جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي .. مبادرات بحثية مستدامة وشراكات داعمة للحياد المناخي
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
من أحمد جمال .
أبوظبي في 14 سبتمبر/ وام/ تواصل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جهودها البحثية البارزة للنهوض بالذكاء الاصطناعي، وتسخيره كقوة عالمية تسهم في تحقيق تقدم ورفاهية البشرية، وتسعى لتأسيس وتعزيز الشراكات في مجال البحث العلمي والتطوير، وصقل مهارات الطلبة لبناء الجيل المقبل من المبتكرين الذين يتمتعون بالمعرفة والكفاءة لمواصلة مسيرة تطوير التكنولوجيا في الدولة والعالم، وتكرس أبحاثها حالياً في 3 مجالات رئيسية هي الصحة والتعليم والمناخ.
وتستعرض وكالة أنباء الإمارات "وام" في التقرير التالي، أبرز مشاريع الجامعة البحثية في مجال المناخ، ومبادراتها وشراكاتها مع عدد من المؤسسات العالمية الداعمة لجهود تحقيق الاستدامة والحياد المناخي.
ويقود نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بالجامعة الجهود للحد من البصمة الكربونية لحوسبة الذكاء الاصطناعي نفسها، وتهدف الجامعة لاستخدام نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بها (AIOS) لتقليل تكلفة الطاقة والوقت لحوسبة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، وذلك من خلال تطوير نماذج تمتاز بالصغر والسرعة وقلة الاعتماد على الأجهزة المتطورة، وتمتاز بالوقت ذاته بكفاءة الأداء والسهولة في التكيف مع البيئات المتغيرة.
ويمكن أيضاً لنظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (AIOS)، أن يضع الأسس لتطوير الجيل التالي من برمجيات الذكاء الاصطناعي من خلال توليد التعليمات البرمجية تلقائياً، وتعلم الآلة الموحد والتعاوني، وهندسة البرمجيات الموحدة والمعتمدة، والتي سيتم استخدامها في قطاعات صناعية مختلفة مثل الطاقة والزراعة والمياه والغذاء وغيرها، لتعزيز القدرات اللوجستية وقدرات الصيانة التنبؤية والتشغيل التكيفي والإدارة الدقيقة.
وتعاونت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع شركة "IBM" لإنشاء مركز التميز للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، ويهدف المركز إلى تعزيز التعاون بين الجانبين من أجل تسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وتسخيرها لدفع جهود الاستدامة، وتطوير حلول حيادية الكربون لإمدادات الطاقة ومواجهة تحديات تغير المناخ.
ويركز خبراء من "IBM" والجامعة على جهود الحد من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب تعزيز البحوث العلمية المتقدمة الرامية للتخفيف من آثار التغير المناخي.
وستعمل الفرق البحثية المشتركة على تطوير مسرّعات الذكاء الاصطناعي ونماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، والتي يمكن أن تدعم نشر تقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وبما يمهد الطريق لاستخدام حلول محايدة كربونياً مع تعزيز آليات التكيف والمرونة.
كما تجري جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أبحاثاً حول نماذج الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة وفاعلية استمطار السحب، وأنظمة الذكاء الاصطناعي المخصصة للتنبؤ بالظواهر الجوية الشديدة، والتي يتوقع ارتفاعها مع زيادة آثار التغير المناخي.
وبفضل قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات العالمية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس الانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وتحديد الأنماط المحتملة الهامة للعلماء وواضعي السياسات.
وعززت الجامعة الجهود التعاونية مع نخبة من أفضل الخبراء العالميين من مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل جامعات كاليفورنيا في بيركلي، وكارنيجي ميلون، وستانفورد، وكاليفورنيا في سان دييغو، بهدف معالجة التكاليف غير المستدامة لنماذج اللغات الكبيرة، وتصميم روبوت الدردشة (Vicuna) الذي يمتاز ببصمة كربونية صغيرة.
وفي مشروع آخر، عمل فريق من الباحثين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة كولومبيا البريطانية، وجامعة موناش، على ابتكار منصة (LaMini-LM) وهي عبارة عن مجموعة من نماذج اللغات التي يتطلعون لنشرها في البيئات التي تعاني من فقر الموارد مثل أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة.
ومنصة (LaMini-LM) هي عبارة عن مجموعة من نماذج لغة صغيرة الحجم وفعالة جرى تدريبها على مجموعة بيانات واسعة النطاق، وقام فريق العمل بتطوير منصة (LaMini-LM) عن طريق استخلاص المعارف والقدرات من تطبيق (ChatGPT)، تماماً كما يقوم المعلم بنقل نسخة مصغرة من معرفته الواسعة إلى الطلبة.
دينا عمر/ أحمد جمالالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: جامعة محمد بن زاید للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
شهدت الرياضة تحولا جذريا خلال السنوات الأخيرة بفضل التطورات التكنولوجية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعد تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية التي قد تغير نتائج المباريات أحد أكثر المجالات تأثرا.
ومع ظهور تقنيات، مثل "حكم الفيديو المساعد" (VAR)، أصبحت القرارات التحكيمية أكثر دقة، ولكنها أثارت أيضا نقاشات حول مدى موثوقيتها وتأثيرها في روح اللعبة.
وفي هذا الموضوع، نستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التحكيم الرياضي، مع استعراض أمثلة عملية، والتحديات التي تواجه هذه التقنيات في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري.
لطالما كان الحكم الرياضي هو السلطة العليا في الملعب، يتخذ قراراته في أجزاء من الثانية وسط ضغوط اللاعبين والجمهور وسرعة الإيقاع.
ولكن التحكيم الرياضي شهد تطورا جذريا خلال العقود الماضية استجابة للحاجة الملحة لتقليل الأخطاء التحكيمية.
وانتقل التحكيم الرياضي من الاعتماد الكامل على الحكم البشري إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي ساعد في اتخاذ قرارات دقيقة وعادلة.
وأظهرت الدراسات أن الأخطاء التحكيمية تظل حاضرة في بعض الرياضات الجماعية، حتى مع التدريب والخبرة.
ويقدم الذكاء الاصطناعي حلولا مبتكرة من خلال قدرته على المساعدة في اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية موضوعية، بدلا من الاعتماد على التقدير الشخصي وحده، كما يسهم في تحسين أداء الحكام.
وتتبع الأنظمة الذكية قرارات الحكام وتحلل دقتها، مما يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء وتوجيههم نحو التحسين.
وتشمل هذه التحليلات متابعة أنماط القرارات، وتحديد الأخطاء المتكررة، وقياس الاتساق في التحكيم. كما تساعد في إعداد برامج تدريبية مخصصة للحكام بناء على احتياجاتهم الفردية.
إعلانوتشكل أنظمة الذكاء الاصطناعي دعامة رقمية لتحسين جودة التحكيم، إذ ظهر نظام الرؤية الحاسوبية "هوك آي لايف" (Hawk-Eye Live) لأول مرة في رياضة التنس عام 2003 لأغراض البث.
ولكن حصل على الموافقة عام 2005 بعد مباراة في بطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 2004 تعرضت خلالها لاعبة لعدة قرارات خاطئة وخسرت المباراة.
وجرى توسيع نطاق استخدام "هوك آي لايف" خلال جائحة فيروس كورونا، حيث أقيمت بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس لعام 2020 بدون حكام خطوط في جميع الملاعب الرئيسية باستثناء ملعبين.
ومنذ بدء استخدام "هوك آي لايف"، استغنى اتحاد التنس الأميركي عن ما بين 190 و200 حكم، حسب مرحلة البطولة.
وتوضح ورقة بحثية صادرة عام 2024 أن السلوك البشري يتغير عند استخدام التكنولوجيا، إذ تحسنت دقة الحكام، وانخفض معدل الأخطاء الإجمالي بنسبة 8% بعد استخدام "هوك آي لايف".
من التنس إلى كرة القدم والجمبازفي عام 2009، ساعدت لمسة يد غير ملحوظة فرنسا على إقصاء أيرلندا من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، في حين كان هدف فرانك لامبارد الشهير ضد ألمانيا نقطة التحول.
وبالرغم من عبور الكرة خط المرمى، أخطأ الحكم في تقدير الموقف، مما دفع إلى تبني التقنية الجديدة.
وفي عام 2012، أنشأ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم عملية اعتماد لضمان جودة أنظمة تقنية "خط المرمى" (Goal-Line Technology) المستخدمة في المباريات الرسمية.
بينما ظهرت "تقنية التسلل شبه الآلية" (SAOT) لأول مرة في كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر، حيث ترسل الكرة تنبيها إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد" كلما كانت في وضع التسلل.
كما تضمنت الكرة وحدة "قياس بالقصور الذاتي" (IMU) تكتشف المواقف غير القانونية وترسل البيانات بمعدل 500 مرة في الثانية إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد".
كما وصلت "تقنية التسلل شبه الآلية" إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2025، من أجل توفير تحديد سريع وثابت لخط التسلل الافتراضي، استنادا إلى تتبع اللاعبين بصريا.
أما في رياضة الجمباز، فقد طورت "فوجيتسو" (Fujitsu) تقنية "نظام دعم التحكيم" (JSS) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للجمباز، لتحويل الحركات البشرية المعقدة إلى بيانات رقمية، مما قلل من التحيز وساعد في توحيد المعايير.
واستخدم "نظام دعم التحكيم" في مسابقات بطولة العالم للجمباز لعام 2019، كما استخدمت هذه التقنية لأول مرة في بطولة العالم للجمباز الفني في بلجيكا عام 2023، للتحكيم على جميع الأجهزة.
البيانات تتحدث في لعبة الجولف والملاكمةبفضل نظام "شوت لينك" (ShotLink) المعزز بمعلومات لوجستية وبيانات إحصائية وأجهزة الاستشعار المدمجة في أرضية ملعب الجولف، يمكن تتبع موقع كل ضربة قبل أن تلامس الأرض.
كما يتضمن النظام رادارا من المستوى العسكري يوفر بيانات حول كل ضربة، إلى جانب وجود 12 كاميرا ومجموعة من الأشخاص الذي يراقبون الضربات التي تخرج عن حدود الملعب.
وتوفر أجهزة الاستشعار والكاميرات البيانات للتنبؤ بموقع الضربة قبل أن تصطدم بالأرض، ويستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تزويد الحكام بأدوات تساعدهم في أداء عملهم.
إعلانأما في رياضة الملاكمة، فإن نظام "ديب سترايك" (DeepStrike) يجمع بيانات مكثفة عن المباريات في 50 مقياسا رئيسيا لكل لاعب، مما يتيح الكشف عن السلوكيات غير المشروعة، وبالتالي مكافحة الغش في النزالات.
يتمتع الذكاء الاصطناعي بمزايا مقارنة بالحكام البشر، في ما يتعلق ببعض التحيزات المحتملة، كتلك التي قد تستند إلى جنسية الرياضي، كما أن له ميزة على القيود الجسدية للحكم البشري، مثل ضعف البصر، وسرعة الإدراك، والتعب بعد يوم طويل من التحكيم.
ومن المفترض أن أنظمة الذكاء الاصطناعي محايدة، ومع ذلك، فإن قرارات الذكاء الاصطناعي تعتمد على كيفية تدريبه ومن تدرب عليه.
ولا تزال قرارات الذكاء الاصطناعي مبنية على قواعد يبرمجها البشر، باستخدام بيانات تجمعها آلات يمكنها أن تغفل عن بعض التفاصيل أو تفسرها بشكل خطأ.
وقد يصلح الذكاء الاصطناعي بعض المشاكل، لكنه يدخل مشاكل أخرى، كما أنه يثير قضايا المسؤولية، حيث واجهت عملية اتخاذ القرار بمساعدة الذكاء الاصطناعي في الرياضة انتكاسات.
وشهدت مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020 بين شيفيلد يونايتد وأستون فيلا إلغاء هدف واضح بسبب عطل في تقنية "خط المرمى"، وليس بسبب خطأ بشري.
واعترفت الشركة المطورة لتقنية "هوك آي لايف" لاحقا بالخطأ، واصفة إياه بالشذوذ بعد أكثر من 9 آلاف مباراة دون أي حوادث.
ونشأ جدل مماثل في المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم 2022، عندما ألغت "تقنية التسلل شبه الآلية" هدفا للاعب الإكوادور إينر فالنسيا.
وأثار القرار جدلا حول إذا كانت دقة النظام، التي تقدر بمستوى السنتيمتر، صارمة للغاية بالنسبة لطبيعة اللعبة السريعة.
وبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في القرارات الموضوعية، فإنه يعاني في القرارات الذاتية، وهو مجال لا يزال فيه الحكم البشري حاسما.
المستقبل الهجينلا يزال من الصعب تصور ملاعب رياضية بدون حكام بشريين، إذ إن المجتمع الرياضي لم يتهيأ بعد لتقبل حكم روبوت.
كما أن الذكاء الاصطناعي لا يسعى في الوقت الحالي إلى إلغاء العنصر البشري، بل دعمه بمنظومة ذكية تقلل من احتمالات الخطأ، وتعزز الشفافية، وتضمن تكافؤ الفرص.
ونتيجة لذلك، فإن التوجه هو تطوير نموذج هجين، يجمع بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي القرارات الموضوعية، في حين يحتفظ الحكم البشري بالقرارات التقديرية التي تتطلب فهم السياق والنية.
ختاما، في عالم تقاس فيه الانتصارات بأجزاء من الثانية، لم تعد الأخطاء التحكيمية مجرد حوادث عرضية بل أصبحت قضايا رأي عام، تتصدر العناوين وتؤثر في ثقة الجمهور بالبطولات.
في حين أن الذكاء الاصطناعي يؤدي دورا حيويا في تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية، بيد أنه ليس معصوما عن الخطأ، ولا بديلا عن الإنسان في السياقات التي تتطلب تقديرا سياقيا.
نتيجة لذلك، فإن التحكيم الرياضي العادل يحتاج إلى مزيج من الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.