خارج الحسابات.. لماذا يطالب رجال الدين في السويداء بمعبر مع الأردن؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
منذ انطلاقها قبل قرابة شهر لم يقدم النظام السوري أي بادرة إيجابية، أو سلبية، حيال الانتفاضة التي خرجت تحتج عليه في محافظة السويداء السورية،
وبينما بقيت الأصوات والشعارات على حالها مطالبة بالإسقاط ورحيل بشار الأسد برز مطلبٌ لافت، تردد لأكثر من مرة على لسان رجال الدين هناك.
وبعد مرور أيام على الانتفاضة والمظاهرات الشعبية في الأحياء والشوارع والساحات، نشرت "دار طائفة الموحدين الدروز" بيانا حددت فيه جملة من المطالب من بينها "دراسة فتح معبر حدودي يربط المحافظة بالأردن، من أجل إنعاشها اقتصاديا".
ورغم أن هذا الطلب الذي ذكرته أولا الجهة الدينية العليا في المحافظة ذات الغالبية الدرزية سبق أن طرح الحديث عنه قبل انطلاقة الثورة السورية وبعدها بأعوام، فقد عاد ليردده شيخ عقل الطائفة الدرزية، حمود الحناوي، خلال مقابلة مصورة نشرتها "شبكة الراصد" المحلية، الاثنين.
وناشد الحناوي الأردن بفتح المعبر، وقال إن "أهل المحافظة لا يستحقون الباب الموصود، فهم أمناء على المعابر وحسن الجوار"، معتبرا أن "ما يتسرب إلى الأراضي الأردنية من المخدرات محرم وليس من الأعراف والدين".
وجاء ذلك بعدما أبدى الحناوي موقفا تصعيديا ضد "السلطة في دمشق"، في أعقاب حادثة إطلاق النار على المتظاهرين أمام فرع "حزب البعث"، كما انضم إليه في وقت سابق شيخ عقل الطائفة، حكمت الهجري.
وبعد أيام تكمل السويداء السورية شهرها الأول من الانتفاضة، وفي وقت يواصل المتظاهرون والقائمون على الحراك التأكيد على مطالبهم السياسية بالتحديد، ومن بينها إسقاط النظام السوري، لم يصدر الأخير أي تعليق حتى اللحظة.
ومسار "عدم التعليق" لا يقتصر على ما يطالب به المتظاهرون سياسيا فحسب، بل ينسحب أيضا إلى المطالب المعيشية الأولى، على رأسها التراجع عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، ومن ثم "دراسة فتح معبر مع الأردن لإنعاش السويداء اقتصاديا".
"خارج الحسابات"ورغم أن السويداء تقع في أقصى الجنوب السوري المحاذي للأردن، فإنها لا ترتبط بأي معبر حدودي كما هو الحال بالنسبة لجارتها الواقعة إلى الغرب، محافظة درعا.
وبقيت مطالبات الأهالي وأعضاء "مجلس الشعب" في المحافظة قبل سنوات دون أي استجابة، ليأتي بيان "دار طائفة الموحدين الدروز" ومن ثم حديث الحناوي، ليعيد قصة فتح المعبر الحدودي.
وتعتبر السويداء فقيرة وغير قادرة على إقامة مشروعات مستقلة، حسب ما يقول سكان فيها، وكانت تعتمد في السابق على أموال المغتربين والمواسم، في حين أسهمت القروض الصغيرة في تأسيس مشروعات صغيرة، خاصة قبل الحرب.
وبعد 2011 تغير الوضع الاقتصادي في المدينة، إذ عانت من غلاء الأسعار ونقص المواد الأساسية وغلائها بسبب احتكارها من تجار الحرب، وصولا إلى الحد المتفاقم الذي وصلت إليه الأوضاع المعيشية، في أعقاب القرارات الحكومية الأخيرة، وما تبعها من رفع لمرتين لأسعار مادتي المازوت والبنزين.
ويوضح الصحفي، مدير شبكة "السويداء 24" المحلية، ريان معروف، أن المطلب الخاص بالمعبر الذي تردد على لسان رجال الدين "اقتصادي بحث"، تعود جذوره الأولى إلى الأيام التي سبقت أحداث الثورة، وحتى إلى فترة التسعينيات.
ويقول الصحفي لموقع "الحرة": "هناك رؤية في المحافظة ترى أن المعبر من شأنه أن ينشّط حركة التبادل التجاري وحركة تصدير المنتجات الزراعية"، كما يسود اعتقاد بأنه "سيرفد اقتصاد المحافظة المعزولة".
وترتبط السويداء بشريان اقتصادي وحيد مع العاصمة السورية دمشق، حتى أن جميع مخصصات الطحين اللازمة للأفران تدخل بشكل يومي من هناك، ويشير معروف إلى عدم وجود صوامع للحبوب.
ويرى الصحفي السوري أنه "من السهل حصار المحافظة كنوع من العقاب من جانب النظام السوري بسبب ارتباطها بالطريق الوحيد، الذي يسيطر عليها الأخير بالأساس"، ولذلك يتردد الحديث بكثرة عن مطلب "فتح المعبر".
لكن هذه الفكرة من الصعب أن تترجم على أرض الواقع، حسب ما تحدث مراقبون من المحافظة لموقع "الحرة"، من بينهم السياسي المعارض، الدكتور يحيى العريضي، إذ يقول إن "موضوع المعبر مجرد كلام في الهواء، ويأتي في سياق البحث، أو محاولة خلق المنطقة".
ويضيف العريضي لموقع "الحرة": "الطلب ليس له صفة رسمية، وإن حصل أي تواصل بشأن هذا الموضوع فإنه لا يزال خارج الحسابات حتى الآن".
وبناء على الظروف الحالية "من الصعب تنفيذ فكرة المعبر أو تحقيق الطلب الخاص به، لأن المسألة لا ترتبط بالنظام السوري فحسب بل بالأردن"، حسب ما يرى الصحفي معروف، ويشير إليه الناشط السياسي، مهند شهاب الدين.
ومع ذلك، يوضح شهاب الدين لموقع "الحرة" أن طرح فكرة فتح المعبر التجاري أو الإنساني مع الأردن، وبما يخص السويداء، يأتي باعتبار أن "معبر نصيب الدولي هو المنفذ الحدودي الوحيد إلى سوريا من الجهة الجنوبية التي يسيطر عليها النظام السوري".
ويشير الناشط السياسي إلى "وجود تخوفات من أن تغلق دمشق الطريق الواصل مع السويداء، الأمر الذي سيوقف الإمدادات من معونات ومواد أولية وغذائية وأدوية".
ماذا عن الأردن؟ومن جانب عمّان لم تصدر أي تعليقات رسمية بشأن المطلب الذي ردده رجال الدين في السويداء الحدودية مع الأردن، لكن الأصوات لاقت صدى عند محللين ومراقبين.
ومن بينهم المحلل السياسي الأردني، صلاح ملكاوي، إذ قال عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إن "طلب فتح معبر مع السويداء هو قديم، ومنذ سنوات، ويتجدد مع كل حراك أو نشاط إحتجاجي في المحافظة، وتم رفض الطلب سابقا ومؤكد هو مرفوض اليوم أيضا".
وأوضح ملكاوي أن "تاريخ الأردن الحديث الممتد منذ 1921 يقول إنه دولة تلتزم بحسن الجوار وتحترم قواعد العلاقات الدولية، ولا تتعاطى مع أحزاب ولا جماعات ولا حراك ولا ميليشيات، لا مع دول الجوار ولا غيرها، وعلاقاتها محصورة مع الدول فقط".
وأشار المحلل الأردني إلى إغلاق الأردن معبر "جابر" الحدودي بعد سيطرة المعارضة السورية على معبر نصيب المقابل، وإعادتها افتتاحه بعد عودة قوات النظام للجنوب السوري صيف 2018.
ولا مصلحة لعمّان "في المساعدة أو دعم انفصال أي جزء أو مكون تابع للدولة السورية، ومهما كانت الأسباب فإن فتح معبر غير نظامي مع السويداء يعني دعم انفصال هذا الجزء من الدولة السورية".
وينفي المتظاهرون في السويداء السورية منذ اليوم الأول للانتفاضة أي نزعات انفصالية، وأكدوا على ذلك من خلال الشعارات التي رفعت وسط ساحة السير (ساحة الكرامة)، وعلى لسان رجال الدين البارزين أيضا.
ويقول الناشط السياسي شهاب الدين إنه "ضد فتح أي معبر"، مؤكدا أن الشارع "يطالب بسوريا موحدة وإسقاط النظام السوري".
ويضيف: "السويداء قالت كلمتها في الانتفاضة ومن خلال الشعارات (واحد واحد واحد الشعب السوري واحد). هي تريد الخلاص الجماعي وليس الخلاص الفردي، والتقسيم ليس من معادلتها السياسية".
ويحاول الأردن دائما "أن ينأى بنفسه عن فكرة أن يكون جزءا من خلافات داخلية ذات طابع سياسي على الصعيد السوري أو الفلسطيني"، وفق حديث عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي أردني.
ويوضح السبايلة في حديث لموقع "الحرة" أن "الواقع الجغرافي مرتبط مع الأردن، لكن هناك أولويات للاستقرار ومواجهة المخدرات".
ويعتقد أن "هناك محددات كثيرة من الأردن تمنعه من الدخول في مثل هذه الأمور، على الأقل في هذه المرحلة".
"سؤال كبير"ومن غير الواضح حتى الآن المسار الذي ستسلكه الانتفاضة في المحافظة ذات الغالبية الدرزية في الأيام المقبلة، ولاسيما مع تأكيد المتظاهرين على البقاء في الشارع، وانضمام شيوخ العقل إليهم، مؤكدين على مطالبهم.
وأيضا في وقت نزع المتظاهرون معظم صور رأس النظام السوري بشار الأسد وتماثيل أبيه حافظ الأسد، وعادوا قبل أيام ليغلقوا مبنى "حزب البعث" بالحديد، بعدما تعرضوا لإطلاق نار أمامه، الثلاثاء الماضي.
ويعتبر السياسي المعارض، يحيى العريضي أن السؤال المتعلق بـ"المقبل" كبيرا، لكنه يرى أن "الحراك مستمر".
ويقول: "إن كان النظام السوري يراهن على الوقت فإنه خسر هذا الرهان، لأن صبر هؤلاء الناس من صبر البازلت وبكل بساطة".
ويضيف: "المسألة بيد السوريين جميعا وبرسم الدول المنخرطة في القضية السورية وبرسم الروس وبرسم الإيرانيين بأن يخرجوا من البلد. وبرسم أيضا المنظومة المستبدة في دمشق لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالحل السياسي".
وعاد العريضي ليؤكد أن "قرار فتح المعبر مع الأردن دولي وبيد الأردن، وأيضا بيد من أخذ السلطة رهينة في دمشق"، مشيرا إلى أن "السويداء وبحكم جغرافيتها لا معبر لها مع أي دولة أخرى، خلافا لحال المحافظات الشرقية والغربية أو الشمالية المحاذية لتركيا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النظام السوری فی المحافظة رجال الدین فتح المعبر مع الأردن فتح معبر معبر مع
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية ونظيره السوري يؤكدان أهمية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين
صراحة نيوز ـ أكّد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، ووزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، أسعد الشيباني، اليوم الثلاثاء، أهمية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين الشقيقين؛ باعتبارها خطوة مؤسساتية ستسهم في تطوير العلاقات الأخوية بينها، وتزيد مساحات التعاون التي ستنعكس خيرًا على البلدين وعلى المنطقة.
وشدّد الوزيران، في مؤتمر صحافي بعد اللقاء الأول للمجلس، على أن الأردن وسوريا ماضيان بخطوات عملانية لتكريس التعاون المؤسساتي في مختلف القطاعات، وبما يحقق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع.
وأكّد الصفدي والشيباني أهمية ما أنجزه المجلس خلال اجتماعه الأول لناحية اعتماد خريطة طريق للتعاون من خلال الحديث المباشر بين وزراء المياه والطاقة والصناعة والتجارة والنقل.
كما شدّدا على عمق التعاون الدفاعي والأمني في مواجهة التحديات المشتركة، حيث كان البلدان اتفقا على التعاون في محاربة الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات وغيرها من التحديات المشتركة ثنائيًّا وبالتعاون مع دول الجوار.
وثمّن الصفدي ما أبداه الشيباني وزملاؤه، خلال اللقاء، من حرص واضح على تعزيز العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بلدينا عبر تعاون شامل واسع ينعكس خيرًا إن شاء الله علينا جميعًا.
وهنّأ الصفدي الشيباني برفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا؛ باعتبارها خطوة مهمة وضرورية لمساعدة سوريا على إعادة البناء، مشيرًا إلى أن الأردن عمل مع المجتمع الدولي من أجل رفع العقوبات.
وقال الصفدي: “أتشرّف أن أكون في دمشق اليوم، برفقة زملائي وزراء المياه والصناعة والتجارة والطاقة والنقل، في أول اجتماع لمجلس التنسيق الأعلى، حيث جاءت الزيارة بتوجيه من جلالة الملك عبد الله الثاني للبناء على ما يجمعنا من أخوة ومصالح مشتركة، لنقف إلى جانب أشقائنا في سوريا، ونبني علاقات التكامل التي يفرضها علينا تاريخنا الواحد، ويفرضه أيضًا مستقبلنا الذي نريده إن شاء الله مستقبل خير لنا ولكم وللمنطقة.”
وتابع: “كان اليوم يوم إنجاز، يومًا مهمًا حقّق توافقًا على خريطة طريق لتفعيل التعاون في مجالات الطاقة، والمياه، والصناعة، والتجارة، والنقل، والصحة، حيث يجتمع وزيرا الصحة على هامش مؤتمر دولي”.
وقال: إن “رسالتنا اليوم إننا نقف مع بعضنا البعض، إننا سنعمل مع بعضنا البعض، لبناء علاقات توصلنا إن شاء الله إلى مرحلة التكامل الذي هو مصلحة مشتركة لبلدينا ولشعبينا، وأيضًا لمنطقتنا. وسيتابع الزملاء الاجتماعات الثنائية بينهما لترجمة خريطة الطريق التي تم التوافق عليها اليوم إلى نتائج عملانية يشعر مواطنونا بها بأسرع وقت ممكن.”
وأضاف الصفدي: ” أكّد جلالة الملك منذ اليوم الأول، أن سوريا تمرّ بمرحلة تاريخية، وسيكون الأردن لها السند والداعم للانتقال من هذه المرحلة الانتقالية إلى بناء سوريا الحرة، السيدة المستقرة الآمنة لكل مواطنيها، سوريا الموحدة، سوريا التي يشكل استقرارها ركيزة لأمن واستقرار المنطقة برمتها.”
وقال: “إن هذه المرحلة يجب أن تنجح، ونحن معكم بكل ما أوتينا من أجل أن تنجح، لأن في نجاحها نجاحا لنا جميعًا، وسنعمل معًا على مواجهة كل التحديات التي تواجه هذه المسيرة التي، إن شاء الله، ستنتهي إلى ما هو خير لسوريا وخير للمنطقة”، تلبية لما يستحقه الشعب السوري الشقيق، بعد سنوات من المعاناة والحرمان والدمار والخراب.
وأكّد الصفدي: “في المملكة الأردنية الهاشمية، نقف معكم، إلى جانبكم، نقدم كل ما استطعنا من أجل إسنادكم في هذه المرحلة التاريخية التي ستقود إلى إنجاز تاريخي إن شاء الله يتمثل في استعادة سوريا لدورها ولأمنها ولاستقرارها ولعافيتها.”
وزاد: “الشعب السوري الشقيق، شعب قادر، شعب منجز، شعب إذا أُعطي الفرصة سيجعل من سوريا الجديدة، قصة نجاح.”
وأكّد الصفدي أن التحديات مشتركة والفرص مشتركة، واجتماع اليوم دليل على تصميمنا بأن نأخذ هذه الفرص المشتركة إلى أقصى مداها بما ينعكس خيرًا علينا، وأيضًا هو رسالة أننا نقف معًا في مواجهة كل هذه التحديات.
وشدّد على أن ما “يهدد أمنكم، يهدد أمننا، ما يهدد استقراركم يهدد استقرارنا، وبالتالي نعمل معًا من أجل الأمن والاستقرار لكم ولنا.”
كما أكّد أن الأردن يقف بالمطلق مع سوريا في مواجهة العدوانية الإسرائيلية، مُحذّرًا من أن عدوان إسرائيل على سوريا واستباحة المزيد من أراضيها واستمرارها في احتلالها لن يجلبوا إلا المزيد من الفوضى والصراع.
وقال الصفدي إنه لا يوجد أي تبرير للعدوانية الإسرائيلية إزاء سوريا تحت أي ذريعة، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية قالت إنها تريد أن تركّز على بناء وطنها، لا تريد صراعًا مع أحد، تريد أن تجعل من المرحلة القادمة مرحلة بناء ومرحلة تلبية لطموحات وحقوق الشعب السوري الشقيق.
وشدّد على أن التدخلات الإسرائيلية في سوريا “تدخلات لا أخلاقية، لا قانونية، لا شرعية ستدفع باتجاه الفوضى، نتصدى لها معًا، نرفضها، ندينها.”
وأكّد أن “ما يهدد سوريا تحديدًا في الجنوب هو تهديد لنا، والاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب السوري هي اعتداء على أمن الأردن أيضًا، لأن الجنوب السوري هو امتداد لأمننا.”
وقال الصفدي إن “الحكومة الإسرائيلية التي تحرم أطفال غزة ماءهم ودواءهم وغذاءهم ليست معنية إلا بمصالحها، والوجه الذي نراه في غزة، لن يكون إلا الوجه الذي نراه في سوريا، نرى هذه الحكومة تتنصل من تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار في لبنان، حيث تستمر في احتلال 5 مناطق كان اتفق على الانسحاب منها، نراها تعتدي على أرض سوريا دون مبرر، ونراها تحاول أن تتدخل في الشأن السوري ليس لهدف إلا لبث الفتنة والتقسيم، هذا خطر علينا جميعًا، والمملكة الأردنية الهاشمية معكم بالمطلق في التصدي له.”
وقال الصفدي “رسالتنا إلى العالم أن سوريا يجب أن تستقر، ويجب أن تنجح، واستقرار سوريا يتطلب وقف كل التدخلات الخارجية في شؤونها، ووقف هذه العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف المزيد من الصراع والتوتر في المنطقة.”
وقال الصفدي، في رد على سؤال، إن مبررات فرض العقوبات لم تعد موجودة، ونحن الآن في بداية جديدة، نجاح سوريا يتطلب إعطاء الفرصة للنجاح، والعقوبات كانت عائقًا كبيرًا أمام إنجاز التنمية الاقتصادية، التي هي حق للمواطن السوري الذي عانى الحرمان على مدى السنوات الماضية.”
وأضاف أن رفع العقوبات سيسهم في تزويد الحكومة السورية الإمكانات التي تحتاجها من أجل أن تستمر في خدمة شعبها.
وفي رد على سؤال حول الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، أكّد الصفدي رفض العدوان وإدانته ورفض ذرائعه، حيث أكدت الحكومة السورية أنها في بداية مرحلة جديدة، تركّز على إعادة بناء وطنها، تركز على تلبية احتياجات شعبها، وأعلنت منذ اليوم الأول أنها لا تريد صراعًا مع أحد، ولن تكون مصدر تهديد لأحد، وأنها ملتزمة باتفاقية العام 1974، فأي ذريعة تلك التي تستخدمها إسرائيل من أجل الاعتداء على الأرض السورية والعبث بالأمن السوري وبث الفتنة والفرقة في سوريا. لا مبرر لذلك، وهذه كانت الرسالة التي حملها جلالة الملك إلى العالم أجمع، إنه على إسرائيل أن تحترم سيادة سوريا، أن تتوقف عن العبث بها وأن تنهي احتلالها للأرض السورية.”
وشدّد الصفدي على خيار السلام العادل والشامل على أساس إنهاء الاحتلال للأرض العربية سواء في فلسطين أو سوريا ولبنان.
وقال: “نحن دول نريد السلام العادل، والسلام العادل هو السلام الذي تقبله الشعوب، والسلام الذي تقبله الشعوب هو السلام الذي يلبّي الحقوق، بما يضمن الأمن والاستقرار للجميع.”
وشدّد، في رده على سؤال، على أن “الجنوب السوري امتداد وعمق لأمننا الوطني، وإسرائيل تعبث بأمن هذا الجنوب، ونحن نرفض ذلك، ونرفض أي مبرر تقدمه، لأن لا وجود لأي سبب لذلك، هي تريد الفتنة، تريد الانقسام حتى تبقي سوريا في حال من الفوضى، وهذا خطر ليس فقط على سوريا، هذا خطر علينا، وخطر على المنطقة و خطر على السلم والأمن.”
وأشار إلى أن العالم كله رأى تبعات الفوضى التي عاشتها سوريا في المرحلة السابقة، والعالم كله يدرك أن استقرار سوريا مصلحة له، وبالتالي كل العوامل التي تحول دون هذا الاستقرار يجب أن توقف، والعدوانية الإسرائيلية هي عامل أساسي في ذلك.
وفي رد على سؤال، قال الصفدي إن إنشاء مجلس التنسيق قرار أردني-سوري مشترك، ليؤسس لعلاقات مؤسساتية ذات نفع على البلدين تنفيذًا لتوجيهات القيادتين.
وأضاف: “هدفنا أن نعمل معًا في هذه المرحلة الانتقالية من أجل أن نسند سوريا الشقيقة، وأن نؤسس لعلاقات تكامل فيها مصلحة للبلدين الشقيقين، وفيها أيضًا مصلحة للمنطقة”.
وأشار إلى أن الأردن هو بوابة سوريا إلى الخليج العربي والعالم العربي، وسوريا هي بوابة الأردن إلى أوروبا، والمشاريع التي بحثت في الطاقة والمياه والنقل والصناعة والتجارة ستعود بنفع على الأردن وسوريا وعلى المنطقة.
وقال الصفدي، في رد على سؤال آخر، إن توجيهات جلالة الملك هي “أن نقف إلى جانب أشقائنا بكل ما نستطيعه، وهذا يتأتى عبر مأسسة التعاون، ومخرجات اجتماع المجلس كانت إنجازًا هامًّا في وضع خريطة طريق لهذا التعاون في جميع القطاعات.”
وقال إنه “بالنسبة لأشقائنا السوريين الموجودين في الأردن، هنالك مليون و300 ألف شقيق سوري يعيشون في الأردن، 10% منهم فقط يعيشون في المخيمات، 90% بالمئة منتشرون في كل مناطق المملكة، ونحن ملتزمون بمبدأ العودة الطوعية لأشقائنا، وعودتهم مرتبطة بنجاح سوريا أيضًا في إعادة البناء وإعادة التأهيل”.
وأضاف: “رسالتنا إلى العالم أجمع أن سوريا الآن تدرك متطلبات النجاح، لكنها تحتاج أدوات النجاح، أدوات النجاح هذه جزء منها مرتبط بالسياسات الداخلية التي يسيرون بها، الجزء الآخر مرتبط بما يقدمه الإقليم والعالم، وبالنسبة لنا في الأردن كما وجّه جلالته كل ما نستطيع أن نقدمه هو تحت تصرف أشقائنا.”
بدوره، أكّد الشيباني تقدير بلاده لمواقف الأردن الداعمة لسوريا لا سيما في العهد الجديد الذي تعيشه بعد الثامن من كانون الأول الماضي، قائلاً: “منذ اليوم الأول حقيقةً بعد الثامن من كانون الأول كان هناك تنسيق عالٍ جدًّا مع الجانب الأردني، واليوم بالتأكيد رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، سيفسح المجال لشراكات أكبر، وسيعطينا فرصة أكبر للتنسيق مع الجانب الأردني.”
كما ثمّن الشيباني موقف الأردن الرافض للتدخلات بأسرها، لافتًا إلى وجود تهديدات أمنية مشتركة تواجه سوريا والأردن وقال: ” فيما يخص التدخلات الإسرائيلية، نشكر أيضًا موقف المملكة الأردنية الهاشمية إلى جانبنا منذ اليوم الأول، التهديدات الإسرائيلية لا تخص ولا تهدد فقط سوريا بل تهدد أيضًا دول المنطقة”.
وبيّن الشيباني أن اجتماعات اليوم تُشكّل انطلاقة حقيقية لتعزيز الشراكة بين الأردن وسوريا واستثمار موقعهما وتقاربهما التاريخي والجغرافي لزيادة تعاونهما ليس فقط في الإطار العربي وإنما باتجاه أوروبا.
وأكّد أن التنسيق الاقتصادي مع الأردن بدأ منذ اليوم الأول بعد الثامن من كانون الأول الماضي، وقال: “ولمسنا حرصًا أكيدًا من الأردن على تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافّة،” مشيرًا إلى أن رفع العقوبات عن سوريا سيسهم بتعزيز هذا التعاون في مجالات النقل والطاقة وجميع المجالات.
وأعرب الشيباني عن الشكر والتقدير للأردن على استقبال اللاجئين السوريين، قائلاً: “نشكر المملكة الأردنية الهاشمية على استضافة شعبنا خلال سنوات الحرب، لقد استضافتهم رغم صعوبة الظروف في المملكة الأردنية الهاشمية.”
وأشار إلى أن جهود الدبلوماسية المشتركة أثمرت عن رفع العقوبات الأوروبية بعد أيام من رفع العقوبات الأميركية على سوريا، مؤكّدًا أن رفع العقوبات سينعكس إيجابًا على سوريا والمنطقة، قائلاً: “استطعنا اليوم أن نتوج هذا النجاح المشترك، وأنا اعتقد أنه نجاح مشترك برفع العقوبات الأميركية، واليوم أيضًا بالإعلان عن رفع العقوبات من الاتحاد الأوروبي على سوريا، وبالتأكيد العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا لا تخص سوريا بالتحديد، بل سيكون لها أثر إيجابي على المنطقة، وعلى العلاقات مع المملكة الأردنية الهاشمية