تناولت سبع أوراق عمل

منح ـ من سالم بن خليفة البوسعيدي:
تصوير – سامي القوال:
نظَّم متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح صباح أمس ندوة علمية بعنوان (متحف عُمان عبر الزمان إرث حضاري مستدام) وذلك برعاية معالي نصر بن حمود الكندي أمين عام شؤون البلاط السُّلطاني، بحضور عدد من المدعوين وبمشاركة نخبة من الباحثين من موظفي المتحف ومن الأكاديميين العُمانيين.

وتهدف الندوة إلى إبراز دَوْر المتحف في عرض أصالة الموروث الحضاري الفريد الذي يمتدُّ عمره إلى آلاف السنين؛ لرفع مستوى الوعي بالتراث والاعتزاز به وتوضيح الدَّوْر الذي يُمثِّله المتحف في عملية التنمية الثقافية المستدامة.

تضمنت الندوة عددًا من الأوراق العلمية تناولت الأولى أبجدية النقوش العُمانية: الميلاد والانتشار قدَّمتها الأستاذة الدكتورة أسمهان سعيد الجرو أخصائية دراسات تاريخية بمتحف عُمان عبر الزمان، بينما تناولت الورقة الثانية (تاريخ الإعلام العُماني في متحف عُمان عبر الزمان: قراءة من واقع تجربة ذاتية) قدَّمها الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي رئيس قِسم الإعلام بكلِّية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السُّلطان قابوس. وتناولت الورقة الثالثة (ضوابط اختیار محتويات جناح الأفلاج في متحف عُمان عبر الزمان) للأستاذ الدكتور عبدالله بن سيف الغافري أستاذ كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بجامعة نزوى. واستعرض الدكتور علي بن حسن اللواتي من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية الورقة الرابعة حول (المحتوى المعرفي المعروض في جناح اعتناق الإسلام قراءة في المصادر والحيثيات والدلالات الحضارية). أمَّا المحتوى الاجتماعي في متحف عُمان عبر الزمان فقدَّمه الدكتور ناصر بن سيف السعدي أستاذ مساعد في التاريخ والثقافة بكرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج من جامعة نزوى، بينما تناولت الورقة السادسة (الكتابة البحثية لقصة السرد المتحفي لعصر النهضة) للدكتورة نجية بنت محمد السيابية إدارية أولى بحوث ودراسات بمتحف عُمان عبر الزمان ورقية بن خميس الشوكرية رئيسة قِسم المعلومات بالمتحف. أمَّا الورقة السابعة تتعلق بالعروض المرئية والتفاعلية في متحف عُمان عبر الزمان فقدَّمتها فريحة بنت المر المجعلي إدارية إنتاج وتصميم وسائط رقمية متعدِّدة. واختتمت الندوة بالمناقشة ومجموعة من التوصيات أبرزها أنَّ أبجدية النقوش العُمانية تُعدُّ مصدرًا للعديد من الأبجديات غير العربية في العالم، فالقيام بدراسات مشتركة مع علماء اللغات القديمة في تلك الدول مطلب ضروري وواعد، كما أنَّ دراسة اللهجات المحكية، كالجبالية والمهرية والسقطرية سيساعد على تتبع نشأة وتطور اللغة العربية عبر مراحلها التاريخية؛ كون هذه اللهجات لا تزال تحتفظ بالكثير من خصائص اللغة العربية منذ مراحلها الجنينية. وأوصت أيضًا بإضافة فيلم ثلاثي الأبعاد أو ذي أبعاد سبعة يُمثِّل عملية مراقبة نجوم الري لأحد الأفلاج في قاعة السينما مبني على حالة حقيقية من أحد الأفلاج، وتطوير التعاون البحثي الأكاديمي في مجالات الدراسات المتحفية والآثار الإسلامية مع الجهات ذات الاختصاص والأقسام الأكاديمية ذات العلاقة بمحتوى جناح اعتناق الإسلام بالمتحف داخل وخارج سلطنة عمان وتأهيل المرشدين السياحيين في جناح اعتناق الإسلام بإقامة دَوْرات في المحتوى المعرفي المعروض وإيفادهم لزيارة أجنحة الحضارة الإسلامية في متاحف عالمية وإقليمية، إضافة إلى كسب مزيد من الخبرة نقترح ضرورة الاطلاع على تجارب المتاحف العالمية والتعرف على طُرقهم في كتابة النصوص المتحفية وضرورة وجود إصدار حول الكتابة المتحفية يكون مرجعًا علميًّا لكُلِّ من يرغب في الاستفادة أكثر، وتوظيف الوسائط الرقمية المتعدِّدة في المتاحف لأهميتها في جذب الزوار من مختلف شرائح المجتمع إلى المتحف، والتطوير المستمر لطُرق العرض في المعارض، ومواكبة أحدث الإصدارات في مجال تكنولوجيا الوسائط الرقمية المتحفية.

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

«الاقتصاد الدائري: مسار مستدام للنمو الاقتصادي في سلطنة عُمان»

مع تسارع التغيرات البيئية والاقتصادية في العالم، باتت الحاجة إلى إعادة النظر في نماذج الإنتاج والاستهلاك التقليدية ضرورة مُلحّة. من بين أبرز النماذج التي اكتسبت زخمًا عالميًا في السنوات الأخيرة هو مفهوم «الاقتصاد الدائري»، الذي يطرح بديلا مستدامًا للاقتصاد الخطي القائم على الإنتاج، والاستهلاك، ثم التخلص. في الاقتصاد الدائري، يُعاد تصميم العمليات والمنتجات بحيث يمكن إعادة استخدامها، وتدويرها، أو تحويلها إلى موارد جديدة، مما يخلق دورة مغلقة تُقلل الهدر وتعظّم القيمة.

ويعتمد الاقتصاد الدائري على أربعة مبادئ مترابطة كما حددها تقرير الفجوة الدائرية لعام 2023: أولها استخدام أقل (Narrow) لتقليل الموارد والطاقة المستخدمة، وثانيها الاستخدام لأطول فترة ممكنة (Slow) من خلال التصميم للمتانة وسهولة الإصلاح، وثالثها التجديد (Regenerate) عبر استخدام مصادر حيوية متجددة والتقليل من المواد السامة، وأخيرا إعادة الاستخدام والتدوير (Cycle) للحفاظ على القيمة القصوى للمواد لأطول فترة.

الزخم العالمي: من سياسات الاتحاد الأوروبي إلى تقرير الفجوة الدائرية 2024

أدركت العديد من الدول أهمية الاقتصاد الدائري، فاعتمد الاتحاد الأوروبي خطة عمل شاملة في عام 2020 تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 (الاتحاد الأوروبي - خطة الاقتصاد الدائري 2020)، وتضمنت هذه الخطة لوائح لإطالة عمر المنتجات وتعزيز التدوير. في الصين، تم إدراج الاقتصاد الدائري كجزء من خطط التنمية الوطنية منذ عام 2008.

ووفقًا لتقرير «الفجوة الدائرية» لعام 2024، فإن الاقتصاد العالمي أصبح أكثر استهلاكًا للموارد مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يتم استهلاك حوالي 101.4 مليار طن من الموارد سنويًا. من هذا الحجم الضخم، لا تتم إعادة تدوير سوى 7.2% فقط إلى الاقتصاد، مما يسلط الضوء على اتساع «الفجوة الدائرية» مقارنة بنسبة 9.1% المسجلة في عام 2018. وتشير الدراسة إلى أن النشاطات البشرية تستهلك الآن أكثر من 1.7 ضعف ما يمكن أن يجدده الكوكب بشكل طبيعي كل عام، مما يؤدي إلى تجاوز خطير للحدود البيئية.

وتبرز خطورة الوضع بشكل أكبر عندما نعلم أن استهلاك المواد في السنوات الست الأخيرة فقط يعادل استهلاك القرن العشرين بأكمله. كما يتوقع التقرير أن يصل استهلاك المواد عالميًا إلى 190 مليار طن سنويًا بحلول عام 2060 ، إذا استمرت الممارسات الحالية. وأكد التقرير أن ستة من الحدود الكوكبية التسعة -مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي- قد تم تجاوزها بالفعل بفعل أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية.

مجالات النمو في الاقتصاد الدائري

يوفر الاقتصاد الدائري فرصًا ضخمة في القطاعات التالية:

• إدارة النفايات: كتحويل النفايات إلى وقود بديل (RDF) أو سماد عضوي.

• البناء والتشييد: باستخدام مواد دائرية مثل الأخشاب والهياكل الخفيفة بدلًا من الإسمنت والصلب.

• الصناعة التحويلية: بإعادة تصميم المنتجات لتدوم أطول ويمكن إصلاحها بسهولة.

• الزراعة: عبر تقنيات الزراعة التجديدية وتدوير المغذيات.

ويشير تقرير الفجوة الدائرية إلى أن تنفيذ 16 حلًا دائريًا في 4 أنظمة رئيسية: (الغذاء، البيئة المبنية، السلع المصنعة، والنقل) يمكن أن يؤدي إلى خفض استخراج المواد بنسبة 34%، مما يسهم في إعادة الكوكب إلى حدود بيئية آمنة، ويتيح تلبية احتياجات البشر باستخدام 70% فقط من المواد المستخدمة حاليًا.

خطوات عمانية طموحة نحو اقتصاد مستدام

تتبنى سلطنة عُمان نهجًا طموحًا لتعزيز الاقتصاد الدائري، مع التزام واضح بتحقيق معدلات تحويل للنفايات تصل إلى 60% بحلول 2030 و80% بحلول 2040. تلعب الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة «بيئة» دورًا محوريًا في هذا التحول عبر عدة مشاريع موثقة في تقريرها السنوي لعام 2024، منها:

• مشروع تحويل الغاز الحيوي إلى كهرباء في مرادم بركاء والملتقى.

• مبادرة تحويل زيت الطهي المستعمل إلى وقود حيوي بالتعاون مع شركاء محليين.

• نشر آلات إعادة تدوير البلاستيك الذكية (RVMs).

• مشروع «النفايات إلى طاقة» المتوقع أن يعالج 3000 طن يوميًا ويوفر بين 75 إلى 100 ميجاواط.

• تعزيز تدوير إطارات السيارات المستعملة.

• إطلاق مشاريع لإعادة تدوير النفايات الخضراء والأسماك والورق والكرتون.

كما قامت «بيئة» بمعالجة أكثر من 19668 طنا من النفايات الصناعية في عام 2024 (تقرير بيئة السنوي 2024)، وتعاملت مع 4100 طن من النفايات الطبية عبر منشآتها المتخصصة.

عالميًا، يقدر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023 أن تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري يمكن أن يضيف 4.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.

ولا تزال هناك تحديات تحول دون التحول الكامل نحو الاقتصاد الدائري، أهمها ضعف الوعي المجتمعي، ونقص البنية الأساسية المتخصصة، والحاجة إلى تشريعات تلزم الشركات بتطبيق نماذج دائرية.

وعليه من المهم دمج مفاهيم الاقتصاد الدائري في التعليم، ودعم الشركات الناشئة بالمنح والتمويل، وإصدار تشريعات ملزمة للمؤسسات، وتسهيل التمويل الأخضر، وتطوير المهارات في قطاعات مثل البناء والزراعة، إضافة إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع التحول مثل النفايات إلى طاقة وإعادة تدوير الموارد الصناعية، ودعم الشراكات مع المؤسسات البحثية لتطوير حلول مبتكرة.

لم يعد الاقتصاد الدائري مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية للنمو المستدام في سلطنة عُمان والعالم. بتضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، ويمكن لعُمان أن تكون نموذجًا إقليميًا رائدًا في هذا التحول.

د مهاب بن علي الهنائي نائب الرئيس للاستدامة والاقتصاد الدائري - الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة"

مقالات مشابهة

  • توقيع اتفاقية لصيانة فلج البريمي
  • “الطب الشرعي وعلاقته بالبحث الجنائي”… ندوة علمية في دير الزور لضباط السلك الجنائي
  • الأحد المقبل .. «عُمان عبر الزمان» يشهد أعمال المؤتمر الدولي «المتاحف ودورها في التنمية»
  • اتفاقية بـ50 ألف ريال لصيانة فلج البريمي
  • مؤتمر الإصلاحات: شراكة حكومية أكاديمية لنمو مستدام
  • الخارجية التركية: مباحثات تركية أوكرانية في أنطاليا تناولت جهود السلام مع روسيا والتحضير لزيارة مرتقبة لزيلينسكي إلى أنقرة
  • 7 ضحايا بعد اصطدام حافلتين بولاية ميلة
  • «الاقتصاد الدائري: مسار مستدام للنمو الاقتصادي في سلطنة عُمان»
  • "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان رؤية مصر2030" ندوة علمية لوحدة حقوق الانسان بالفيوم
  • الموجات الصوتية ودورها في جراحات الكبد في ندوة علمية بمعهد الكبد القومي بالمنوفية