كشفت إحدى الدراسات أنه عندما تستنشق الفئران المصابة بمرض الزهايمر المنثول، تتحسن قدراتها المعرفية، ويبدو أن المركب الكيميائي، الموجود في بعض النباتات العشبية ويستخرج غالبا من النعناع أو عشبة الفليو، يمكن أن يوقف بعض الأضرار التي تلحق بالدماغ والتي ترتبط عادة بالمرض.

ولاحظ الباحثون انخفاضا في بروتين إنترلوكين -1 بيتا (IL-1β)، الذي يساعد على تنظيم الاستجابة الالتهابية للجسم، وهي استجابة يمكن أن توفر حماية طبيعية ولكنها تؤدي إلى الضرر عندما لا يتم التحكم فيها بشكل صحيح.

ويقول الفريق الذي يقف وراء الدراسة، والتي نُشرت في أبريل 2023، إنها تظهر إمكانية استخدام روائح معينة كعلاج لمرض ألزهايمر. إذا تمكنا من معرفة الروائح التي تسبب استجابات الدماغ والجهاز المناعي، فيمكننا تسخيرها لتحسين الصحة.

ويقول عالم المناعة خوان خوسيه لاسارتي من مركز الأبحاث الطبية التطبيقية (CIMA) في إسبانيا: "لقد ركزنا على دور الجهاز الشمي في الجهاز المناعي والجهاز العصبي المركزي، وأكدنا أن المنثول عبارة عن رائحة منبهة للمناعة في النماذج الحيوانية. ولكن من المثير للدهشة أننا لاحظنا أن التعرض القصير لهذه المادة لمدة ستة أشهر منع التدهور المعرفي لدى الفئران المصابة بمرض ألزهايمر، والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه أدى أيضا إلى تحسين القدرة الإدراكية لدى الفئران الصغيرة السليمة".

وبعد أن لاحظ الفريق سابقا أن استنشاق المنثول يعزز الاستجابة المناعية لدى الفئران، أظهروا أنه يمكن أيضا أن يحسن القدرات الإدراكية لدى الحيوانات، كما لوحظ في سلسلة من الاختبارات العملية في المختبر.

وفي الفئران المصابة بألزهايمر، كانت دورة المنثول لمدة ستة أشهر كافية لوقف القدرات المعرفية وقدرات الذاكرة لدى الفئران من التدهور.

وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن المنثول دفع بروتين IL-1β إلى مستويات آمنة في الدماغ.

وعندما قام الباحثون بتخفيض عدد الخلايا التنظيمية T، أو Treg، بشكل مصطنع - المعروفة بأنها تساعد في إبقاء جهاز المناعة تحت السيطرة - لوحظت بعض التأثيرات نفسها، ما فتح طريقا محتملا يمكن أن تسلكه العلاجات المستقبلية.

وقالت عالمة الأعصاب آنا غارسيا أوستا، من مركز الأبحاث الطبية التطبيقية، في ذلك الوقت: "تسبب التعرض للمنثول وحصار خلايا Treg في انخفاض في IL-1β، وهو البروتين الذي يمكن أن يكون وراء التدهور المعرفي الذي لوحظ في هذه النماذج".

وتابعت: "بالإضافة إلى ذلك، فإن الحصار المحدد لهذا البروتين بدواء يستخدم في علاج بعض أمراض المناعة الذاتية أدى أيضا إلى تحسين القدرة الإدراكية لدى الفئران السليمة والفئران المصابة بمرض ألزهايمر".

وأنشأ العلماء بالفعل روابط عديدة بين الروائح وأجهزتنا المناعية والعصبية. ويصعب فهم هذه العلاقات بشكل كامل، لكننا نعلم أن نظامنا الشمي يمكن أن يؤثر بقوة على الدماغ. وقد تؤدي بعض الروائح إلى استجابات معينة في الدماغ، ما ينتج تفاعلات كيميائية تؤثر على الذاكرة والعاطفة وغير ذلك.

وفي الواقع، فإن الأمراض المرتبطة بالجهاز العصبي المركزي، مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون، والفصام، غالبا ما تأتي مصحوبة بفقدان حاسة الشم.

وتضيف هذه الدراسة الجديدة بعض البيانات الواعدة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الاختبارات في الفئران وكذلك في البشر.

وقالت عالمة المناعة نويليا كاساريس من مركز الأبحاث الطبية التطبيقية: "تعد هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم العلاقة بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي المركزي والرائحة. وتشير النتائج إلى أن الروائح ومعدلات المناعة قد تلعب دورا هاما في الوقاية والعلاج من مرض ألزهايمر والأمراض الأخرى المرتبطة بالجهاز العصبي المركزي".


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الزهايمر مرض الزهايمر الفئران لدى الفئران یمکن أن

إقرأ أيضاً:

«العار والألم».. المعركة المزدوجة لمرضى الإيدز

الصحة النفسية للمصابين.. خطوة ضرورية فى طريق العلاج«أحمد»: أصيبت بالمرض خلال نقل الدم«عمرو»: عملية جراحية أدت إلى الكارثة«ليلى»: ولدت مصابة.. ويعتبروننى مجرمة«حنان»: خوفى على أولادى أكبر من نفسي

 

اختار العالم شهر ديسمبر، أى بداية العام للاحتفاء بمرضى الإيذر.. باعتبارهم يحملون وصمة عار بلا ذنب.. وذلك فى إطار سياسة «تصحيحية» لمفاهيم مغلوطة عن المرضى.. الذى يعانى ضحاياه من الآلام النفسية قبل الجسدية. لم يختر أحد أن يصبح مريضًا ولا أن يلصق به لقب «مريض إيدز»، لكن الحياة تضع بعض الناس فى مواجهة قاسية، فكلمة واحدة من الطبيب قادرة أن تقلب الأحلام إلى كوابيس وتجعل المستقبل رهنًا لردود فعل مجتمع لا يرحم، فالخوف من الناس عند كثيرين بات أشد وقعًا من الخوف من الفيروس نفسه.

فى الشارع يمرون بجوارنا دون أن يلفتوا النظر، يعملون، يدرسون، وربما يجلسون بجانبك فى المواصلات العامة، قد ترتسم على وجوههم أحيانا ابتسامة لتخف ما وراءها من معاناة، فوراء تلك الوجوه تختبئ أسرار ثقيلة، قلوب ترتجف، وأرواح تبحث عن حضن أمان لا يطردها ولا يحكم عليها

فهؤلاء لا يؤلمهم المرض الجسدى وحده، بل تؤلمهم أكثر تلك النظرة التى تسلخ إنسانيتهم قبل أن تمس أجسادهم، نظرة تجعلهم غرباء فى بيوتهم وأحيائهم وأماكن عملهم.

ورغم ان العلم قد حسم طرق انتقال فيروس الإيدز وأكد أن التعامل الطبيعى لا ينقل العدوى، لكن الوصمة تبقى أقوى من الحقائق، حتى أن بعض المرضى يخفون أدويتهم داخل علب مسكنات، وآخرون يقدمون تمثيليات أمام أسرهم ليحتجب السر عنهم، بينما ينسحب البعض إلى عزلة صامتة، يبتعدون عن الناس قبل أن يبتعد عنهم المجتمع.

وعلى منصات التواصل يحاول آخرون أن يخلقوا ملاجئ بديلة، مجموعات مغلقة، حوارات سرية، صداقات مشروطة بالسر، وأحيانًا حب وزواج داخل هذه الدوائر، لكن حتى هناك لا ينجون من استغلال تجار أوهام العلاج، أو من يتخفى بثوب الدعم ليبتز الألم ويحوله إلى تجارة.

قصص المرضى تروى عن أطفال جاءوا إلى الدنيا مثقلين بمرض لم يكن لهم ذنب فيه، وعن نساء دفعن الثمن القاسى نتيجة خيانة أو نظام صحى عاجز عن حمايتهن، وعن رجال وجدوا أنفسهم ضحايا حقن ملوثة أو أخطاء طبية جسيمة، جميعهم يتشاركون مأساة واحدة عقاب مزدوج، مرة بيد الفيروس، ومرة بيد مجتمع لا يرحم.

فتحت "الوفد" نوافذ على تفاصيل إنسانية ورصدت أصواتا اختارت الصمت لسنوات طويلة، وحكايات مشبعة بالألم والصبر

حنان أم لثلاثة أبناء، أصيبت بالفيروس من زوجها الذى كان يتعاطى المخدرات لم تعلم بحقيقة إصابته إلا بعد وفاته، حين أجرت فحوصات طبية كشفت الكارثة.

تحكى والدموع فى عينيها: أنا مش خايفة على نفسى، أنا خايفة على أولادى كل يوم برجع من الشغل وأنا مرعوبة إن حد يعرف فى المدرسة، ويبعدوا ولادى عن باقى الاطفال، تضيف: الإيدز مش بس مرض، ده وصمة بتلاحقك إنت وأولادك، حتى لو هما سالمين.

تعيش حنان صراعًا يومياً بين الحفاظ على علاجها، وتأمين حياة طبيعية لأطفالها فى مجتمع لا يرحم.

عمرو، شاب فى أواخر العشرينات، يعمل موظف فى شركة خاصة أصيب بالفيروس نتيجة نقل دم ملوث أثناء عملية جراحية أكبر أحلامه كان الزواج والاستقرار، لكن المرض جعله يشعر أن هذا الباب قد أُغلق للأبد.

يقول: كل ما أهلى يجيبوا سيرة الجواز أغير الموضوع أنا نفسى أكون أب زى باقى الناس، لكن إزاى وأنا مريض؟ حتى لو لقيت بنت توافق، أهلها مستحيل يرضوا.

حاول عمرو مرة الارتباط بفتاة عبر مجموعة دعم لمرضى الإيدز، لكن التجربة انتهت بخوف وابتزاز من الطرف الآخر.

يضيف بحزن: بقيت حاسس إنى محكوم عليا أعيش لوحدى طول عمرى.

 

ضريبة الغربة

فاطمة سيدة فى أوائل الأربعينات، عاشت حياة أسرية مستقرة مع زوجها لسنوات طويلة كان يعمل بالخارج ويعود كل عام محملًا بالهدايا والذكريات لكن عودته الأخيرة كانت مختلفة، إذ اكتشفت أنه عاد حاملًا للفيروس بعد سنوات عمله بعيدا تقول فاطمة: كنت فرحانة برجوعه، لكن بعد فترة قصيرة بدأت أحس بأعراض غريبة لما عملت تحاليل اكتشفت الكارثة: أنا مصابة والأصعب إن بنتى الصغيرة كمان طلعت مصابة حسيت إن حياتى كلها انهارت فى لحظة.

الألم لم يكن جسديا فقط، بل نفسياً واجتماعيًا. زوجها لم يتحمل الموقف، تركها وابنتهما ورحل، لتواجه المصير وحدها.

تحكى بحسرة: الناس لما عرفوا بقوا يبعدوا عنى، حتى الأقارب بقوا يتجنبونا أصعب حاجة إنك تكونى بريئة، ومع ذلك الناس تعاملك كأنك مذنبة.

اليوم تعيش فاطمة لتعتنى بابنتها، تتنقل بين المستشفيات وتتحمل صعوبة العلاج.

تقول: أنا مش خايفة على نفسى، أنا خايفة على بنتى نفسى تلاقى فرصة تعيش حياة طبيعية.

 

نقل دم

أحمد، شاب فى أوائل الثلاثينات، كان يعيش حياة طبيعية حتى تعرض لحادث سير منذ سنوات استدعى نقل دم عاجل لم يكن يدرى أن تلك اللحظة ستغير مصيره للأبد بعد الحادث تعافى جسديًا، لكنه بعد فترة من الفحوصات الروتينية اكتشف إصابته بفيروس الإيدز بسبب دم ملوث كانت الصدمة قاسية، لكنه قرر أن يخفى الأمر عن الجميع، حتى عن أسرته.

يقول أحمد: كنت فاكر إن المشكلة فى العلاج أو الفلوس، لكن لما رحت لدكتور أسنان عادى واكتشف إنى مصاب، رفض يلمسنى وقال لى بصوت واضح: روح مستشفى الحميات، هنا ما ينفعش. حسيت إنى مش بنى آدم.

من يومها تعلم أحمد أن يخفى مرضه حتى فى المستشفيات، لا يجرؤ على ذكر الحقيقة خوفًا من المعاملة القاسية يشترى الأدوية بصعوبة، يخبئها فى علب أخرى، ويقول إن عنده أنيميا أو مشاكل فى الكبد. يضيف بحزن: المرض فى الدم، لكن الوصمة فى الروح أوقات بحس إن الوصمة دى أفتك من الفيروس نفسه.

نهى، فتاة فى منتصف العشرينات، اكتشفت إصابتها بالفيروس بالصدفة، حين أجرت تحاليل طبية قبل عملية بسيطة لم تكن تعلم أن والدتها كانت حاملة للفيروس منذ ولادتها، وأنها ورثت المرض منها دون أن تدرى.

تحكى نهى: أنا مخطوبة لشاب محترم، بيحبنى جدًا كل يوم بعيش رعب إن حد يعرف، مرات بقعد أبص فى عينه وأسأل نفسي: أقول له ولا لأ؟ لو قولتله ممكن يسيبنى ويتخلى عنى، ولو ما قلتش هبقى بخدعه، تضيف: الموضوع مش سهل، ده مش مجرد سر، ده حياتى كلها متعلقة بيه. أوقات ببص فى المراية وأسأل نفسي: ليه أنا بالذات؟ أنا ما عملتش حاجة غلط علشان أدفع التمن ده.

تعيش نهى بين نارين: الخوف من فقدان حب حياتها، والخوف الأكبر من نظرة المجتمع لو انكشف سرها. تقول: الإيدز مش بيموت بسرعة زى ما الناس فاكرة، بس الوصمة ممكن تقتل روحك وأنت لسه عايش.

 

حكم بالإعدام

تقول سلوى: أول ما عرفت حسيت إنى فى كابوس ما لحقتش أستوعب، وكانت الكارثة التانية هى فصلى من العمل بعد ما عرفت صاحبة البيت اللى كنت بشتغل فيه بحقيقة مرضى، وما سألتش حتى إزاى المرض بينتقل.

فقدت سلوى مصدر رزقها الوحيد، وأصبح بيتها يعتمد على دخل ابنها الكبير، الذى يعمل فى مهنة شاقة ولا يكفى راتبه لسد احتياجات الأسرة. وتضيف: أنا مش خايفة من المرض قد ما أنا خايفة من الجوع والاحتياج لو الناس عرفوا إنى مريضة محدش هيدينى شغل بقيت أحس إن المرض حكم إعدام على حياتى الاجتماعية والمادية.

سامى، رجل فى أواخر الثلاثينات، يعيش وحيدًا فى شقة صغيرة بواحد من أحياء القاهرة لم يخبر أحدًا عن إصابته منذ أن اكتشفها قبل سبع سنوات قرر أن يعزل نفسه عن العالم كى لا يضطر لمواجهة نظرات الشفقة أو الخوف.

يقول: أنا اخترت أبعد عن الناس بقول لنفسى أحسن ما يكتشفوا الحقيقة ويعاملونى كإنى وحش حتى أهلى مش عارفين لما بيتصلوا عليا بقولهم مشغول أو تعبان، بس عمرى ما قلت السبب.

يقضى سامى معظم وقته أمام الإنترنت، يتصفح مجموعات مغلقة لمرضى الإيدز هناك وجد بعض الراحة، لكن حتى هذا العالم لم يكن آمنا تعرض لمحاولات ابتزاز من أشخاص عرفوا قصته وهددوه بفضح سره.

يقول: بقيت عايش بخاف من الفيروس، وبخاف من البشر أكتر الوحدة أرحم من نظرات الاتهام.

ليلى، طالبة جامعية، كانت تحلم أن تصبح مهندسة معمارية. لكن حلمها تحطم حين أجرت فحوصات قبل السفر فى منحة دراسية، فاكتشفت أنها تحمل الفيروس كانت الصدمة أن إصابتها جاءت من والدها الذى كان مصابًا ولم يخبر أحدا حتى وفاته.

تقول ليلى: أنا ما عملتش حاجة غلط أنا مولودة بالفيروس بس أول ما النتيجة ظهرت، كل حاجة ضاعت المنحة اتلغت، وخفت أحكى لصحابى حسيت إن مستقبلى كله راح.

اليوم تواصل دراستها بصعوبة، لكنها تعيش فى عزلة تخشى أن يعرف أحد عن مرضها فيعاملها كمنبوذة. تقول: الإيدز خد منى حقى فى إن الناس تعاملنى عادى بقى فى دايمًا سور بينى وبين العالم.

عم رمضان، رجل فى أوائل الخمسينات، أصيب بالفيروس منذ أكثر من 15 عامًا بسبب خطأ طبى أثناء جراحة لم يكن يعرف طبيعة المرض وقتها، لكن حين انتشرت الشائعات بين أهالى الحى، تغير كل شيء.

يقول: «كنت بقعد على القهوة مع أصحابى كل يوم. بعد ما عرفوا، بقوا يقوموا من الترابيزة أول ما أقعد. حتى كباية الشاى ما بقوش يقربوا منها. حسيت إنى مش إنسان»، يضيف: أنا ماليش ذنب، بس طول عمرى بدفع التمن.

اليوم يعيش رمضان حياة شبه منعزلة يخرج فى أوقات متأخرة حتى لا يواجه الناس، ويقول بأسى: المرض ده بيخليك تموت مرتين مرة بالجسد، ومرة من نظرات الناس.

 

أكبر معركة

تقول الأستاذة أمينة عجمى، رئيس جمعية «صحتى من بيئتي» المعنية بالدفاع عن حقوق مرضى الإيدز، إن أكبر معركة يواجهها المصابون بفيروس نقص المناعة ليست صحية بقدر ما هى اجتماعية، فالمشكلة الحقيقية تكمن فى الوصمة والخوف الناتج عن الجهل بطبيعة الفيروس وطرق انتقاله.

وتوضح عجمى أن الوعى هو الخطوة الأولى نحو التعايش الآمن، فالفيروس لا ينتقل إلا بطرق محددة تتعلق بسلوكيات واضحة مثل تبادل الحقن بين متعاطى المخدرات، أو انتقال العدوى من الأم الحامل إلى طفلها أثناء الولادة أو الرضاعة الطبيعية، أو عبر العلاقات الجنسية غير المحمية. وما عدا ذلك فلا مجال للعدوى، إذ لا يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق اللمس أو السلام أو العطس أو استخدام أدوات المريض الشخصية كالأكواب أو الملابس أو الملاعق. حتى مشاركة الحمام أو الجلوس على نفس المقعد لا ينقل الفيروس. وتستشهد عجمى بوجود أسر كاملة يعيش فيها أحد الأبوين مصابًا دون أن تنتقل العدوى إلى الأبناء أو الشريك، مؤكدة أن التعامل اليومى لا يشكل أى خطر على الإطلاق.

وتضيف أن الحماية تبدأ بالمعرفة، فالأم المصابة يمكنها حماية طفلها إذا التزمت بالولادة القيصرية والرضاعة الصناعية، مؤكدة أن المريض الملتزم بتناول العلاج يصبح غير ناقل للعدوى، لأن الفيروس فى جسده يصل إلى مرحلة «غير مقروءة» فى تحليل الحمل الفيروسى. وتوضح: «الشخص المنتظم على العلاج يعيش حياة طبيعية تمامًا، يمكنه الزواج والإنجاب وممارسة عمله دون أن يشكل أى خطر على أحد». وتشير إلى أن هذا المفهوم مطبق فى كثير من الدول، حيث يعتمد الأزواج على العلاج الوقائى للطرف السليم، ويعيش الطرفان حياة زوجية طبيعية.

وفيما يتعلق بحق المرأة المصابة فى الإنجاب، توضح عجمى أن البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز وضع بروتوكولًا طبيًا متكاملًا يضمن سلامة الأم والطفل، وتلتزم بالولادة القيصرية، ويُعطى المولود علاجًا وقائيًا لمدة 45 يومًا مع الاعتماد على الرضاعة الصناعية فقط، ويُتابع الطفل بتحاليل دورية حتى عمر سنة ونصف. وتشير إلى أن مصر لم تسجل منذ عام 2013 أى إصابة جديدة بين السيدات المنتظمات على العلاج، مما يؤكد نجاح البروتوكول الوطنى وفعالية العلاج المتاح.

وتضيف أن العديد من المصابين يعيشون حياتهم بشكل طبيعى تمامًا وسط أسرهم ومجتمعهم دون أن يعرف أحد بإصابتهم سوى الشريك الزوجى، لكنها تحذر من أن الوصمة المجتمعية ما زالت تمثل عائقًا كبيرًا أمام تلقى العلاج بانتظام، فالكثير من المرضى يخشون الذهاب إلى مستشفيات الحميات خوفًا من أن يكتشف أحد من الجيران أو المعارف إصابتهم، خاصة فى القرى والمناطق الصغيرة، ما يدفع بعضهم إلى الانقطاع عن العلاج ويعرضهم وأطفالهم لمضاعفات خطيرة.

وفيما يتعلق بالأطفال المصابين، تؤكد عجمى أن لهم الحق الكامل فى التعليم مثل أى طفل آخر، وأن وجودهم بين زملائهم فى المدارس لا يشكل أى خطر، إذ لم تسجل أى حالة عدوى واحدة بين الأطفال فى أى دولة بالعالم نتيجة الاختلاط أو اللعب. وتضيف بأسف أن بعض المدارس فى مصر ما زالت ترفض استقبال الأطفال المصابين، وتكتفى بإرسال شهادات نجاح شكلية لهم دون السماح بحضورهم الفعلى، وهو ما تعتبره انتهاكًا صارخًا لحقهم فى التعلم والاندماج.

وتختتم رئيس جمعية «صحتى من بيئتي» حديثها قائلة: «مريض الإيدز إنسان له كل الحقوق: فى العلاج والعمل والتعليم والسكن والحياة الكريمة. لا يجوز نبذه أو التنمر عليه بسبب الجهل. متى أدرك المجتمع أن فيروس نقص المناعة لا ينتقل بالمعاملات اليومية، سيسقط الخوف وتختفى الوصمة، وسنعيش فى مجتمع أكثر وعيًا ورحمة وعدلًا».

 

معاناة مضاعفة

وأكدت الدكتورة شيماء عراقى، استشارى الإرشاد الأسرى وتعديل السلوك، إن معاناة مرضى الإيدز لا تتوقف عند حدود الأعراض الطبية، بل تتضاعف بسبب الصدمة النفسية والوصمة الاجتماعية التى تلاحقهم. وتضيف: «المجتمع للأسف ما زال أسير صورة ذهنية قديمة تشكّلت عبر حملات دعائية وأعمال فنية ربطت المرض بالانحراف أو العلاقات المحرمة. هذه الصورة صنعت جدارًا من الخوف والرفض، وأصبح المريض يُدان مرتين: مرة بسبب الفيروس، ومرة بنظرة المجتمع».

وتشير إلى أن شريحة واسعة من المرضى لم يكن لهم أى ذنب فى الإصابة، فهناك أطفال ورثوا الفيروس من أمهاتهم، ونساء انتقل إليهن من أزواج أخفوا الحقيقة، وآخرون أصيبوا نتيجة أخطاء طبية أو عبر نقل دم ملوث. وتعلق: «لا يمكن أن نعامل هؤلاء باعتبارهم مذنبين. فالمرض قد يطرق باب أى إنسان، والمسئولية المجتمعية تفرض علينا أن نرى المريض كإنسان يحتاج إلى علاج ورعاية ودعم نفسى، لا إلى عزلة وحكم بالإعدام الاجتماعي».

وتوضح عراقى أن الأثر النفسى قد يؤدى إلى دخول المريض فى دوامات من القلق والاكتئاب والخوف، ما يدفع الكثيرين إلى إخفاء العلاج أو الانسحاب من الحياة الاجتماعية.

وترى أن التغيير يبدأ من مؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية عبر حملات توعية علمية تشرح طرق انتقال الفيروس، وتكسر الخرافات المحيطة به، مع ضرورة إدماج المرضى فى برامج دعم نفسى واجتماعى. وتشدد: «الصحة النفسية لمرضى الإيدز لا تقل أهمية عن العلاج الدوائى. لا بد أن يشعر المريض بالأمان فى أسرته ومدرسته وعمله».

وعن دور الأسر، تنصح د. شيماء بأن تكون البداية بالاحتواء: «حين يُكتشف إصابة فرد فى العائلة، يجب أن تكون الأسرة هى السند الأول لا القاضى. المطلوب التوازن بين التعاطف الإنسانى والحفاظ على قواعد السلامة الصحية، خصوصًا مع الأطفال، بحيث لا يتحول البيت إلى سجن ولا إلى ساحة إقصاء».

مقالات مشابهة

  • هل يمكن الشفاء من فيروس نقص المناعة البشرية؟.. دراسة توضح
  • «العار والألم».. المعركة المزدوجة لمرضى الإيدز
  • ما الذي يحتاجه المنتخب المصري لعبور الأردن في كأس العرب؟..تفاصيل
  • تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%
  • الرقص يحسن الوظائف الإدراكية لمرضى باركنسون
  • "تعليمية مسقط" تحصد 6 جوائز ضمن "برنامج التنمية المعرفية"
  • فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها
  • حصري لـCNN.. تفاصيل مفاجئة بقضية القارب الذي ضربته القوات الأمريكية في الكاريبي: لم يكن متجها إلى الولايات المتحدة
  • دراسة جديدة تكشف العلاقة بين السمنة والإصابة بمرض الزهايمر
  • مؤشرات ألزهايمر تتأثر بوظائف الكلى… ونتائج الاختبارات تستدعي الحذر