الحوار الخليجي الأوروبي.. ودبلوماسية مسقط المتزنة
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
تستضيف سلطنة عمان الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي.. ويحمل هذا الاجتماع أهمية جيوسياسية كبرى خاصة أنه يأتي في ظل أحداث كبرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط وكذلك أوروبا والتي يمكن أن توصف بأنها أحداث تقع عند مفترق طرق ليس على المستوى الدبلوماسي فقط، ولكن على مستوى إعادة تشكيل النظام العالمي وبناء القواعد التي يقوم عليها العالم أجمع، الأمر الذي يوفر فرصة مهمة لتعزيز التفاهم والتعاون والسلام في عالم يبدو حاليا أنه يهيمن عليه الصراع.
في منطقة الشرق الأوسط، وصلت المواجهات بين الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل استعادة أرضهم المحتلة، وبين المحتل الإسرائيلي إلى ذروتها بصورة أذهلت العالم من أساليبها ومن نتائجها على الأرض.. وفي أوروبا حيث تدعم الدول الغربية أوكرانيا في صراعها مع روسيا تنشأ مخاوف كبرى من نشوب صراع أكبر قد يجتذب القوى العظمى العالمية. وفي ظل هذه الخلفية المتوترة يصبح الاجتماع المشترك في مسقط أكثر أهمية من أي وقت مضى. فبادئ ذي بدء، تأتي المناقشات بشأن القضايا الأمنية، وخاصة فيما يتعلق باليمن، في الوقت المناسب. إن الحرب في اليمن، وما ترتب عليها من عواقب إنسانية مدمرة، تدعو الجميع إلى اتخاذ قرارات بتجاوزها والبدء في إعادة إعمار اليمن وتضميد جراحه وندوبه الغائرة حتى لا تكون هذه الندوب بذرة لحرب أخرى، ومن الممكن أن يمهد العمل المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي الطريق لتجديد الدفع نحو السلام، والاستفادة من نفوذهما السياسي المشترك ومصالحهما المشتركة في الاستقرار الإقليمي، خاصة أن جميع أطراف الحرب قد وصلت إلى قناعة بضرورة وضع نقطة النهاية.
لكن الملفات المطروحة أمام اجتماع مسقط لا تنظر إلى القضايا الأمنية في معزل عن القضايا التنموية، ولذلك من بين أهم الملفات التي سيناقشها اجتماع مسقط ملف الطاقة، وفي مقدمة ذلك الهيدروجين الأخضر الذي تستثمر فيه دول الخليج العربي وبشكل خاص سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وتهتم به كثيرا الدول الأوروبية خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من أزمة في الطاقة.
ويمكن أن يحقق التعاون بين دول الخليج الغنية بالموارد وأوروبا المتقدمة تكنولوجيًا تقدمًا كبيرًا في تقنيات إنتاج الطاقة النظيفة، إضافة إلى ما في الأمر من مكاسب مادية واقتصادية للطرفين حيث يضمن أمن الطاقة لأوروبا مع توفير سبل التنويع الاقتصادي لدول الخليج التي تسعى جاهدة إلى تنويع مصادر دخل مختلفة عن الطاقة الأحفورية.
وعلى الصعيد الإنساني، يتمتع كل من مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بتاريخ طويل في تقديم المساعدات للدول المحتاجة.. في عالم مليء بالأزمات كالعالم الذي نعيش فيه اليوم، من الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط وأوروبا وإلى محنة اللاجئين المستمرة، فمن الممكن أن يؤدي النهج المنسق في التعامل مع المساعدات الإنسانية إلى إعلاء تأثير جهود الإغاثة، وضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
لا يمكن إنكار أن التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الوسط وأوروبا هائلة ومعقدة وهي التي تدفع العالم إلى التحول من نظام عالمي أحادي إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب ومتغير في المبادئ والقيم، لذلك فإن المتوقع أن تنعكس كل هذه القضايا على اجتماع مسقط اليوم، على أمل أن تفرض الدبلوماسية العمانية التي تنشد التفاهم وتدعو للسلام بين الجميع قيمها ومبادئها للخروج بنتائج استثنائية تتفق مع حجم المتغيرات في العالم أجمع، وتكون بمثابة مقدمة لعصر متجدد من الشراكة بين دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، شراكة لا تعالج المخاوف الحالية فقط، ولكن ترسم أيضا الطريق نحو مستقبل مستقر ومستدام وسلمي للجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تناقش ملف العدالة التاريخية لدعم القضايا الإفريقية غدًا
تنظم كلية الدراسات الإفريقية العليا في جامعة القاهرة، صباح غد الأحد، ندوة علمية بعنوان «العدالة التاريخية والتعويضات: نحو مقاربة شاملة لإنصاف إفريقيا والشعوب ذات الأصول الإفريقية عن حقبة الرق والاستعمار».
قصر العيني يعتزم تصنيع أول جهاز إيكمو مصري جامعة عين شمس تكشف حقيقة انتماء ضياء العوضي لها المجلس الأعلى للجامعات يناقش الابتكار وريادة الأعمال في التعليم العالي عميد قصر العيني: نسعى لبناء شبكة شراكات دولية رائدة ندوة بآداب عين شمس تناقش "ظاهرة أطفال الشوارع" المجلس الأعلى للأمناء: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز "جيل المستقبل" مستشفى روجين الصيني: نتعاون مع قصر العيني لتطوير التكنولوجيا الطبية صيدلة القاهرة تحتفل بتخريج الدفعة 196 بكالوريوس رئيس جامعة مدينة السادات يشارك في فعاليات IRC EXPO 2025 خطة جديدة لقصر العيني في توسيع الشراكات الدوليةجاء ذلك تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، وإشراف الدكتور عطية الطنطاوي عميد الكلية.
ويحضر الندوة عدد من نواب رئيس الجامعة، ومساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية، ونخبة من السفراء الأفارقة، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والباحثين المتخصصين في الشأن الإفريقي، إلى جانب الطلاب والمهتمين بالقضايا الإفريقية.
وأكد رئيس جامعة القاهرة أن تنظيم هذه الندوة يأتي انطلاقًا من الدور التاريخي والمحوري الذي تضطلع به الجامعة في دعم القضايا الإفريقية والدفاع عن حقوق شعوبها، إيمانًا بأن العدالة التاريخية ليست مجرد شعار، بل مسئولية أخلاقية وإنسانية، وحق أصيل للشعوب التي عانت من الرق والاستعمار ونهب الموارد.
وأوضح رئيس الجامعة أن جامعة القاهرة تحرص، من خلال منظومتها البحثية والعلمية، على تقديم دراسات معمقة ورؤى واقعية تسهم في ترسيخ مفاهيم العدالة وتحقيق التنمية المستدامة، بما يدعم الجهود الرامية إلى صناعة مستقبل أفضل للقارة الإفريقية.
وأوضح الدكتور عطية الطنطاوي عميد كلية الدراسات الإفريقية العليا، أن الندوة تتضمن عدة جلسات علمية تناقش عددًا من المحاور المهمة، من بينها: الإطار التاريخي والفكري والأخلاقي للعدالة والتعويضات، وثقافة الاعتذار والتعويض في الفكر والواقع الإفريقي، والأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية لتجارة العبيد، والاستعمار الأوروبي في إفريقيا، وجريمة المذابح الجماعية خلال حقبة الاستعمار.
وأضاف عميد الكلية أن الندوة تتناول كذلك أسس المطالبة بالحقوق التاريخية، والخسائر الاقتصادية المترتبة على الرق والاستعمار، وخيارات التعويض بين التعويض المالي والتنمية المستدامة، إلى جانب الأطر القانونية والمواقف السياسية الدولية، ومواقف القوى الاستعمارية السابقة من قضية التعويضات، فضلًا عن دور الحركات الاجتماعية الإفريقية ومنظمات الشتات، ومواقف كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من هذه القضية.