بغداد اليوم - متابعة

يشكو عراقيون لديهم حسابات في المصارف الأهلية، من تعذر استلام حوالاتهم المالية التي تصل إليهم من الخارج بالعملة الصعبة، رغم أنهم يملكون العقود الخاصة بمرتباتهم وكتباً رسمية ومستندات مرتبطة بشركاتهم ومصالحهم، فيما تمتنع المصارف عن تسليم الدولار للعراقيين بحجة قرار حكومي قضى بمنع تداول الدولار والتعامل بالدينار العراقي فقط، ما يعتبره مراقبون بداية أزمةٍ اقتصادية وانعزالٍ عالمي جديد للعراق.

وأصدر مجلس الوزراء العراقي قراراً، في إبريل/نيسان الماضي، ألزم الشركات والمصارف كافة باستخدام الدينار فقط في تعاملاتها، ومن ضمنها رواتب موظفي الشركات الأجنبية التي كانت بالدولار وأن تدفع بالدينار والسعر الرسمي 1320 ديناراً، باستثناء البعثات الدبلوماسية والتي يتم دفعها بالدولار، وبدوره قام البنك المركزي العراقي بتعميم هذا القرار على المصارف العراقية للالتزام به والتي قامت بتنفيذ القرار وإجبار الشركات على استلام جميع حوالاتها الواردة بالدينار وبالسعر الرسمي، مع العلم أن سعر صرف الدولار في الأسواق يقترب من 1600 دينار عراقي.

ونشر النائب وعضو تحالف "الأساس"، حسين عرب، مقطعاً مصوراً على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أظهر عراقيين غاضبين من عدم تسلمهم مبالغ مالية مخصصة بالدولار لهم، لكن المصارف تمتنع عن منحهم الدولار.

وكتب: "استحواذ مصرف أهلي غير محلي على مبالغ التحويلات المالية عبر المنصة الإلكترونية للدولار ويقدر قيمته 70%، من تحويلات العراق أمر غير طبيعي وكارثي سيكون لنا موقف واضح من التلاعب بمصير اقتصاد البلد لن نسكت".


استحواذ مصرف اهلي غير محلي على مبالغ التحويلات المالية عبر المنصة الالكترونية للدولار ويقدر قيمته 70% من تحويلات العراق امر غير طبيعي وكارثي سيكون لنا موقف واضح من التلاعب بمصير اقتصاد البلد لن نسكت … pic.twitter.com/VoIpgvU5Ro

— حسين عرب (@HuseinAraab) October 5, 2023


من جهته، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي هادي السلامي، إن "الفشل الحالي في ملف الدولار الأمريكي، تتحمله كل الحكومات العراقية التي تعاقبت على حكم البلاد منذ 2003 ولغاية الآن، وقد تعهد حكومة محمد شياع السوداني بحل الأزمة من خلال وضع آليات تمنع تهريب العملة الصعبة لكنها لم تنجح في هذا الملف".

وأضاف السلامي في تصريح صحفي، أن "إصلاح النظام المصرفي وأزمة الدولار يحتاجان إلى السيطرة على مزاد العملة الذي لا يزال يبيع كميات كبيرة من الدولار، ولا نعرف أين يذهب"، مشيراً إلى أن "المشكلة كبيرة في العراق، ونحن أمام تحديات ضخمة قد تؤدي إلى تصدع النظام الحالي، لا سيما وأن الولايات المتحدة الأمريكية حذرت كثيراً من تهريب الدولار إلى دول الجوار".

وبحسب أحد مستشاري حكومة السوداني، فإن "الولايات المتحدة الأمريكية حذرت حكومة السوداني ثماني مرات، وبصورة علنية وواضحة من استمرار بيع الدولار بكميات كبيرة عبر نافذة مزاد العملة في البنك المركزي، وقد قدمت أدلة كثيرة على قيام غالبية المشترين للدولار بتهريبه إلى إيران وسورية ولبنان"، موضحاً أن "هذا البيع أدى إلى احتكار الدولار لدى التجار، وتراجع وجوده في المصارف المحلية والخاصة".

لكن الباحث بالشؤون الاقتصادية في العراق، وسام الجبوري، أشار إلى أن "استمرار إخفاق الحكومة في التعامل مع ملف الدولار، وحرمان العراقيين من الحصول على مرتباتهم وتسيير أمورهم الاقتصادية والتجارية، يدفعهم إلى مغادرة العراق، وسيؤدي إلى عدم تشجيع الحوالات المالية من الخارج في مستقبلا".

وأكد أن "القرارات الحكومية الأخيرة جميعها تتماهى مع المهربين، ولا تخدم الاقتصاد العراقي، بل إنها تؤدي إلى ضعف التعامل المالي ما بين العراق ودول المنطقة والعالم".

وفي وقتٍ سابق، أكد مسؤولون أمريكيون أن واشنطن فرضت عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً بمنعها من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة شاملة لمكافحة تسريب العملة الأمريكية إلى إيران، معتبرين أن مصارف وشركات صرافة تمكنت من تحقيق أرباح ضخمة من تعاملاتها بالدولار، من خلال استخدام عمليات استيراد "احتيالية.

وشملت العقوبات الأمريكية مصارف "المستشار والقرطاس والطيف وإيلاف وأربيل، إضافة للبنك الإسلامي الدولي ومصرف عبر العراق والموصل والراجح وسومر والثقة وأور، والطيف والعالم وزين العراق"، ووفق مصادر عراقية، فإن هذه المصارف تتبع أحزاباً دينية ومليشيات وفصائل مسلحة موالية لإيران.

وطوال السنوات السابقة، كان يتم بيع ما معدله 170 مليون دولار يومياً عبر ما يعرف بمزاد الدولار، والذي يشارك به تجار وبنوك وشركات، بدون حصول مراقبة لمُنتهى تلك الأموال التي تُصنف على أنها تجارة استيراد للسوق المحلية في أغلب الأحيان، أو حوالات خارجية، مع العلم أن الحاجة الفعلية للدولار في الأسواق ولدى التجار لا تتجاوز 50 مليون دولار يومياً، بحسب خبراء.


المصدر: العربي الجديد

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

لماذا تتفاقم جرائم قتل الأقارب في اليمن؟

في صباح يوم الأحد 21 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أُخرج عفيف سالم الحاج من السجن المركزي بمدينة عدن، جنوب اليمن، مكبل اليدين، منكّس الرأس، حاملاً مصحفاً بين يديه، لتنفيذ حكم الإعدام تعزيراً بحقه رمياً بالرصاص، وذلك بعد أكثر من أربع سنوات على ارتكابه إحدى أبشع الجرائم التي شهدها المجتمع اليمني. ويُعد هذا أول حكم إعدام تعزيري يُنفذ في مدينة عدن منذ اندلاع الحرب عام 2015. ويُقصد بالإعدام تعزيراً ذلك الذي لا يُقبل فيه العفو إلا من ولي الأمر. في المقابل، نُفّذ خلال السنوات الماضية عددٌ من أحكام الإعدام قصاصاً.

 

وقعت الجريمة في 27 إبريل/ نيسان 2020، في منطقة دار المعلمين بمديرية خورمكسر في مدينة عدن، حين قام الجاني بقتل والدته فطومة عمر عبد الله باسحيم عمداً، وقام بتقطيع جثتها إلى نصفين، وفصل رأسها ووضعه في حقيبة. وتُعد واحدة من جرائم قتل الأقارب البشعة، في حين شهدت جرائم العنف الأسري تزايداً ملحوظاً داخل المجتمع اليمني خلال فترة الحرب المستمرة منذ عشر سنوات.

 

وأفرزت الحرب واقعاً جديداً ألقى بظلاله على الصحة النفسية للأفراد، وأسهم في ارتفاع معدلات الجرائم، بما في ذلك تلك التي تُرتكب داخل الأسرة، وتكرر القبض على عدد من مرتكبي جرائم قتل الأقارب، في حين يُقدم آخرون على إنهاء حياتهم مباشرة بعد ارتكاب الجريمة.

 

وفي ديسمبر 2024، لقي غانم علي المخلافي مصرعه على يد ابنه، الذي أطلق عليه 30 رصاصة أردته قتيلاً، قبل أن يلوذ بالفرار في مديرية بعدان بمحافظة إب (وسط). وفي حادثة أخرى، قتل رجل ستيني، من أبناء مديرية المواسط بريف تعز (جنوب غرب)، زوجة ابنه بعدة طعنات، ولاذ بالفرار، وخلال مطاردته من قبل الشرطة، قام بالانتحار بإطلاق النار على رأسه.

 

وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكب شاب جريمة مروعة، إذ قتل والده ووالدته وشقيقته وشقيقه في منطقة قاع القيضي بالعاصمة صنعاء. وفي حادثة مشابهة، قتل رجل ابنه بنحو 20 طعنة متفرقة في أنحاء جسده، وذلك في منطقة خلاقة الحد بيافع، في محافظة لحج (جنوب). وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل ثلاثيني في محافظة الضالع (وسط)، زوجته باستخدام آلة حادة، وقام بفصل رأسها عن جسدها. كما ارتكب رجل في الثلاثينات من عمره جريمة قتل زوجته وشقيقته باستخدام سلاح كلاشنكوف في مديرية أحور بمحافظة أبين (جنوب).

 

كذلك، قُتل المواطن حسن الضبيري وولده إثر طعنة من ابنهما الكفيف خالد، والذي لقي حتفه على يد شقيقه الأكبر فور سماعه بالحادث، في مديرية مقبنة، بريف تعز. وفي أغسطس/ آب، أنهى شاب عمره 25 سنة حياة والدته بعشر طلقات نارية في مديرية لودر بمحافظة أبين. كما قتل رجل والده وثلاثاً من شقيقاته، قبل أن ينتحر بإطلاق النار على نفسه في مديرية لبعوس بمحافظة لحج.

 

يقول القاضي محمد عبد الوهاب العباسي، لـ"العربي الجديد"، إن نسب جرائم قتل الأقارب كانت بسيطة مقارنة بجرائم القتل والاعتداء التي تحدث في المجتمع اليمني، وغالباً ما كانت تحدث في الأرياف أكثر من المدن. لكنه أشار إلى "تزايد ملحوظ لهذه الجرائم في الآونة الأخيرة بسبب الحرب وظروف المجتمع، وانعدام الدخل، والنزاعات العائلية، خاصة حول الإرث، إلى جانب تأثير التعبئة لمختلف الطوائف الدينية المتطرفة ضد الطوائف الأخرى". وأوضح القاضي أن "جرائم قتل الأقارب تُصنف قانونياً كجرائم قتل عادية، لكن تختلف العقوبة في حالة واحدة فقط، وهي إذا قتل الأصلُ (الوالد أو الوالدة) الفرع (الابن أو البنت)، فلا قصاص في هذه الحالة، بينما إذا قتل الفرع أصله، فيُنفذ فيه القصاص إذا ثبتت الواقعة. وأكد القاضي العباسي أن من واجب الدولة الحد من هذه الجرائم من خلال نشر التوعية بين أفراد المجتمع، وتوفير سبل العيش الكريم، فضلاً عن توحيد وترشيد الخطاب الديني لأفراد المجتمع ونبذ الجهل والفرقة".

 

فيما اعتبر الباحث الاجتماعي يوسف محمود أن انتشار هذه الجرائم وتحولها إلى ظاهرة اجتماعية سببه تدهور الأوضاع المعيشية، والفقر، والبطالة، وارتفاع الأسعار، مما يسبب ضغوطاً نفسية هائلة. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن استمرار الحرب، ومعايشة تفاصيلها اليومية، وذهاب الشباب إلى جبهات القتال، إلى جانب الانتشار الواسع للسلاح والمخدرات، والانفلات الأمني، وغياب سلطة القانون، وضعف أداء القضاء، وتراجع الوازع الديني، جميعها عوامل أسهمت بشكل مباشر في تصاعد جرائم قتل الأقارب، حتى باتت تشكل نسبة ملحوظة من إجمالي جرائم القتل المرتكبة في المجتمع اليمني.

 

وفي يوليو/ تموز الماضي، قتل رجل زوجته وأولاده الأربعة، ثم انتحر في مديرية ريدة بمحافظة عمران، شمال صنعاء. وفي الشهر نفسه، قتل رجل زوجته ووالدها وطفله البالغ أربع سنوات، وأصاب شقيقة زوجته، ثم انتحر بسلاح كلاشنكوف في مديرية عتمة بمحافظة ذمار. كما قُتل رجل ستيني على يد نجله، والذي لاذ بالفرار عقب الجريمة، في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة.

 

وفي الحديدة، قتل شاب والده المسن، بضربه بالمطرقة على رأسه حتى الموت، في مديرية زبيد. وفي محافظة شبوة، أطلق شاب النار على والده، ثم أطلق النار على الأهالي لمنعهم من إسعافه حتى فارق الحياة. وقتلت امرأة في مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز زوجها بعد زواجه من امرأة أخرى. وفي الشهر نفسه، قام شاب في العقد الثالث من عمره بقتل والدته وشقيقه، وأصاب شقيقته إصابة خطيرة في مديرية مجز بمحافظة صعدة.


مقالات مشابهة

  • حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو المصارف الأمريكية لفتح مكاتب تمثيل
  • وزير الخارجية العراقي يدعو لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب
  • السماح لحاملي جواز السفر العراقي بالدخول إلى أراضي الأردن عبر مطار الملكة علياء الدولي دون تأشيرة مسبقة
  • الدولار يعاود الارتفاع مقابل الدينار العراقي في بغداد واربيل
  • «آي صاغة»: عشوائية التسعير وتراجع الدولار يضغطان على الذهب محليًا
  • رشيد يدعو إلى تسليح الجيش العراقي بمنظومات دفاع جوي حديثة
  • المصرف المركزي ومؤسسة للنفط يبحثان الترتيبات المالية لزيادة الإنتاج وتجاوز التحديات
  • الدولار يواصل انخفاضه أمام الدينار العراقي
  • لماذا تتفاقم جرائم قتل الأقارب في اليمن؟
  • رئيس الوزراء العراقي: إسرائيل توسع رقعة الحرب لرسم خارطة جديدة للشرق الأوسط