ظنوا أن نيرانهم في بيروت اللبنانية ستنضج خبزهم في طرابلس الليبية!
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
لانتزاع ليبيا منها، أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية في 29 سبتمبر 1911 في حملة استمرت حتى 18 أكتوبر 1912، وافضت إلى احتلال ليبيا، إضافة إلى جزر دوديكانيز في بحر إيجه.
إقرأ المزيدمطالبة إيطاليا بليبيا برزت مع هزيمة تركيا في حربها مع روسيا عامي 1877 – 1878، وما تلاها من مفاوضات في مؤتمر برلين عام 1878.
إيطاليا أبرمت في فبراير 1887 اتفاقية سرية مع بريطانيا من خلال تبادل المذكرات، واتفقت الدولتان الاستعماريتان على أن تدعم كل منهما الأخرى في مصر وفي ليبيا.
تواصل هذا التمهيد الدبلوماسي في عام 1902، بتوقيع إيطاليا وفرنسا معاهدة سرية منح البلدان بموجبها لنفسيهما حرية التدخل في طرابلس والمغرب.
هذه الاتفاقية التي وقعها وزير الخارجية الإيطالي جوليو برينيتي والسفير الفرنسي كميل باريري، تمثل النقطة الأخيرة في التنافس التاريخي بين البلدين للسيطرة على شمال إفريقيا. وفي نفس العام 1902 وعدت بريطانيا أيضا بأن "أي تغيير في وضع ليبيا سيكون متماشيا مع المصالح الإيطالية".
داخليا مهدت إيطاليا في عام 1908 لحملتها لاستعمار ليبيا بتحويل المكتب الاستعماري الإيطالي إلى المكتب المركزي للشؤون الاستعمارية، وتعالت الدعوات بين السياسيين الإيطاليين والصحافة للإسراع في احتلال ليبيا قبل أن تصل إليها الدول الأوروبية المنافسة.
الصحافة الإيطالية شرعت في حملة ضغط واسعة لدعم خطط غزو ليبيا، وصورت الحملة العسكرية على أنها لن تكون أكثر من "نزهة عسكرية"، نظرا لصغر وضعف الحامية التركية هناك، ونقمة السكان على الإمبراطورية العثمانية، علاوة على تصوير ليبيا على أنها بلد غني باحتياطيات معدنية كبيرة وبالمياه ويتميز بظروف طبيعية رائعة.
حزمت روما أمرها، وأرسلت إنذارا إلى الحكومة العثمانية في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 سبتمبر، ممهلة إياها يوما واحدا لتنفيذ مطلبها المتمثل في الاستسلام الكامل.
الدولة العثمانية الضعيفة في ذلك الوقت ردت بطريقة مهادنة، واقترحت نقل السيطرة على ليبيا إلى إيطاليا من دون حرب، مع الحفاظ على السيادة العثمانية الإسمية.
كان المقترح مشابها للوضع الذي كان سائدا في مصر، إلا أن وزير الخارجية الإيطالي رفض العرض التركي وأعلنت روما الحرب في 29 سبتمبر 1911.
خلال تلك الحملة العسكرية الإيطالية ضد الإمبراطورية العثمانية المتهالكة، هاجمت القوات البحرية الإيطالية في 24 فبراير عام 1912 القوات البحرية العثمانية المتمركزة في بيروت، وتمكنت من تدميرها، كما قصفت مدينة بيروت وأصابتها بأضرار.
الإيطاليون كانوا يحلمون بنزهة عسكرية تمكنهم من احتلال ليبيا واستعمارها وتحويلها إلى شاطئ رابع لإيطاليا من دون قتال. هذا الأمر صاغه لاحقا واحد من أعتى وأعنف جنرالاتهم وهو رودولفو غراتسياني بوصفه في كتابه "نحو فزان" سقوط مدينة غريان بالجبل الغربي جنوب طرابلس من دون قتال بعد معركة عنيفة جرت في بلدة الجوش القريبة بالقول: "نيران الجوش أنضجت خبز غريان"، وبالتالي كان الإيطاليون نهاية عام 1911 يتوقعون أن تنضج نيرانهم التي صبت على بيروت خبزهم في طرابلس وبرقة الليبيتين!
حاول العسكريون الأتراك وخاصة بعض الضباط إنقاذ سمعة بلادهم، وسمحت دولتهم لهم بالتطوع والتسلل خلسة إلى ليبيا للقتال ضد الإيطاليين.
عبر بضعة ضباط أتراك سرا الحدود المصرية الليبية وكان بينهم شاب يبلغ من العمر 30 عاما يدعى مصطفى كمال. هذا العسكري التركي هو أتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة في وقت لاحق.
نزل الإيطاليون بقوات ضخمة مدججة بأحدث الأسلحة إلى السواحل الليبية ولم يجدوا من يستقبلهم بالأحضان كما توهموا، وتعثرت حملتهم وتعرضوا لهزائم كبيرة عدة مرات، رغم الفارق الهائل في العدة والعتاد، ما جعلهم لمدة طويلة محتجزين في مناطق ساحلية ضيقة.
المقاومة في كامل البلاد لم تتوقف، إلا بعد أسر وإعدام عمر المختار، قائد المقاومة ببرقة في عام 1931، ما مكن روما من استعمار ليبيا حتى عام 1943.
الحرب الإيطالية لاحتلال ليبيا دخلت التاريخ باعتبارها الأولى التي يتم فيها تطبيق أحدث المبتكرات في المعدات العسكرية، ففيها استخدمت لأول مرة الطائرات للاستطلاع وبعد ذلك لإلقاء القنابل من الجو، وفيها أيضا استخدمت الدبابات لأول مرة.
من التداعيات أن الحرب الإيطالية التركية حول ليبيا، سرّعت من انهيار الإمبراطورية العثمانية، باندلاع الحرب في البلقان وإعلان الجبل الأسود وصربيا وبلغاريا واليونان، الحرب على الدولة العثمانية، ما اضطرها إلى توقيع معاهدة "أوشي لوزان" مع إيطاليا، وتخليها رسميا عن ليبيا في أكتوبر عام 1912.
على الرغم من أن تلك الحملة الإيطالية ضد الدولة العثمانية توصف بأنها صغيرة نسبيا، إلا أنها أسهمت في خلق الظروف أساسية لأول حرب عالمية.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف بنغازي بيروت طرابلس الدولة العثمانیة
إقرأ أيضاً:
الليبية للاستثمار تنفي التعاقد مع شركة أجنبية لإدارة أصولها
نفت المؤسسة الليبية للاستثمار، صحة ما يتم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن توقيع عقد يمنح شركة أجنبية تفويضا لإدارة أصول المؤسسة والتصرف فيها وتمثيلها أمام جهات دولية.
وأوضحت المؤسسة في بيان لها، أنها تابعت ما نُشر حول هذه الادعاءات، مؤكدة أن المسودة المتداولة لم تُعرض عليها ولم تستلمها، وأن اطلاعها عليها كان فقط من خلال ما تم تداوله إعلاميا وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.
وأكدت المؤسسة، أنها منفتحة على الشراكات العالمية، وتتواصل بشكل مستمر مع بنوك ومؤسسات مالية دولية، وتعقد اجتماعات ونقاشات دورية بهدف بحث واستكشاف فرص استثمارية مناسبة لإدارة واستثمار أموالها، مع التزامها الكامل باستمرار تجميد الأصول، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2769) لسنة 2025.
وشددت المؤسسة على أن هذه اللقاءات والمشاورات لا تعني بأي حال من الأحوال وجود التزامات تعاقدية أو تفويضات قانونية، وإنما تأتي في إطار الانخراط في الأسواق العالمية واستطلاع أفضل الفرص الاستثمارية المتاحة.
وأضاف البيان أنه في حال ترتب مستقبلاً عن هذه اللقاءات أي اتفاقيات، فإنها ستكون خاضعة لأعلى معايير الحوكمة والشفافية، ووفق أفضل الممارسات الدولية، وباطلاع مجلس الأمناء، ومتابعة الجهات الرقابية المختصة، وموافقة لجنة العقوبات الخاصة بليبيا.
ودعت المؤسسة الليبية للاستثمار وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والمهنية وعدم الانسياق وراء الشائعات، مجددة التزامها بأداء مهامها وفق القوانين والتشريعات الوطنية، وبما يحفظ مصالح الشعب الليبي، وفق قولها.
المصدر: المؤسسة الليبية للاستثمار
Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0