من هو جيل عمرو الذي يهدد جيل زيد في المغرب؟
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
بعيدا عن لغة التصنيفات العلمية والأرقام وحتى الرموز الموثقة لكل جيل على حدا؛ دعونا نتبنى مقاربة مغايرة كليا تبدو عبثية في ظاهرها لكنها في العمق تختصر واقعا مريرا أفرزته الصرخة الآنية لجيل "زد" في المغرب. فحين انبرى الجميع للبحث عن الهوة العميقة بين الأجيال والعجز التام في فهم المتغيرات الحاصلة، حاول السواد الأعظم، لا سيما من فئة المثقفين و"النخبة" التي لا تقر ولا تعترف بالهزيمة وما زالت تصر على العيش في مستنقع الأوهام وتأبى الخروج من القوقعة ومغادرة برجها العاجي الذي بات مهترئا ومتآكلا؛ الركوب على الموجة والسعي للظهور في نقاشات "مجدية" لا سيما على تطبيق "الديسكورد"، مالئ الدنيا وشاغل الناس هذه الأيام، لدرجة أن المخبرين (رغم حاجتهم الماسة لدورات محاربة الأمية الالكترونية) أيضا يكابدون الأمرّين من أجل نيل "شرف" اختراق مجموعات الشباب وتقفي آثارهم وأخبارهم، من خلال محاولة الانخراط بينهم وفك شفرة هذه الآلية المبهمة لدى الأجيال الأخرى.
إذن الكل في هرولة محمومة نحو سبر أغوار هذا الجيل وكأنهم يكتشفون للوهلة الاولى أن أبناءه كانوا يعيشون بيننا دون حسيب ولا رقيب، لكنني اليوم لن أتعمق في هذا الجدال الذي خضته في مقال سابق نشر قبل أيام قليلة فقط، وأنوي استكمال هذا الملف استنادا لمعطى مهم غائب أو مغيب لدى الكثير من المتابعين للشأن المغربي والشبابي خصوصا وهم من فرضوا حضورهم وأجبروا الكل على الانصياع والاعتراف بهم كقوة فاعلة لها نفوذها الخاص؛ غير أن السؤال الذي يفرض نفسه بناء على تحركات جيل "زد" أو "زيد" التي عاينّاها قبل أيام ويحمل في طياته بعدا مفصليا ومحوريا في ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل القريب حتى: فما هو الخطر المحدق بتحركات هذا الجيل؟ ولماذا الطامة الكبرى تكمن في أنه خطر داخلي ينمو في أحشائه من الأساس؟
جيل عمرو:
انطلاقا من الفئة التي تكتب "جيل زيد" فقد ارتأينا تسمية القوة البشرية المهددة لهبّة الجيل بأسره باسم مرادف في اللغة وهو "جيل عمرو"؛ فما الفرق بين الاثنين يا ترى؟
هما وللمفارقة المريرة ينتميان لنفس المرحلة العمرية ويتقاسمان نفس النشأة وحتى بعض الأحلام؛ لكن هناك من ارتطم بطريق وعر حتّم عليه سلك مسار منحرف، بينما الأول (أي جيل زيد) عبدت له الطرق أن يمضي في مسار شخصي ودراسي مرسوم بعناية فائقة ومحاط بظروف سليمة ورعاية في أعلى مستوى؛ توفر له كل مقومات الحياة الكريمة بل ومستقبلا مضبوطا ومهيّأ بالورقة والقلم دون منغصات، أما الثاني فيتقاسم معه نفس الهواء، غير أنه محاط بظروف اقتصادية واجتماعية معقدة؛ من مدرسة عمومية متهالكة إلى وسط موبوء بشتى أنواع الانحراف، ويملك قدرة هائلة على الجذب والاستقطاب، ويهوى ترديد شعارات "الحكرة" والإقصاء والتهميش، ويجد في مدرجات ملاعب كرة القدم على سبيل المثال المتنفس للصراخ وتبنّي مصطلحات تنضح حقدا وغضبا، وأقصى أحلامه تتلخص في قارب للهجرة السرية بحثا عن النعيم المفقود كما يتوهم.
هل هي نفس الصرخة؟
دعونا نقرب المعطيات أكثر، ونعود بالشريط لتاريخ 27 و28 من الشهر الماضي، حين باغت جيل "زد" الجميع وخرج للشوارع في المغرب، مطالبا بإصلاح قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، وقوبلت الهبة الشبابية برد أمني صارم أجج الغضب ومنح الفرصة للطرف الثاني الذي تحدثنا عنه؛ والذي لم يتوان عم "استغلال" الظرفية للكشف عما يعتمل في فؤاده من كبت وحقد تجاه مؤسسات الدولة. ومن هذا المنطلق رأينا مشاهد مؤسفة من عنف واستهداف للبنى التحتية ولرجال الأمن، وتحولت بعض المدن والضواحي المغربية لميادين قتال مشينة، ولا غرابة في رصد أنها جل المناطق التي تعاني من الانحراف والبطالة وتفشي الجريمة؛ فما الفرق بين الاثنين؟ وهل ينتمون لنفس البلد؟
هنا مربط الفرس والحقيقة المرة التي علينا مواجهتها بين جيل حظي بمستوى دراسي جيد ويتقن اللغات الأجنبية أكثر من لغة الضاد ومنفتح على العالم بشكل واضح؛ وآخر ضحية ظروف اجتماعية واقتصادية وحتى تربوية، والاثنين في سن متقاربة ولكن طريقتهما في التعبير مغايرة كليا؛ فالأول يعتمد الحوار ويعتبر الخروج للشارع حقا دستوريا أصيلا، لذلك تعامل باستغراب مع التدخلات الأمنية العنيفة، والثاني يرى في العنف والتخريب وسيلته الأمثل لإيصال سخطه على الدولة والمسؤولين؛ فهل يهدد الثاني المطالب الاجتماعية المشروعة والخطاب السياسي الناضج للأول؟
الجواب واضح في ما رأيناه في الأسبوع الماضي؛ ولهذا تفطن هؤلاء الشباب للموضوع وسارعوا لإيقاف وقفاتهم الاحتجاجية مؤقتا، والمؤكد أنهم مطالبون بدراسة جدية لكل خطواتهم كي لا يتم توظيفها تحت سياقات أخرى ستخدش الصورة الإيجابية التي أفرزوها، وأيضا المناخ الجديد الذي خلقوه بعد الفشل الذريع للأحزاب السياسية المتورطة في الفساد والريع والبحث عن الغنائم والأكل في كل الموائد.
ختاما، من المؤسف حقا أننا وصلنا لهذا "الفرز" المشين بين أبناء الجيل والبلد الواحد، لكنها في المحصلة نتيجة إهمال التعليم بالدرجة الأولى، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المغرب الشباب المغرب شباب جيل زد قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قصر العيني أول مستشفى حكومي يستخدم الجيل الجديد من أدوية إذابة الجلطات المخية
في إنجاز طبي جديد يعزز مكانة مصر في تقديم الرعاية الصحية المتقدمة، بدأت مستشفيات جامعة القاهرة استخدام الجيل الجديد من عقار Tenecteplase لعلاج الجلطات المخية الحادة، لتصبح بذلك أول مستشفى حكومي في مصر يُدرج هذا العقار ضمن بروتوكولات العلاج داخل مركز السكتة الدماغية المعتمد دوليًا بالمستشفى.
يأتي هذا التطور في إطار سياسة التطوير المستمر التي تنتهجها مستشفيات جامعة القاهرة، بقيادة الأستاذ الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة المستشفيات، والتي تضع على رأس أولوياتها تحديث الخدمات الطبية لتتماشى مع أحدث المعايير العالمية، بما يحقق أفضل النتائج العلاجية للمرضى ويقلل من نسب الإعاقة والوفاة الناتجة عن السكتات الدماغية.
يُعد Tenecteplase من أدوية الجيل الحديث المستخدمة في إذابة الجلطات، ويتميز عن العقاقير السابقة مثل Alteplase بسهولة وسرعة الاستخدام، حيث يُعطى في صورة حقنة واحدة فقط، ما يسمح بالتدخل الفوري خلال "النافذة الزمنية الذهبية" — وهي الساعات الأولى الحاسمة لإنقاذ أنسجة المخ بعد الإصابة. وقد أثبتت الأبحاث السريرية كفاءة العقار ومأمونيته، مما أهّله للحصول على اعتماد هيئة الدواء الأوروبية (EMA) عام 2024، وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عام 2025، إلى جانب اعتماده من هيئة الدواء المصرية مؤخرًا، ما مهّد الطريق لاستخدامه في المستشفيات المصرية.
وقد تم البدء في استخدام العقار داخل مركز السكتة الدماغية بمستشفى قصر العيني، الحاصل على اعتماد المنظمة العالمية للسكتة الدماغية (WSO) كمركز متقدم، ويُعد من أوائل المراكز في المنطقة التي تنال هذا الاعتماد الدولي المرموق.
وفي هذا السياق، صرّح الأستاذ الدكتور أحمد عبدالعليم، رئيس مركز السكتة الدماغية، بأن إدخال Tenecteplase في بروتوكول علاج السكتات الدماغية يمثل خطوة استراتيجية ضمن خطة تطوير شاملة يقودها الأستاذ الدكتور حسام صلاح، الذي يرأس أيضًا مشروع الشبكة القومية للسكتة الدماغية، والتي تمثل نقلة نوعية في توحيد وتحديث منظومة العلاج على مستوى الجمهورية.
وأكد أن هذا النجاح هو ثمرة حرص الإدارة العليا على التطوير المستمر لوحداتها، مشيرًا إلى أن قصر العيني سيواصل العمل على تحديث منظومة علاج السكتات الدماغية وفقًا لأعلى المعايير العالمية.
من جانبه، شدد الأستاذ الدكتور حسام صلاح على التزام قصر العيني بمسؤوليته تجاه المواطن المصري من خلال تبنّي أحدث بروتوكولات العلاج المعتمدة عالميًا. واعتبر إدخال Tenecteplase تطورًا مهمًا في مجال علاج السكتات الدماغية، يعكس التوجه الاستراتيجي للتحرك السريع من أجل إنقاذ حياة المرضى وتقليل المضاعفات.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي بالتوازي مع جهود مستشفيات جامعة القاهرة في تأهيل الكوادر الطبية، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز دور مراكز السكتة الدماغية المتقدمة، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية في الارتقاء بجودة الخدمات الصحية والاستجابة الفعالة للحالات الحرجة.
كما أكد أن اختيار مصر كثاني دولة في منطقة الشرق الأوسط لإطلاق العقار الجديد يُعد شهادة دولية على حجم الجهود التي تبذلها الدولة في دعم وتطوير علاج السكتات الدماغية، ويعكس بوضوح أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تقديم خدمات صحية متكاملة تضاهي النظم العالمية.