كان يكفي الاستماع إلى الخطاب الغاضب الذي ألقاه جو بايدن الثلاثاء، بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس على إسرائيل، خصوصاً وأنّه نادراً ما يتحدث بلهجة حادّة.

اعلان

قبل أيام، صرّح مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان، بأنّ دفاع واشنطن والرئيس جو بايدن عن إسرائيل هي مسألة "شخصية"، في تصريح يكشف الكثير عن الطريقة التي تتعامل من خلالها الولايات المتحدة مع الصراع بين إسرائيل وحماس.

منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يسود التوتّر كافّة أرجاء البيت الأبيض، على الرغم من اعتياده على التشنّجات الدولية.

وكان يكفي الاستماع إلى الخطاب الغاضب الذي ألقاه جو بايدن الثلاثاء، بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس على إسرائيل، خصوصاً وأنّه نادراً ما يتحدث بلهجة حادّة.

تحدّث بايدن عن "الشر المطلق" الذي يتجلّى في هجمات حماس، مشيراً إلى "قتل الأطفال" و"ذبح عائلات بأكملها". 

وقال الرئيس الديمقراطي، مشيراً إلى محادثة مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مئير، إنّ لدى إسرائيل "واجب" الدفاع عن نفسها.

ويُقال إنّ رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة قالت لبايدن الذي كان في ذلك الوقت شاباً منتخباً حديثاً عن ديلاور "لا تقلق سيناتور بايدن. لدينا سلاح سري في إسرائيل. ... ليس لدينا مكان نذهب إليه".

"قناعات عميقة"

تكشف هذه الرواية عن قناعات سياسية عميقة لدى جو بايدن، بينما يمثل هذا الوسطي البالغ من العمر 80 عاماً جيلاً من المسؤولين الأميركيين الملتزمين بالدفاع عن إسرائيل.

وقال لممثلي الجالية اليهودية الخميس إنه اصطحب كلّ واحد من أبنائه وأحفاده لزيارة معسكر الاعتقال داخاو لفهم فظائع المحرقة، مضيفاً "أردتهم أن يروا ذلك".

وتحدث جو بايدن، الجمعة عبر الفيديو، لأكثر من ساعة مع عائلات 14 أميركياً ما زالوا في عداد المفقودين بعد هجمات السبت التي شنّتها الحركة الفلسطينية، وبعضهم محتجز كرهائن. وقُتل سبعة وعشرون مواطناً أميركياً، وفقاً لآخر حصيلة.

وقال "إنهم يواجهون معاناة شديدة، هم لا يعرفون ما حدث لأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم وأزواجهم".

قالها بايدن عام 1986: "لو لم تكن هناك إسرائيل لكان على أميركا خلق إسرائيل لحماية مصالحها"شاهد| نتنياهو في مكالمة هاتفية مع بايدن: "تعرّضنا لهجوم لم نشهد وحشيته منذ المحرقة"

وإذا كان الرئيس الأميركي معروفاً بتأثره، فهذه ليست حال مستشاره للأمن القومي الذي عادة ما يعلّق على مآسي العالم من دون انفعال.

غير أنّ جون كيربي الأدميرال الذي تحوّل إلى متحدث رسمي باسم مجلس الأمن القومي، تحدّث على الهواء مباشرة على قناة "سي إن إن"، بصوت مخنوق، حين قال "الأمر صعب للغاية".

وبالتالي، قال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان في غرفة الإحاطة الصحافية الشهيرة في البيت الأبيض، "الأمر ليس مجرّد عمل سياسي أو استراتيجي، إنّه مسألة شخصية".

"خسائر في أرواح المدنيين"

خلال زيارة إلى إسرائيل، استذكر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، وهو يهودي علماني، كيف نجا جدّه من المذابح الروسية وكيف نجا والد زوجته من معسكرات الاعتقال النازية.

ولكن بعيداً عن الدعم الثابت لإسرائيل، تواجه السلطة التنفيذية الأميركية أسئلة ملحّة بشأن مصير المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وقُتل ما لا يقل عن 1300 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون منذ بدء هجوم حماس السبت الماضي، وبينهم 258 جندياً، وفق آخر حصيلة للجيش. أما في القطاع المحاصر، فقُتل أكثر من 2200 شخص بينهم 724 طفلاً جراء القصف الإسرائيلي المكثّف ردا على هجوم حماس، وفق وزارة الصحة التابعة للحركة. وقطعت إسرائيل إمدادات الغذاء والماء والكهرباء عن القطاع.

وقال جون كيربي الجمعة "لا نريد أن نرى المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين، سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين".

من جهته، أكد جو بايدن أنّ "الأزمة الإنسانية" في غزة تشكل "أولوية"، مشيراً إلى أنّ "الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين (لا علاقة لها) بحماس".

اعلان

وكان دان شابيرو السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل قال قبل عدة أشهر إنه لا يعرف شخصا يحب إسرائيل أكثر من الرئيس جو بايدن.

وفي هذه الأثناء، كتب عدد من البرلمانيين الذين يمثّلون الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي إلى الرئيس الأميركي للتعبير عن "قلقهم العميق" بشأن مصير سكان قطاع غزة، وللمطالبة بشكل خاص بإعادة إمدادات المياه والكهرباء إلى القطاع، إضافة إلى "ممر إنساني" لإيصال المساعدات مع السماح بخروج المدنيين.

المصادر الإضافية • أ ف ب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مقتل قيادي عسكري في حركة حماس في ضربة إسرائيلية شاهد: قصف إسرائيلي مكثف على رفح جنوبي قطاع عزة والبحث جار عن ناجين تحت الأنقاض فيديو: قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مناطق حدودية في جنوب لبنان تعاون عسكري حركة حماس إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن اعلانالاكثر قراءة تحت الحصار والقصف والنزوح| غزة تنزف ابناءها.. 1900 قتيل حتى الآن بينهم 614 طفلا من أثينا ولوس أنجلس إلى تل أبيب.. مئات الإسرائيليين يهرعون نحو الدولة العبرية دعما للمجهود الحربي شاهد: لحظة اقتحام كتائب القسام لموقع عسكري إسرائيلي شرق محافظة خانيونس وأسر من فيه كيف تحولت فلسطين على الخرائط لإسرائيل في ظرف 7 عقود فقط؟ طوفان الأقصى.. إسرائيل ألقت على غزة 4 آلاف طن من المتفجرات ومقتل أكثر من 1500 فلسطيني وإصابة 6 آلاف اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. طوفان الأقصى: إسرائيل تواصل قصفها الجوي العنيف والمتواصل على غزة ونزوح أكثر من 400 ألف فلسطيني يعرض الآن Next سرب جديد من مقاتلات "إف-15" يصل إلى الشرق الأوسط لدعم إسرائيل يحمل رسائل تحذيرية لحلفاء حماس يعرض الآن Next مراسلة شبكة "سي إن إن" الأمريكية تعتذر عن نشر مزاعم عن "أطفال إسرائيليين مقطوعي الرأس" يعرض الآن Next مقتل صحافي من رويترز وإصابة ستة إعلاميين آخرين بينهم مصوران لفرانس برس في جنوب لبنان يعرض الآن Next شاهد: جنود إسرائيليون يختبئون تحت دبابة قرب غزة عند سماع صفارات الإنذار

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى غزة قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطين ضحايا قصف حرية الصحافة السويد Themes My Europeالعالممال وأعمالرياضةGreenNextسفرثقافةفيديوبرامج Servicesمباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Games Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعونا النشرة الإخبارية Copyright © euronews 2023 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiLoaderSearch أهم الأخبار إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى غزة قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني My Europe العالم مال وأعمال رياضة Green Next سفر ثقافة فيديو كل البرامج Here we grow: Spain Discover Türkiye Algeria Tomorrow From Qatar أزمة المناخ Destination Dubai Angola 360 Explore Azerbaijan مباشرالنشرة الإخباريةAll viewsنشرة الأخبارجدول زمني الطقسGames English Français Deutsch Italiano Español Português Русский Türkçe Ελληνικά Magyar فارسی العربية Shqip Română ქართული български Srpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: تعاون عسكري حركة حماس إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى غزة قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطين ضحايا قصف حرية الصحافة السويد إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى غزة قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طوفان الأقصى یعرض الآن Next حرکة حماس جو بایدن أکثر من

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن مشروع التهويد الأخضر الذي تنفذه إسرائيل؟

طالما ارتبط مشروع تهويد القدس بمحاولات إحكام الاحتلال فرض السيطرة على الأرض، وإقصاء الهوية الأصيلة، ومن بين وسائل التهويد التي لا يتم تسليط الضوء عليها "التشجير الاستيطاني"، وقد عاد الحديث عنها تزامنًا مع الحرائق الضخمة التي اندلعت في القدس المحتلة في نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، وكيف أسهمت هذه النباتات الدخيلة في مفاقمة الحرائق واتساع رقعتها، لتطال أكثر من 100 موقع في جبال القدس المحتلة، وهو ما أجبر الاحتلال على طلب المساعدة وإخلاء المستوطنين من مناطق الحرائق وغيرها من الإجراءات.

ونسلّط الضوء في هذا المقال على جانبٍ منسيّ من تهويد شطري القدس المحتلة مرتبطٍ بالحدائق والتشجير، ونقدّم من خلاله إطلالة على تاريخ هذا النمط الخفيّ من التهويد، وكيف وظف المشروع الصهيوني الغابات لتحقيق أهدافه في السيطرة على الأرض الفلسطينية، وإخفاء القرى العربية، واستمرار هذا الأسلوب حتى يومنا هذا، من خلال "الحدائق التوراتية" التي تحاصر الشطر الشرقي من القدس المحتلة.

من البدايات إلى ملايين الأشجار الدخيلة

بدأ الاستيطان في القدس بشكلٍ مبكر، فتوازيًا مع توسع الأحياء الفلسطينية خارج البلدة القديمة، استطاع بعض الأثرياء إنشاء أحياء يهودية خارج حدود البلدة القديمة، أُقيم حي "يمين موشيه" في منطقة جورة العناب في عام 1850، وهو أول الأحياء اليهودية التي أُقيمت في القدس، وقد اشتراه السير موشيه مونتيفيوري في عام 1854، تلاه حي "مئاه شعاريم" في منطقة المصرارة، و"ماقور حابيم" في المسكوبية في عام 1858، واستطاع مونتيفيوري بناء سبعة أحياء استيطانية أخرى حتى عام 1892.

إعلان

وعلى الرغم من القيود العثمانية فإن الاستيطان استمرّ بالتوسع، فحتى عام 1917 وصل عدد المستوطنات إلى نحو 16 مستوطنة، وقد تركزت في الشطر الغربي من القدس، ولعب أثرياء الصهاينة دورًا بارزًا في تمويل هذه المستوطنات، بدعمٍ من القنصليات الأجنبية.

وبالتوازي مع بدايات الاستيطان، أطلقت المنظمات الصهيونية نوعًا آخر من الاستيطان، وهو الاستيطان بالتشجير، من خلال الصندوق القومي اليهودي (Jewish National Fund)، والذي تأسس في عام 1901، وبحسب معطيات الصندوق فقد استطاع منذ تأسيسه زراعة أكثر من 260 مليون شجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتغطي هذه الغابات أكثر من 250 ألف فدان (نحو 1.1 مليون دونم)، وبحسب معطيات الصندوق تتنوع الأشجار المنتشرة في هذه المساحات ما بين البلوط، الصنوبر، اللوز، السرو، الأرز وبعض الأنواع الأخرى.

ولا تقدّم معطيات "الصندوق" بياناتٍ واضحة حول حجم التشجير الاستعماري في شطري القدس المحتلة، إلا أن أجزاء كبيرة من شطرها الغربيّ تمّ تشجيرها، ومن أبرزها الجبال الغربية في هذا الشطر، والطريق التاريخي الواصل ما بين القدس ويافا، وغيرها من المناطق التي تحيط بالبلدة القديمة.

التشجير وإحياء نبوءات توراتية

لم تقف أهداف أذرع الاحتلال عند السيطرة على الأرض فقط، وهو ما سنبينه لاحقًا، إلا أنه ارتبط بالأساطير الدينية التوراتية، من خلال ربط المشروع الاستعماري في الأراضي المحتلة بالأشجار، فقد استند التفسير الصهيوني إلى نصوصٍ تتحدث عن "الأرض الموعودة" الغنية، والتي تضم أنواعًا من الأشجار، وهي: "الصنوبر، الصندل، الفستق، البلوط، الأرز، الطرفاء، السرو، الصفصاف، العرعر، الحور، الطلح".

إلى جانب مركزية الزراعة في الفكر اليهودي، وتخصيص أعياد خاصة بالشجرة تعود إلى الحقبة المبكرة من الاستيطان في عام 1887، ودفع مختلف الشرائح الاجتماعية على المشاركة في التشجير خلال يوم محدد من العام، وتُشير المعطيات إلى ربط اليهودية مفهوم الشجرة بالإنسان، ومن العادات لدى المستوطنين زراعة شجرة سرو أو صنوبر للمولودة الأنثى، وشجرة أرز للمولود الذكر، في سياق ارتباط الأشجار والإنسان في الفكر اليهودي، وغيرها.

إعلان

وعلى الرغم من هذه المركزية الدينيّة، فإن الدفع نحو استنساخ البيئة الأوروبية وسرعة الوصول إلى النتائج، كانت هي التي تدفع الصندوق القومي اليهودي لاختيار أنواع الأشجار، فقد زُرعت أشجار الكينا بشكلٍ كبيرٍ جدًا في المراحل الأولى من "الاستيطان الأخضر"، وتشكل اليوم شجرة الصنوبر نحو ثلث عدد الأشجار في الغابات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، على الرغم من ذكر هذه الشجرة لمرة واحدة فقط في النصوص اليهودية.

توظيف الزراعة في المشروع الصهيوني

"كانت فلسطين في نظر المهاجرين الصهاينة الجدد كصفحة بيضاء سيصمّمون عليها وطنهم المُتَخَيَّل، ويحقّقون عليه النبوءة بخلق شيء من لا شيء"، بهذه العبارة المهمة التي أوردتها إليسا روزنبرغ في بحثها بعنوان "خلق شيء من لا شيء". وروزنبرغ أكاديمية إسرائيلية ومهندسة للمناظر الطبيعيّة.

وتُشير روزنبرغ إلى توسيع التحريج (زراعة الغابات) بشكل كبير إبان الاحتلال البريطاني، بالتوازي مع عمل الصندوق القومي اليهودي، وكان هدف البريطانيين منع تعرية التربة، وتثبيت الكثبان الرملية، وتوفير الأخشاب والوقود، وقد سهّل وجود جهات معنية بالغابات في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية استيراد البذور والشتلات من المستعمرات البريطانية البعيدة، بما في ذلك الهند، وأستراليا، ومصر، وقبرص.

واستجلب الاحتلال البريطاني نحو 250 نوعًا من النباتات من 20 دولة مختلفة خلال مدة احتلاله. وأسهم الاحتلال البريطاني بإطلاق التشجير الاستيطاني بقوة، فقد زرعت سلطات "الانتداب" نحو 20 مليون شجرة، ووفّرت نحو 15 مليون شجرة أخرى للمستوطنات اليهودية ولجهاتٍ أخرى، وفي الفترة نفسها لم يكن نشاط الصندوق القومي اليهودي بهذه القوة، فقد أسهم بزراعة أعداد أقل بكثير من الأشجار خلال المدة نفسها.

من أبرز تجليات حملات التشجير الممنهجة، محاولة استنساخ التصور الأوروبي- الصهيوني لهذه الأرض، وتُشير المصادر إلى أن العمال وجلّ مهندسي الغابات في الصندوق القومي قدِموا من أوروبا الشرقية، وهو ما أدى إلى تنفيذ تصوراتهم عن الغابات وشكلها واستعمالاتها في الأراضي المحتلة التي يتم تشجيرها، وهو ما أدى لأن تصبح غابات الصنوبر التي أقامها الصندوق أشبه بغابات شمال أوروبا، إضافةً إلى محاولة المستوطنين الدخلاء التكيف مع الأراضي المحتلة، في محاولة للعثور على مكان "يشبه" هؤلاء الدخلاء في بلادٍ غريبة عنهم.

إعلان

ولم يكن الارتباط بالأرض التي قدِم منها المستوطنون هو الماثل في هذه الغابات فقط، بل عملت هذه الأذرع التهويدية على ربط هذه الحدائق مع رواية الاحتلال، على الصعد الروحية والدينية، وعبر تخليد الشخصيات المؤسِسة للكيان، وتلك الداعمة له في تأسيسه، فقد أطلق الصندوق على هذه الغابات الاستيطانية أسماء المستوطنين الأوائل، والمقاتلين، وغيرهم من رموز الكيان، إلى جانب شخصيات أسهمت في دعم الاستيطان، وعلى سبيل المثال تُشكّل الغابات المزروعة في القدس المحتلة لغرض الذكرى والتخليد، ما يعادل ثُلث هذه الغابات، ومن أبرز هذه الغابات "غابة القديسين" أو "الشهداء".

الحدائق التوراتية وابتلاع أراضي القدس

بدأت فكرة الحدائق التوراتية على أثر احتلال الشطر الشرقي من القدس المحتلة منذ سبعينيات القرن الماضي، وتصاعدت بشكل كبير في العقدين الماضيين، مع إقرار سلطات الاحتلال عددًا من المخططات الهيكلية، والتي وصلت إلى سبع حدائق ضخمة.

والحدائق "التوراتية" مصطلح مضلل يهدف منه الاحتلال إلى إسباغ روايته الدينية على الأراضي الفلسطينية في المدينة المحتلة بهدف السيطرة عليها، وما يتبع هذه السيطرة من منع أي وجود فلسطينيّ في محيط الأقصى، وبطبيعة الحال ارتباط هذه المصطلحات بـ"المعبد" المزعوم والعدوان المتصاعد على الأقصى، إذ تتركز هذه الحدائق في محيط المسجد الأقصى، وتلاصق سور القدس التاريخيّ، وفي عددٍ من المواضع تتوسع لتطوق البلدة القديمة والمناطق المحيطة بها، وخاصة في الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية.

وتُشير المعطيات إلى تصاعد الاهتمام الحكومي الإسرائيلي بهذه الحدائق منذ عام 2005، فقد أقرت أذرع الاحتلال ميزانياتٍ ضخمة لتطوير هذه الحدائق، وتُشير المعطيات إلى أن هذه الحدائق شملتها ميزانيات متعلقة بتعزيز موقع القدس "وجهة سياحية"، ودعم بلدية الاحتلال في القدس ومشاريع تهويدية أخرى، ولا يقوم على هذه الحدائق جهة بعينها، إذ ينشط على تطويرها عددٌ من أذرع الاحتلال من بينها جمعية إلعاد الاستيطانية، وسلطة الطبيعة والحدائق العامة الإسرائيلية، وبطبيعة الحال تُشارك كلٌ من بلدية الاحتلال في القدس، وشركة تطوير القدس، ما سمح بتعزيز حجم هذه الحدائق، فقد تجاوزت مساحتها 2700 دونم، وتتوزع هذه الحدائق على الشكل الآتي:

إعلان الحديقة التوراتية المحيطة بالبلدة القديمة، ومساحتها 1100 دونم، وهي أكبر هذه الحدائق، تمت المصادقة عليها في عام 1974، وتُعدّ أخطرها، فهي ملاصقة لسور القدس والأقصى، وتستهدف أجزاء من مقبرة الرحمة، إلى جانب ضمها عددًا من الحفريات والمواقع الأثرية، والمخاطر المترتبة على هذه الحديقة بالذات، أن الاحتلال يتعامل معها على أنها امتدادٌ للمساحات غير المسقوفة في الأقصى، وأن البناء الإسلامي لا يتجاوزها، في سياق مخططاته الرامية إلى تهويد المسجد وتقسيمه. الحديقة التوراتية في وادي الصوانة ومساحتها 170 دونمًا. الحديقة التوراتية في السفوح الشمالية الشرقية لجبل المشارف على أراضي بلدة العيسوية/الطور، ومساحتها 730 دونمًا. "حديقة الملك" التوراتية، المقامة على أراضي حي البستان في بلدة سلوان، ومساحتها 50 دونمًا. حديقة جبل الزيتون ومساحتها 470 دونمًا. حديقة "شمعون هتصديق" على أراضي حي الشيخ جراح، ومساحتها 120 دونمًا. حديقة "باب الساهرة" ومساحتها 40 دونمًا.

وإلى جانب "الحدائق التوراتية"، تفتتح بلدية الاحتلال عددًا كبيرًا من الحدائق الاستيطانية، وتصاعد افتتاحها في ظل استمرار العدوان على غزة، ففي 16/2/2024 كشفت مصادر فلسطينية عن توقيع بلدية الاحتلال في وقتٍ سابق اتفاقية مع الصندوق القومي اليهودي، لتحويل أراضٍ من بلدة بيت حنينا وحزما إلى غابة استيطانية بمساحة ألف دونم.

وخلال شهر يوليو/ تموز 2024 افتتحت بلدية الاحتلال 3 حدائق جديدة للمستوطنين، على أراضي المقدسيين، أحدثها في قرية المالحة. ومن قبلها حديقتان على أراضي جبل المكبر وبيت حنينا في مستوطنتي "أرمون هنتسيف" و"راموت". وفي 28/8/2024 افتتحت بلدية الاحتلال حديقة عامة في مستوطنة التلة الفرنسية، على مساحة 63 دونمًا.

ويستمرّ افتتاح الحدائق، وكان آخرها في 14/5/2025، وكانت الحديقة التاسعة التي افتتحتها بلدية الاحتلال منذ 7/10/2023.

إعلان "تزهير الصحراء" والاستيلاء على الأرض وغيرها

في خطاب افتتاحي "للكنيست" عام 1951، طلب رئيس وزراء الاحتلال ديفيد بن غوريون من المستوطنين الاتحاد من أجل "تزهير الصحراء"، وأعلن عن حملة لزراعة آلاف الأشجار "على مساحة 5 ملايين دونم"، وهو ما يعادل حينها نحو ربع مساحة دولة الاحتلال، وأشار بن غوريون إلى واحدٍ من أهداف المشروع يتمثل بأنه "الطريقة الوحيدة لمساعدة اليهود على تنمية علاقة وجدانية قوية مع الأرض".

ورغم من هذا الهدف الحالم، فإن التشجير الكثيف أسهم في تحقيق سيطرة الاحتلال على مساحاتٍ شاسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن أمثلة هذا الطمس ما قامت به "غابات القدس"، والتي غطت عددًا كبيرًا من القرى الفلسطينية على غرار قرى "القبو، علّار، صوبا، عين كارم" وغيرها.

وتُظهر الكثير من الصور التي يلتقطها المشاؤون أطلال منازل الفلسطينيّين بين أشجار الصنوبر، كما في قرية عجّور قضاء القدس المُقام على أراضيها حديقة بريطانيا، وقرية لوبيا قضاء طبريا المُقام على أراضيها حديقة جنوب أفريقيا، إضافةً إلى الكثير من المواضع الأخرى، التي ظهرت على أثر اندلاع حرائق في جبال القدس، من بينها المدرجات الزراعية، التي تمثل جزءًا من هوية هذه البلاد وإرثًا تاريخيًا زراعيًا قيّمًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار مع حماس
  • حماس: المقترح الأميركي الذي وافق عليه الاحتلال لا يستجيب لمطالبنا
  • حماس: المقترح الأمريكي الذي وافقت عليه إسرائيل حول الهدنة في غزة لا يستجيب لمطالبنا
  • ماذا نعرف عن مشروع التهويد الأخضر الذي تنفذه إسرائيل؟
  • وزير أردني سابق: إسرائيل تُراهن على أمريكا في حال وقوع هجوم ورد إيران|فيديو
  • طلاب أعرق جامعة في السنغال يطردون سفير إسرائيل ويهتفون دعما لغزة (شاهد)
  • سفير سابق عمل في اليمن يفضح انحياز منظمات دولية كبيرة لصالح الحوثيين ويؤكد إن ''إنهاء الحوثي يبدأ بتمزيق اتفاق ستوكهولم واستعادة الحديدة''.. عاجل
  • نيويورك تايمز: إسرائيل قد توجه ضربة لإيران دون سابق إنذار
  • هذا كل ما تغير في موقف العالم من حرب إسرائيل
  • ضابط سابق بجيش الاحتلال: حماس تساهم إعلاميا بتعميق انقسام الإسرائيليين