هل يمكن لـ"شات جي بي تي" أن يساعد في العلاج النفسي؟
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
هل "شات جي بي تي" عالم نفس جيد؟ هذا ما ألمحت إليه مسؤولة في شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية "أوبن إيه آي" التي تقف وراء برنامج الدردشة الآلية، ما أثار انتقادات كثيرة بسبب تقليلها من صعوبة علاج الأمراض العقلية.
وكتبت ليليان ونغ، المسؤولة عن المسائل الأمنية في الذكاء الاصطناعي، في أواخر سبتمبر (أيلول) على خدمة إكس "أجريتُ للتو محادثة شخصية عاطفية جداً مع شات جي بي تي عبر الصوت، حول التوتر والتوازن بين العمل والحياة".وتساءلت "من المثير للاهتمام أني شعرت بالاستماع والراحة. لم أجرب العلاج من قبل، لكن هل الأمر على هذا النحو على الأرجح؟".
وسعت ونغ من خلال رسالتها في المقام الأول إلى تسليط الضوء على وظيفة التوليف الصوتي الجديدة المدفوعة لروبوت الدردشة الذي طُرح قبل عام تقريباً والساعي إلى اعتماد نموذج اقتصادي.
لكن المطورة والناشطة الأمريكية شير سكارليت ردت بحدة على التصريح، قائلة إن علم النفس "يرمي إلى تحسين الصحة العقلية، وهو عمل شاق". وأضافت "أن يرسل المرء مشاعر إيجابية لنفسه أمر جيد، لكن لا علاقة لذلك بالعلاج".
ولكن هل يمكن للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي أن يُنتج التجربة الإيجابية التي وصفتها ليليان ونغ؟
حسب دراسة نُشرت منذ أيام في المجلة العلمية "نيتشر ماشين إنتلجنس"، يمكن تفسير هذه الظاهرة بتأثير الدواء الوهمي.
ولإثبات ذلك، استطلع باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة أريزونا، آراء 300 مشارك، موضحين للبعض أن روبوت الدردشة متعاطف، ولآخرين أنه متلاعب فيما قالوا لمجموعة ثالثة إنه ذو سلوك متوازن.
ونتيجة لذلك، فإن الذين اعتقدوا أنهم يتحدثون إلى مساعد افتراضي قادر على التعاطف معهم كانوا أكثر ميلاً إلى اعتبار محدّثهم جديراً بالثقة.
وقال بات باتارانتابورن، المشارك في إعداد الدراسة: "وجدنا أن الذكاء الاصطناعي يُنظر إليه بطريقة ما بحسب تصورات المستخدم المسبقة".
غباء الروبوتات
ودون اتخاذ الكثير من الاحتياطات في مجال لا يزال حساساً، انطلقت شركات ناشئة كثيرة في تطوير تطبيقات يفترض أن تقدم شكلاً من أشكال المساعدة في الصحة العقلية، ما تسبب في جدالات متنوعة.
واشتكى مستخدمون لـ"ريبليكا" التطبيق المعروف بتقديم منافع على الصحة النفسية، بشكل خاص من أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح مهووساً بالجنس أو متلاعباً.
كما أقرت المنظمة الأمريكية غير الحكومية "كوكو"، التي أجرت تجربة في فبراير (شباط) على 4000 مريض قدمت لهم نصائح مكتوبة باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي "جي بي تي-3"، بأن الاستجابات الآلية لم تنجح في العلاج.
وكتب المؤسس المشارك للشركة روب موريس على إكس "محاكاة التعاطف تبدو غريبة، ولا معنى لها". وتعكس هذه الملاحظة نتائج الدراسة السابقة عن تأثير الدواء الوهمي، حيث شعر بعض المشاركين أنهم "يتحدثون إلى الحائط".
ورداً على سؤال قال ديفيد شو من جامعة بازل السويسرية، إنه ليس مندهشاً من هذه النتائج السيئة، وقال: "يبدو أنه لم يبلغ أي من المشاركين بغباء روبوتات الدردشة".
لكن فكرة المعالج الآلي ليست جديدة. ففي ستينيات القرن العشرين، طُوّر أول برنامج من نوعه لمحاكاة العلاج النفسي، باسم "إليزا"، باستخدام طريقة عالم النفس الأمريكي كارل روجرز.
ودون فهم حقيقي للمشاكل التي طُرحت عليه، كان البرنامج يعمد ببساطة إلى توسيع المناقشة بأسئلة قياسية معززة بالكلمات الرئيسية من ردود محاوريه.
وكتب جوزيف وايزنباوم، مبتكر البرنامج، لاحقاً عن سلف "شات جي بي تي" هذا "ما لم أدركه هو أن التعرض القصير للغاية لبرنامج كمبيوتر بسيط نسبياً يمكن أن يحفز أفكاراً وهمية قوية لدى العاديين تماماً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة شات جي بي تي الذكاء الإصطناعي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی شات جی بی تی
إقرأ أيضاً:
أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
على وقع تسارع الذكاء الاصطناعي "بسرعة مذهلة"، تبدو المراهنة على مستقبله -كما تصفه وكالة بلومبيرغ- مزيجا من الإغراء والمخاطرة في آن واحد.
فالأثر على المحافظ الاستثمارية والاقتصاد والحياة اليومية يتضخم يوما بعد يوم، إلى حدّ أن شركات التكنولوجيا العملاقة المستفيدة من الطفرة باتت تشكّل نحو 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ إنفيديا وحدها على قرابة 8% منه، وفق بلومبيرغ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 حلول مالية تساعد رواد الأعمال على حماية شركاتهمlist 2 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءend of listوفي المقابل، تشير الوكالة إلى أن موجة الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات تمنح اقتصاد أميركا دفعة ملموسة، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تآكل الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الكهرباء والمياه.
ولفهم "أين تُترجم الوعود إلى أرباح"، استطلعت بلومبيرغ آراء 4 خبراء استثمار، لكل منهم زاوية مختلفة في قراءة التحول الجاري:
كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "أرك إنفست"، المعروفة بتركيزها على التقنيات التحولية. دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا ومدير محافظ في "جانوس هندرسن"، والمتخصص في بناء إستراتيجيات استثمارية طويلة الأجل لقطاع التقنية. تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في "فيديلتي إنترناشونال"، التي تركز على الربط بين الذكاء الاصطناعي والدورات الكلية والسلع. مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس"، المتخصص في الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية.وتُظهر قراءاتهم، كما تنقلها بلومبيرغ، أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد إلى تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.
روبوتاكسي.. سوق بعشرات التريليوناتوتضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لـ"أرك إنفست"، ما تسميه بلومبيرغ "الذكاء المتجسّد" في صدارة فرص 2026، وتحديدا النقل ذاتي القيادة.
وتنقل بلومبيرغ عن وود تقديرها أن منظومة سيارات الأجرة ذاتية القيادة عالميا قد تتوسع لتبلغ 8 إلى 10 تريليونات دولار خلال 5 إلى 10 سنوات، معتبرة أن تسلا في "موقع الصدارة" داخل أميركا وخارجها.
كما تورد بلومبيرغ رقما لافتا في أطروحة وود: هدف سعري لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال 4 سنوات مقارنة بنطاق 400 إلى 450 دولارا "حاليا"، مع زعم أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ"الروبوتاكسي".
إعلانوتُفصّل وود -وفق بلومبيرغ- منطق "البيانات التشغيلية" ملايين المركبات على الطرق تجمع "بيانات الحالات الحدّية" (حوادث، تعطّل، ظروف نادرة)، مما قد يصنع فارقا في سوق "يميل إلى فائز يأخذ معظم الحصة".
وفي المقابل، تشير بلومبيرغ إلى أن "وايمو" التابعة لـ"غوغل" تعمل تجاريا منذ 2018 لكنها تحركت ببطء، قبل أن تبدأ في التسارع، جزئيا لأن تسلا دخلت سوق أوستن في يونيو/حزيران بخدمات روبوتاكسي.
قطاع الرعاية الصحيةتُبرز بلومبيرغ محورا ثانيا متقدما متمثلا في الرعاية الصحية بوصفها ساحة "عائد/أثر" يمكن أن يتجاوز الضجيج التقليدي حول الشرائح والبرمجيات.
وتنقل بلومبيرغ عن وود إشارتها إلى قفزات في تقنيات "تسلسل الجينات" وظهور ما تسميه "تسلسل الخلية الواحدة" المستخدم على نطاق واسع في تعريف السرطان وتطوير الإستراتيجيات العلاجية.
وفي هذا السياق تذكر وود شركتين مفضلتين لديها هما "تن إكس جينوميكس" و"تمبس إيه آي".
وبحسب بلومبيرغ، تُقدَّم "تمبس إيه آي" كمنصة تحلل كمّا كبيرا من بيانات المرضى لاستخراج مؤشرات قد تُحسّن التشخيص وقرارات العلاج، مع طرح احتمال أن تصبح "إحدى أهم الدعائم المعلوماتية" للرعاية الصحية في أميركا.
مراكز البياناتويقدّم دِني فيش من "جانوس هندرسن" إطارا أقرب إلى "هندسة محفظة" بدل الرهان على اسم واحد. ووفق بلومبيرغ، يقسّم فيش دورة تبنّي الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم إلى 3 سلال:
المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة) المُعزِّزون (برمجيات تستفيد من الذكاء الاصطناعي أو تتعرض لاضطرابه) والمستخدمون النهائيون (شركات توظف الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية).وتنقل بلومبيرغ عن دِني فيش أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلة التمكين"، حيث تقود دورات التدريب وبناء القدرة الحاسوبية إنفاقا رأسماليا قويا، مع استثمارات من شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" عبر "كوبايلوت" و"ألفابت" عبر "جيميناي"، إلى جانب حكومات تطور "سحابات سيادية" ومؤسسات تطبق الذكاء الاصطناعي على بياناتها الداخلية.
وفي فئة "المُعزِّزين"، تحذر بلومبيرغ من اضطراب تنافسي داخل البرمجيات، ناقلة عن فيش التحذير من "مفاجأة شبيهة بأدوبي" مع تراجع مضاعفات التقييم، مقابل فرص محتملة لشركات مثل "إنتويت" و"داتادوغ" و"سنو فليك".
أما "المستخدمون النهائيون"، فتشير بلومبيرغ إلى شركات مثل "دير" و"إنتويتف سيرجيكال" و"بلاكستون" التي توظف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والاستثمار في البنية التحتية للبيانات والطاقة.
النحاس والطاقةترى تاوشا وانغ من "فيديلتي إنترناشونال" -وفق بلومبيرغ- أن الذكاء الاصطناعي قوة اقتصادية قد تولّد ضغوطا تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، ولا سيما النحاس، أداة تحوّط مهمَلة نسبيا في ظل نمو الطلب بوتيرة أُسّية مقابل تدهور المعروض.
وتضيف بلومبيرغ أن تباطؤ التوظيف مقابل الإنفاق على الآلات قد يدفع إلى تيسير نقدي رغم استمرار الضغوط التضخمية. وفي البعد الجغرافي، تشير الوكالة إلى أن "لحظة ديب سيك" أعادت تقييم الصين كمصدر لتقنية تنافسية بأسعار جذابة.
وعند نقطة الاختناق، تنقل بلومبيرغ عن مايكل سميث من شركة إدارة الأصول "أولسبرينغ" أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصا في البنية التحتية للطاقة عبر شركات مثل "كوانتا سيرفيسز" ومرافق غير خاضعة لتنظيم صارم مثل شركة "تالِن إنرجي"، إضافة إلى مكاسب أسرع في الصحة الرقمية والتصوير الطبي عبر شركة "راد نت"، والتأمين القائم على البيانات مثل شركة التأمين"بروغريسيف إنشورنس".
الحياة اليوميةوتختتم بلومبيرغ المشهد بلمسة أكثر إنسانية، إذ تعرض كيف يوظّف خبراء الذكاء الاصطناعي هذه الأدوات في حياتهم اليومية، من الاستعانة بالنماذج لشرح مسائل رياضية لأبنائهم، إلى توليد قصص عن حيوان أليف لأطفال بعيدين، وصولا إلى المساعدة على فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقّدة.
إعلانغير أن هذه اللمسات الشخصية لا تحجب التحذير الذي ينقله التقرير عن مايكل سميث، إذ يشير إلى أن الهوامش الآمنة في التسعير محدودة، وأن عددا كبيرا من الأسهم بات مسعّرا على مجموعة ضيقة من الافتراضات، فيما قد تكون الأخطار غير المرئية أو غير القابلة للتسمية هي الأكثر تأثيرا.
ومن هنا، تخلص بلومبيرغ عبر آراء خبرائها إلى نتيجة عملية واضحة، تتمثل في ضرورة تنويع الانكشاف على الذكاء الاصطناعي وعدم حصر الاستثمارات في مسار واحد، لأن الفرص الكبرى قد تنشأ أيضا في القطاعات التي أغفلها السوق خلال ذروة الطفرة.