أموات قيد الانتظار.. معاناة يعيشها صانعو السجاد اليدوي في حواري مصر القديمة
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
يدقق بعينيه ويتفنن بأنامله ويعمل منذ أكثر من خمسين عاما، في تحويل خيوط الصوف إلى سجاد يدوي يعكس ثقافة شعب ما زال يحافظ على أصالته.
هذه المهنة الفريدة تكشف عن مدى المهارة التي يمتلكها هؤلاء الرجال الذين يفنون حياتهم في عملهم، فكل نقش أو رسم على السجاد يشير إلى رمز من الثقافة المصرية العريقة، أو ذكرى ما زالت خالدة في حياة الرجل الستيني.
ففي أحد الأزقة العتيقة بمنطقة وسط البلد، وعلى مقربة من المشهد الحسيني يجلس الرجل الستيني يفتل الخيوط، لا يكترث إلى الشيب الذي غير ملامحه والعمر الذي أضحى في منتهاه، ولكن عشقه لتلك المهنة الفريدة أفقده رغبة الابتعاد عنها، ويجد ضالته في دكانه الصغير وبين هذه الخيوط.
ويقول عم رضا خلال لقاء مع «البوابة نيوز»: «أنا مش عايز أكون مَلك ولا يكون معايا عربية.. إحنا عايزين نشتغل ونلاقي مكسب يعيشنا»، ويتشارك مع صديقه سعد العمل في صناعة السجاد اليدوي الذي يتفننان فيه طوال السنوات الماضية، ولكنهما يحملان جبالا من الهموم على عاتقيهما بسبب عدم توافر العائد المادي لهما.
وأضاف «رضا» إنه يعمل منذ أكثر من خمسين عامًا في تصنيع السجاد اليدوي، وكان أجره في العمل ريالا في الأسبوع، ولكنه عشقها وعمل بها طوال العمر ولا يتمني أن يتركها، ولكن التطور الذي طرأ على المهنة جعله يعاني بسبب السجاد الجديد الذي يصنع في المصانع والماكينات الآلية، مما قلل الطلب على السجاد اليدوي.
يتميز الصديقان بحرفية شديدة في العمل حيث يقول «سعد»: «بنرسم من خيالنا وكل الرسومات الفرعونية على السجاد، وكمان لو حد عايز يرسم صورته على السجاد بنرسمها عادي، مهنة كلها فن بس مين يقدر».
وأضاف أن المعاناة الحقيقة تتمثل في تسويق الإنتاج، حيث يعمل كل منهما على تصنيع سجادة لأكثر من ٣ أشهر، وبعد ذلك لا يستطيع أن يبيعها بالثمن المرضي، ولكن يعطي الفرصة للتجار للتلاعب بالأسعار، وذلك لأنه لا يوجد مكان حكومي رسمي يبيع إنتاج صانعي السجاد، ذلك بالإضافة إلى أن المهنة تقترب من الانقراض لعدم الاهتمام بها وليس هناك أشخاص جدد يتعلمونها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الانقراض الثقافة المصرية السجاد الفرعون السجاد الیدوی على السجاد
إقرأ أيضاً:
“حيحا” عودة مسرحية إلى التراث المغربي بروح معاصرة
الثورة نت /..
تقدّم فرقة مسرح البساط عملها الجديد “حيحا” في عودة إلى جذور الحكاية المغربية، مع إعادة صياغتها بلغة مسرحية تستحضر الذاكرة الشعبية وتمنحها أفقاً جديداً. العرض، الذي قُدّم الأسبوع الفائت بمسرح سيدي بليوط بالدار البيضاء ضمن مهرجان الأصيل الوطني للفن والثقافة، يستلهم تراث البساط والحلقة وعبيدات الرمى، ويحوّله إلى بناء درامي يشرك المتفرج في قلب الحكاية.
تبدأ المسرحية في السوق الأسبوعي، مسرح الحكواتيين التقليدي. يصل أربعة حكواتيين ويتنازعون أسبقية افتتاح الحلقة، فيلجأون إلى طقس بسيط لحسم الخلاف: يضع كل منهم بَلْغَته (حذاء تقليدي) في كيس واحد، ويُترك لمتفرج من الجمهور اختيار واحد. بهذا الفعل العفوي، يعيد المخرج عبد الفتاح عشيق تشكيل العلاقة بين الخشبة والقاعة، ليصبح الجمهور شريكاً في صناعة الحكاية لا مجرد متلقٍّ لها.
تستعيد المسرحيةُ أسماء حكواتيين سكنت الذاكرةَ الجماعية؛ مثل: لمسيح والكريمي وزروال ولبشير. هي أسماء تنتمي إلى فضاءات بدت في طريقها إلى الأفول، من جامع الفنا إلى ساحة الهديم وساحة تارودانت، تستحضرها “حيحا” بوصف أصحابها علامات دلالية على زمن كان الحكي فيه فعلاً يُرمّم الوجدان ويمنح المعنى للمهمّشين.
من خلال أربع حكاياتٍ تتوازى في خطاباتها وتتشابك في رموزها، تبني المسرحية عالماً يتداخل فيه العبث مع النقد الاجتماعي. وفي هذا العالم، تظهر إحدى الحكواتيات التي تُمنع من تقديم رقمها، في إقصاء لصوتها، فتبقى في الانتظار على هامش الحلقة. هذا الإقصاء يفتح الباب لقراءة رمزية عميقة، فالمرأة التي تُؤجل حكايتها ليست سوى صورة لصوت مُعطَّل، لحضور يُراد له أن يُهمَّش، وكائن يترك خارج دائرة الاعتراف.
مشهد أخير يتحوّل فيه الانتظار الطويل إلى حدثٍ مفصلي
تبلغ المسرحية ذروتها في مشهدها الأخير، حين يتحوّل الانتظار الطويل إلى حدثٍ مفصلي. تُزف الحكواتية نفسها، التي ظلّت مؤجَّلة، إلى أحد الحكواتيين في عرس مغربي تراثي يستعيد الطقوس في صفائها البدائي؛ زغاريد، رقصات وإيقاعات الرمى، وأهازيج تفتح باب الفرح على مصراعيه. يتحول الختام بذلك إلى لحظة استرجاع للحق في الحكي، وكأن العرض يعلن أن الحكاية التي حاول البعض إسكاتها ستجد طريقها مهما طال الزمن.
تتشكل اللوحة بفضل أداء جماعي وسينوغرافيا بُنيت على رؤية تجعل الحلقة مركز الفعل المسرحي، تحيطها مرايا تعكس حركة الجسد والصوت، وتفتح لها ممرات محفوفة بالضوء والموسيقى التي صاغها رضى مساعد، فيما أضفت صفاء كريث من خلال الأزياء، وعبد الرزاق أيت باها من خلال الإضاءة، طبقات جمالية أثرت الفضاء الدرامي.
كل ذلك تحت إشراف عبد الفتاح عشيق، مؤلف ومخرج العمل، الذي يقول”: “حاولتُ، رفقة فريق العمل، جعل التراث يتكلّم من جديد بلغته القديمة وروحه المعاصرة، فكان. أردنا للحلقة أن تستعيد مكانها الطبيعي؛ فضاءً يُنصف الحكاية ويُعيد للإنسان حقَّه في أن يسمَع قبل أن يرى”