الفارق بين إبتسامة غلاسبي وخليفتها رومانوسكي
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
آخر تحديث: 12 أكتوبر 2023 - 9:29 صبقلم: سمير داود حنوش لم يدرك الرئيس السابق صدام حسين حينها في مقابلته للسفيرة الأمريكية (أبريل غلاسبي) عام ١٩٩٠ وقبل الغزو العراقي للكويت بأيام أن إبتسامة غلاسبي والضوء الأخضر الذي كان يوحي كلامها بالموافقة التي إستشفّها الرئيس السابق بإجتياح الكويت على إعتبار أن الأزمة بين الدولتين شأن داخلي لا يحق لأمريكا التدخل فيه، حتى راح صدام حسين في خيلاء غروره وكلمات التطمين التي لمسها من غلاسبي بعدم التدخل يُعلن في بيانه غزو الكويت صبيحة الثاني من آب/أغسطس عام ١٩٩٠.
كان الجحيم ذاته الذي فتح أبوابه للعراقيين، فقد كانت إبتسامة غلاسبي فخاً للنظام لِجرّه إلى مصيدة أحرقت البشر والحجر، كانت مغامرة دفع الشعب العراقي ثمنها غالياً من أرواح بريئة وبُنى تحتية وجيش مُحطّم لوثه اليورانيوم المُنضّب حين تحول طريق العودة والإنكسار من الكويت إلى بغداد مقبرة للمعدات والآليات العسكرية، كان يمكن أن ترى مشهداً مألوفاً لجنود عراقيين، حُفاة وعراة على إستعداد أن يُقايضوا أسلحتهم الخفيفة مقابل توصيلة بأي وسيلة نقل إلى منازلهم، تلاها سنين عِجاف من حصار وجوع وفقر أطبق فكيه على العراقيين إستنزف ما تبقّى من أرواحهم وأرزاقهم ومستقبلهم في سنوات الحصار الإثنى عشر كانت بعناوين إبادة جماعية لشعب يبرئ من أفعال حكامه. ذلك التاريخ وتلك الأيام غابت عن كثير من العقول المثقوبة هذه الأيام من حكام العراق ما بعد ٢٠٠٣ وزعامات الحكم الجديد الذين يجالسون رومانوسكي السفيرة الأمريكية في بغداد وإبتسامتها التي لا تفارقها عند لقائها كبيرهم قبل صغيرهم، معممهم قبل أفنديهم، حتى وصل حُسن الظن بالبعض حين راح يكيل المديح والثناء للدور الإيجابي الذي تقوم به رومانوسكي في إرساء الإستقرار ودعم النظام السياسي. وصل التفاؤل مداه عندهم عندما ظنوا أن السيدة رومانوسكي ومن ورائها البيت الأبيض سيكونون حُماة لنظام سياسي مهما بلغ تمزقه وتشرذمه.لماذا لا يتّعظون من دروس الماضي القريب ويأخذوا العبرة من ذلك الذي لم يعتبر؟.هل بقي من الضمير الحي ما يتذكر جريمة ملجأ العامرية التي تقارن بجرائم هيروشيما وناكازاكي التي حدثت يوم الاربعاء ١٢ شباط/ فبراير ١٩٩١ فجراً، عندما قامت الطائرات الأمريكية بقصف ملجأ آمن يلجأ إليه المواطنين الأبرياء لقضاء مبيتهم هرباً من الغارات والقصف الجوي، إلا إن الموت حرقاً كان بإنتظارهم، حين أذاب القصف أجساد أكثر من ٤٠٠ مواطن غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، إلتصقت أجسادهم بجدران الملجأ من شدة العصف، كان التبرير لتلك الجريمة من الجانب الأمريكي بأن الرئيس صدام حسين و أحد نجليه كانوا من ضمن المختبئين في الملجأ، لكن هل كان ذلك مبرر لكل هذا التوحش في القتل؟ (الكاتب من ضمن شهود العيان الذي كان يشاهد كتل اللحم البشري المحترقة وهي تخرج محمولة من الملجأ بأكياس النايلون). كم نحمل من الذاكرة المعطوبة حين لا يقتلنا رصاصهم بل سخافة تفكيرنا وسذاجة عقولنا وموت ذاكرتنا.إبتسامة رومانوسكي تشابه خليفتها غلاسبي مع بعض التحديثات، لكنها إبتسامة لا تعني الرضا عما يحدث، فحروب التجويع والحصار التي برعت بها أمريكا في تسعينيات القرن الماضي بدأت بوادره تلوح في سماء العراق ليتكرر ذلك السيناريو، يتوازى معه إستغباء سياسي حين يظن صبيان السياسة الذين لا يتجاوز مفهومها عندهم سوى دكاكين صغيرة للإرتزاق والإنتفاع، لاتظنوا إبتسامة رومانوسكي في مجالستكم سوى أنها تخبركم بالقادم الأسوء، لكنها البداية في الإنقلاب الناعم لنظام يجلس على كرسي متصدّع، إرتبط مصيره بإبتسامة رومانوسكي. يقول الشاعر المتنبي “إذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً، فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ” مع الإعتذار للتشبيه.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
ما الذي دفع نتنياهو للتراجع عن حضور قمة شرم الشيخ؟
تراجع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن المشاركة في "قمة شرم الشيخ للسلام"، التي تستضيفها مصر الاثنين، رغم تأكيدات رسمية سابقة من القاهرة وتل أبيب بمشاركته إلى جانب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعدد من القادة الدوليين.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن مكتب رئيس الوزراء أبلغ الجانب المصري بعدم قدرة نتنياهو على السفر إلى شرم الشيخ، بعد أن كانت الاستعدادات جارية لاستقباله ضمن الوفود المشاركة في القمة التي تبحث سبل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وكان مكتب بنيامين نتنياهو، قد أعلن الاثنين، أن الأخير لن يشارك في "قمة شرم الشيخ للسلام" بحجة "عيد العُرش" اليهودي، مؤكدا في بيان أن نتنياهو "تلقى دعوة من الرئيس الأمريكي (دونالد) ترامب للمشاركة في مؤتمر يُعقد اليوم في مصر".
وأشار إلى أن نتنياهو شكر ترامب على دعوته "لكنه أوضح أنه لن يتمكن من المشاركة بسبب اقتراب العيد "العُرش".
السر وراء عدم الحضور
وذكرت تقارير إسرائيلية، من بينها صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن القرار المفاجئ جاء بعد جدل داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية ومعارضة من بعض الدول المشاركة في القمة وعلى رأسها تركيا، الأمر الذي دفع تل أبيب إلى إبلاغ القاهرة بعدم الحضور.
في المقابل، أعلنت الرئاسة المصرية أن غياب نتنياهو يعود إلى "الاحتفال بالأعياد الدينية اليهودية"، مشيرة إلى أن مشاركته كانت مقررة بعد مشاورات جرت بين رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، أثناء زيارة الأخير لإسرائيل بحضور نتنياهو.
الأسباب المعلنةوأوضح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان رسمي أن نتنياهو تلقى دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمشاركة في القمة التي تعقد في شرم الشيخ، لكنه "لن يتمكن من الحضور نظرًا لتزامنها مع عيد العُرش اليهودي"، الذي بدأ في السادس من أكتوبر/تشرين الأول ويستمر أسبوعًا.
وأضاف البيان أن نتنياهو "شكر الرئيس ترامب على دعوته وعلى جهوده لتعزيز السلام في المنطقة"، لكنه فضّل البقاء في إسرائيل للمشاركة في طقوس العيد، وهو أحد أهم المناسبات الدينية اليهودية المرتبطة بذكرى إقامة اليهود في الصحراء تحت المظلات والخيام.
غير أن تقارير إسرائيلية أخرى ربطت القرار بعوامل سياسية، مشيرة إلى أن بعض الدول المشاركة، بينها دول عربية، أبدت تحفظًا على حضور نتنياهو بسبب الانتقادات الواسعة التي تواجهها حكومته بعد حرب غزة الأخيرة، كما أشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن اتصالات سابقة بين السيسي ونتنياهو تمت بحضور ترامب داخل مبنى الكنيست، وتم خلالها الاتفاق مبدئيًا على المشاركة قبل أن يتم التراجع عنها في اللحظة الأخيرة.
تعقد قمة شرم الشيخ للسلام الاثنين في شرم الشيخ بمشاركة قادة أكثر من عشرين دولة، من بينهم يتقدمهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ورئيس وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي إلى جانب الرئيس التركي
وتركز القمة على تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد اتفاق تم التوصل إليه برعاية أمريكية ومصرية وقطرية وتركية، دخل حيز التنفيذ الجمعة الماضي، وبموجب الاتفاق، أفرجت حركة حماس عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء في غزة وعددهم عشرون، بينما بدأت إسرائيل الإفراج عن نحو ألفي أسير فلسطيني، من بينهم محكومون بالسجن المؤبد.
ويعد مؤتمر شرم الشيخ أول قمة دولية بهذا المستوى تعقد بعد وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ويأمل المنظمون أن تفتح الطريق أمام مرحلة جديدة من التهدئة، وتثبيت ترتيبات ما بعد الحرب بمشاركة الأطراف الإقليمية الفاعلة.