عربي21:
2025-06-17@18:02:52 GMT

التطبيع السعودي- الإسرائيلي في ميزان الجدوى

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

خلال الأشهر والأسابيع الماضية مارست السعودية سياسة الصمت الدبلوماسي تجاه جميع التقارير التي كانت تتحدث عن جهود وضغوط أمريكية لإقناع المملكة بالتطبيع مع إسرائيل، لكن يبدو أنّ مقابلة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، قد كسرت هذه القاعدة، إذ نفى ولي العهد توقف مفاوضات التطبيع بين إسرائيل والسعودية وأكد على أنهم يقتربون أكثر من أي وقت مضى لتحقيق هذا التطبيع.



ولتمهيد الطريق أمام التطبيع فقد زار مستشار الأمن القومي الأمريكي "جاك سوليفان" السعودية عدة مرات في الأشهر الماضية، كما كانت هناك زيارات سرية من قبل رئيس الموساد الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة لبحث عملية التطبيع والتنازلات المحتملة للسعودية مع الطرف الأمريكي.

كما ظهرت إشارات إيجابية سعودية تجاه هذه العملية من خلال السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها لأول مرة في تاريخها، كما سمحت السعودية أيضا للمواطنين الإسرائيليين بزيارة المملكة العربية السعودية كجزء من رحلات الحج السنوية.

وعلى الرغم من تصريح ولي العهد الذي يأتي في سياق دفع الطرف الإسرائيلي والطرف الأمريكي تقديم تنازلات وامتيازات أكثر للسعودية، إلا أن مسار التطبيع يبدو طويلاً ومعقداً بسبب المعادلات السياسية والجيوسياسية المعقدة التي تحكم هذا الملف.

أولاً: قد يعتقد البعض بأن القضية الفلسطينية ليست عقبة في ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل، ولكن الحقائق التاريخية والواقع الحالي يثبت عكس ذلك. لا بد من ملاحظة أنّ الملك سلمان هو من أكثر الداعمين للمبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية، وهنا يظهر الالتزام الأخلاقي والسياسي السعودي تجاه القضية الفلسطينية، إذ إن السعودية إذا ما أرادت استعادة دورها الإسلامي والإقليمي فعليها أن تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني التي تؤكد عليها الشعوب العربية والشعوب المسلمة على حد سواء.

وتدرك المملكة حجم التطرف السائد في حكومة نتنياهو، ولذلك فإن أي تطبيع مع إسرائيل خارج المبادرة العربية فهو قتل للدور العربي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما على المملكة أن تدرك أن الفلسطينيين الفاعلين على الأرض هم حركات المقاومة الفلسطينية وليست السلطة الفلسطينية التي لا تمثل الشعب الفلسطيني، وعليه فالتشاور مع حركات المقاومة المختلفة أمر ضروري لبناء معادلة قوية في هذا الملف.

ثانياً: تقديم ضمانات أمنية أمريكية للجانب السعودي مقابل قيود على العلاقات السعودية- الصينية. وتتمحور هذه الضمانات حول تدخل أمريكي عسكري في حال تعرضت السعودية لأي تهديد خارجي، إلى جانب توقيع معاهدات وتحالفات أمنية عسكرية مشابهة لما هو عليه في حالة "الناتو"، كما تتعهد الولايات المتحدة بتقديم الأسلحة المتطورة إلى المملكة.

في الحقيقة وعلى الرغم من التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والسعودية الذي ساد في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلا أن الولايات المتحدة لم تتعهد ولم تقدم أي مساعدات أمنية وعسكرية في اللحظات الحرجة كالهجمات التي شُنت على عصب الاقتصاد السعودي ونقصد شركة أرامكو في 2019، ناهيك عن أن الولايات المتحدة ترفض بشكل غير مباشر أن تنضم السعودية إلى برامج تطوير الأسلحة وتطوير الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيّار.

فعلى الرغم من الدعم البريطاني والإيطالي الذي حظيت به السعودية في إطار جهودها للانضمام إلى برامج تطوير الطائرات المقاتلة من الجيل السادس المعروف بـ"GCAP"، إلا أن اليابان (الحليف الدائم المتعاون مع الولايات المتحدة) رفضت بشدة انضمام السعودية إلى هذه البرامج. يُعتقد بأن الرفض الياباني هو بتوجيه من الولايات المتحدة، وذلك بسبب التنافس الصيني-الأمريكي ودخول السعودية على خط هذا التنافس من خلال الاقتراب وبناء علاقات مع الصين.

ثالثاً: تعتبر مطالبة السعودية للولايات المتحدة بتقديم المساعدة في مجال تطوير برنامج نووي سلمي أكثر العقبات تعقيدا والتي تحول دون التوصل إلى اتفاق تطبيع، إذ يواجه هذا الملف بفيتو إسرائيلي حاد، فإسرائيل لا ترغب بظهور منافس نووي لها في منطقة الشرق الأوسط يكسر احتكارها لهذه التكنولوجيا، وقد يُعتبر مقدمة لحصول السعودية على السلاح النووي على المدى الطويل.

ختاماً، على الرغم من التصريحات الإيجابية حول عملية التطبيع مع إسرائيل، إلا أن السعودية تدرك جيداً بأن الملفات الشائكة والعالقة صعبة للغاية ولا يمكن التغلب عليها دون الحصول على ضمانات حقيقية؛ سواء: أولاً على مستوى القضية الفلسطينية والتي يجب أن تبنى على أساس المبادرة العربية للسلام، أو ثانياً من خلال الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة سواء في مجال الحماية الأمنية أو تقديم الأسلحة المتطورة. وهنا تظهر أهمية التمييز بين معاهدات أمنية مشابهة لتلك الموقعة بين اليابان وكوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة والتي تقوم على فرضية بحث خيارات التعاون والرد العسكري في حال تعرضت هذه الدول لأي اعتداء. بعبارات أخرى، أنه لا التزام عسكريا أمريكيا تجاه هذه الدول على غرار الفصل الخامس من اتفاقية حلف الشمال الأطلسي الناتو الذي يفرض التدخل العسكري الأمريكي المباشر في حال تعرضت أي دولة عضو في التحالف لأي اعتداء.

وثالثاً، والأهم، كيفية الاتفاق على صيغة تضمن للسعودية تطوير برنامج نووي سلمي بقدراتها الخاصة وخبراتها المحلية، وليس من خلال تطوير هذا البرنامج من خلال قيود أمريكية شديدة أو منع السعودية من إجراء عملية التخصيب على أراضيها. وفي هذا الملف بالتحديد تملك السعودية خيارات بديلة أكثر استدامة وأكثر فاعلية من خلال العروض التي قدمتها الصين للمساهمة في هذا البرنامج، أو حتى من خلال العرض الإيراني بتقديم أي مساعدات عملية في مجال تطوير البرنامج النووي السعودي المخصص للأغراض السلمية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السعودية إسرائيل التطبيع الأمن إسرائيل السعودية الأمن التطبيع تحالفات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة على الرغم من هذا الملف من خلال إلا أن

إقرأ أيضاً:

مؤتمر نيويورك في مهب الريح| حلم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتبدد على أعتاب الصراع الإيراني الإسرائيلي.. فهل يتحقق؟

بعد أكثر من سبعة عقود من النضال الفلسطيني من أجل نيل الاستقلال والاعتراف بدولتهم، تبرز في الأفق مبادرة جديدة بقيادة فرنسا والسعودية لعقد مؤتمر دولي في نيويورك بين 17 و20 يونيو 2025. المؤتمر، الذي يأتي برعاية أممية، كان يُتوقع أن يشهد إعلاناً أوروبياً جماعياً للاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967. غير أن المعطيات على الأرض تكشف عن طريق طويل ومعقد، مليء بالشروط والمتطلبات السياسية والأمنية التي تصفها بعض الجهات الفلسطينية بأنها تعجيزية. في الوقت الذي احتدم فيه الصراع الإيراني الإسرائيلي مع توسع المواجهات الدائرة حاليا بينهما.

مؤتمر نيويورك.. بين الأمل والتردد

تسعى كل من فرنسا وبريطانيا وكندا، بحسب مصادر دبلوماسية، إلى إطلاق "مسار" سياسي يُفضي إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين. لكن هذا المسار لا يأتي دون ثمن، إذ يرتكز على حزمة من الشروط المفروضة على كل من السلطة الفلسطينية في رام الله وحركة "حماس" في قطاع غزة.

السلطة مطالبة بإصلاحات جذرية تشمل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتفعيل الحياة البرلمانية، وضمان التداول السلمي للسلطة، والالتزام بالشفافية المالية والإدارية. أما "حماس"، فالشروط تتضمن تجريدها من السلاح بالكامل، وتسليم إدارة قطاع غزة لهيئة محلية فلسطينية مستقلة، ومن ثم لحكومة وطنية منتخبة.

الغرب يضع شروطه

دبلوماسي غربي مطلع على تفاصيل المفاوضات الجارية وصف المسار بأنه إجباري، موضحاً: "هذه ليست شروطاً مفروضة، بل متطلبات فلسطينية وإقليمية ودولية". وأضاف أن لا اعتراف بدولة فلسطينية دون نظام سياسي فلسطيني موحد وشفاف، ولا يمكن إنهاء الحرب في غزة دون "التخلص من السلاح".

الشرط الأكثر حساسية يتمثل في تجريد غزة من السلاح، وهو ما تعتبره إسرائيل شرطاً غير قابل للنقاش لإنهاء عمليتها العسكرية، في ظل ما تسميه الحق في منع تكرار هجوم 7 أكتوبر 2023. فبالنسبة لإسرائيل، وجود أي مجموعة مسلحة في غزة أو الضفة يُنظر إليه كتهديد أمني يستدعي الرد العسكري.

الفلسطينيون.. شروط تعجيزية ومسار غير واقعي

في المقابل، ترى فصائل فلسطينية أن هذا المسار غير عملي في الوقت الراهن. قيادي في السلطة الفلسطينية عبّر عن قلقه من أن تكون هذه الاشتراطات مجرد غطاء لتأجيل الاعتراف تحت ضغط الموقف الأميركي، مضيفاً: "يريدون الاعتراف، لكنهم يخشون من تداعياته السياسية".

أما حماس، فقد وصفت اشتراط نزع السلاح بأنه غير واقعي طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي قائماً. وقال مسؤول في الحركة: "حتى لو وافقنا على نزع السلاح، فإن إسرائيل ستبقى تستخدم هذا الملف ذريعة لشن عمليات وفرض الحصار. إنه مطلب لإبقاء غزة رهينة".

وأضاف: "وحتى لو تم القضاء على الجهاز العسكري لحماس، هل هذا سيمنع نشوء مقاومة جديدة؟ الاحتلال هو أصل المشكلة".

الموقف الفرنسي.. من الحسم إلى الغموض

كانت باريس قد أعلنت في وقت سابق نيتها الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال المؤتمر المرتقب في نيويورك، بل إن الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه صرح بذلك في أبريل الماضي. غير أن تصريحات وزير الخارجية جون-نويل بارو الأخيرة أشارت إلى أن فرنسا لن تتخذ خطوة منفردة، بل ستسعى إلى اعتراف جماعي.

صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية عنونت تقريرها بـ"ماكرون يماطل بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية"، مشيرة إلى أن باريس بدأت تتراجع عن الوضوح السابق، وتُحيل الاعتراف إلى قرار جماعي بالتنسيق مع الدول العربية والسلطة الفلسطينية.

أما صحيفة "لوموند" الفرنسية فقد وصفت المشهد بـ"متاهة الاعتراف"، وقالت إن ماكرون، الذي لمح سابقاً إلى اتخاذ هذه الخطوة، بات أكثر حذراً مع اقتراب موعد المؤتمر، خاصة في ظل الرفض الأميركي والإسرائيلي.

تل أبيب تراقب وتضغط

إسرائيل لم تُخفِ غضبها من نية فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين، إذ اعتبرت ذلك مكافأة لحركة حماس رغم تحميلها المسؤولية الكاملة عن هجوم 7 أكتوبر. وفي خطوة لاحتواء الأزمة، أوفدت باريس مبعوثين سريين إلى تل أبيب لطمأنة الحكومة الإسرائيلية ومحاولة تهدئة التوتر.

وتشير تقارير صحفية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشعر بخيبة أمل من ماكرون، خاصة بعد الانتقادات التي وجهها الأخير لحرب غزة، وتعتبر إسرائيل أن الاعتراف بدولة فلسطين في هذا التوقيت يشكل ضغطاً دبلوماسياً غير مقبول.

التحركات الأوروبية 

في موازاة هذا الجدل، كشفت تقارير أن المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعلن عن الاعتراف الجماعي بدولة فلسطين قد اضطر لتغيير أهدافه، بحيث يكتفي بدفع عملية الاعتراف إلى الأمام دون اتخاذ خطوات تنفيذية فورية. وصرح دبلوماسيون بأنهم يسعون لجعل هذا المسار جماعياً حتى يكون له "ثقل سياسي حقيقي" وليس مجرد بيان رمزي.

وفي هذا السياق، قال عوفر برونشتاين، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، إن "ثلاثين عاماً من المفاوضات لم تؤد إلى قيام الدولة الفلسطينية. الآن نغير المقاربة: نبدأ بالاعتراف، ثم نبني على ذلك العملية السياسية".

هل تنجح المبادرة بدون واشنطن؟

رغم الدعم الأوروبي المتزايد للفكرة، إلا أن غياب واشنطن أو على الأقل عدم انخراطها الفعلي يظل عقبة كبيرة أمام نجاح المسار. ويأمل المسؤولون الأوروبيون أن تلتزم الولايات المتحدة بالحياد الإيجابي، على الأقل بعدم وضع العراقيل أمام الدول الساعية للاعتراف.

وبحسب تصريحات لمسؤولين في باريس، فإن فرنسا تأمل في خلق "توازن دبلوماسي" يتيح تمرير الاعتراف دون مواجهة مباشرة مع حلفائها الأميركيين، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، حيث يتجنب الرئيس جو بايدن اتخاذ مواقف تُغضب اللوبي الإسرائيلي أو تؤثر على أصوات الناخبين.

بين الواقع والطموح

المؤتمر الدولي المزمع عقده في نيويورك يبدو أقرب إلى اختبار دبلوماسي كبير منه إلى لحظة تاريخية طال انتظارها. فبين رغبة أوروبية متنامية في إنهاء الجمود، واشتراطات سياسية وأمنية صعبة التحقيق، وتردد أميركي، ورفض إسرائيلي قاطع، تقف الدولة الفلسطينية المنتظرة في مفترق طرق.

طباعة شارك كندا فرنسا بريطانيا السلاح فلسطين حماس

مقالات مشابهة

  • الصحة والاستثمار تنظمان ورشة عمل لتأهيل الكوادر على إعداد دراسات الجدوى للمشروعات الصحية
  • هل يُقحم ترامب الولايات المتحدة في حرب مع إيران؟
  • إدارة ترامب تدرس إضافة 36 دولة إلى حظر السفر الى الولايات المتحدة
  • مشهور كويتي: حامل الجواز السعودي تحت حماية الله ثم السعودية فوق أي أرض وتحت أي سماء.. فيديو
  • عاجل.. الخارجية الايرانية: الولايات المتحدة شريكة في العدوان الإسرائيلي على بلادنا (فيديو)
  • ترامب: الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل
  • مؤتمر نيويورك في مهب الريح| حلم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتبدد على أعتاب الصراع الإيراني الإسرائيلي.. فهل يتحقق؟
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة: مشاركة المنتخب السعودي في الكأس الذهبية تأتي تعزيزًا لحضور المملكة الدولي وتبرز دعم القيادة لقطاع الرياضة
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة نادي الهلال
  • هل تنضم الولايات المتحدة إلى مشاركة إسرائيل في هجماتها على إيران؟