الجزيرة:
2025-12-15@00:39:59 GMT

الاستعمار يعبث مجددا.. العداء بين العرب والأتراك

تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT

الاستعمار يعبث مجددا.. العداء بين العرب والأتراك

دعونا نعرف هذا أولاً: "كراهية الأجانب" أيديولوجية غريبة عن تركيا وثقافتها وتاريخها ومعتقداتها ونسيجها الاجتماعي. وتشهد على ذلك آلاف السنين من التراث الحضاري والثقافي لسكان هذه المنطقة. فبعيدًا عن أي نوع من الغطرسة أو تجميل التاريخ، فإن التنوع الاجتماعي والثقافي كان السمة البارزة على مدار ألف عام من الزمان، حيث لا يشعر أحد أنه "غريب" أو "أجنبي" في هذه الأرض.

. ومفهوم "الغربة" كان الأكثر غرابة.

وعندما اعتنق الأتراك الإسلام، امتلأ شعورهم بالامتنان له، كما فعل العرب الذين اعتنقوه، وملأهم هذا الشعور بالسمو، وعندما تسلم الأتراك الراية من العرب الذين اجتهدوا في سباق نشر كلمة الله، استمروا في إظهار نفس التسامح الديني في المدن التي أسسوها، تماما كما فعلت الحضارتان الأموية والعباسية في كل مكان رفعت فيه أعلامهما.

ولم يكن هذا التسامح كرامة من العرب ولا من الأتراك. كانت معجزة الإسلام نفسه؛ إذ يمكن النظر إلى حقيقة أن الله جعل من أعداء الأمس "إخوة" على أنها الجانب الأكثر ثورية في الإسلام {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍۢ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ}.

وتعمل جميع إستراتيجيات السلطة على خلق عدو تحدده وتستهدفه وتسعى إلى تدميره، ويستند وجود هذه السلطة إلى كراهية ذلك العدو، لكن كتاب الله العزيز (القرآن الكريم) نحا منحى آخر؛ فقد زرع المودة بين قلوب من كانوا بالأمس أعداء بعضهم البعض، وجعلهم إخوة بنعمته.

ولم تظلل نعمة هذه الأخوة (الصداقة) المسلمين وحدهم، بل حصل غير المسلمين أيضًا على نصيبهم من منها، فاستطاعوا الاستمرار في العيش تحت المظلة السياسية الجديدة، أحرارًا في دينهم ولغتهم وثقافتهم.

وشعور المسلم -حتى تجاه غير المسلمين- خالٍ من الكراهية، ما داموا لم يظلموه أو يعادوه. فالله هو خالق البشر جميعا، وقد خصص الرزق وحق الحياة والإرادة والحرية للجميع دون تمييز بين مسلم وغير مسلم.

ولذلك فالمسلم، حتى لو كان يعرف أنه على الطريق الصحيح، فإنه ليس غريبًا عن حقيقة أن الله قد أعطى الناس الحق في أن يكونوا كما يريدون بإرادتهم الحرة. وعند هذا المؤمن -الذي اعتاد على رؤية الآيات في اختلاف الخلق- لا يوجد مفهوم "الأجنبية" أو "الأجانب".

العنصرية في مواجهة قيم الإسلام

وعلى نقيض ذلك، كلما ابتعدنا عن نعمة هذا الدين الذي يجعل من الأعداء إخوة، أصبح من المحتوم أن يصبح الإخوة أعداء لبعضهم البعض، لأن هذه النعمة الجميلة يتم تفضيل عقل الجاهلية العنصري عليها، وهو عقل لا يخرج منه سوى الحقد والكراهية والعداوة.

والحقد والكراهية المنبعثان من هذا العقل لا تتوجهان فقط إلى الأشخاص الذين يُعرَّفون بأنهم "أجانب"، فعندما تعلق في هذا المستنقع، لا يكون هناك حد لمن سيتوجه إليه هذا الحقد، ولا يمكن أن نعرف أين سيتوقف صاحبها. والعنصرية سقوط عن أنبل مكانة للإنسان، وضلال عن أجمل المعارف، وغفلة عن أعمق وعي.

إن حالة فقدان الوعي التي تجعل العرب يبدون "كأجانب" بالنسبة للأتراك هي ثقافة غريبة عن هذا المجتمع. ولسوء الحظ، فإن إغراءات الجهلة، الذين يحاولون تأجيج المشاعر ونشر هذه الثقافة، قد وصلت إلى حد إلحاق ضرر كبير بتركيا. والغريب أن هؤلاء الذين يرتكبون العنصرية نيابة عن الأتراك، يتعاونون مع أولئك الذين يرتكبونها نيابة عن العرب، ويحاول الطرفان إبعاد العرب والأتراك، الذين أصبحوا إخوة بنعمة من الله، عن بعضهم البعض.

قلناها من قبل، ونكررها: خطر الخطاب العنصري -الذي يستهدف إخواننا العرب- على تركيا، لا يقل عن خطر منظمات إرهابية، مثل "بي كيه كيه" (PKK) و"داعش"(تنظيم الدولية الإسلامية) ويجب أن نقاومه بنفس ما نقاوم به هؤلاء الإرهابيين

وفي تركيا، كانت هناك حملة قوية في وسائل الإعلام العربية ضد الأتراك منذ فترة طويلة. وكانت هذه الحملة تهدف إلى منع العرب من الذهاب إلى تركيا أو حبها. ولم تنجح هذه الحملة أبدًا لأن إخوتنا العرب الذين يملؤون قلوبهم حبًا لتركيا لم ينجرفوا وراء هذه اللعبة.

والآن، مع الحملة التي نشهدها، ينضم إلى أولئك الجهلاء الذين يمارسون العنصرية باسم العرب، أولئك الذين يمارسون العنصرية باسم التركية. ويتعاون هؤلاء معا لإبعاد الأتراك والعرب عن بعضهم البعض. وهذا لا يعني شيئًا سوى استعادة مشروع استعماري إمبريالي قد بدأ قبل قرن من الزمان على أراضي الدولة العثمانية.

ودعنا نؤكد أن أولئك الذين يقودون الحملات العنصرية المعادية للأجانب في تركيا هم أقلية غريبة عن الأتراك. وأن غالبية الشعب التركي يدركون أهداف هذا الشحن العنصري ولا يمنحونه أبدًا الأولوية.

وإذا كانت "العنصرية" حركة منظمة وذات صوت مرتفع لأنها تدار من مراكز التآمر، فإن صوت الغالبية التي تعتبر العنصرية موقفًا معاديا للبشرية آخذ في الارتفاع يومًا بعد يوم.

وقبل أيام، تم تنظيم فعالية تضامنية ضد العنصرية في حديقة "سراج خانة" في منطقة الفاتح. شارك فيها عديد من منظمات المجتمع المدني. وفي معرض حديثه عن هذا الحدث، قال رضوان كايا رئيس إحدى هذه المنظمات إن "العملية التي بدأت بفاشية الحزب الواحد، تعبر عن نفسها اليوم من خلال التحريض على كراهية اللاجئين، وهو أمر لم يكن حاضرا في تاريخ المسلمين أبدًا". وأكد كايا أن "كراهية اللاجئين" في تركيا منبعها كراهية البعض للإسلام نفسه.

وتُظهر هذه الاحتجاجات وردود الفعل التي نشهدها على نحو متزايد أن تركيا لن تستسلم لهذا الإرهاب العنصري الذي يرتكبه حفنة من البلطجية ضدها.

والرئيس أردوغان يعلن أيضا موقفا واضحا وقويا تجاه هذا الخطر. فقد قال في أحد خطاباته الأخيرة: "لن نسمح لهذه الألعاب الخبيثة التي تدمر نسيجنا الاجتماعي، من استفزازات منظمات إرهابية، وبعض السياسيين، إلى سم العنصرية وكراهية الأجانب، أن تتجذر. سنحبط جهود حفنة المحتالين الذين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي لتفريق شعبنا وتحويل بلادنا إلى ساحة معركة".

ولقد قلناها من قبل، ونكررها: إن خطر هذه الخطابات العنصرية -التي تستهدف إخواننا العرب- على تركيا، لا يقل عن خطر منظمات إرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني "بي كيه كيه" (PKK) و"داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية)، ويجب أن تكون الإجراءات المتخذة ضدهم من عينة ما نواجه به تلك المنظمات الإرهابية، ويجب أن يتحول الموقف القوي للرئيس في هذا الشأن إلى سياسة بنفس القوة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هاندا ارتشيل تثير الجدل مجدداً.. شائعات عاطفية وعلاقة جديدة

عادت الممثلة التركية هاندا أرتشيل إلى دائرة الاهتمام الإعلامي من جديد، بعدما انتشرت خلال الأيام الماضية أخبار تتحدث عن احتمال دخولها في علاقة عاطفية جديدة، وذلك بعد فترة قصيرة من انفصالها عن رجل الأعمال هاكان صابانجي.

اقرأ ايضاًهاكان صابانجي يثير الجدل بعلاقة جديدة مع توبا بويوكستون.. فما هو ردّة فعل هاندا؟

وتناقلت وسائل إعلام تركية ومواقع فنية معلومات تشير إلى ارتباط هاندا بالمنتج التركي المعروف أونور غوفنتام، مؤسس شركة OGM Pictures، إحدى أبرز شركات الإنتاج الدرامي في تركيا، والتي تقف خلف عدد من الأعمال الناجحة جماهيريًا. هذه الأخبار أعادت اسم هاندا إلى صدارة النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تفاعل واسع من جمهورها.

وبحسب ما جرى تداوله، شوهدت هاندا أرتشيل برفقة أونور غوفنتام في العاصمة البريطانية لندن خلال الأيام الماضية، وهو ما فتح باب التكهنات حول طبيعة العلاقة التي تجمعهما. واعتبر البعض هذا الظهور المشترك مؤشراً على بداية قصة عاطفية جديدة، خاصة مع تزامنه مع انفصالها الأخير.

وتشير بعض الروايات المتداولة إلى أن بداية التعارف بين الطرفين حصلت خلال رحلة سفر إلى لندن، حيث جمعهما لقاء عابر في المطار ضمن مجموعة من الأصدقاء، قبل أن تتطور الأحاديث بينهما خلال الرحلة، ويتشاركا لاحقًا عشاءً في أجواء وُصفت بالودية.

ورغم الضجة الكبيرة التي رافقت هذه الأنباء، لم يصدر حتى الآن أي تصريح رسمي من هاندا أرتشيل أو أونور غوفنتام يؤكد أو ينفي صحة ما يتم تداوله، ما يجعل كل ما يُنشر في إطار التكهنات غير المؤكدة.

علاقة حب جديد تجمع بين هاندا ارتشيل و اونور غوفيتنيام مديرة شركة انتاج OGM #HandeErçel pic.twitter.com/cHq34nzRM7

اقرأ ايضاًهاندا أرتشيل وباريش أردوتش يجتمعان في دراما تركية جديدة على "شاهد"— مشاهير تركيا (@TurkeyCelebs) December 12, 2025

وتأتي هذه الشائعات بعد الانفصال المثير للجدل بين هاندا وهاكان صابانجي، والذي لفت الأنظار بسبب قيام الطرفين بإلغاء المتابعة المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب حظر شمل أفرادًا من العائلتين، ما عزز من حدة الحديث حول طبيعة الخلاف الذي أنهى العلاقة.

وكانت تقارير إعلامية قد ربطت سبب الانفصال بوجود خلافات تتعلق بالثقة، بعد تداول معلومات عن رسائل متبادلة بين هاكان ونساء أخريات، الأمر الذي أدى إلى تصاعد التوتر بين الطرفين وانتهاء العلاقة بشكل نهائي.

وبين الصمت الرسمي وكثرة الأحاديث الإعلامية، تبقى علاقة هاندا أرتشيل الجديدة، إن وُجدت، محط متابعة واهتمام من الجمهور ووسائل الإعلام، بانتظار أي تأكيد أو توضيح يضع حدًا للتكهنات المتداولة.

كلمات دالة:هاندا ارتشيلأخبار المشاهيرأعمال المشاهيرتصريحات المشاهير تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

هيا أبو جبارة محررة في قسم باز بالعربي

محررة في قسم باز بالعربي

الأحدثترند هاندا ارتشيل تثير الجدل مجدداً.. شائعات عاطفية وعلاقة جديدة دولة تتصدر "أفضل اقتصاد" لعام 2025 رجيم قبل عام 2026‎ "اعتراف مر" من دونالد ترامب فيديو: الرئيس الفنزويلي يحتفل بالكوفية بعيد ميلاده Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًبريطانيا ترد.. أوروبا قوية وسنبقى خلف أوكرانيا

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • اتهام بروس مدرب منتخب جنوب أفريقيا بالإساءة العنصرية
  • بوغالي يشرف على التحضيرات النهائية لمقترح قانون تجريم الاستعمار
  • هل في الأردن من يعبث بوحدة شعبه؟ صندوقه قضية وطن وكل الأردنين
  • أسعار الذهب تستقر ببغداد وتحلق مجدداً في أربيل
  • هاندا ارتشيل تثير الجدل مجدداً.. شائعات عاطفية وعلاقة جديدة
  • جامعة القاهرة تبحث حقوق الشعوب الإفريقية والتعويضات بعد حقبة الاستعمار والرق في ندوة علمية
  • ترمب لا يستبعد ضرب إيران مجدداً إذا واصلت برنامجها الصاروخي
  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • العداء السعوديّ المُستمرّ للشعب اليمني
  • جيش الاحتلال يتوغل مجددا في عدة قرى بريف القنيطرة جنوب سوريا