العنصرية المُتصاعدة في تركيا
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
الكاتب السعودي: نواف القديمي
على امتداد السنوات الأخيرة، كانت إحدى أهم أدوات المعارضة التركية في استهداف الحزب الحاكم هو حملة التحريض ضد اللاجئين وتحميلهم كل أزمات البلد الاقتصادية والسياسية. وقد تصاعدت الحملات المنظمة عبر القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف وآلاف الأنصار، ونجحت في تعبئة غالبية الشعب التركي بموقف سلبي ومتوتر من اللاجئين.
قبل سنوات، حاول الحزب الحاكم مواجهة هذه الحملات، ثم مع مرور الوقت، شعر أن المزاج الشعبي تغير كثيراً، وهو – كحزب يواجه استحقاقات انتخابية متوالية – لا يريد مواجهة الموقف الشعبي ولا إثارة سخط الناس، فأخذ منحى “غض الطرف” عن معظم ما يجري من انتهاكات، ومحاولة تسوية الأمور في حالات أخرى من دون إغضاب المواطنين. فحزب العدالة والتنمية، وأردوغان معنيين برضى الناخب التركي ومحاولة كسب صوته أولاً وقبل كل شيء.
في شهر آذار/ مارس القادم – بعد ستة أشهر – تقف تركيا أمام استحقاق انتخابي جديد ومهم هو الانتخابات البلدية، وكان حزب العدالة والتنمية قد خسر أهم بلديتين “اسطنبول وأنقرة” في الانتخابات السابقة بعد أن كان يسيطر عليهما لعقود، وهو يعمل منذ شهور – وباستماتة – على استعادتهم في الانتخابات القادمة. وهذا يعني بالضرورة السعي لعدم إغضاب الناخب التركي ومسايرة قناعاته ومزاجه، لذلك ستستمر الحكومة – فيما يبدو – في التغاضي عن أخذ إجراءات حازمة تجاه العنصرية المتصاعدة ضد اللاجئين والعرب.
وفي المقابل، رئيس بلدية اسطنبول الحالي ومرشح حزب الشعب لها “أكرم إمام أوغلو”، والذي لم يحقق إنجازات تستحق الذكر في فترة رئاسته الحالية، قرر أن يمارس اللعبة القذرة نفسها، “التحريض على اللاجئين” واتهامهم بأنهم سبب كل المشاكل التي تعانيها اسطنبول، وقد ابتدأ ذلك بتصريحه قبل أيام بأن اللاجئين في اسطنبول هم سبب تراجع منسوب المياه بنسبة 20٪.
في المحصلة، نحن أمام مشهد مخيف، مزيد من التحريض ضد اللاجئين والعرب من المعارضة، ومزيد من التوتر والاحتقان الشعبي، ويوازي كل ذلك تغاضي ومسايرة حكومية. لذلك، حالياً لا يكاد يمر يوم من دون قصص عنصرية أو اعتداء أو طعن، وهذا النزر الذي نعرفه هو الذي يتم تصويره ويصل إلى الإعلام، أما ما يجري في الواقع فأكثر بكثير للأسف، وهذا يعني أننا أمام ستة أشهر قد تشهد فيها تركيا كثيراً من الجنون والتصرفات الحمقاء.
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: تركيا اخبار تركيا العنصرية
إقرأ أيضاً:
لودفيغ تيك والموروث الشعبي.. من الحكايات إلى الأدب
في قلب التحولات الأدبية التي شهدتها ألمانيا في مطلع القرن التاسع عشر، يبرز اسم لودفيغ تيك كأحد أبرز الوجوه التي مزجت بين الخيال الأدبي والتراث الشعبي، ليؤسس بذلك أسلوبًا فريدًا ضمن تيار الرومانسية الألمانية.
ولد تيك في برلين عام 1773، وبدأ حياته الأدبية في سن مبكرة، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت حين بدأ يشتغل على الحكايات الشعبية ويعيد تقديمها بأسلوب أدبي يحمل لمسات من الخيال، الحلم، والرمزية الفلسفية.
الأدب الشعبي بوابة إلى الروحلم تكن نظرة تيك إلى القصص الشعبية نظرة سطحية أو ترفيهية، بل رأى فيها جوهرًا ثقافيًا يعبّر عن روح الأمة الألمانية.
في زمن كانت فيه أوروبا تميل إلى العقلانية والتنوير، اختار تيك أن يغوص في اللاوعي الجمعي، حيث السحر، والغرابة، والرموز التي تعبر عن القلق الوجودي والبحث عن المعنى.
إحدى أشهر قصصه في هذا السياق هي “البرج الأزرق” (Der blaue Salon)، التي تمزج بين العالم الواقعي والخيالي، وتطرح تساؤلات عن الهوية، والمصير، والحقيقة من خلال قصة ذات طابع شعبي غامض.
التعاون مع الأخوين غريمرغم أن الأخوين غريم يُعدان المرجع الأساسي للقصص الشعبية الألمانية، فإن تيك سبقهم في إحياء القصص الشعبية بأسلوب أدبي. ومع أن العلاقة بينه وبين الأخوين لم تكن دائمًا وثيقة، إلا أن مشاريعه المتقاربة معهم تعكس تيارًا فكريًا وثقافيًا مشتركًا سعى للحفاظ على التراث الألماني من الاندثار.
كتب تيك عدة نصوص متأثرة بالحكايات المتناقلة شفهيًا، لكنه لم يكتف بالسرد، بل أضفى عليها عمقًا نفسيًا وفلسفيًا، ما جعله مختلفًا عن جمع وتوثيق القصص فقط، بل حولها إلى أعمال أدبية قائمة بذاتها.
من الحكاية إلى العمل الفنيميزة تيك الكبرى تكمن في قدرته على تحويل القصص البسيطة إلى لوحات أدبية مفعمة بالخيال والرمز.
سواء من خلال قصص قصيرة أو مسرحيات، كان يربط بين السرد الشعبي والأسلوب الفني، ما جعله من الأسماء المؤسسة لما يُعرف لاحقًا بـ”الرومانسية السوداء”