متابعة بتجــرد: فيلم “المظلوم لا يبكي” من إخراج المخرج المغربي البريطاني فيصل بوليفة يُعتبر تمثيلاً عميقًا للواقعية الاجتماعية المروعة، حيث يبرز قضايا اجتماعية حادة ويظهر النظام المقسم بشكل واضح في كيفية التعامل مع الأفراد الذين لا يتناسبون مع الفكرة المسبقة للنجاح.

الفيلم يعكس الحياة اليومية للكثيرين، خاصة في البلدان التي تعاني مستويات مرتفعة من عدم المساواة الاجتماعية، ويتميز  بفعالية كبيرة في تصوير الواقعية، وهذا ما يجعله مزعجًا قليلاً.

يتناول المخرج فيصل بوليفة قصة حياة امرأة في منتصف العمر وابنها البالغين وهما يجوبان شوارع المغرب العدوانية المعاصرة، محاولين البحث عن فرصة للهروب من الفقر،  ويظهر بجلاء كيف يصبح الأمر أكثر صعوبة مع مرور الوقت حيث يفتقر كل منهما إلى توجيه ويدركون أن الطموح لا يكفي دائمًا إذا لم يتمتع الشخص بالمهارات الضرورية لتحقيقه بنجاح.

 الحبكة دراما اجتماعية واقعية تحمل رسالة قوية وتطرح أسئلة صعبة حول الحياة في عالم مليء بالعدوانية وعدم المساواة الاجتماعية، ويجمع بين لحظات مؤثرة وصادمة تثير تفكير المشاهدين في قضايا هامة ويجعلهم يتأملون في العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع حيث يحمل السيناريو في طياته  رسائل قوية تتعامل مع قضايا حيوية، ويثير أسئلة هامة حول الحياة في عالم مليء بالعنف وعدم المساواة الاجتماعية. ويسلط الضوء على ضرورة فهم ومعالجة هذه القضايا ويشجع المشاهدون على التفكير بعمق حول تأثيرها في حياتنا اليومية.

هذا الفيلم هو عمل فني يحمل طابعًا راديكاليًا وجاذبًا يجرنا بعمق إلى حياة شخصياته. يأخذنا  في رحلة طويلة ومليئة بالتحديات للبحث عن منزل في بيئة تفتقر إلى الدعم المألوف للأشخاص الذين يواجهون صعوبات، نتحول نحن المشاهدين إلى مشاهدين متطفلين نلقي نظرة على حياة هؤلاء الشخصيات وأنشطتهم اليومية، و يتبين أن هذه الأنشطة ليست عادية إطلاقا، حيث يتغير كل يوم جديد ويثير شعورًا بعدم التوقع، إنها قصة عن أناس عاديين يعيشون حياة متقلبة بلا هوية ، وخلال الساعتين التي نمضيها معهم، لا يتركون مكانًا لفترة طويلة، يواجهون تحديات مستمرة في البحث عن مأوى في أماكن غير مستقرة.

القصة تشكل أساسًا لاستكشاف شديد العمق للمغرب الحديث، حيث يعكس المخرج واقع بلاده وصعوبة العيش في بيئة معادية عندما تكون البقاء هو الهدف الأساسي. الشخصيات الرئيسية، اللذان يتجولان في أماكن حضرية غير مرحب بهم دائمًا، يبحثان عن مأوى وانتماء بينما يحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد، ويصوّر بشكل مؤلم رحلة البحث عن الأمان والراحة في بيئة غير مألوفة، والرغبة الأبدية في الانتماء إلى مكان ما، وهو موضوع يعكس بشكل متقن من خلال الصور الزاهية والمعقدة التي يتميز بها.

الفكرة الرئيسية وراء هذا المشاهد تكمن في أن السفر نحو مستقبل غير مؤكد ليس مجرد استخدام حرفي في هذه الدراما الواقعية الجديدة، بل هو رمز يمثل مجموعة واسعة من الأفراد الذين يجدون أنفسهم متشتتين في عالم لا يتجلى فيه الاتجاه. تعد هذه القصة دراسة شخصية معقدة حول أفراد يعيشون حياة معقدة تتراوح بين البساطة والبحث المستمر عن وسائل جديدة للبقاء على قيد الحياة. على الرغم من وجود إمكانية التعاطف مع هؤلاء الأفراد، إلا أن الفيلم يصور تحدياتهم بصرامة ويقدم الشخصيات الرئيسية بصورة معيبة بعمق.

 إنها ليست قصة زوجين من الشهداء الذين يكافحون فقط بناءً على ظروفهما، بل هي تصوير صادق ولا يرحم لكيفية تأثرنا ببيئتنا، وكيف يمكن أن تعوق الأوضاع القائمة أحيانًا النجاح المحتمل. يقدم الأداء المذهل والمؤثر للممثلين الرئيسيين، عائشة تبعة وعبد الله الحجوجي، تفاصيل غنية ومعقدة. إن هناك غزارة من التفاصيل في أدائهما، وكلاهما يبرز على نحو استثنائي في تجسيد زوجين من الشخصيات الرئيسية التي قد تكون ضعيفة بدون التعاون الوثيق مع المخرج الملتزم باستكشاف التأثير

تألق الممثلون في الفيلم بأداء استثنائي حيث قدموا شخصيات معقدة بشكل ممتاز، هذا الأداء المتفرد ساهم إلى حد بعيد في تعزيز التأثير العاطفي للفيلم وجعل الشخصيات أكثر قربًا ومصداقية، كما استخدم  المخرج  السفر كرمز يمثل التحديات التي تواجه الأفراد والبحث عن الأمان في بيئة غير مألوفة، هذه الرمزية تضيف عمقًا إلى قصة الفيلم وتعزز فهم المشاهدين للشخصيات وتجاربهم.

العمل يعتبر من الأعمال السينمائية ذات الأهمية الكبيرة، حيث يتناول موضوعًا حساسًا يعانيه نسبة كبيرة من سكان العالم، وهم الذين يعيشون في ظروف صعبة ويعتمدون على موارد محدودة من محيطهم، و يركز واقع الطبقة العاملة في المغرب، لكنه يلامس مسائل عالمية أيضًا، يُعتبر المخرج صوتًا بارزًا في صناعة السينما المعاصرة، ويعطي هذا الفيلم تصويرًا قويًا ومؤثرًا لواقع قد يكون مؤلمًا، لكنه يقدم لمحة هامة وعميقة عن الحياة في هذا الواقع.

المخرج المغربي البريطاني فيصل بوليفة أخرج الفيلم ببراعة التصوير الواقعية والاجتماعية بشكل مؤثر ومثير، مستخدما عناصر السينما ببراعة لنقل الجمهور إلى عالم الشخصيات الرئيسية وتفاصيل حياتهم بشكل واقعي، تميز الفيلم في تجسيد الصعوبات  في الحياة التي يواجهها الأفراد والتي تجعلهم معرضين للمعاملة بغير وجه حق ومظهرًا واضحًا للنظام المقسم في المجتمع.

 يُذكّر أنّ فيصل بوليفة تعاون مع المنتجين أنفسهم الذين عمل معهم في فيلمه القصير “The Curse”، الذي فاز بجائزة إيلي في قسم مخرجي الأفلام في مهرجان كان السينمائي وتم ترشيحه لجوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام في عام 2013.

main 2023-09-18 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: فی بیئة

إقرأ أيضاً:

علامات في سلوك الطفل تشير إلى “متلازمة توريت”

روسيا – كشف الأطباء وعلماء النفس عن علامات تظهر في سلوك الطفل، قد تشير إلى متلازمة “توريت”، وتتطلب استشارة الطبيب المختص.
تقول الدكتورة أليسا غيلفيغ، أخصائية طب الأعصاب في مركز إعادة التأهيل التابع لوزارة الصحة الروسية: “إذا ظهرت في حياة الطفل حركات نمطية تتكرر عدة مرات في اليوم، وكذلك أصوات مختلفة على شكل سعال وصفير وغيرها لا علاقة لها بحالته الصحية، فهذا يتطلب استشارة طبيب أعصاب”.

ومن جانبه يشير الدكتور إيليا زايتسيف أخصائي علم النفس، إلى أن تشخيص متلازمة توريت ليس بالأمر السهل، لأنها غالبا ما تكون مصحوبة بأمراض أخرى. بالإضافة إلى ذلك، ليس لدى جميع الأطباء المؤهلات اللازمة لتشخيصها. ولهذا السبب، من الصعب تقدير العدد الدقيق للأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة.

ووفقا له، تعتبر متلازمة توريت من الأمراض غير القابلة للعلاج، ولكن يمكن السيطرة على تطورها بالأدوية، وبعكسه تكون عواقبها وخيمة.

ويقول: “عندما يصل الطفل إلى سن البلوغ، تلاحظ عليه فرط الحركة، حيث يتحرك بنشاط، ولديه تعابير وجه معبرة بشكل خاص. إذا لم يتم التعامل معها في المراحل المبكرة تتطور التشنجات اللاإرادية لديه في 80 بالمئة إلى أمراض نفسية. لذلك في أغلب الأحيان يكون الاضطراب العاطفي ثنائي القطب”.

ومتلازمة توريت (Tourette syndrome)‏ هي عبارة عن خلل عصبي وراثي يظهر منذ الطفولة المبكرة، تظهر أعراضه على شكل حركات عصبية لاإرادية متلازمة تصاحبها متلازمات صوتية متكررة، مثل ترميش العين، والسعال، وتطهير الحلق، وحركات الوجه. ولا تؤثر متلازمة توريت بشكل سلبي على الذكاء أو متوسط العمر المتوقع.

ووفقا لجمعية توريت الأمريكية يعاني من هذه المتلازمة 1 بالمئة من أطفال العالم، وتشخص لدى الأولاد اكثر من البنات بمقدار أربع مرات.

المصدر: نوفوستي

مقالات مشابهة

  • صور تتحسّر على مجدها السياحي.. شبح الصواريخ الإسرائيلية سرق عزّها
  • “اشتباك مزيف من أجل الدعاية ولفت الانتباه”.. شجار وإصابات بين مطرب ومؤدي مهرجانات في مصر
  • خطيب عرفة: ادعوا لإخواننا في فلسطين الذين مسهم الضر
  • من بينها الهاتف والنوم.. ماهي “أخطر” مسببات العقم عند الرجال؟
  • مشروعات اجتماعية تعزز دور جمعية “إحسان” لحفظ النعمة في جازان
  • بتوقيع محمد سامي.. عمرو سعد يشارك في دراما رمضان 2025
  • اكتشاف ناجين “مفقودين” من الثوران البركاني المدمر في بومبي قبل 2000 عام
  • كاتبة أسترالية: المسؤولون الأمريكيون يلعبون دور الحمقى للتنصل من الحديث عن جرائم “إسرائيل” في غزة
  • علامات في سلوك الطفل تشير إلى “متلازمة توريت”
  • أحمد عز يردّ على منتقدي الألفاظ الجريئة في “ولاد رزق”