هل يرحّل العراق معارضين من أكراد إيران للخارج بعد إبعادهم عن حدودها؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
أثار إعلان العراق إبعاد المعارضة الإيرانية الكردية عن الحدود في إقليم كردستان، جملة من التساؤلات حول مصير هذه المجاميع المتواجدة بالمناطق المحاذية لإيران منذ نصف قرن، وفيما إذا كانت هذه الخطوة تمهّد لترحيلهم من البلاد كما حدث مع منظمة مجاهدي خلق عام 2016.
وأعلنت اللجنة الأمنية المشتركة بين بغداد وطهران، الثلاثاء، "إيفاء العراق بالتزاماته" وإخلاء الحدود نهائيا من المعارضة الإيرانية التي كانت تتخذ من إقليم كردستان مقرا لها، وذلك بعد نزع سلاحها وتفكيك معسكراتها، وانتشار قوات الحدود العراقية بتلك المناطق.
مرحلة أولى
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي، رعد هاشم إن "وضع المعارضين الأكراد يختلف عن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، فالأخيرة كان لها تعاون مع النظام العراقي السابق، وعملياتهم الكبيرة ضد الجانب الإيراني، أما المعارضين الحاليين، فهم مندمجون مع أكراد إقليم كردستان، وإن كان أغلبهم لاجئين، واللاجئ لا يمكن أن يرحّل من البلد".
وأضاف هاشم لـ"عربي21" أن "إيران لن تكتفي بهذه الخطوة، وربما تكون المرحلة الأولى هي نزع سلاحهم وإبعادهم إلى عمق نحو 40 كيلومترا داخل إقليم كردستان، وهذا يبدو جس نبض ثم يصار إلى إخراجهم من المناطق الكردية نفسها".
وأرجع ذلك إلى أن "المقاتلين الأكراد متمرسون على قتال الجبال، لذلك هذه المسافة لا تبعدهم عن الدفاع عن قضيتهم، وأن بقاءهم في إقليم كردستان سواء كانوا لاجئين أو مبعدين لا يمنعهم من التواصل مع العمق الكردي في إيران، لأنهم مدعومين من أكراد العراق، بحكم أواصر القومية".
وأكد هاشم أن "التعاطف الكردي يبقى قائما ويسهّل المصاعب، وصولا إلى العمق الإيراني، لذلك طهران لا تثق بأي حلول من إقليم كردستان لأنها تدرك طبيعة المقاتل الكردي المعارض لها، وكذلك لا تأمن للسياسيين وهؤلاء المعارضين حتى لو انتزعت أسلحتهم، لأنهم قادرون على جلب غيرها".
ولفت إلى أن "الإلحاح الإيراني الكبير في موضوع المعارضة الكردية مبعثه التزامن مع ذكرى وفاة الفتاة الإيرانية من أصل كردي مهسا أميني الأولى، وهذا جعل إيران قلقة وحتى تشغل الأكراد عن أي تفكير بخلق احتجاجات أو إقلاق للوضع الداخلي، فهي من حددت يوم 19 أيلول/سبتمبر الجاري موعدا لإخراجهم".
من جهته قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان العراق، كفاح محمود لـ"عربي21" إنه "من الصعب جدا اتخاذ إجراء مشابه لما جرى مع منظمة مجاهدي خلق وترحيلهم خارج العراق".
وأوضح محمود أن "الشرط الأساسي لبقاء المعارضة الإيرانية، هو عدم قيامهم بعمليات تنطلق من كردستان كونه يتنافى مع خطاب الإقليم السياسي وخطاب العراق أيضا"، مؤكدا أن "سلطات أربيل لا تستطيع منعهم إذا اختاروا الهجرة بشكل فردي إلى أوروبا أو أي مكان آخر".
منطقة بديلة
وبخصوص الحديث عن نقلهم خارج الإقليم، قال هاشم إن "التسريبات التي تحدثت عن إبعادهم إلى الأنبار غربا أو صلاح الدين شمالا، رغم أنه أمر مستبعد، لكننا نحذر من هذه الخطوة لأن مناطق السنة وممثليهم من السياسيين في أضعف حالاتهم ويمكن أن تمرر هذه المسألة".
وأشار هاشم إلى أن "إيران لن يهدأ لها بال ولا تهنأ والمعارضون الأكراد متواجدون على أراضي كردية، لأنهم يعرفون أنهم سيحصلون على الدعم من امتداداتهم القومية أو يُستقطبوا من دول قوية مثل الولايات المتحدة ويعودا بطريقة أو أخرى إلى نشاطهم".
وفي السياق ذاته، قال محمود إن "الحديث عن نقلهم إلى غرب العراق متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما بعض الوكالات أيضا تتناقله، لكن واقع الحال يشير إلى أنه ليس هناك أي شيء من هذا القبيل".
وأردف: "جرى الاتفاق مع إيران على نزع أسلحة القوى المعارضة، وجمعهم في مخيم أو اثنين تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمة اللاجئين الأممية، وأن يكونوا بعيدين على الأقل 40 كيلومترا ضمن عمق إقليم كردستان".
وبين الباحث أن "هؤلاء العناصر المسلحة هم في الأساس لاجئون وليس قبل أشهر عدة، وإنما منذ عقد السبعينيات والثمانينيات، حينما جاؤوا سواء في عصر الشاه أو بعد ذلك في حكم الخميني، واستوطنوا في هذه المنطقة".
وتابع: "الذي جرى أن هذه المعارضة في عهد الرئيس السابق صدام حسين، كان يجري دعمها وتسليحها كما كان يفعل مع منظمة مجاهدي خلق، وبعد الحكم الذاتي في إقليم كردستان عام 1991 نشطت هذه المجاميع بالمنطقة، لكن كان رأي الحكومة المحلية في الإقليم تحاول منعهم من القيام بأي عمل".
وأشار إلى أن "المنطقة التي تتواجد فيها المعارضة الإيرانية وحتى حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل هي شديدة التعقيد من ناحية التضاريس، وليس بمقدور قوات البيشمركة والجيش العراقي أو الإيراني أو التركي السيطرة عليها، إلا باستخدام الطيران أو الطائرات المسيرة حديثا".
نسخ التجربة
وعن مدى تطبيق الأمر ذاته تركيا وإبعاد العمال الكردستاني ونزع سلاحهم، قال الباحث رعد هاشم أنه "أمر غير مستبعد، لكن الأخيرة استبقت إيران في معالجة المعارضين الذين يخلقون لها الاضطرابات، فهذا الحزب التركي مصنف إرهابيا حتى من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي منزوعة عنهم صفة اللاجئين".
وأضاف أن "تركيا ليست بحاجة مثل هذا الاتفاق رغم أنه قد يكون حلا مقبولا، لأنها اعتمدت على نفسها في اقتناص معارضيها وتحييدهم وتحجيمهم رغم أن عناصر العمال الكردستاني فاعلين، وأيضا يتلقون الدعم من مليشيات إيران".
وأردف: "لكن الأتراك غير مستكينين وطلبوا من العراق أن يعتبر العمال الكردستاني منظمة ارهابية، والأخير متردد، وحتى أن تردده هذا سيفضي إلى ممانعة السلطات العراقية، بدليل أنهم يدعمونها وحتى يصرفون لها رواتب وأسلحة".
ورأى هاشم أن "تركيا ممكن أن تضغط على العراق حتى يعتبر حزب العمال منظمة إرهابية، لكنهم يعرفون أن الضغط الإيراني لا يمكن أن يحقق لهم قبولا عراقيا بفكرة أن تكون منظمة إرهابية، وأن الأمر سيطول، لذلك هم يعملون على الخطين، الأول دبلوماسي وسياسي، والثاني عسكري باستهداف هذه العناصر".
من جهته، قال الباحث الكردي، كفاح محمود، إنه "من الصعب جدا تطبيق ذات الاتفاقية مع تركيا لنزع السلاح وإبعاد حزب العمال الكردستاني، خاصة إذا عرفنا أن قوات الحشد الشعبي متعاون جدا مع الأخير إلى درجة أنه شكّل لواء عسكريا منهم وأمدهم بالسلاح".
وأكد محمود أن "هذا اللواء يتلقى رواتب شهرية من قيادة الحشد ويتواجدون في سنجار (قضاء تابع إداريا لمحافظة نينوى) ولديهم مؤسساتهم الأمنية والعسكرية، وهذا السبب الرئيس لعدم تطبيق اتفاق سنجار الذي وقع بين بغداد وأربيل عام 2020، والذي نص على إخراج العناصر المسلحة الخارجية".
ووصف الباحث الكردي أن "ما تقوم به السلطات العراقية تجاه المجاميع المعارضة الإيرانية، وحزب العمل الكردستاني، هو كيل بمكيالين، لأن الحشد الشعبي يتعامل مع واجهات وأذرع تابعة لحزب العمال التركي".
وكانت الحكومتان العراقية والإيرانية، قد وقعتا في آذار/مارس 2023 محضرًا أمنيًا بهدف "حماية الحدود المشتركة بين البلدين"، كُشف لاحقًا عن تضمنها 3 نقاط، وهي: "منع تسلل المسلحين بعد نشر قوات حرس الحدود"، و"تسليم المطلوبين بعد صدور أوامر القبض"، و"نزع السلاح وإزالة المعسكرات".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق الإيرانية كردستان العراق إيران اكراد كردستان تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة الإیرانیة العمال الکردستانی إقلیم کردستان إلى أن
إقرأ أيضاً:
رشيد:العراق يعاني من شحة مياه كبيرة بسبب إيران وتركيا
آخر تحديث: 10 يونيو 2025 - 9:22 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- ذكر بيان لرئاسة الجمهورية، أن “رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس وزراء فيتنام فام مينه تشينه ترأسا قمة دلتا العالم، التي عقدت، أمس الإثنين، في مدينة نيس الفرنسية على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، بحضور عدد من رؤساء الدول والوفود المشاركة، إضافة إلى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين”.وأكد رئيس الجمهورية في كلمته أن “التغير المناخي يسرع من ارتفاع مستوى سطح البحر دافعاً المياه المالحة إلى الداخل، ومهدداً التوازن الدقيق الذي تميزت به مجتمعاتنا في الأجيال السابقة”، مبينا أن “التهديدات المناخية التي نواجهها تتطلب عملاً دولياً عاجلاً”.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن “أهوارنا القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو تعيش حالة مأساوية بتحولها إلى أراضٍ قاحلة مكسوة بالملح”، موضحا أن “العراق يشهد انخفاضاً كارثياً بنسبة قاربت 40% في تدفق نظام دجلة والفرات خلال العقود الأخيرة”.وأضاف، “أنه لشرف عظيم أن أترأس مع رئيس وزراء فيتنام هذه القمة الحيوية حول دلتا الأنهار، كقادة لدول باركها الله ببعض من أهم دلتا الأنهار في العالم على مدى التاريخ، ونجتمع اليوم ونحن نشعر بامتنان لتراثنا المشترك، كما نشعر بقلق عميق على مستقبلنا.
وأضاف، أن “الدلتا تحكي قصة الحضارة الإنسانية ذاتها. دلتا بلاد الرافدين، حيث يعانق دجلة والفرات الخليج العربي، شهدت ولادة الكتابة والقانون والمجتمع الحضري قبل خمسة آلاف عام”.وتابع “وبالمثل، غذت دلتا الميكونغ الحضارة الفيتنامية بوفرتها الخصبة. هذه المناظر الطبيعية ليست مجرد معالم جغرافية، بل هي مهد ثقافاتنا، وأساس أمننا الغذائي، وشريان حياة اقتصادنا”.
وبين أن ” القرآن الكريم يتحدث بجمال عن هذا اللقاء المقدس للمياه، فالدلتا تمثل التصميم الإلهي، أماكن قدر الله فيها التقاء المياه العذبة والمالحة بانسجام، لكننا اليوم، نواجه تهديدات لم يسبق لها مثيل تتطلب عملاً دولياً عاجلاً، التغير المناخي يسرع من ارتفاع مستوى سطح البحر، دافعاً المياه المالحة إلى الداخل ومهدداً التوازن الدقيق الذي تميزت به مجتمعاتنا في الأجيال السابقة”، مضيفا “في العراق، تشهد أهوارنا القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو حالة مأساوية بتحولها إلى أراضٍ قاحلة مكسوة بالملح”.وقال ” التلوث يضع تحدياً جسيماً آخر امامنا، فالتصريف الصناعي، والجريان الزراعي، ومعالجة مياه الصرف الصحي غير الكافية تلوث المياه ذاتها التي قدسها أسلافنا”، مشيرا “في دلتا الميكونغ في فيتنام وأهوار العراق الجنوبية على حدٍ سواء، نرى التأثير المدمر لتلوث المياه على مصائد الأسماك والزراعة وصحة الإنسان، ولعل الأمر الأكثر إلحاحاً هو أن انخفاض تدفق المياه من المنبع يهدد وجودها ذاته”.
وتابع “شهد العراق انخفاضاً كارثياً بنسبة قاربت 40% في تدفق نظام دجلة والفرات خلال العقود الأخيرة. بناء السدود في دول المنبع والاستخراج المفرط للمياه حول أنهارنا العظيمة إلى جداول صغيرة”، مضيفا “فيتنام تواجه تحديات مماثلة حيث التطورات في منبع حوض الميكونغ تغير أنماط التدفق الطبيعية. هذه التجارب المشتركة تؤكد أن حفظ الدلتا يتطلب تعاوناً دولياً وحواراً جاداً وعاجلاً بين دول المنبع والمصب”.وتابع “ندعو المجتمع الدولي للاعتراف بأن الدلتا هي بنية تحتية أساسية للأمن الغذائي العالمي والمرونة المناخية وحفظ التنوع البيولوجي”، مبينا “الحلول موجودة، وتتمثل في تحسين كفاءة الري والإدارة المتكاملة للمياه إلى التحولات للطاقة المتجددة، وما نحتاجه الآن هو الإرادة الجماعية لتنفيذها قبل فوات الأوان”.وختم رئيس الجمهورية كلمته “لنتذكر أن حفظ الدلتا في بلداننا هو حفظ لتراثنا الإنساني المشترك. مستقبل مهد الرافدين ووفرة الميكونغ يعتمد على الخيارات التي نتخذها اليوم”.