نحو إصلاح هيئة الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
الاندلاق نَحْوَ الرغبة في الانضمام لمجموعة (بريكس) من قِبل عشرات الدوَل في العالَم، له جانب يتعلَّق بالتأفُّف الذي باتَتْ ترى فيه معظم دوَل العالَم، أنَّ اليَدَ الأميركيَّة، يجِبُ أن لا تتطاولَ أكثر فأكثر على مصالح الشعوب في العالَم، وفي استغلال المنبر الدولي الأوَّل لصالحها. وتاليًا في السَّعي لبناء نظام بديل للنظام العالَمي الأنجلوسكسوني المهيمن الآن، وانطلاقًا بإحداث إصلاحات جذريَّة في هيكليَّة وبنى وآليَّات اتِّخاذ القرارات الأُمميَّة في الأُمم المُتَّحدة.
وكانت الدَّعوة القديمة/الجديدة، من قِبل عشرات الدوَل ومنذُ أكثر من عقدَيْنِ من الزمن، تعتقد بضرورة إصلاح الأُمم المُتَّحدة، وإدخال التعديلات على أنظمتها، وتوسيع مجلس الأمن بدوَل دائمة العضويَّة، كألمانيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وإندونيسيا وجمهوريَّة مصر العربيَّة.
لقَدْ أبدَى أكثر من أربعين دَولة رغبتها في الانضمام إلى مجموعة (بريكس)، وهناك أكثر من عشرين دَولة من دوَل الجنوب قدَّمت طلبًا رسميًّا للانضمام إلى المجموعة. وتتنوَّع الدوَل الراغبة في العضويَّة لجهة الحجم والتأثير الاقتصادي، ولجهة السَّعي لعالَمْ آخر مُتعدِّد القطبيَّة مع إصلاح الأُمم المُتَّحدة وكسر الهيمنة على قراراتها، وخصوصًا قرارات مجلس الأمن، وعرفت بعض تلك الدوَل تقليديًّا بمجموعة (عدم الانحياز) مِثل إندونيسيا، أو بمناهضة الولايات المُتَّحدة مِثل إيران.
وإذا قمنا بتحليل نتائج توسيع مجموعة (بريكس) كما هو متوقَّع، فسنرى أنَّ كُلَّ دَولة من الدوَل المؤسِّسة لدَيْها إمكان تزكية ضمِّ مشارك واحدٍ من منطقتها: البرازيل ـ الأرجنتين، جنوب إفريقيا ـ إثيوبيا ـ روسيا ـ إيران، وهكذا… وبالتَّالي، يتوقَّع، أن يحدثَ المزيد من التوسُّع في عضويَّة مجموعة (بريكس)، انطلاقًا من الدوَل المؤسِّسة للمجموعة، في بناء تكتُّل دولي هو الأهم والأوسع منذ عقودٍ خلَتْ.
إنَّ توليد تكتُّل دولي مؤثِّر، يعني توليد قوَّة اقتصاديَّة، وبَشَريَّة، وصناعيَّة، وجغرافيَّة، تستطيع أن تَقُودَ المعمورة والنظام العالَمي باتِّجاه آخر أكثر عدالةً وإنصافًا، ونَحْو إعادة تطوير الأُمم المُتَّحدة وعموم مؤسَّساتها لِتكُونَ عادلةً ومنصفةً حقًّا، وترَى الأمور بعَيْنَيْنِ اثنتَيْنِ. إنَّ مستشار الأمن القومي الأميركي الشهير (زبينجيو بريجنيسكي) لدى الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بَيْنَ 1977ـ1981. ومستشار مركز الدِّراسات الاستراتيجيَّة والدوليَّة، وأستاذ مادَّة السِّياسة الخارجيَّة الأميركيَّة في جامعة جون هوبكينز في واشنطن، والمعروف باستشرافه للأمور، كان قَدْ قال بعد سنواتٍ طويلة من تركه الموقع الحكومي وقَبل وفاته عام 2017، قال «يجِبُ أن تُلغى الأُمم المُتَّحدة بحلول عام 2030، واستبدالها بالعنوان القديم (عصبة الأُمم)». وبالتَّالي فإنَّ مجموعة (بريكس) بدأت تُشكِّل البديل لفكرة بريجنسكي التي ما زال البعض في الحزبَيْنِ الأميركيَّيْنِ يعتقدون بها، وأصبحت فكرة (بريكس) أكثر إثارة للإعجاب عِنْد شعوبٍ تتزايد في مواقفها، وتفترق عن مجموعة الأنجلوسكسون.
بالفعل، إنَّ (الجغراسيا/الجغرافيا السياسيَّة) بدأت تفعل فعلها وتسعى لتكريس حقائقها المُستجدَّة، وعلاماتها التي بدأت تظهر مع التهاب بؤر التوتُّر في أكثر مكان، وأبرزها الآن الحرب الأوكرانيَّة (الأميركيَّة في جوهرها) في مواجهة روسيا الاتِّحاديَّة، وبالتَّالي العالَم المؤتلف في إطار مجموعة (بريكس).
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
يونيسيف: سوء تغذية حاد يهدد نحو 10 آلاف طفل في غزة
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، اليوم السبت، تسجيل نحو 9 آلاف و300 حالة سوء تغذية حاد بين الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، محذّرة من تفاقم الوضع الإنساني مع دخول فصل الشتاء وشحّ المواد الغذائية.
وقالت المنظمة في بيان إن مستويات سوء التغذية المرتفعة "تعرّض حياة الأطفال للخطر"، مشيرة إلى أن الشتاء يزيد مخاطر الأمراض ونسب الوفيات لدى الفئات الأكثر ضعفا. وأوضحت أن فحوصات التغذية أظهرت ارتفاعا حادا في حالات العجز الغذائي، في ظل نقص المواد الأساسية وارتفاع أسعار الأغذية الحيوانية المصدر، مما يجعلها خارج متناول غالبية سكان القطاع.
وأضافت المديرة التنفيذية لليونيسيف، كاثرين راسل، أن "آلاف الأطفال دون الخامسة لا يزالون يعانون سوء التغذية الحاد، في حين يفتقر كثيرون إلى المأوى الملائم والصرف الصحي والحماية من البرد"، مؤكدة أن "الجوع والمرض والظروف المناخية القاسية تُعرّض حياة أطفال غزة للخطر".
وقالت المنظمة إن كميات كبيرة من إمدادات الشتاء لا تزال عالقة على حدود غزة، ودعت إلى إدخال المساعدات "بشكل آمن وسريع ودون عوائق" وفتح جميع المعابر بشكل متزامن لتسريع تدفق الإغاثة، بما يشمل مصر وإسرائيل والأردن والضفة الغربية.
ويأتي هذا في وقت أدى فيه منخفض جوي خلال الأسبوع الماضي إلى تضرر 22 ألف خيمة للنازحين وترك أكثر من 288 ألف أسرة دون حماية من البرد والأمطار، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. ويحتاج القطاع إلى نحو 300 ألف خيمة ووحدة سكنية مسبقة الصنع لتأمين الاحتياجات الأساسية للمأوى، في ظل دمار واسع خلّفته حرب إسرائيل الممتدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي السياق، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس ليركه، إن موظفي الأمم المتحدة ومرافقها ما زالوا يتعرضون لهجمات على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار.
إعلانوأوضح أن مروحية إسرائيلية قصفت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي حديقة مدرسة تابعة للأونروا في جباليا، كما أطلق مسلحون النار على فريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في دير البلح في 25 من الشهر نفسه، دون وقوع إصابات.
وشدد ليركه على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي الذي يضمن حماية المدنيين والعاملين الإنسانيين وقوافل الإغاثة والبنية التحتية المدنية، مضيفا "هذه الهجمات تُعرّض موظفي الأمم المتحدة وشركاءنا من المنظمات الدولية لخطر جسيم، وتزيد من صعوبة جهود إنقاذ الأرواح".
وتواصل إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع حماس، إذ سجّلت منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 497 خرقا أسفرت عن استشهاد ما يزيد على 342 فلسطينيا، وفق بيانات حكومية في غزة.