الاحزاب العراقية ..تاريخ بلا مستقبل
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
25 سبتمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
ابراهيم العبادي
تعاني احزاب عراقية من الشيخوخة ومن ضمور متزايد في دورها السياسي وتراجع قدرتها على الاحتفاظ بصورة الحزب الفاعل ذي القدرة على كسب اجيال جديدة الى صفوفه ،تكافح هذه الاحزاب للبقاء في ساحة العمل السياسي اعتمادا على ماض طويل وتاريخ من النشاط الحزبي ،وولاء افراد من جيل او اجيال سابقة ،التاريخ وحده لم يعد كافيا لتدعيم الصورة الافلة لهذه الاحزاب ،مايعني ضرورة البحث عن اسباب عميقة لازمة الاحزاب السياسية في العراق في بيئة شديدة الاضطراب والانتقال من نمط الى اخر .
كان من ابرز عيوب هذه الاحزاب هو عدم قدرتها على المواكبة بسبب جمود الفكر وتصلب الرؤى وشيخوخة القيادات والفشل الذريع في اجتذاب الجيل الجديد وفهم اولوياته.
لقد اظهرت هذه الاحزاب عجزا عن تجديد خطابها والموائمة بين مبادئها وافكارها وايديولوجيتها وبين متطلبات الواقع الجديد وكان لتغلب وتصلب الجانب الايديولوجي سببا لتراجع هالة هذه الاحزاب وذهاب بريقها في مساحة عملها ،فلم يعد جيل العراق الراهن مجذوبا الى فكرة الدولة الاسلامية بسبب تراجع الفكرة والنموذج ،ولم يبق للاحزاب القومية من يدعمها في فكرة الدولة القومية او الوحدة القومية رغم ان هذه الفكرة مازالت تداعب احلام الكرد مثلا لكنها تراجعت عربيا واصبحت الدولة الوطنية القطرية وسيادتها ورفاهها ومصالحها هي الاولوية ،وبتراجع الفكر اليساري والاشتراكي عموما في جميع انحاء العالم لم يعد للتنظيمات الماركسية والشيوعية مايغري غير الرواد واتباع الحلم القديم في مواصلة المشوار ،وبتراجع الايديولوجيا واقتراب موتها ،حل بديل ايديولوجي خلاصي اخر من نوع المقاومة والمقاومة الذكية يقوم على فكرة تعبئة الشباب بسلاح الرفض وليس بسلاح البناء للدولة المأمولة ،فاجتذبت هذه الستراتيجية الحماسيين من الباحثين عن مساحة عمل سياسي في قبال احزاب تاريخية عتيدة وتعددت مشارب واسباب الانقسام بتعدد المقولات والراعي والداعم في ساحة محتدمة مخترقة تردد اصداء مشاريع الاخرين بغياب مشروع وطني متكامل.
كشفت الحياة الحزبية العراقية عن فشل تاريخي في الاستجابة لداعي التطوير الداخلي والاستعداد للتعاقب الجيلي والانسجام مع الاولويات الجماهيرية وتنظيمها وقيادتها فيما تكرست شخصانية تاريخية ووارثة للمشاريع الفكرية او السياسية وتأصل تقديس خطير يقوم على الدوران حول محورية الفرد وكاريزماه وتوظفت الطاقات في سبيل مشروع هذا الفرد وليس مشروع الحزب العصري المواكب لمسيرة بناء دولة عصرية .
بالاجمال لم تتطور بنى الاحزاب العراقية ولم تنمو فكريا ولم يحصل تحديث في الخطاب ولم تراجع برامجها وبناها التنظيمية وظلت تدور في نطاق عقلية ماقبل الدولة الحديثة الراهنة واحلام دولة الايديولوجيا الطوباوية ،وفوق ذاك صارت الاحزاب املاكا خاصا يملكها زعماء ووارثون ويخدمها مال يجنى من اقتسام السلطة والثروة ،ثم يعاد استثماره وفق نمط تقليدي من الزبائنية القائمة على التخادم .وفيما كرست هذه الاحزاب انموذجا للانقسام السياسي والازمة المستدامة بسب تناقضات المصالح فانها استعاضت عن ذلك بالتوافق وفق اسلوب الصفقة لادارة السلطة ماجعل مفهوم الائتلافات السياسية يتراجع لصالح مفهوم الصفقة السياسية وارتهن مصير البلاد بالقدرة على انتاج صفقة سياسية تتدخل فيها قوى خارجية ويتم اخراجها بصعوبة بالغة . فكان ذلك سببا اضافيا لتراجع الثقة بالاحزاب واتساع الفجوة بين تصوراتها وبين تصورات الجمهور .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: هذه الاحزاب
إقرأ أيضاً:
من حرية التعبير إلى “الطشة”.. الإعلام العراقي رهينة بين الديمقراطية والفوضى
1 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
في لحظةٍ بدت كأنها قادمة من خلف الكواليس، خرج رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، من صمته مُحذّراً مما سمّاه محاولات تكميم الإعلام الحرّ، في تغريدة بدت كما لو أنها تسعى لفتح جبهة دفاع استباقية وسط صراع سياسي وإعلامي يحتدم على عتبة انتخابات مصيرية.
وظهرت نبرة المالكي وكأنها تعبّر عن أزمة أكبر من مجرّد تقييد مؤسسات للدور الإعلامي، فهي تُلقي الضوء على ما يسميه البعض “تغوّل السلطة الرمزية”، عندما تتحوّل الدولة العميقة إلى لاعب خلف الستار في مشهد الإعلام الحرّ.
وبينما حمّل المالكي السلطات الثلاث مسؤولية ما وصفه بـ«الصمت المرعب»، فإنه في ذات الوقت لم يُسمِّ أسماءً، تاركاً الجمهور يقرأ في الفراغ، أو يبحث بين سطور الخريطة السياسية المتشابكة، خصوصاً أن الرجل نفسه، إلى جانب رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، يخوضان معركة رمزية في بغداد بصفتهما “الرقم واحد”، لا في السياسة فقط، بل في السيطرة على الخطاب العام.
يبدو حديث المالكي عن حرية الإعلام محمّلاً بشحنة رمزية أكثر من كونه موقفاً مبدئياً خالصاً. فالإعلام الذي عاش لعقود في كنف الحزب الواحد، ما بعد 2003، وجد نفسه في مواجهة “تعددية مفخخة” لا تحكمها قوانين؛ بل توازنات قوة واحزاب ومنصات بلا رقيب.
وها هو الواقع الإعلامي العراقي يراوح بين خطاب الدولة وخطاب السلاح، وبين احترافية جامعية تتهاوى على أبواب منصات “الطشة”، حيث التحشيد المجاني والتسقيط المهني يصنعان جمهوراً وهمياً، وشعبية زائفة، ومحتوى مشوّه، يخدم قوى تصنع من “الديمقراطية الموجهة” غطاءً لما يُمكن وصفه بـ”التعددية المرتابة”.
ويظل الإعلام في هذا السياق ساحة نزاع بين مفاهيم الدولة وممارسات اللادولة، بين ما هو حقّ دستوري وفق المادة 38، وما هو واقع تسوده فوضى قانونية وانفلات سياسي. ولذا، فإن التحذير، وإن حمل في مضمونه دعوة لحماية حرية التعبير، إلا أنه لا ينفصل عن صراع القوى المتشابكة في العراق: صراع بين من يكتب التاريخ، ومن يملك أدوات كتابته.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts