لانتزاع ليبيا منها، أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية في 29 سبتمبر 1911 في حملة استمرت حتى 18 أكتوبر 1912، وافضت إلى احتلال ليبيا، إضافة إلى جزر دوديكانيز في بحر إيجه.

إقرأ المزيد صديق "القذافي" الوحيد والأخير!

مطالبة إيطاليا بليبيا برزت مع هزيمة تركيا في حربها مع روسيا عامي 1877 – 1878، وما تلاها من مفاوضات في مؤتمر برلين عام 1878.

في تلك المناسبة اتفقت فرنسا وبريطانيا على  تقاسم التركة العثمانية، وأن تكون تونس من نصيب باريس وقبرص من نصيب لندن، وحين لوح الدبلوماسيون الإيطاليون بمعارضة محتملة من قبل حكومتهم، أغرى  الفرنسيون إيطاليا بطرابلس، ووجهوا أنظارها إليها.

إيطاليا أبرمت في فبراير 1887 اتفاقية سرية مع بريطانيا من خلال تبادل المذكرات، واتفقت الدولتان الاستعماريتان على أن تدعم كل منهما الأخرى في مصر وفي ليبيا.

تواصل هذا التمهيد الدبلوماسي في عام 1902، بتوقيع إيطاليا وفرنسا معاهدة سرية منح البلدان بموجبها لنفسيهما حرية التدخل في طرابلس والمغرب.

هذه الاتفاقية التي وقعها وزير الخارجية الإيطالي جوليو برينيتي والسفير الفرنسي كميل باريري، تمثل النقطة الأخيرة في التنافس التاريخي بين البلدين للسيطرة على شمال إفريقيا. وفي نفس العام 1902 وعدت بريطانيا أيضا بأن "أي تغيير في وضع ليبيا سيكون متماشيا مع المصالح الإيطالية".

داخليا مهدت إيطاليا في عام 1908 لحملتها لاستعمار ليبيا بتحويل المكتب الاستعماري الإيطالي إلى المكتب المركزي للشؤون الاستعمارية، وتعالت الدعوات بين السياسيين الإيطاليين والصحافة للإسراع في احتلال ليبيا قبل أن تصل إليها الدول الأوروبية المنافسة.

الصحافة الإيطالية شرعت في حملة ضغط واسعة لدعم خطط غزو ليبيا، وصورت الحملة العسكرية على أنها لن تكون أكثر من "نزهة عسكرية"، نظرا لصغر وضعف الحامية التركية هناك، ونقمة السكان على الإمبراطورية العثمانية، علاوة على تصوير ليبيا على أنها بلد غني باحتياطيات معدنية كبيرة وبالمياه ويتميز بظروف طبيعية رائعة.

حزمت روما أمرها، وأرسلت إنذارا إلى الحكومة العثمانية في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 سبتمبر، ممهلة إياها يوما واحدا لتنفيذ مطلبها المتمثل في الاستسلام الكامل.

الدولة العثمانية الضعيفة في ذلك الوقت ردت بطريقة مهادنة، واقترحت نقل السيطرة على ليبيا إلى إيطاليا من دون حرب، مع الحفاظ على السيادة العثمانية الإسمية.

كان المقترح مشابها للوضع الذي كان سائدا في مصر، إلا أن وزير الخارجية الإيطالي رفض العرض التركي وأعلنت روما الحرب في 29 سبتمبر 1911.

خلال تلك الحملة العسكرية الإيطالية ضد الإمبراطورية العثمانية المتهالكة، هاجمت القوات البحرية الإيطالية في 24 فبراير عام  1912 القوات البحرية العثمانية المتمركزة في بيروت، وتمكنت من تدميرها، كما قصفت مدينة بيروت وأصابتها بأضرار.

الإيطاليون كانوا يحلمون بنزهة عسكرية تمكنهم من احتلال ليبيا واستعمارها وتحويلها إلى شاطئ رابع لإيطاليا من دون قتال. هذا الأمر صاغه لاحقا واحد من أعتى وأعنف جنرالاتهم وهو رودولفو غراتسياني بوصفه في كتابه "نحو فزان" سقوط مدينة غريان بالجبل الغربي جنوب طرابلس من دون قتال بعد معركة عنيفة جرت في بلدة الجوش القريبة بالقول: "نيران الجوش أنضجت خبز غريان"، وبالتالي كان الإيطاليون نهاية عام 1911 يتوقعون أن تنضج نيرانهم التي صبت على بيروت خبزهم في طرابلس وبرقة الليبيتين!

حاول العسكريون الأتراك وخاصة بعض الضباط إنقاذ سمعة بلادهم، وسمحت دولتهم لهم بالتطوع والتسلل خلسة إلى ليبيا للقتال ضد الإيطاليين.

عبر بضعة ضباط أتراك سرا الحدود المصرية الليبية وكان بينهم شاب يبلغ من العمر 30 عاما يدعى مصطفى كمال. هذا العسكري التركي هو أتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة في وقت لاحق.

نزل الإيطاليون بقوات ضخمة مدججة بأحدث الأسلحة إلى السواحل الليبية ولم يجدوا من يستقبلهم بالأحضان كما توهموا، وتعثرت حملتهم وتعرضوا لهزائم كبيرة عدة مرات، رغم الفارق الهائل في العدة والعتاد، ما جعلهم لمدة طويلة محتجزين في مناطق ساحلية ضيقة.

المقاومة في كامل البلاد لم تتوقف، إلا بعد أسر وإعدام عمر المختار، قائد المقاومة ببرقة في عام 1931، ما مكن روما من استعمار ليبيا حتى عام 1943.

الحرب الإيطالية لاحتلال ليبيا دخلت التاريخ باعتبارها الأولى التي يتم فيها تطبيق أحدث المبتكرات في المعدات العسكرية، ففيها استخدمت لأول مرة الطائرات للاستطلاع وبعد ذلك لإلقاء القنابل من الجو، وفيها أيضا استخدمت الدبابات لأول مرة.

من التداعيات أن الحرب الإيطالية التركية حول ليبيا، سرّعت من انهيار الإمبراطورية العثمانية، باندلاع الحرب في البلقان وإعلان الجبل الأسود وصربيا وبلغاريا واليونان، الحرب على الدولة العثمانية، ما اضطرها إلى توقيع معاهدة "أوشي لوزان" مع إيطاليا، وتخليها رسميا عن ليبيا في أكتوبر عام 1912.

على الرغم من أن تلك الحملة الإيطالية ضد الدولة العثمانية توصف بأنها صغيرة نسبيا، إلا أنها أسهمت في خلق الظروف أساسية لأول حرب عالمية.

المصدر: RT

 

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف بنغازي بيروت طرابلس الدولة العثمانیة

إقرأ أيضاً:

ترحيب أممي بتشكيل لجنتين لمعالجة التوترات الأمنية وحقوق الإنسان في ليبيا

رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتشكيل المجلس الرئاسي لجنتين مهمتهما وضع حد للتوترات الأمنية التي شهدتها العاصمة طرابلس في الآونة الأخيرة، ومعالجة مسائل حقوق الإنسان في السجون.

وقالت البعثة الأممية في بيان عبر موقعها على الإنترنت اليوم السبت "نرحب بتشكيل المجلس الرئاسي الليبي للجنتين مؤلفتين من الأطراف الرئيسية، لمعالجة الشواغل الأمنية وحقوق الإنسان".

وأضافت، أن اللجنتين تعملان على "تعزيز الترتيبات الأمنية لمنع اندلاع القتال وضمان حماية المدنيين"، إضافة إلى معالجة المسائل المتعلقة بـ"حقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز وانتشار حالات الاحتجاز التعسفي".

وأعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الأربعاء الماضي، تشكيل لجنة مؤقتة "للترتيبات الأمنية والعسكرية في طرابلس" برئاسته، تتولى "إعداد وتنفيذ خطة شاملة للترتيبات الأمنية والعسكرية في طرابلس"، بما يضمن "إخلاء المدينة من كافة المظاهر المسلحة".

كما شكل المنفي لجنة حقوقية مؤقتة لمتابعة "أوضاع السجون ومواقع الاحتجاز، لمراجعة وحصر حالات التوقيف التي تمت خارج نطاق السلطة القضائية أو النيابة العامة".

وتم تشكيل اللجنتين بالتنسيق مع رئيس حكومة الوحدة المعترف بها عبد الحميد الدبيبة، الذي رحب بهذه الخطوة الهادفة إلى "تعزيز سلطة القانون".

إعلان

وأكدت الأمم المتحدة في بيانها التزامها تقديم "الدعم الفني للجنتين، بما يتماشى مع المعايير الدولية وولايتها".

وفي منتصف مايو/أيار الماضي، قرّر الدبيبة تفكيك "جميع المليشيات" التي تتقاسم النفوذ في طرابلس، متهما إياها بأنها أصبحت "أقوى من الدولة"، ما أدّى إلى اندلاع مواجهات أسفرت عن مقتل 8 أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.

واندلعت المواجهات الأولى عقب مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز الدعم والاستقرار، وهي مجموعة مسلحة متمركزة في أبو سليم (القطاع الجنوبي من طرابلس) ولها نفوذ في قطاعات اقتصادية رئيسية.

ثم اندلعت معارك بين قوات حكومة الوحدة الوطنية وقوات الردع، وهي مجموعة أخرى شديدة النفوذ تسيطر على شرق طرابلس والمطار وأكبر سجون العاصمة.

وتفتقر ليبيا إلى الاستقرار منذ الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011. وتتنازع السلطة فيها حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا، وتعترف بها الأمم المتحدة ويرأسها الدبيبة، وحكومة موازية في بنغازي شرقي البلاد مدعومة من اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

مقالات مشابهة

  • الأزمة الليبية تتعمق.. خلافات داخلية ومخاوف دولية من انهيار الهدنة
  • الراشد: مشهد طرابلس يدار بخطة تركية وتمهيد لسلطة مركزية واحدة لكل ليبيا
  • رئيس الحكومة اللبنانية: نزعنا السلاح من أكثر من 500 مخزن في جنوب لبنان
  • نداء عاجل من البعثة الأممية في ليبيا بضرورة احترام هدنة طرابلس
  • أبوراص: منْ يسعى لبناء ليبيا عليه أن يحمي طرابلس
  • «الدفاع الليبية» تؤكد استقرار الوضع الأمني في طرابلس
  • وزارة الدفاع الليبية تعلن ضبط الموقف في طرابلس عقب خرق للهدنة
  • ليبيا… معارك تهز العاصمة طرابلس بعد انهيار الهدنة
  • إيطاليا تُنقذ 380 مهاجرًا غير شرعي أبحروا من ليبيا
  • ترحيب أممي بتشكيل لجنتين لمعالجة التوترات الأمنية وحقوق الإنسان في ليبيا