن يشعرون أن ما يحدث خطأ؟ ما أثر شهود كل هذه المعاناة العميقة، حتى ولو عبر شاشة، والإحساس بالعجز عن العمل أو العجز عن إرغام الآخرين على العمل؟
أفهم الآن لماذا توقفت والدتي عن مشاهدة الأخبار بعد ميلادي. ذلك لأنها لم تقو على احتمالها. أنا أيضا شعرت بإغراء الانكفاء على الذات منذ أن أنجبت ابني، والانغماس في الدفء والأمن اللذين ننعم بهما في حياتنا. لكن الإنترنت يزيد من صعوبة الانفصال، والأخبار تجري في مجرى مواز لحياتنا، والحدود بينهما تنطمس. ففي ليال كثيرة وضعت ابني فيها في مهده، وهو ممتلئ البطن، نظيف الثياب ناعمها، وبكيت في صمت أولئك الأطفال الذين لا ينعمون بالدفء في أسرّة.
وفي الساعات المبكرة حينما يستيقظ طلبا للحليب، يكون أقصى ما يجب عليَّ أن أفعله هو الذهاب إلى الثلاجة والإتيان بالحليب، ونجلس لا منصتين إلى صوت القنابل وإنما منصتان إلى زقزقة عصافير كأنها كانت تملأ السماء.
يبدو لي هذا التناقض بين أمنه وخوفهم تناقضا فاحشا. فهل يكون هذا نوعا من الأذى المعنوي؟ ثمة شيء في مصاحبتك يوميا لكائن صغير ـ
بما له من براءة وبما فيه من ضعف وسخف وطبيعة محبوبة ـ يجعل ألم أي طفل آخر إهانة عميقة. لكنني أعرف أنكم لا ينبغي أن تكونوا آباء لتشعروا بالفزع مما ابتلي به أطفال غزة شعورا تجدونه في أحشائكم. ذلك أنني أومن ـ أو كنت أومن ـ بأنه مغروس في أنفسنا، نحن البشر، أن نشعر بمسؤولية جماعية تجاه الأطفال، وأن هذه المسؤولية الجماعية يمكن أن تمتد لتتجاوز الحدود.
قد يؤدي الإحساس بالعجز في مواجهة هذا الظلم السافر إلى فقدان الثقة أو الإيمان، لا بالحكومات والمؤسسات وإنما بنظام العالم الأخلاقي، وقدرته على حماية الأطفال. وأفكر في أثر هذا، هل ستكون نتيجته ـ مثلما يرجو السياسيون بلا شك ـ هي بلادة في هيئة لا مبالاة؟ فقد تؤدي الأحداث الصادمة إلى فقدان التعاطف حتى ليجب أن يخرج ملايين الناس مرة أخرى رافعين أصواتهم، لكنها أيضا قد توجهنا إلى غضب مفهوم.
لا شك أنني أشعر بفقدان الإيمان. وكنت أشعر بشيء صادق عن الإنسانية، هو أن الناس بطبيعتهم أخيار، وأننا ندين للأطفال بحمايتهم، وقد تغير ذلك بسبب هذا الصراع. فبت أتنقل وداخلي إحساس ثقيل لا يبدو أنني قادرة أن أتخلص منه.
فبرغم أنني على بعد آلاف الأميال من غزة، غيرتني الشهور الثماني عشرة الماضية. تعلمت أن للتعاطف مع الأطفال حدودا سياسية في نظر بعض الناس. فماذا تفعل امرأة مثلي بهذه المعرفة الرهيبة وقد استقرت بداخلها كأنها حجر من رصاص؟ يبدو أنني لا أملك لهذا السؤال جوابا.
ريانون لوسي كوسليت من كتاب أعمدة الرأي في ذي جارديان