شفق نيوز/ كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، يوم الاثنين، عن ممارسة "العبودية الحديثة" تجاه العمال المهاجرين الذين يعملون في مزارع البريطانيين، مشيرة إلى تعرضهم للإذلال والإهانات العلنية والعمل في ظروف قاسية.

وذكرت الصحيفة أن تحقيقاً أجراه مكتب الصحافة الاستقصائية (TBIJ)، وهو منظمة غير ربحية، كشف عن أدلة تشير إلى أن "العمال الذين سافروا آلاف الأميال لسد الفجوات في القوى العاملة الزراعية بالمملكة المتحدة، تعرضوا للإذلال والإهانات العلنية، وأن الكثير منهم لم يحصلوا على أجورهم".

وأشار التقرير إلى أن "أولئك العمال أُجبروا على العيش والعمل في ظروف صعبة وقاسية".

الحكومة تمنع النشر

وكانت وزارة الداخلية البريطانية قد جمعت تلك الأدلة في تقارير سرية في عامي 2021 و2022، وحاولت منع نشرها للجمهور، ولم يتم نشرها إلا بعد معركة قضائية استمرت 5 أشهر، مع مكتب الصحافة الاستقصائية.

وقال التقرير إن "سوء معاملة المهاجرين الحاصلين على تأشيرات العمال الموسميين كان أمراً صارخاً للغاية، لدرجة أن الحكومة قد تنتهك التزاماتها بشأن منع العبودية الحديثة".

تجويع وعمل متواصل

ومن بعض الأدلة التي وردت في التقرير:

امرأة أوكرانية تعمل في قطف الفاكهة، استأجرتها شركة توظيف مسجلة لدى الحكومة، أكدت أنها "تُركت تتضور جوعاً، بعد أن ظلت محتجزة في كرفانها دون الحصول على المساعدة الطبية أو الطعام لمدة 11 يوماً عندما أصيبت بفيروس كورونا".

عامل قال إن زميلاً له "قام بخلع سنه، بعد أن حرمته المزرعة من حقه في الرعاية الصحية".

عاملة من مولدوفا قالت إنه "لم يُسمح لها إلا باستراحة مدتها 15 دقيقة فقط خلال ساعات العمل الطويلة، وإنها مُنعت من الذهاب إلى المرحاض أو شرب الماء أو تناول أي طعام إلى أن تنجز المهام المطلوبة منها يوميا".

وطفت هذه القصص وغيرها على السطح بعد أن حصل مكتب الصحافة الاستقصائية على 19 تقرير تفتيش أصدرته وزارة الداخلية في المزارع التي توظف أفراداً بتأشيرات عمال موسميين.

وتلخص الوثائق، التي تم إصدارها بعد الاستئناف الناجح الذي قدمه مكتب الصحافة الاستقصائية، المقابلات والنتائج التي توصل إليها المفتشون الذين زاروا المواقع.

إقرار بالعبودية الحديثة

وفي هذا الصدد، قالت النائبة عن حزب المحافظين، جاكي دويل برايس، لصحيفة "الإندبندنت"، إن "تلك التقارير تكشف أن العبودية الحديثة موجودة في العديد من أماكن العمل، وبالتالي من المرجح أن يتعرض العمال المهاجرون لها، سواء أتوا إلى هنا بشكل قانوني أو غير قانوني".

وأضافت: "من الواضح جدًا أن العمال الموسميين هم فئة ضعيفة، ومن واجب وزارة الداخلية التأكد من أن اتخاذ إجراءات قوية عند تحديد سوء المعاملة".

وأطلقت حكومة المملكة المتحدة برنامج العمال الموسميين عام 2019، لمعالجة نقص العمالة، الذي من المتوقع أن يتفاقم بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

استغلال برعاية الدولة

وكان وزير الزراعة البريطاني، مارك سبنسر، قد قال الشهر الماضي، إن العمال المشاركين في البرنامج "يتلقون رعاية جيدة للغاية"، وإن أصحاب العمل "يتأكدون من تلبية احتياجاتهم الاجتماعية".

وقال محامون بمجال حقوق الإنسان، إن "الفشل في حماية اؤلئك العمال، قد يعني أن الحكومة انتهكت التزامها بمنع العمل القسري، بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".

واتهمت جميلة دنكان بوسو، المحامية في وحدة مكافحة الإتجار بالبشر واستغلال العمالة، وهي مؤسسة خيرية ترفع دعاوى نيابة عن ضحايا العبودية الحديثة، الحكومة بـ"الاستغلال الذي ترعاه الدولة".

عمل بلا أجور

وتعد ساعات العمل غير مدفوعة الأجر أمراً شائعاً، وفقاً لتقارير وزارة الداخلية، فيما يقرب من ثلثي المزارع التي تم تفتيشها.

وقال بعض العمال إنهم "لم يحصلوا نهائياً على أجورهم مقابل ساعات خدمتهم"، في حين أكد قسم آخر أن "خصومات مفرطة من رواتبهم فرضت عليهم بشكل يتجاوز الحد الأقصى الذي يسمح به القانون".

وفي هذا المنحى، قال جيريمي بورفيس، القيادي في الحزب الديمقراطي الليبرالي، وهو أيضاً عضو في "منظمة مكافحة العبودية الحديثة"، إن ما تم الكشف عنه كان "مريعاً".

وأضاف أن "قانون الهجرة غير الشرعية الذي أصدرته الحكومة، من شأنه أن يجعل المشكلة أسوأ، من خلال منع أولئك الذين يأتون إلى المملكة المتحدة عبر طرق غير قانونية، من الوصول إلى وسائل الحماية من العبودية الحديثة".

وأوضح أن الوزراء "قطعوا تماماً أية قدرة لبريطانيا على أن تكون قائدة أخلاقية في العالم في هذا الشأن".

وتابع "العبودية الحديثة قضية جدلية مستمرة في المملكة المتحدة، وبريطانيا تمثل حتماً نقطة جذب لكثير من الناس، كما هو الحال في الدول الغنية الأخرى، لكنني أؤمن بقوة أن ذلك يمنحنا مسؤولية أخلاقية متزايدة لضمان عدم استغلال الأشخاص الموجودين هنا للعمل بشكل قانوني".

ورداً على النتائج التي توصل إليها تقرير مكتب الصحافة الاستقصائية، قالت وزارة الداخلية إنه "يتم إجراء تحسينات كل عام لوقف الاستغلال، وتضييق الخناق على ظروف العمل السيئة".

وأضافت أنه "تم إنشاء فريق جديد لحماية حقوق العمال، من خلال تحسين التدريب والعمليات لمفتشي الامتثال، ونشر إرشادات واضحة لاتخاذ إجراءات قوية" لمنع تعرض العمال لخطر الاستغلال.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي بريطانيا العبودية الحديثة وزارة الداخلیة

إقرأ أيضاً:

ترامب يريد إعادة المصانع لأميركا لكن من سيعمل فيها؟

في وقت تُدفع فيه السياسة الاقتصادية الأميركية مجددا نحو إعادة "عصر الصناعة"، وتُفرض الرسوم الجمركية على الواردات من أجل تشجيع الإنتاج المحلي، تبرز معضلة جوهرية: هل هناك ما يكفي من الأميركيين الراغبين في العمل داخل المصانع؟

وفي تقرير حديث قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يواصل تعهداته بإعادة الوظائف الصناعية إلى الداخل، عبر سياسات حمائية صارمة، في مقدمتها الرسوم الجمركية التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على الموردين الأجانب.

وقد حققت هذه السياسات بعض النتائج الأولية، حيث لاحظت شركات صغيرة ومتوسطة في أميركا -منها مصنع كويكر سيتي كاستينغز في ولاية أوهايو- زيادة في الطلب، بل وصل الارتفاع إلى 25% لفترة قصيرة بعد إعلان الرسوم، وفقا لما أكده رئيس المصنع ديف لوردي.

نصف مليون وظيفة لا تجد من يشغلها

لكن خلف هذا المشهد المتفائل -تضيف الصحيفة- يكمن واقع أكثر تعقيدا، فبحسب وزارة العمل الأميركية، هناك حاليا نحو نصف مليون وظيفة تصنيع شاغرة في البلاد.

وتشير دراسة صادرة عن "الرابطة الوطنية للمصنعين" إلى أن نحو نصف الشركات في القطاع ترى أن التحدي الأكبر أمامها هو توظيف واستبقاء العمال.

يقول أحد العمال في قسم صب المعادن مصنع كويكر سيتي إن كثيرا من أصدقائه يرفضون مجرد التفكير في العمل داخل المصنع: "الناس يرون أن هذا العمل صعب، وربما غير مستقر".

إعلان

ويبدأ يوم العمل في هذا المصنع في السادسة صباحا، حيث يصطف عمال في أحذية فولاذية لصب الحديد وصقل القوالب في بيئة تتسم بالقسوة والمخاطر.

ويؤكد مدير الموارد البشرية جوزيف كورف أن المصنع رفع الرواتب بنسبة 30% منذ جائحة كوفيد-19، لكن رغم ذلك، "إذا قمنا بتوظيف 20 شخصا، فغالبا ما يبقى منهم اثنان أو 3 فقط، والباقي يستقيل خلال أسابيع أو أشهر".

الأجور بقطاع التصنيع في الولايات المتحدة أقل بنسبة 7.8% من متوسط أجور القطاع الخاص (الأوروبية) أجور منخفضة وتراجع في تمثيل النقابات

تشير بيانات "مكتب إحصاءات العمل الأميركي" إلى أن متوسط أجور العاملين في قطاع التصنيع أقل بـ7.8% من متوسط القطاع الخاص، بينما كانت في عام 1980 أعلى بـ3.8%.

ويُعزى هذا الانحدار حسب الصحيفة إلى :

تراجع تأثير النقابات العمالية. ثبات أنظمة الورديات الصارمة. عدم وجود مرونة في جداول العمل.

وتقول سوزان هاوسمان الخبيرة الاقتصادية من معهد "أبجون لبحوث التوظيف"، إن جزءا من المشكلة يكمن في الصورة الذهنية السلبية عن المصانع: "الناس يتذكرون ما حدث في التسعينيات وأوائل الألفية، عندما أغلقت المصانع أبوابها وانتقل الإنتاج إلى الخارج، ولا يعتقدون أن هذه الوظائف مستقرة".

أما كارولين لي، رئيسة معهد التصنيع، فتقول: "لا يمكنك بناء مصنع وتتوقع أن يظهر العمال من العدم"، وتضيف أن على الشركات تقديم حوافز جديدة لجذب العمال، تشمل مرونة أكبر في ساعات العمل وجدولة الورديات، وهي ميزة بات يطالب بها العمال الزرق والبيض على حد سواء.

قصص من الداخل.. تعب واستقالات

ورصدت الصحيفة تجارب عمال من داخل مصانع للبلاستيك بعضهم عبروا عن افتخارهم وصمودهم، بينما قال آخرون إنهم "لا يحبون العمل الشاق، لأنهم اعتادوا الحصول على الأشياء دون تعب"، وصرح آخرون أيضا بأنهم تركوا العمل بسبب التعب اليومي وقلة الامتيازات.

وتقول الصحيفة إن سياسات ترامب قد تُعيد خطوط الإنتاج إلى الداخل، لكن تبقى معضلة التوظيف والتأهيل والتشغيل قائمة دون حلول جذرية.

إعلان

فمن دون تغيير في ثقافة العمل وأجور عادلة وتحسين بيئة العمل، تبقى الوظائف الشاغرة مجرد أرقام على الورق، لا تجد من يشغلها، رغم الحنين السياسي إلى "المجد الصناعي الأميركي"، وفق الصحيفة.

وقالت وول ستريت جورنال، إن التحدي اليوم لا يكمن في إنشاء مصانع، بل في العثور على من يرغب بالعمل فيها، فإعادة الوظائف لا تعني بالضرورة إعادة العمال.

مقالات مشابهة

  • "تطور جدي".. بريطانيا ترصد فيروس غرب النيل لأول مرة في بعوض
  • إزالة 4 حالات تعدٍ على أراضي أملاك الدولة الزراعية بدندرة
  • البحرين: قرار رفع العقوبات خطوة إيجابية في مسيرة بناء الدولة السورية الحديثة
  • ترامب يريد إعادة المصانع لأميركا لكن من سيعمل فيها؟
  • 6 ضوابط و9 صلاحيات لمفتش العمل
  • محمد عبد الرحمن عن بريستيج: الاختلاف في الآراء معناه إن العمل كويس وعمل حالة
  • العدوان على غزة يترك تبعاته السلبية على سوق العمل الإسرائيلي
  • إزالة 10 حالات تعد على أرض زراعية جنوب بورسعيد
  • الكشف عن عدد المقاتلات التي فقدتها الحاملة (ترومان)
  • إزالة 5 حالات تعد على أراضي أملاك الدولة بالأقصر